روسيا ما بين تسليم "إس 300" لسوريا والإعلان عن فتح معبر القنيطرة

سوريا

روسيا ما بين تسليم "إس 300" لسوريا والإعلان عن فتح معبر القنيطرة


07/10/2018

تمّ الإعلان عن خطوتين روسيتين، يبدو أنهما غير معزولتين عن بعضهما، على صعيد تطورات الملف السوري، وهما: الإعلان عن تسليم الجيش السوري منظومة صواريخ "إس 300"، تزامناً مع الإعلان من قبل القيادة العسكرية في سوريا عن "جاهزية" السلطات السورية لإعادة فتح نقطة العبور على جانبي الجولان السوري، بعد تصريحات إسرائيلية متزامنة، أكّدت استعداد إسرائيل لفتح نقطة عبور الجولان، والعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل الأزمة السورية.

الخطوتان الروسيتان  تكشفان أبرز ملامح الإستراتيجية الروسية للعلاقات بين سوريا وإسرائيل

الخطوتان الروسيتان، تكشفان أحد أبرز ملامح الإستراتيجية الروسية، ورؤيتها للعلاقات بين سوريا وإسرائيل، والدور الروسي المستقبلي لها في سوريا، وجوهرها الاستجابة لغالبية المطالب الأمنية الإسرائيلية؛ التي تجلت خلال معركة تحرير الجنوب السوري، عبر صفقة روسية مع إسرائيل، بإشراف أمريكي، بتنفيذ المطالب الإسرائيلية بإبعاد القوات و"الميليشيات" الإيرانية عن حدود الجولان السوري المحتل، لأكثر من 80 كم، وإعادة الفرقة الرابعة في الجيش السوري إلى حدود الجولان، مقابل وقف دعم وتسليح فصائل المعارضة في الجنوب، وهو ما تمّ إنجازه فعلاً، وتحديداً التزام الإيرانيين بسحب قواتهم عن الحدود، والامتناع عن المشاركة في معارك تحرير الجنوب السوري، وهو ما يؤكد حجم الفجوة بين الرؤيتين؛ الإيرانية والروسية، بالنسبة إلى مستقبل سوريا، شكلاً ومضموناً، كما تتضمن هذه الإستراتيجية دعم ورعاية "النظام" السوري، باعتباره حليفاً لروسيا، وتقديم ضمانات له في إطار مصالح متبادلة.

اقرأ أيضاً: داعش يمنح مهلة للنظام السوري والروس!

من المرجح؛ أن تذهب الإستراتيجية الروسية باتجاه إنجاز اتفاقية سلام

الإعلان الروسي عن تسليم الجيش السوري منظومة صواريخ، بالتزامن مع الإعلان عن استكمال السلطات السورية استعداداتها لفتح نقطة العبور على جانبي الجولان، يتناقض مع تداعيات إسقاط الطائرة العسكرية الروسية قبالة الساحل السوري، من قبل دفاعات الجيش السوري، واتهام إسرائيل بمسؤوليتها عن العملية، والردّ الروسي بتزويد سوريا بمنظومة الصواريخ تلك، وما تردّد من تحليلات تشير إلى احتمالات تغيير موازين القوى في المنطقة، واحتمالات استخدام هذه الصواريخ ضدّ إسرائيل، وقدرتها على الوصل إلى المطارات الإسرائيلية، إضافة إلى انشغال الجانب الروسي بترتيبات تنفيذ اتفاق سوتشي، بين الرئيسين بوتين وأردوغان، حول إدلب، الذي جاءت مضامينه خلافاً للرغبات الإيرانية، بمنطقة آمنة، وضغوط تركية على الفصائل المسلحة لتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، ومن الواضح أنّ هناك إنجازات تركية على هذا الصعيد.

المهمة الرئيسة لهذه الصواريخ ستكون المزيد من الردع لإسرائيل وهو ما أكدته روسيا لإسرائيل، وفق التسريبات

إنّ ما يفترض أنّه تناقض في الموقف الروسي، يكشف جوانب من الرؤية الروسية للحلّ المستقبلي في سوريا، تعززت ملامحه بعد التعامل الروسي مع إسقاط الطائرة على الشواطئ السورية، هذا التعامل الذي جاء منسجماً مع اتفاق بوتين –ترامب، في قمة هلسنكي، بحفظ أمن إسرائيل، الذي أرسل في مخرجاته الكلية رسالة روسية صارمة لكلّ من القيادة السورية وإسرائيل، فبالنسبة إلى إسرائيل؛ تمّت إعادة ضبط حدود الاشتباك الإسرائيلي مع الساحة السورية، وفق ضوابط جديدة، تضمن مواصلة إسرائيل توجيه ضربات صاروخية لأهداف إيرانية بموافقة روسية، تستثني قطاعات وتشكيلات الجيش السوري. وبالنسبة إلى القيادة السورية؛ تمّ تعزيز دفاعاتها بمنظومة صواريخ روسية جديدة، تزيد من كفاءة الدفاعات الجوية السورية، وتهيّئ هذه القيادة لمواصلة الالتزام مع القيادة الروسية.

اقرأ أيضاً: روسيا وإسرائيل.. واستعجال الفرحة

المباحثات على خلفية أزمة الطائرة الروسية

وتدرك روسيا؛ أنّ المهمة الرئيسة لهذه الصواريخ ستكون المزيد من الردع لإسرائيل، خاصة أنّ إدارتها واستخدامها سيكون من قبل الروس فقط، وهو ما أكدته روسيا لإسرائيل، وفق تسريبات خلال المباحثات على خلفية أزمة الطائرة الروسية.

لكن، يبقى السؤال: ماذا تريد روسيا من كلّ ذلك؟ من الواضح أنّ روسيا تعمل في سوريا بما يضمن مصالحها الإستراتيجية، ليس في سوريا فقط، إنما في المنطقة، لأسباب مرتبطة بمكافحة الإرهاب، وتعزيز مناطق سيطرة ونفوذ في المنطقة، في ظلّ قطبية متصاعدة مع أمريكا، وما يرتبط بأزمات الطاقة وإمدادات النفط والغاز العالمية، وتدرك أنّ تحقيق كلّ هذه الأهداف يتطلب ضمان مصالح إسرائيل، خاصة ما يرتبط بمقولات أمنها القومي، وأنّ روسيا لن تستطيع ذلك إلا بإعادة تأهيل "النظام" السوري؛ سياسياً وعسكرياً، بعيداً عن الخطط الإيرانية.

اقرأ أيضاً: قراءة أخرى لعملية إسقاط الطائرة الروسية في سوريا

ومن المرجح؛ أن تذهب الإستراتيجية الروسية بعيداً، في دور مركزي في رسم العلاقات المستقبلية بين سوريا وإسرائيل، باتجاه إنجاز اتفاقية سلام بين الجانبين، تضمن فيها روسيا مصالح سوريا، ومطالب إسرائيل، وبحيث تقدّم روسيا نفسها فيه وسيطاً نزيهاً، وبما يتناقض مع صورة أمريكا المنحازة بالمطلق إلى جانب إسرائيل، لإنجاز سلام عربي –فلسطيني مع إسرائيل، واستثمار نجاحات القيادة الروسية في المنطقة، في كونها حليفاً وصديقاً يمكن الاعتماد عليه.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية