من أين جاء الكون وكيف انبعث؟

الكون

من أين جاء الكون وكيف انبعث؟


27/06/2018

لا يزعم كتاب "المجرة: رسم خارطة الكون" أنه كتاب عن خصائص الكون، أو "الكوزمولوجيا"، وإنَّما رحلة استكشاف لما حدث في الفضاء الكونيِّ، منذ الشُّواش البَدْئي، من أجل الوصول إلى طرائق تمكِّن علماء الفلك الباحثين خارج المجرَّات، من الإحاطة بالأسئلة والتحديَّات التي تواجههم في الزمن الراهن، والإجابة عن سؤال: من أين جاء الكون وكيف انبعث؟
ويطرح الكتاب محاولات للإجابة عن أسئلة مازال يجري الردُّ عليها من طرف العلماء: ما المجرات؟ وممَّ تتكوَّن؟ وكم يبلغ حجمها؟ ولماذا يوجد أنواع مختلفة منها؟ وكيف تبدلت على مرِّ الزمان؟ كما يبحث، بصورة أساسيَّة، في الكيفيَّة التي تشكَّلت بموجبها المجرات وتطورت، في الفضاء الكونيِّ المترامي خلف "درب التبَّانة"؛ المجرة الأقرب إلى كوكب الأرض، وأي أسرار دفينة تكشفها "القوانين" التي تنظم حيوات "وحدات بناء" الكون- تلك "الكيانات" الديناميَّة التي لا تكفُّ عن الحركة- وأيَّة آليات تحكم فناءها.

اقرأ أيضاً: كلّ عام وأنت بسعادة يا قلب الكوكب الحزين
وصدر الكتاب، أخيراً، ضمن مشروع "كلمة" للترجمة التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، لعالم الفلك البريطاني جيمز غيتش، ونقله إلى العربيّة تحسين الخطيب، وراجعه الدكتور أحمد خريس.

غلاف كتاب "المجرة: رسم خارطة الكون" لجيمز غيتش

ماهية الوهج الكوني

ولا يقتصر البحث على "محاولة" فهم هذه الكيفية، من الناحية الفيزيائية، فحسب؛ وإنما يتعدَّاها إلى البحث في ماهية الوهج الكوني، ومن أين جاء، وكيف انبعث؛ وكذلك استقصاء أنواع النجوم والعناقيد المجرِّية والتكوينات الأخرى، كالسدم والسحب الجزيئيَّة؛ وسبر أطوار "الأحداث" الكونية العنيفة، كالمستعرات العظمى، منذ الفترة التي أعقبت "الانفجار العظيم" حتى اللحظة الراهنة.

يتطرق الكتاب إلى المشاريع المستقبلية الكبرى لتطوير المعدات التي ستمكن علماء الفلك من الحصول على رؤية رصدية أفضل

كانت غاية هؤلاء العلماء- راصدين ومنظِّرين- منذ الخطوات الأولى، هي التحديق عميقاً في الماضي الكونيِّ السحيق، لمعرفة "ماهية" تلك "اللحظة" التي تشَكَّل فيها الفضاء الكونيُّ قبل نحو 14 بليون سنة. يأخذنا المؤلف في رحلة شيقة، لاستكشاف أنواع المجرَّات الواقعة أبعد من نطاق فضائنا المحليِّ، وآليَّات التشكُّل النجمي، وطبيعة النسيج الكوني، وتقديم صورة مفصلة عن أحدث المصفوفات التلسكوبية المستخدمة في سبر أغوار الكون، والبحث في نماذج الكون، وأصل الاضطراب العظيم، وفي الخصائص الديناميكية للفضاء الكوني الممعن في القدم.

يتناول الكتاب المسوح الفلكية الضخمة وتأثير المادة المظلمة على التشكُّل المجرِّي

تأثير المادة المظلمة

كما يتناول الكتاب، بالبحث الدقيق، المسوح الفلكية الضخمة، ومدى تأثير المادة المظلمة على التشكُّل المجرِّي، وعمليات التخليق النووي التي تحدث في داخل المجرَّات. ولا يقتصر جهد المؤلف، في هذا الكتاب، على تقديم آخر ما رصده العلم من ملاحظات، وما قدمه على سبيل النظرية، فحسب، ولكنه يسعى أيضاً إلى البحث العميق في الجوانب العملية للبحوث الفلكية ومكوّناتها الأساسيَّة: كيف يتمُّ ذلك، وأي أدوات نستخدم، وماذا يفعل علماء الفلك في الواقع يوماً بيوم؟ وفي النهاية، يتطرق المؤلف إلى الحديث عن المشاريع المستقبلية الكبرى المعنية بالتطوير المتواصل للمعدات الجديدة التي سوف تمكن علماء الفلك من الحصول على رؤية رصدية أفضل، وإجراء عمليات محاكاة أضخم، وأعقد، وأدق، نستطيع من خلالها استكشاف نماذجنا الكونية وسبرها، فضلاً عن مقارنة البيانات التجريبية، المتعاظمة كالسيل الجارف، وتساعدنا على فهمها.

غاية العلماء هي التحديق عميقاً في الماضي الكونيِّ السحيق، لمعرفة ماهية اللحظة التي تشَكَّل فيها الفضاء الكونيُّ

يذكر أنّ مؤلف الكتاب جيمز غيتش يعمل باحثاً بالجميعة الملكية في لندن، ومحاضراً في مركز البحوث الفلكيَّة بجامعة هيرتفوردشاير. وهو حاصل على شهادة الدكتوارة من جامعة درم، وقام بنشر بحوثه العلمية في أبرز الدوريات المعنية بعلم الفلك. ويُعدُّ كتابه، هذا، أول كتبه المنشورة.
أمّا مترجم الكتاب، الأردني تحسين الخطيب، فقد صدر له: "إيروتيكا" يانيس ريتسوس (2017)، و"المسخ يعشق متاهته: يوميَّات" لتشارلز سيميك (2016)، و"الوصول الحرُّ" لبيتر سابر (2015، دار بلومزبري). وله، ضمن مشروع كلمة للترجمة: "المدرسة" لكاثرين بيرك وإيان غروس فينور (2013)، و"الجذور الثقافيَّة للإسلامويَّة الأميركيَّة" لتيموثي مار (2011)، و"العالم لا ينتهي، وقصائد نثر أخرى" لتشارلز سيميك (2010).

الصفحة الرئيسية