الاختيار 3 ليس مجرد عمل درامي

آيات حداد

مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاثة عبارة عن عصف ذهني للمشاهد، وإيضاح العديد من الكواليس التي من المهم أن يعرفها الجميع لتوضيح الحقيقة كاملة، فالحقيقة دائمًا تكمن في الكواليس، فإذا كان الاختيار 1 أوضح نموذجا من الأبطال الشهداء المنسي والاختيار 2 كان بمثابة قرار الاختيار ما بين أن يصبح الشخص بطلا يفتخر به وطنه، وما بين شخص أصبح بمثابة إرهابي عار على وطنه، فإن الاختيار 3 أوضح حقيقة حقبة من الزمن عاشها كل من على أرض الوطن وتأثر بها، فكان من المهم أن تضح الصورة كاملة للمواطن خاصة أن تلك الأحداث مضى عليها بضع من السنوات (10 سنوات) فمن كان طفلا وقت الأحداث اليوم أصبح شخصا بالغا رشيدا قادرا على استيعاب ما حدث.

فهكذا تلعب القوة الناعمة دورها في بناء وعي الإنسان بما حدث ويحدث وسيحدث، فحينما أدرك الشعب حقيقة ما سيحدث أخذ القرار، قرار أن يحافظ على الوطن مهما كلفه الأمر، قرار أن يحافظ على وحدتنا مهما حاولوا فرقتنا، ففي كل وقت وكل زمن كان حتمًا ولابد أن نأخذ القرار، حرب أكتوبر واستعادة أرضنا كان قرارا، تخليص مصر من الجماعات الإرهابية المتأسلمة كان قرارا، الحفاظ على أرض الوطن كان قرارا، حياتنا كلها متوقفة على قرار، أن تختار طريق الخير أم الشر قرار، ولكن يجب أن يدرك الجميع أن القرار قرارك ولكن أنت فقط من تدفع ثمن قرارك، وهناك قرار يدفع ثمنه عائلة وأسرة ومجتمع وجيل بأكمله.

 فللفن أسلحة دراما شاملة قادرة على بناء جيل أو هدمه، فالحرب اليوم سلاحها خفي تعتمد على الفكر والنفس، لا نراها بل نشعر بها ونرى نتائجها ولا نعرف أسبابها، ولا يمكن التصدي لها إلا بنفس السلاح المعتمد على الوعي، ففي الوقت الذي انحرفت الدراما عن أهدافها الحقيقية، في الوقت الذي عادت فيه الدراما لرسالتها الأساسية إلا وهي تنمية الوعي لدي المواطنين، فمسلسل الاختيار عالج العديد من المسائل الهامة فهو من ناحية وضح للجميع حقيقة ما حدث ومن ناحية أخرى حقيقة تلك الجماعات الإرهابية وأفكارهم ونواياهم الخبيثة التي هدفها دمار الوطن وضياع شعب، وكان لابد من إلقاء الضوء على الوطنيين الشرفاء الذي وقفوا بباسلة أمام هؤلاء الجماعات الإرهابية وتصدوا لهم بكل قوة للحفاظ على الوطن، كما أن هناك أسلحة دراما شاملة متمثلة في البرامج والمسلسلات والأفلام والاعلانات أيضًا، نستطيع من خلال مسلسل واحد فعل ما لا تستطع الأسرة والمدارس والجامعات فعله، وأيضًا نستطيع بناء ما تم هدمه من خلال أعمال الدراما السلبية، فمسلسل الاختيار أعطي دروسا للكل وعمل على بناء عقل المشاهد وإعادة وعيه، فمن المعلوم أن التعليم عن طريق العين أي صور وفيديوهات يركز في ذهن المشاهد أكثر من المقروء، فكان من اللازم أن يصل للجميع تضحيات رجال الجيش والشرطة، وخاصة للأجيال القادمة الذين لا يعلمون شيئًا عن تلك التضحيات، وكان لابد من توضيح أفعال الجماعات الإرهابية المشينة من قتل جنودنا ومن السعي نحو الخراب، شكر خاص للمخرج الشاب بيتر ميمي الذي أبدع في إخراج أحداث المسلسل بطريقة بها من التشويق وفي اختياره للممثلين بعناية فائقة، وربط  أحداث المسلسل بالأحداث الحقيقية، حتى يطمئن قلب المُشاهد بأن جميع الأحداث حقيقية، ونتمنى أن تسير الدراما على هذا النهج أي أن تقوم بدورها الأساسي في إيصال الحقيقة للمشاهد واحترام عقلية المواطن لتعود الدراما كما كانت في سابق عهدها رسالة.

عن "بوابة الأهرام"