تصفية قيادات "داعش"... ماذا بقي من التنظيم في سوريا؟

تصفية قيادات "داعش"... ماذا بقي من التنظيم في سوريا؟

تصفية قيادات "داعش"... ماذا بقي من التنظيم في سوريا؟


03/10/2023

يحيى شمص

ارتفعت وتيرة العمليات الأميركية في الشمال السوري مستهدفة قيادات "داعش". ومع أن التحالف ‏الدولي أعلن هزيمة التنظيم في آذار (مارس) عام 2019، إلا أن الأخير لا يزال ينفذ هجمات ضمن مناطق نفوذ ‏الجيش السوري و"قوات سوريا الديموقراطية"، فماذا بقي من التنظيم في سوريا؟

آخر العمليات ضد "داعش"، كان إعلان القيادة المركزية الأميركية القبض على مسؤول العمليات والتسهيلات في التنظيم أبو هليل الفدعاني، بعد غارة بطائرة هليكوبتر في ريف الرقة الشمالي. وترددت معلومات عن وجود زعيم "داعش" الجديد أبو حفص الهاشمي القرشي في تلك المناطق، بعدما تردد أنه تسلم القيادة عقب مقتل الزعيم السابق أبو الحسين الحسيني القريشي في آب (أغسطس) الماضي.

أين يتمركز "داعش"؟

القيادة المركزية الأميركية، أعلنت تنفيذ 36 عملية بالتعاون مع القوات الحليفة ضد "داعش" في العراق وسوريا خلال شهر آب.

يتمركز "داعش" في منطقتي غرب وشرق الفرات، تحديداً في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية"، وقوات النظام السوري، وفق ما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لـ"النهار العربي".

ويشير عبد الرحمن إلى تسجيل صوتي نشره المرصد لمن وصفه بـ"قيادي من الصف الثاني في حزب الله"، يتحدث فيه عن وجود "اتفاق بين حزب الله والحرس الثوري من جهة وداعش من جهة أخرى، يقضي بعدم التعرض لبعضهم البعض في البادية السورية (...) ومنذ عام 2021 هاجمت خلايا التنظيم في البادية قوات النظام ومسلحين موالين للنظام فقط، ونادراً ما تهاجم خلايا متفلتة من التنظيم عناصر ميليشيات موالية لإيران".

وبحسب مدير المرصد، نفذ "داعش" أكثر من 230 عملية في ضفتي الفرات الشرقية والعربية خلال هذا العام، وسط تواري قيادات عن الأنظار في البادية السورية ومناطق سيطرة "قسد"، وفي مناطق سيطرة القوات التركية في راس العين، تل أبيض، عفرين، درع الفرات، وحتى في مناطق "هيئة تحرير الشام".

وعن تأثير الاغتيالات والاعتقالات ضدّ التنظيم، يعتبر عبد الرحمن أنها "لا تحد من عمل داعش إطلاقاً، فعمليات التنظيم تزداد في البادية السورية، لأنه يعمل كخلايا متفرقة وليس كقيادة هرمية، وأغلب ضرباته هي عمليات أمنية عبر كمائن حافلات".

سر استمرار التنظيمات الإرهابية

يتحدث الخبير الأردني في الحركات الراديكالية حسن أبو هنية عن "أسباب جذرية لتغذية التطرف واستقطاب الجهاديين، تتداخل معها دوافع سياسية واجتماعية وثقافية. فبعد عسكرة انتفاضة 2011 في سوريا، ظهرت جماعات "القاعدة" و"داعش" لتستثمر في تطور الأحداث".

ويشير أبو هنية في حديث لـ"النهار العربي" إلى أن "غياب التعددية والحريات، مترافقة مع احتجاجات على أسس اقتصادية سياسية وأيضاً دينية وعرقية، استثمرتها التنظيمات لصالحها، وسط تداخلات جيوسياسية مع الإرهاب، وإقليمية بسبب تنافس إيراني - تركي، وحروب بالوكالات تغذي طابع العنف تدعمها دول إقليمية وخارجية".

ويُذكّر بأن "التنظيمات المتشددة لديها هيكل تنظيمي وخطاب ايدولوجي وتمويل، وهي تستثمر الظروف الحالية. فالحركات الجهادية أو الثورية، لا تخلق الأزمات، بل تستثمرها، وهذه الأزمات دائماً موجودة".

القضاء على "داعش"

نائب منسق وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الإرهاب غريغوري لوغيرفو أكد في ندوة أقامها "معهد أميركان إنتربرايز لأبحاث السياسة العامة" أن "داعش لا يزال يشكل تهديداً خطيراً على الرغم من هزيمته الإقليمية وخسائره في القيادة".

وذكر لوغيرفو أن الولايات المتحدة وحلفاءها في "قسد" يواجهون مشكلة كبيرة تتعلق بما يقرب من 9 آلاف من مقاتلي التنظيم المحتجزين لديهم.

القيادة المركزية الأميركية، وضمن عملياتها ضد التنظيم في إطار التحالف الدولي، أعلنت في بيان، يوم السبت، تنفيذ قواتها هجوما بالهليكوبتر شمالي سوريا، والقبض على ممدوح إبراهيم الحاجي، أحد شيوخ تنظيم "داعش".

وإذ يشير أبو هنية الى دور التحالف الدولي المكون من 86 دولة في القضاء على "داعش"، يعتبر أن "دول المنطقة تعتمد مقاربة عسكرية وجنائية لمواجهة التنظيم، وليس مقاربة التوجيه، لذلك فإن الحل مستبعد والأزمة مستمرة".

 ويعتبر أن "سياسة قطع الرؤوس تأثيرها مؤقت، وهو لا يطاول جوهر التنظيمات التي لديها هيكلية راسخة، وخبرة طويلة، وخصوصاً أنه بعد خسارته قيادته المركزية تحوّل داعش في نهجه إلى منظمة لامركزية، وبالتالي ثمة نوع من استقلال في الخلايا والفروع".

أيّ مستقبل لـ"داعش"؟

 رغم غياب سيطرته الجغرافية، تبدو هجمات التنظيم مؤشراً على امتلاكه زمام المبادرة، مع اعتماده تكتيكاً عسكرياً مغايراً منذ إعلان هزيمته قبل أكثر من 4 سنوات، عن طريق تنفيذ عمليات عسكرية خاطفة تجنبه الخسائر الكبيرة.

وبشأن القدرة على المواجهة، يقول أبو هنية إن "ثمة قوى مؤهلة محلياً لمواجهة التنظيمات الإرهابية، ضمن حرب استزاف العصابات، وهذه تتطلب تقنيات استخبارية وعمليات خاصة وطائرات استطلاع، ومعظم من يقوم بالعمليات في سوريا والعراق هي الولايات المتحدة، نظراً لامتلاكها الإمكانات".

وأوضح أن "الاغتيالات تعرقل مسار التنظيم، لكنه يعيد تعيين قيادات جديدة، ويعتمد حرب العصابات، وهو بذلك يعتمد صبراً استراتيجياً، أي أن قوة التنظيم موضوعية، ترتبط بما يحدث من أزمات وظروف محيطة على الأرض، وبالتالي استمرار التنظيم محتم في ظل استمرار توافر الشروط والأسباب الموضوعية في المنطقة".

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية