
في محاولة جديدة من حركة النهضة الإخوانية في تونس لاستعادة حضورها السياسي عبر بوابة الشارع، دعا بشير الخليفي، أحد أبرز السجناء السياسيين السابقين والمنتمي لحركة النهضة، إلى التظاهر أمام وزارة العدل يوم 19 أيار / ماي الحالي، للمطالبة بتفعيل قانون العدالة الانتقالية، وبوجه خاص ما يعرف بـ"ملف التعويضات"، الذي يظل أحد أكثر المواضيع إثارة للانقسام في الشارع التونسي.
وأعاد الخليفي، المعروف بقربه من القيادي في النهضة عبد الكريم الهاروني، عبر تصريحاته الأخيرة طرح ملف جبر الضرر للسجناء السياسيين، واصفًا إياه بـ"الحق المشروع" الذي لا ينبغي التراجع عنه رغم التحولات السياسية التي شهدتها البلاد منذ 2021.
وأثارت الدعوة للتظاهر موجة انتقادات واسعة، واعتبرها كثيرون محاولة جديدة من حركة النهضة لاستعادة حضورها السياسي عبر بوابة الشارع، بعد أن تراجعت شعبيتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
ويرى مراقبون، بحسب موقع "ميدل ايست أونلاين"، أن التوقيت السياسي لهذه الدعوة ليس بريئًا، بل يستهدف إرباك المشهد الداخلي، في وقت تُحاول فيه تونس الخروج من أزماتها السياسية والاقتصادية المتراكمة.
يرى الكثير من التونسيين أن ملف التعويضات بات يمثل "استنزافًا غير أخلاقي للمال العام" في ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة
من جهتها، انتقدت النائبة في البرلمان فاطمة المسدي هذه الدعوات، ووصفتها في تدوينة على صفحتها الرسمية بـ"الوقحة"، قائلة إن "النهضة لا تزال تراهن على استفزاز الشارع، رغم أن الشعب لفظ هذا الملف منذ سنوات".
يُذكر أن الإخواني عبد الكريم الهاروني أثار جدلا كبيرا في 2021، عندما طالب صراحة بتفعيل التعويضات، ما أثار موجة غضب شعبي، خصوصًا في خضم أزمة اقتصادية خانقة وتفشي جائحة كورونا. حينها اعتبر كثيرون أن تلك المطالب "انتهازية سياسية" واستغلال لحالة الفوضى المؤسساتية التي كانت تمر بها البلاد.
ويرى الكثير من التونسيين أن ملف التعويضات بات يمثل "استنزافًا غير أخلاقي للمال العام" في ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة. إذ ارتبط الملف في الوعي الجماعي بـ"صفقات سياسية" أبرمت خلف الكواليس، واستفاد منها عدد محدود من المنتسبين للنهضة دون رقابة واضحة أو شفافية.
وتواجه الحركة الإخوانية تهما كثيرة تتعلق بالإرهاب والاغتيالات السياسية إلى جانب فسادي مالي، إذ من المنتظر أن يمثل، اليوم الثلاثاء، 23 متهمًا، أمام دائرة مكافحة الإرهاب لدى المحكمة الابتدائية في تونس، من بينهم راشد الغنوشي، لمقاضاتهم في تهم تتعلّق بتكوين وفاق إرهابي، والتآمر على أمن الدولة الداخلي.