هل يسعى أردوغان إلى إقرار أمريكي بحزامه الأمني في سوريا؟

تركيا وأمريكا

هل يسعى أردوغان إلى إقرار أمريكي بحزامه الأمني في سوريا؟


07/11/2018

تتزايد الأخبار والتقارير التي تتحدث عن استعدادات تركية لاجتياح شريط حدودي يمتدّ من جرابلس إلى تل أبيض في الشمال السوري، وليس معروفاً مدى دقة وصدقية الكلام عن رغبة أنقرة في تثبيت حزام أمني بينها وبين الأكراد على الحدود الشمالية. يأتي ذلك، في وقت بادرتْ فيه المجموعات الكردية السورية المسلحة إلى حفر خنادق دفاعية في تلك المنطقة، بينما توعد مسؤولون أتراك بتحويل تلك الخنادق إلى "مقبرة لمقاتلي الميليشيات" الكردية، وبدأت فصائل مدعومة من أنقرة في شرق الفرات بتجنيد أعداد إضافية من المقاتلين استعداداً للمعركة.

اقرأ أيضاً: أردوغان يكرر خطأه السوري مع السعودية
في هذه الأثناء، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنّ الدوريات الأمريكية الكردية المشتركة قرب الحدود التركية-السورية أمر غير مقبول، وإنه يتوقع من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنْ يوقفها. ومن المقرر أنْ يلتقي أردوغان مع ترامب، في باريس، مطلع الأسبوع المقبل. وقال أردوغان، أمس، للصحفيين إنّه سيتطرق في اللقاء إلى الدوريات التي تنفذها الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية الكردية المتحالفة معها داخل سوريا.

من المقرر أنْ يلتقي أردوغان مع ترامب في باريس مطلع الأسبوع المقبل

قلق أردوغان

ذكرت وكالة أنباء "رويترز" أمس، أنّ قلق أردوغان من الأمر يبرزه تعقيد شبكة التحالفات والخصومات على الحدود والتي فاقمت منها الحرب الدائرة في سوريا. ووضعت تحركات تركيا العسكرية في شمال سوريا خلال العامين الأخيرين القوات الأمريكية في موضع المواجهة المباشرة مع القوات الزاحفة من تركيا، حليفة واشنطن داخل حلف شمال الأطلسي. 

وتضيف "رويترز" أنّه في دلالة أخرى على تعقد الموقف، فقد بدأت الولايات المتحدة وتركيا دوريات مشتركة أخرى في شمال سوريا، الخميس الماضي، بهدف تفادي حدوث اشتباك بين تركيا وحلفاء واشنطن الأكراد  لكنّ أنقرة مضت قدماً في حملة جديدة تستهدف القوات الكردية التي تدربها واشنطن وتسلحها.  وفي الأسبوع الماضي قصفت القوات التركية مواقع في شمال سوريا تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.  وتعهّد أردوغان، الأسبوع الماضي، بسحق المقاتلين الأكراد السوريين شرقي نهر الفرات؛ حيث يرابط نحو 2000 عسكري أمريكي إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، بحسب "رويترز".

حزام أمني تركي في سوريا
تشهد القضية السورية تطورات متسارعة، تتركز على محورين: الأول؛ هو إدلب، المحافظة الوحيدة التي لا تزال خارج سيطرة دمشق بالكامل، والثاني؛ هو شكل العملية السياسية التي ستضع حداً لحرب أهلية مستمرة منذ العام 2011. في هذا السياق تحاول أنقرة تثبيت حزام أمني بينها وبين الأكراد على الحدود الشمالية، وفق تحليل نشرته "الجريدة" الكويتية الأسبوع الماضي.

تشهد القضية السورية تطورات متسارعة على محورين الأول هو إدلب والثاني هو العملية السياسية التي ستضع حداً للحرب الأهلية

وقد أثارت التهديدات الأخيرة التي أطلقها أردوغان عن قرب إطلاق عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد المتحالفين مع واشنطن، في مناطق شرق نهر الفرات شمال سوريا، ردود فعل وتفسيرات عديدة، خصوصاً أنها جاءت بالتوازي مع بقاء ملف قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي مفتوحاً على تأويلات وتكهنات تتعلق بعلاقة أردوغان بالسعودية وبالولايات المتحدة في الوقت نفسه.
وفي محاولة لتفسير مواقفه، نقلت "الجريدة" عن أوساط أمريكية، قولها إنّ الرئيس التركي يجد نفسه في خضمّ معركة سياسية معقدة تضغط على دوره شخصياً وعلى دور بلاده في محاولة منه لتثبيت موقعه على خريطة القوى والتحالفات الإقليمية والدولية المنخرطة في سباق مصالح غير مسبوق.

اقرأ أيضاً: أردوغان خضع أخيراً للهيمنة الأمريكية

ابتزاز أنقرة لإدارة ترامب في الموضوع الكردي قد يكون مطروحاً

ابتزاز أردوغان
ويرى الكاتب السوري عمر قدور أنّ ابتزاز أنقرة لإدارة ترامب في الموضوع الكردي قد يكون مطروحاً (في اللقاء المرتقب بين أردوغان وترامب)، فتنازلات الأخير في سوريا تبقى ليست ذات شأن في ميزان الأمن القومي الأمريكي، وهي في الوقت نفسه لها ثقل كبير في ميزان الأمن القومي التركي. ويتابع قدور: (لا شك في أنّ السيطرة على شريط حدودي "إذا صحّت الأخبار" سيمنح تركيا وضعاً جيوسياسياً أفضل لجهة حربها مع الأكراد، ولجهة دورها في الملف السوري عموماً).
تحديد العلاقة الأمريكية مع الأكراد
وفي محاولة لتبسيط هذا المشهد المعقّد وتفكيكه أشارت "الجريدة" الكويتية إلى أنّ واشنطن، التي حسمت علاقتها بأكراد سوريا لناحية تعهدها بتوفير ضمانات سياسية وعسكرية كافية لهم، أبعدت في الوقت ذاته نفسها عن الجماعات التي تسعى للاستقلال عن دائرة قرارها، سواء كانت تلك الجماعات كردية أو عربية. وقد نفذت ذلك على العديد من الجماعات السورية المعارضة خلال السنوات السبع الماضية منذ بدء الأزمة السورية. والدلائل على ذلك كثيرة، تضيف "الجريدة"، من تخلّيها عن جماعات معارضة مسلحة في خضم المعارك التي كانت تدور في سنوات الأزمة الأولى، إلى تخلّيها عن جماعات عربية في منطقة التنف وقبلها عن القوات الكردية، التي انسحبت من جبهات القتال مع "داعش" لتلتحق بالقوات المحسوبة عملياً على "حزب العمال الكردستاني" بعيد اندلاع معركة عفرين بتسهيل من دمشق.

اقرأ أيضاً: ما هو مصير الجهاديين الأوروبيين المعتقلين لدى الأكراد؟
وبحسب تلك الأوساط، تتابع "الجريدة"، فقد عمدت أخيراً مجموعات كردية محسوبة أيضاً على حزب العمال إلى التمدد نحو مناطق غرب الفرات بتنسيق مع دمشق أيضاً، الأمر الذي أثار حفيظة تركيا، فيما الاتفاق مع واشنطن جارٍ على قدم وساق لبدء تسيير الدوريات المشتركة في منبج.
وكانت زيارة قائد القيادة الأمريكية الوسطى، جوزف فوتيل، الأخيرة لمناطق الأكراد في شرق الفرات وإلى قاعدة التنف، أرست عملياً قواعد الاتفاق الأمريكي - التركي حول مستقبل إدارة تلك المناطق، وهو ما قد يكون مؤشراً أيضاً إلى وجود ضوء أخضر لتركيا بتطهير المناطق، التي تسعى دمشق للتمدد إليها على حساب أنقرة.

اقرأ أيضاً: بعد سيطرة الديمقراطيين.. هل يفتح الكونغرس ملفات ترامب؟
ويذهب الباحث الأمريكي سونر چاغاپتاي، إلى أبعد من ذلك؛ إذ يشير في تحليلٍ نشره "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" إلى أنّ التعاون بين ترامب وأردوغان يتخطى حدود الشرق الأوسط. ويكشف چاغاپتاي عن أنّ واشنطن خلال الأشهر الأخيرة كثّفت تعاونها مع أنقرة لاستهداف قياديي "حزب العمال الكردستاني" في العراق أيضاً.

 

الصفحة الرئيسية