
حذّر خبراء فرنسيون في شؤون الإسلام السياسي من التغلغل المتنامي لجماعة الإخوان المسلمين داخل مؤسسات المجتمع الفرنسي، مؤكدين أنّ المرحلة الحالية لم تعد تحتمل الصمت أو المهادنة.
وقال الباحث في الإسلام السياسي ومدير مركز الدراسات الأمنية في باريس الدكتور جان بيير ميشو، في تصريحات لـ (العين الإخبارية): إنّ الدولة الفرنسية "باتت ترى في التغلغل الإخواني خطرًا مؤسساتيًا حقيقيًا، يستوجب ردًا عمليًا وتنسيقًا وزاريًا عالي المستوى"، مضيفًا أنّ "القرارات الأخيرة تعكس تحوّلًا في العقلية السياسية الفرنسية التي كانت تتجاهل هذا التهديد لعقود".
وأشار ميشو إلى أنّ توسيع صلاحيات الحل الإداري للجمعيات، وتجميد الأصول وتعزيز آليات الرقابة، تُعدّ إجراءات ضرورية، لكنّها تتطلب دقة قانونية في التنفيذ لتفادي أيّ طعن قضائي أو استغلال سياسي.
ميشو: "الدولة الفرنسية باتت ترى في التغلغل الإخواني خطرًا مؤسساتيًا حقيقيًا، والقرارات الأخيرة تعكس تحوّلًا في العقلية السياسية الفرنسية التي كانت تتجاهل هذا التهديد لعقود".
من جهتها، اعتبرت الخبيرة الفرنسية بالجماعات الإسلامية في أوروبا، ماريان لافور، أنّ "الإخوان يمتلكون قدرة فائقة على التكيف مع البيئة الديمقراطية، واختراق القطاعات الحساسة مثل التعليم، والجمعيات، والرياضة"، مضيفة أنّ المعركة ضدهم "ليست فقط أمنية، بل ثقافية ومؤسساتية بامتياز".
لافور رأت أنّ إدراج موظفي المستشفيات والمدارس والعاملين في القطاع الرياضي ضمن برامج التوعية "خطوة ذكية"، تهدف إلى كشف أساليب التغلغل الإخواني المباشر وغير المباشر.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب اجتماع مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي، الذي ترأسه الرئيس إيمانويل ماكرون، الإثنين الماضي، حيث تمّ اعتماد حزمة جديدة من الإجراءات لمكافحة ما وصفه البيان الرئاسي بـ "الاختراق المؤسسي الذي تمارسه جماعة الإخوان".
لافور: "الإخوان يمتلكون قدرة فائقة على اختراق القطاعات الحساسة مثل التعليم، والجمعيات، والرياضة، و المعركة ضدهم ليست فقط أمنية، بل ثقافية ومؤسساتية بامتياز".
وشملت الإجراءات: توسيع صلاحيات الحلّ الإداري لتشمل الجمعيات وصناديق التمويل المشتبه بها، وتجميد الأصول المالية للكيانات المتورطة، وإلزام الجمعيات المنحلة بتسليم ممتلكاتها للدولة، ومراجعة برامج تعليم اللغات الأجنبية، وعقود الالتزام الجمهوري، وتدريب موظفي القطاع العام على آليات كشف التغلغل الإخواني.
وتشير هذه التطورات إلى انتقال فرنسا من مرحلة الرصد والتحليل إلى المواجهة المباشرة مع شبكات الإخوان، في خطوة تعكس تحوّلًا واضحًا في مقاربة الدولة لهذا الملف الحساس.