جهود مصرية لإقناع واشنطن بمشاركة حماس في حكومة وحدة وطنية

جهود مصرية لإقناع واشنطن بمشاركة حماس في حكومة وحدة وطنية


01/08/2018

كشف يوفال شتاينتس، وزير الطاقة الإسرائيلي، الثلاثاء، أن حكومته تسير نحو ترتيب طويل الأمد في غزة بمشاركة أممية ومصرية، ومستعدة للنظر في إجراءات اقتصادية وإنسانية، وهو ما يترك المجال للتفرغ لقضايا مهمة، مثل “إيران وتموضعها في سوريا”.

وبدت تصريحات شتاينتس، كأنها إشارة لإمكانية القبول بحماس كشريك في الحكومة الفلسطينية المقبلة، وحل جانب من الخلافات معها، عن طريق القاهرة والأمم المتحدة.

واعتبر مصدر مصري أن موافقة الولايات المتحدة وإسرائيل على أن تكون حركة حماس شريكا رئيسيا في الحكومة الفلسطينية الجديدة، خطوة أساسية في إنجاز ملف المصالحة الوطنية وهو ما تسعى القاهرة إلى تحقيقه من خلال اتصالات إقليمية ودولية.

ويعكس هذا التوجه، أن المصالحة تبدأ واقعيا من رفع “الفيتو” الأميركي والإسرائيلي عن حماس، التي يتم التعامل معها في العلن، باعتبار أنها “كيان إرهابي مطلوب إبعاده عن المشاركة في الحكومة الفلسطينية مستقبلا، وإلا لن تحظى باعتراف دولي”.

وتطالب الورقة المصرية المطروحة حركتي فتح وحماس، بالعودة إلى مسار المصالحة، على أن “تشارك حماس في تشكيل الحكومة التي تشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ومن المقرر أن تخوضها الحركة”.

وتسعى القاهرة، بدعم من روسيا والأمم المتحدة، إلى انتزاع الضوء الأخضر للمضيّ في مسار المصالحة وفقا لرؤية ترى تجسير الهوّة على المستوى الخارجي جزءا أصيلا من ترميمها على المستوى الفلسطيني.

وقال أحمد فؤاد أنور، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، لـ”العرب”، إن قدرة القاهرة على انتزاع اعتراف أميركي وإسرائيلي بمشاركة حماس في الحكومة الجديدة، صعبة لكنها ليست مستحيلة، فمع تغيّر الأولويات في المنطقة، يمكن أن تسقط الممانعات التقليدية المتعلقة بوضع “فيتو” على مشاركة حماس السياسية، من خلال القبول ضمنيا بها. وتدرك مصر أن إسرائيل أصبحت مهتمة بالتهدئة في قطاع غزة بأي صيغة، ولو بعقد هدنة طويلة مع حماس وباقي الفصائل والقبول بمشاركتهم في الحكم، لأن هناك أولويات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها، مثل الملفين الإيراني والسوري.

وأشار فؤاد، إلى أن الصيغة التي يمكن الوصول لها في اتجاه إقناع إسرائيل بقبول حماس ضمنيا، ربما تتمتع بقدر أعلى من المرونة في ظل التطورات الإقليمية التي تجعل من مواجهة إيران أولوية، لذلك تستوجب المسألة عزل حماس عن طهران، عبر منح الأولى هامشا سياسيا، يجعلها تقاوم أي ضغوط إيرانية لتسخين الجبهة العسكرية في قطاع غزة.

ويدعم ذلك ما ذكره يوفال شتاينتس، خلال مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت، الثلاثاء، بأن حكومته مع هدوء مطلق في غزة.

وأكد المصدر المصري لـ”العرب” أن القاهرة ترفض عقد تسوية أو (صفقة) سياسية بشأن غزة، مثلما تأمل إسرائيل التي تريد حكومتها تحقيق مكاسب تخاطب بها الرأي العام الداخلي وامتصاص غضبه، كما أن السير في مسار مغاير للمصالحة بين فتح وحماس “يمثل خطورة على مستقبل القضية الفلسطينية”.

وتريد القاهرة أن ينتهي حكم حماس في غزة أولا، وتعود السلطة الشرعية ممثلة في الرئيس محمود عباس، كمدخل للمصالحة، وبالتالي إنهاء الوجود التركي القطري في القطاع، ومحاولة ترميم الجدار الفلسطيني لغلق أيّ ثغرة يمكن من خلالها تمرير تسويات سياسية مشبوهة.

وزار اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية واشنطن الأسبوع الماضي، في محاولة للسعي في اتجاه تقريب وجهات نظر مع الإدارة الأميركية وإقناعها ببنود المصالح، وبينها جس النبض بشأن قبول مشاركة حماس في الحكومة، كخطوة أساسية لمشروع التسوية الذي يتبناه الرئيس دونالد ترامب ولم يعلن عنه حتى الآن تفصيليا.

وتمارس القاهرة ضغوطا على حماس لوقف العنف المتبادل مع إسرائيل، وعقد هدنة بين الطرفين تعيد الهدوء لقطاع غزة، كمدخل للاعتراف بالحكومة الفلسطينية الجديدة المتوقع أن تشارك فيها حماس.

وقال أحمد فؤاد أنور “ليس من مصلحة أميركا وإسرائيل الرفع التام للفيتو السياسي على حماس، لمنعها من المتاجرة به، فهي تنخرط في حوارات مع مصر أو غيرها وقد تقبل مبادرات، لكنها لن تتخلى عن بعض ثوابتها المعلنة، وأبرزها المتاجرة العلنية بعدائها للولايات المتحدة وإسرائيل، لأن سقوط هذه الأقنعة يسبب لها حرجا مع كوادرها التي تعيش وهم قدرتها على مناطحة قوى إقليمية ودولية”.

وأبلغت مصر نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، خلال زيارته للقاهرة، الأحد، أنها تتمسك بعودة السلطة للعمل في القطاع والإشراف على المشاريع التنموية والإنسانية، في رسالة تشي أن السلطات المصرية لا ترغب أو تثق في حماس، لكن مضطرة لقبولها ضمن المعادلة السياسية.

ويقول مراقبون، إن الإصرار على إحداث تقدم سريع في ملف المصالحة الفلسطينية خلال الوقت الراهن، يعني أن القاهرة نجحت في انتزاع موافقة دولية مبدئية على مشاركة حماس في الحكومة الجديدة.

واستبعد المصدر، وجود نية لعقد لقاء مشترك بين وفدي فتح وحماس المتواجدين في القاهرة، لأن الأولوية لتقريب وجهات النظر بين الحركتين، والتفاهم حول الخطوط العريضة للمصالحة، وما يمكن أن يليها من ترتيبات سياسية، وعقد لقاء قبل تبلور الأفكار ونضجها وقبولها يعطل المصالحة.

ويوحي موقف فتح من بنود المصالحة، أن لدى قادتها شعور بأن الورقة المصرية جرى صياغتها بالتفاهم مع حماس، وهو ما سبق وردت عليه القاهرة بأنها لا يمكن أن تدعم طرف على حساب الآخر، وتقف على مسافة واحدة من كل الأطراف.

وأبلغ وفد فتح بقيادة عزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة، مسؤولين في مصر، بأن “السلطة تتخوف من نفوذ حماس مستقبلا، في حال جرى العمل بنص الورقة المصرية المطروحة، لأن تمسكها (حماس) بتطبيق بنودها يعكس أن بنودها تصب في صالحها”.

لدى حماس قناعة بأن إتمام المصالحة، يضمن لها المشاركة في الحكم بشكل شرعي، وتنجح في المنافسة على السلطة مستقبلا، وربما الهيمنة عليها وسط انقسام داخل فتح.

وأوضح عبدالعليم محمد، الباحث في الشؤون الفلسطينية، لـ”العرب”، أن الجهود المصرية حيال الولايات المتحدة وإسرائيل لإعادة تأهيل حماس، تبدو مفهومة في سياق التطورات التي يمكن أن تقود إلى جعل الحركة جزءا أصيلا من السلطة.

وأشار إلى أن القاهرة تعمل في هذا المسار بجدية، لأن كل خطواتها بشأن المصالحة والتهدئة وحل الأزمة الإنسانية، يمكن أن تنهار ما لم تكن هناك رؤية إقليمية ودولية شاملة للقضية، تضعها على الطريق الصحيح، ولا تتجاهل التعامل سياسيا مع حماس.

وأكد عبدالعليم أن أي التفاف من جانب فتح على الورقة المصرية مقابل تمسّك حماس بها، يمثل للأخيرة مكاسب إقليمية ودولية، حتى وإن كانت موافقتها شكلية، لكنها ستظهر أنها الأكثر قبولا للوفاق الوطني من فتح، وتوظيف ذلك في استمرار حكمها لغزة.


عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية