المحاصصة المذهبية تؤجل استكمال الحكومة العراقية.. لماذا زار وزير الخارجية القطري بغداد؟

العراق

المحاصصة المذهبية تؤجل استكمال الحكومة العراقية.. لماذا زار وزير الخارجية القطري بغداد؟


15/11/2018

بحكومةٍ ناقصة، يقود رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي البلاد، بعد أن حالت المناكفات السياسية دون إتمام حكومته، منذ التصويت عليها في الـ25 من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فيما دخلت قطر إلى جانب إيران والنجف على خط "التداول" في مصير الحكومة!

اقرأ أيضاً: مَن يستسلم أولاً... عادل عبد المهدي أم سعد الحريري؟

وتتألف حكومة عبدالمهدي من 14 وزيراً من أصل 22 وزيراً، يغيب عنها وزيراً الدفاع والداخلية، اللذان يشتد حولهما الصراع السياسي حتى الآن.

بعد مساهمته في شق تحالف العبادي .. طهران تدفع بمكافأة فالح الفياض بوزارة الداخلية بعد رفع النجف الفيتو عنه

وتؤكد مصادر سياسية لـ "حفريات"، على ضلوع العامل الإقليمي في تأليف "الكابينة الوزارية الجديدة"، الأمر الذي يناقض مبدأ حرية اختيار الوزراء المناط لعبدالمهدي، منذ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، في الثاني من الشهر الماضي. 

وتضيف المصادر، أنّ "المحور الإيراني فرض على تحالف الفتح بزعامة هادي العامري (المدعوم من طهران)، السياسي الشيعي فالح الفياض كمرشح لوزارة الداخلية"، مبيناً أنّ "الإيرانيين يعملون على مكافأة الفياض الذي تمكن من شق تحالف النصر بزعامة حيدر العبادي في وقت سابق".

وترأس فالح الفياض حركة "عطاء" التي انضوت انتخابياً في تحالف العبادي، وتمكن من حصد ستة مقاعد داخل التحالف، لكنه أضعف رصيد الأخير بعد انضمامه الى تحالف العامري لترجيح الكتلة الأكبر في البرلمان.

فالح الفياض المرشح لوزارة الداخلية

فيتو الصدر يعرقل خيار طهران

لا يبدي تحالف "سائرون" المدعوم من السياسي الشيعي مقتدى الصدر، أية مرونة إزاء طرح فالح الفياض لمنصب وزارة الداخلية من قبل تحالف العامري.

سليم الجبوري يتصدر قائمة المتنافسين على وزارة الدفاع .. وسياسيون يكشفون عن محاولات قطرية لإحياء الإخوان المسلمين سلطوياً

ويقول النائب عن "سائرون" قصي الياسري لـ "حفريات"، إنّ "الخلاف بين سائرون والفتح، مايزال قائماً على خلفية تمسك الأخير بمرشحه لوزارة الداخلية"، مشيراً إلى أنّ تحالفه "يسعى إلى تسليم الوزارات لأشخاص مستقلين ومختصين في عملهم".

ويتابع الياسري قوله "لكنّ هناك ضغوطاً من قبل بعض الكتل السياسية، لكسب الوزارات الأمنية لصالحها، فضلاً عن عامل التدخل الخارجي".

ورداً على إصرار "سائرون"، أبدى تحالف الفتح تمسكه بمرشحه لمنصب وزير الداخلية. وتقول النائبة عنه أشواق كريم، إنّ "الاعتراضات على ترشيح الفياض، سياسية وليست مهنية".

وتضيف لـ"حفريات"، أنّ مرشح كتلتها "يتمتع بخبر أمنية لاسيما وأنه تسلم منصبي رئيس جهاز الأمن الوطني وهيئة الحشد الشعبي، وذلك لا بديل عنه للمنصب الجديد".

فيتو صدري بانتظار مرشح العامري لوزارة الداخلية في البرلمان

وكان رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، أقال في الثلاثيتن من أب (أغسطس) الماضي، فالح الفياض من مناصبه الأمنية على خلفية نشاطه السياسي.

صراع سُني على وزارة الدفاع

وصلت الخلافات السياسية داخل المحور السنّي، أوجها، لدى مطالبة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، كتل المحور بتسمية مرشحٍ لمنصبِ وزير الدفاع.

اقرأ أيضاً: حزب الله اللبناني يتدخّل في تشكيل الحكومة العراقية

ويتصدر رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، قائمة المتنافسين على المنصب، طيلة اليومين الماضيين، ما أثار أكثر من علامة استفهام لدى الشارع المحلي في العراق.

ويعزو عبدالرحمن اللويزي، وهو سياسي سُنّي، ترشيح الجبوري لمنصب وزير الدفاع، إلى "استمرار التزام حلفاء الإسلام السياسي المحليين والإقليميين في تمكين الإخوان المسلمين من صدارة المشهد السياسي السُنّي من جديد".

سليم الجبوري أبرز المتنافسين السُنة على منصب وزير الدفاع

وينتمي سليم الجبوري إلى الحزب الإسلامي العراقي (الإخوان المسلمين)؛ حيث خاض الحزب الانتخابات الأخيرة، بقوائم مدنية متعددة، ترأس أحدها سليم الجبوري الذي خسر مقعده في بغداد.

اقرأ أيضاً: الدين والسلطة في العراق: زواج كاثوليكي غير معلن

ويضيف اللويزي، في تصريح لـ "حفريات"، بأنّ "تعويض خسارة الإخوان المسلمين للموقع السيادي الأعلى (رئاسة البرلمان)، نتيجة تحالف تكتيكي أملته ظروف مرحلية، جاء على حساب التحالف الإستراتيجي مع الإخوان"، مبيناً أنّ ترشيح الجبوري "جاء بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية القطري لبغداد"، الخميس الماضي؛ حيث التقى بمسؤولين عراقيين، فضلاً عن كتلٍ سياسية.

التكنوقراط الحكومي بين الوهم والحقيقة

في التاسع من الشهر الماضي، دعا رئيس الوزراء الجديد عادل عبدالمهدي، مختلف كفاءات بلاده إلى الترشح لمناصب حكومته عبر نافذةٍ الكترونيةٍ، والتي سرعان ما اكتشف العراقيون "زيفها" لحظة التشكيل الوزاري على أساس المحاصصة السياسية.

اقرأ أيضاً: رئاسات العراق الجديدة... قديمة

ويعتبر الباحث والأكاديمي أنّ عدم تمرير أي اسم من "النافذة الإلكترونية" كان بسبب "عدم منطقية الإجراء الذي اقترحه عبدالمهدي لاختيار الوزراء".

وقال الصراف لـ "حفريات" إنّ "القوى السياسية كانت قد ضغطت على رئيس الوزراء للحصول على استحقاقها الانتخابي".

واجهة النافذة الإلكترونية التي أطلقها عبدالمهدي لاستقبال مرشحي حكومته من التكنوقراط

لكنّ عمر العيساوي، وهو أحد المتقدمين لشغل منصب وزير الدفاع عبر "النافذة"، يقول إنّ كل الأسماء التي عرضت في جلسة التصويت على الحكومة، كانت من خارج البوابة الإلكترونية التي اقترحها عبدالمهدي.

اقرأ أيضاً: أقليات العراق تشكو تغييبها عن تشكيل الحكومة

وكان العيساوي تلقى رسالة إلكترونية من مكتب عبدالمهدي قبل عدة أيام من جلسة البرلمان الأخيرة، تؤكد قبوله المبدئي لشغل المنصب، وانتقاله الى المرحلة الثانية التي تتضمن اللقاء مع لجنة الخبراء التي شكلها رئيس الوزراء، تمهيداً للمرحلة الاخيرة وهي مقابلة مباشرة مع عبدالمهدي.

ويضيف العيساوي لـ"حفريات": "لم أقابل أي أحد بعد ذلك، والبوابة الإلكترونية كانت مجرد استعراض، وبقيت معطلة".

تصدع حكومي مبكر

ونشب خلافٌ قانونيٌّ على أهلية وزيرين شيعيين في حكومة عبدالمهدي، سبق أن منحهما البرلمان الثقة على عجالة في الجلسة المخصصة للتصويت على الحكومة، حيث نشرت مواقع إخبارية وثائق رسمية "تدين" الوزيرين بالفساد والانتماء لحزب البعث المحظور. 

العيساوي: إنّ كل الأسماء التي عرضت في جلسة التصويت على الحكومة كانت من خارج البوابة الإلكترونية التي اقترحها عبدالمهدي

وتداولت الأوساط السياسية، خلال الأسبوعين الماضيين، اتهامات ضد وزير الاتصالات نعيم الربيعي (مرشح تحالف الفتح)، مفادها أنه كان منسّباً من وزارة التعليم العالي الى جهاز المخابرات للنظام السابق، فيما قالت النائبة السابقة ورئيسة كتلة إرادة حنان الفتلاوي في تغريدة على "تويتر" إنّ "وزير الاتصالات الجديد مشمول باجتثاث البعث كونه عضو فرقة (منصب حزبي متوسط) بحسب كتاب هيئة المساءلة والعدالة فكيف تم التصويت عليه كوزير؟".

اقرأ أيضاً: لا مركزية الاحتجاج العراقي

أما وزير النقل الجديد، عبدالله المالكي، وهو مرشح تحالف الفتح أيضاً، فقد تسربت وثيقة صادرة في شباط (فبراير) الماضي، عن هيئة النزاهة تطالبه بالحضور إلى مقر الهيئة في بغداد مع عدد من المسؤولين. ووصف الكتاب، الوزير المالكي بـ "المتهم"، وأنّ قرار استقدامه جاء بعد صدور أمر من محكمة التحقيق المختصة في قضايا النزاهة، وفق المادة 241 عقوبات.

قادة المحور السني يستقبلون وزير الخارجية القطري الذي زار بغداد الخميس الماضي

تهديد نيابي بسحب الثقة

ورجح نوابٌ عن تحالف "سائرون"، أن يتم "سحب الثقة" عن الوزراء الذين تسرّبت معلومات بشأنهم، في حال ثبتت التهم الموجهة ضدهم، وقال هيثم الوائلي "قد يحالون الى القضاء؛ لأنهم وقّعوا على تعهد أمام رئيس الوزراء بصحة المعلومات الواردة في سيرهم الذاتية".

اقرأ أيضاً: مفاجأة من العيار الثقيل.. البصرة تعصف بتحالفات العبادي

وكان عبدالمهدي قد تعهد في جلسة نيل حكومته الثقة بإعفاء أي وزير يثبت تقديمه معلومات خاطئة، بعدما طلب عدد من النواب التحقق من ملفاتهم في هيئة النزاهة وهيئة المساءلة وتدقيق شهاداتهم وقيودهم الجنائية.

جلسة مجلس الوزراء برئاسة عبدالمهدي وتهديدات نيابية باستجواب بعض أعضائه

وأشار الوائلي إلى أنّ "معلومات اتهام الوزيرين قد وصلت إلى رئاسة مجلس النواب"، لكنه لم يؤكد أو ينفي فيما لو كانت هناك إثباتات على تورطهم فعلياً في التهم الموجهة اليهم. وأضاف أنّ "عبدالمهدي كان مستعجلاً، ونحن في سائرون طلبنا التأجيل خمسة أيام لحين دراسة ملفات الوزراء، لكن لم تساندنا الكتل الأخرى".

وكان رئيس الوزراء العراقي قد اعتمد على أغلب مرشحي الوزارات ممن شغلوا مناصب حساسة في الدولة، وكان من المؤكد أنهم خضعوا لضوابط هيئة المساءلة والعدالة التي يفترض أنها فحصت ملفاتهم.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية