ترامب لا يريد الاستيلاء على غزة، لكنّه يريدك أن تعتقد أنّه سيفعل ذلك

ترامب لا يريد الاستيلاء على غزة، لكنّه يريدك أن تعتقد أنّه سيفعل ذلك

ترامب لا يريد الاستيلاء على غزة، لكنّه يريدك أن تعتقد أنّه سيفعل ذلك


16/02/2025

ترجمة: محمد الدخاخني

كان ردّ فعلي الأوّلي على مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة هو رفضها واعتبارها شاذَّة، فهي منفصلة عن الواقع، واستفزازية بشكل خطير، وغير قانونية، وغير حسَّاسة بشكل قاسٍ للإنسانية الفلسطينية.

ومقترحاته، في الواقع، عبارة عن كل ما سبق. لكن لأننا نعلم أنّ هذا الرئيس ليس رجلاً يفتقر إلى الذكاء، فمن الحكمة أن نفترض أنّ هناك "عقلاً في جنونه". وكما حدث مع الأمر التنفيذي "الصادم والرهيب" الذي أصدره ترامب، والذي جعل خصومه ووسائل الإعلام يهرعون لفهم نواياه، فإنني أعتقد أنّ منطقاً مشابهاً قد يعمل مع تصريحاته بشأن غزة. ويتألف هذا المنطق من عنصرين أساسيين؛ الأوّل هو إرباك خصومه وإحباطهم، والثاني هو تشتيت انتباههم حتى نصرف أنظارنا عن القضايا الحقيقية الموجودة أمامنا، ونركز بدلاً من ذلك على الوهم الذي يتم خلقه.

الرئيس الأمريكي: دونالد ترامب

مع وضع هذا في الاعتبار، لا أعتقد ولو للحظة أنّ ترامب ينوي إرسال قوات أمريكية للاستيلاء على غزة وطرد (1.8) مليون فلسطيني بالقوة. ولن يكون بوسعه إرغام الأردن ومصر على استقبال هؤلاء الفلسطينيين المطرودين وإعادة توطينهم بشكل دائم، أو إغراء المملكة العربية السعودية بدفع تكاليف بناء "مكان جميل جديد كبير" للفلسطينيين.

كل هذه الأفكار بعيدة المنال وخطيرة لدرجة أنّه من غير المعقول أن يحاول هذا الرئيس، الذي يقول إنّه يريد إبقاء أمريكا بعيدة عن الحروب وإحلال السلام في الشرق الأوسط، القيام بأيّ منها أو بها كلها.

قد يهاجمني البعض لمحاولتي التعامل بحسن ظن مع ترامب. ولكي أكون واضحاً، هذا هو بالضبط ما لا أفعله. ربما يريد أن يطوي صفحة الماضي من خلال تشتيتات غريبة لخطة حول غزة. لكن بدلاً من ابتلاع الطعم، يجب أن نستمر في التركيز على ما هو حقيقي.

لا يريد ترامب ولا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن نتحرك بشأن أيّ من هذه المسائل الملحة. فهما يريدان المزيد من إحباط الفلسطينيين، والتسبُّب باضطرابات في دول عربية

إنّ ما أقوله هو أنّه بدلاً من قضاء ساعات لا نهاية لها في محاولة فهم كلماته أو انتقاد خطته أو الاستعداد لتنفيذها - وهو ما يريدنا أن نفعل هذا بالضبط - فإننا في حاجة إلى تجنُّب التشتيت، والتركيز على إلحاحيَّة الأمور التي تواجهنا. لا بدّ من الحفاظ على وقف إطلاق النار الهش في غزة والانتقال إلى مرحلتيه الثانية والثالثة. وهذا يعني الاستمرار في الضغط من أجل انسحاب إسرائيل من غزة ورسم خطط لبدء إعادة الإعمار. كما يعني توجيه انتباهنا وتحركنا لوقف تصعيد إسرائيل للعنف القمعي في الضفة الغربية. ويعني أيضاً الحفاظ على التركيز على الحاجة إلى تحميل إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية عن جرائم الحرب التي ارتكبت خلال الأشهر الـ (15) الماضية.

لا يريد ترامب ولا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن نتحرك بشأن أيّ من هذه المسائل الملحة. فهما يريدان المزيد من إحباط الفلسطينيين، والتسبُّب باضطرابات في دول عربية.

إنّهما يريدان أن ينفد وقت المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار، وهذا من شأنه أن يسمح لنتنياهو باستئناف حربه لتحقيق ما يسميه "النصر الكامل" في غزة، كما سيضمن له ذلك الحفاظ على ائتلافه الحاكم واستمراره في منصبه.

بعبارة أخرى، بدلاً من معالجة المشاكل الحقيقية التي تستدعي اهتمامنا، يريد ترامب أن نقع في فخه من خلال مناقشة إلهاء وهمي بينما يواصل الإسرائيليون لعبتهم القاتلة أمام أعيننا.

المصدر: 

جيمس زغبي، ذي ناشيونال، 5 شباط (فبراير) 2025

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية