
أفقد سجن أغلب قيادات حركة النهضة إخوان تونس إحدى نقاط قوتها، وهي الحضور السياسي والإعلامي وإدارة الصراعات والحرص على إظهار الحركة كحزب يؤمن بالديمقراطية والتداول على السلطة، وخاصة القدرة على ربط التحالفات.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة لن تعود إلى المشهد السياسي كما كانت من قبل، لعدة اعتبارات خارجية وداخلية، من بينها أن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يعاني انقساماً، وهو ما ألقى بظلاله على حركة النهضة، بينما تراجع منسوب الدعم الدولي والإقليمي في السنوات الأخيرة.
في السياق، يقول الناشط والمحلل السياسي التونسي عبد الكريم المحمودي فإن "حركة النهضة ممنوعة من النشاط العلني المباشر ومقارها مغلقة بأوامر رسمية"، "وأن تحرك من بقي من القيادة يقتصر على الظهور في الفضاء الافتراضي أو في النشاطات القليلة التي تنظمها جبهة الخلاص الإخوانية".
وأوضح، في تصريح لموقع "العين الإخبارية"، أنه لم يتبق من القيادات الإخوانية حاليا سوى عماد الخميري ورياض الشعيبي وبلقاسم حسن فقط، فيما البقية في السجون لجرائم ارتكبوها خلال فترة حكمهم.
وبحسب المحمودي، فإن "جميع القيادات الخطيرة تقبع حاليا في السجون"، متابعا: "عمليا، توجد أغلب قيادات الصف الأول، ومن بينها الغنوشي ونائبيه نور الدين البحيري وعلي العريض والأمين العام للحركة العجمي الوريمي وأغلب أعضاء مجلس الشورى في السجون على ذمة قضايا قد تصل الأحكام إلى عشرات السنين والمؤبد".
توجد أغلب قيادات الصف الأول ومن بينها الغنوشي ونائبيه نور الدين البحيري وعلي العريض والأمين العام للحركة العجمي الوريمي وأغلب أعضاء مجلس الشورى في السجون
يضاف إلى ذلك "اللفظ الشعبي وفقدان التنظيم لأنصاره"، وفق المحمودي الذي يرى في ما تقدم "دلائل تؤكد انتهاء هذا الحزب"، مشددا على ضرورة أن يقتنع الإخوان الذين يحاولون العودة بشتى الطرق، بهذا الواقع الجديد.
من جانبه، يعتبر زياد القاسمي، أستاذ القانون والمحلل السياسي التونسي، أن مثل هذه الأحكام يمكن أن تؤدي إلى حل حركة النهضة.
ويقول القاسمي، لـ"العين الإخبارية": "قانونيا، يمكن للقضاء حل الحركة بعد تقييم ما قامت به عن طريق إدانة مجموعة منتمية لها بارتكاب أفعال إرهابية أو ممارسة العنف، وهو ما يحصل حاليا".
وأوضح أنه "في حال كانت الأفعال فردية، يستثنى الحزب من الإدانة، لكن في حال ثبوت تورطه وثبوت التهم ضده وإدانته قضائيا، فبالإمكان حله".
وأشار إلى أن "مجموعة من البرلمانيين ينتظرون استكمال التحقيقات وصدور الأحكام في قضية التسفير إلى بؤر التوتر وقضية الجهاز السري لحركة النهضة من أجل إعداد ملف كامل للمطالبة بحل الحركة ومنع نشاطها كلياً في تونس".
ومطلع شباط /فبراير الجاري، أصدر القضاء التونسي أحكاما بالسجن بحق عدد من القيادات الإخوانية، في مقدمتهم زعيم الجماعة راشد الغنوشي، بـ22 عاما في قضية التخابر المعروفة إعلاميا بقضية "انستالينغو".
كما حكم على صهره رفيق عبد السلام، وهو زير الخارجية الأسبق، بـ34 سنة سجنا، وابنته سميّة بـ25 سنة سجنا، وابنه معاذ بـ35 سنة سجنا.
وأصدر القضاء، أيضا، حكما في حق قيادات أخرى وأصحاب مؤسسة انستالينغو هيثم الكحيلي بـ28 سنة سجنا وسالم الكحيلي بـ54 سنة سجنا ويحيى الكحيلي بـ18 سنة سجنا.
وحُكم على القيادي بحركة النهضة، الذراع السياسية للإخوان، السيد الفرجاني بـ13 سنة سجنا، ورئيس المخابرات السابق لزهر لونقو بـ15 سنة سجنا، والإعلامية شهرزاد عكاشة بـ27 سنة سجنا، إضافة إلى 3 مدونين وصحفية في القضية ذاتها.