ما الذي تكشفه ردّة فعل تنظيم القاعدة على مقتل سليماني؟

الإرهاب

ما الذي تكشفه ردّة فعل تنظيم القاعدة على مقتل سليماني؟


20/01/2020

أثار مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني بغارة أمريكية في بغداد، فجر الجمعة 3 كانون الثاني (يناير) 2020، الكثير من ردود الفعل المتضاربة، ولا تزال تداعيات مقتله، الذي شكّل علامة فارقة في تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية وعلاقات القوة والدبلوماسية في البلدين، مستمرة.

اقرأ أيضاً: اغتيال سليماني.. انتشاء "داعشي" وتخوّفات إقليمية
وإذا كان من المفهوم حدوث هذا التعقيد وتضارب المصالح، في علاقات "الأطراف الفاعلة من الدول" في ساحة العلاقات الدولية؛ فإنّ من اللافت في الأمر هو دخول "الأطراف الفاعلة من غير الدول"، مثل الجماعات الإرهابية، على خط المسألة، بعد إصدار تنظيم داعش وتنظيم حراس الدين؛ ممثل تنظيم القاعدة في سوريا، تصريحات تُرحب بمقتله.

فرح داعش وحراس الدين

تزامن بروز نجم سليماني في ساحة الحرب السورية، عام 2011 مع معركة التحالف الدولي بقيادة أمريكا لمحاربة الجماعات الإرهابية في سوريا، وعلى رأسها تنظيم داعش والجماعات التابعة لتنظيم القاعدة مثل تنظيم حراس الدين؛ حيث أشرف سليماني على كافة العمليات العسكرية الإيرانية التي استهدفت هذه التنظيمات، ليصبح من أشد أعدائها، لذلك أعلنت هذه التنظيمات على الفور عن فرحها وترحيبها بمقتل سليماني.

رحب تنظيم داعش عبر جريدة النبأ الأسبوعية الناطقة باسم التنظيم بمقتل قاسم سليماني واصفاً الحدث بالبشارة والتدخل الرباني

فقد رحب تنظيم داعش، عبر جريدة النبأ الأسبوعية الناطقة باسم التنظيم، في 3 تشرين الثاني (ديسمبر) 2020، بمقتل المذكور، واصفاً الحدث بـ "البشارة والتدخل الرباني"، مُعتبراً أنّ أعداء التنظيم يتقاتلون فيما بينهم، وأنّ مقتل سليماني سيغير مجرى الحرب ضد التنظيم، و"سيتمكّن الجهاديون من لم شملهم من جديد"، وفق ما أورد موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بالفارسية.
كما أصدر تنظيم حراس الدين، عبر منصة "مؤسسة شام الرباط للإنتاج الإعلامي"، بياناً موقعاً باسم أبو عبد الرحمن المكي، عضو مجلس شورى التنظيم (سعودي الجنسية ومُنشق عن جبهة تحرير الشام)، عبّر فيه عن فرح التنظيم بمقتل سليماني، الذي وصفه بـ"الزنديق هو ومن على شاكلته"، مؤكداً أنّ هلاك أعداء الإسلام هو فرح للمؤمنين، "ولو على غير أيدينا، كما فرح الصحابة بانتصار الروم على الفرس".

وأشار المكي إلى موقف حركة حماس من مقتل سليماني؛ حيث قال إنّ هذا هو "حال أهل السنة عند هلاك الكفرة الزنادقة ورؤوس المبتدعة، المتبعين غير سُبل المؤمنين ممن استنكروا قتل الزنديق سليماني كحركة حماس"، مؤكداً أنّ موقف الأخيرة "ضلالة وانحراف وتهاون بمسائل حاكمية الإسلام، والولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين، وعدم الركون للظالمين".

بعد هزيمة تنظيم القاعدة في أفغانستان، كانت إيران ملجأ لأهم قيادات التنظيم ومن ضمنهم أهم قادة حراس الدين اليوم

وكان قد أُعلن عن تأسيس تنظيم "حراس الدين" بشكل رسمي مع إصدار بيانه الأول في 27 شباط (فبراير)  عام 2018، ويضم التنظيم الذي يتزعمه  سمير حجازي "أبو همام الشامي" مجموعات؛ "جيش الملاحم، جيش الساحل، جيش البادية، سرايا الساحل، سرية كابل، جند الشريعة"، وفلول "جند الأقصى".
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان أصدرته في (10 أيلول، سبتمبر 2019)، إنّ "حراس الدين"، هي جماعة جهادية تابعة لتنظيم القاعدة، انفصلت عنه في أوائل 2018. وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إدراج التنظيم العامل في محافظة إدلب شمالي سوريا، وقائده "أبو همام الشامي" على قائمة الإرهاب.

لماذا لم يعلق تنظيم  القاعدة؟

إنّ الأمر المثير للتساؤل في بيان "حراس الدين" هو عدم صدور هذا التصريح من تنظيم "القاعدة الأم"، وترك الأمر إلى التنظيم الذي يُمثّل الأولى في سوريا، والذي يعاني أصلاً من خلافات حادة بين تيارين؛ معتدل يمثله قائد التنظيم أبو همام الشامي، والدكتور سامي العريدي، المسؤول الشرعي الحامل للجنسية الأردنية، بالإضافة إلى منظر هذا التيار، جمال إبراهيم اشتوي المصراتي المعروف بــ "عطية الله الليبي". وتيار آخر، مُتشدّد كان  يمثله أبو ذر المصري، وأبو عمرو التونسي، وأبو يحيى الجزائري، وأبو دجانة التونسي، وأبو إبراهيم الشامي، الذين قتلوا جميعاً في ضربة جوية لقوات التحالف، بتاريخ 30 حزيران (يوليو) 2019، فضلاً عن مُنظر التيار، الأردني أبو محمد المقدسي.

الأمر المثير للتساؤل هو عدم صدور بيان حول مقتل سليماني من تنظيم القاعدة الأم وترك الأمر إلى تنظيم حراس الدين

فهل لذلك علاقة بطبيعة التعاون التاريخي بين تنظيم القاعدة وإيران؟ حيث كانت الأخيرة ملاذاً لأهم قيادات القاعدة الذين تم نقلهم عن طريق الظواهري، ضمن صفقة تبادل أسرى من إيران إلى سوريا، عقب اندلاع الأزمة السوررية عام 2011، تحت ما يُسمى بـ "مجموعة خراسان" مثل؛ المصري سيف العدل، وأبو الخير المصري، وأبو محمد المصري، وعبدالله عبد الرحمن، الذي قتل بطائرة بدون طيار في إدلب (آذار 201)، وخالد مصطفى العاروري المعروف بـ "أبو القسام الأردني"، القائد العسكري الحالي لتنظيم حراس الدين.
وكان العاروري قد اعتقل من قبل الحرس الثوري الإيراني، ثم أُفرج عنه في صفقة أمنية بين إيران وتنظيم القاعدة، مقابل الإفراج عن دبلوماسي إيراني كان محتجزاً لدى التنظيم في اليمن، والأردني ساري محمد حسن شهاب المُلقب بـ "أبو خلاد المهندس"، والذي قتل بعبوة ناسفة في إدلب (22 آب/أغسطس 2019).

اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر اغتيال قاسم سليماني أهم من تصفية بن لادن؟
فهل فقد الظواهري السيطرة على التنظيم في سوريا؟ أم أراد أن يظهر أكثر تسامحاً وليناً من تنظيم داعش مع إيران التي كانت، بعد هزيمة التنظيم في أفغانستان، ملجأ لأهم قيادات القاعدة ومن ضمنهم أهم قادة "حراس الدين" اليوم؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية