الدعاة الجدد: عندما ترتدي المدرسة الإنجيلية ثوباً إسلامياً

تحقيقات

الدعاة الجدد: عندما ترتدي المدرسة الإنجيلية ثوباً إسلامياً


24/06/2018

تحقيق: نادر رزق


الدعاة الجدد: كيف تكسب الناس وتخسر الحقيقة؟

"إذا فتح الله كل باب طلبنا أن يفتحه، وإن استجاب لكل دعاء دعوناه، وإن أحضر لنا الشخص الذي طلبناه فلن نصل إلى قدرنا، عندما لا تكون الأمور ممكنة بالطريقة التي طلبناها قد يبدو الأمر غير عادل، لكن الله أعلم منا فهو يرى ما لا نرى ويعلم ما يفعل.. الله هو الأعلم بمصلحتك"..
لم تُقتطع هذه الكلمات من أحد برامج عمرو خالد أو أحمد الشقيري أو حتى مصطفى حسني، بل هي جزء من إحدى المحاضرات "المبهرة" للواعظ الأمريكي الأكثر تأثيراً جويل أوستين Joel Osteen حملت عنوان "الله يقرر مصيرك.. فلا تحزن"، الذي رغم شهرته الجارفة وهو يتولى رسمياً منصب القس الأكبر في كنيسة لايكوود في هيوستن بتكساس، ليس لديه تأهيل عال في الشؤون الدينية أو في دراسات الإنجيل، ويعد نموذجاً استنسخه كثير من أعلام العالم الإسلامي ممن أصبحوا يعرفون باسم "الدعاة الجدد"، كما تأثروا بديل كارنيجي من قبل ومبشري المسيحية الإنجيلية الأمريكية عموماً من بوابة التنمية البشرية.

جويل أوستين: الله يقرر مصيرك.. فلا تحزن 

 

 

سحر كارنيجي

لن يحتاج أي مراقب محايد إلى كبير عناء حتى يدرك مدى التأثير الذي أحدثه أسلوب أوستين والجيل الجديد من الوعاظ الأمريكيين في الدعاة الإسلاميين الجدد باستخدام تقنيات التنمية البشرية والذكاء العاطفي. لكن الأمر بدأ بمقدمات سابقة وتحديداً منذ ظهور كتاب ديل كارنيجي "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس" العام 1936 و"دع القلق وابدأ الحياة" العام 1948.

يعد أوستين نموذجاً استنسخه كثير من ممن أصبحوا يعرفون باسم "الدعاة الجدد" كما تأثروا بكارنيجي من قبل

وهو ما ظهر جلياً في مرحلة مبكرة لدى الدعاة السلفيين التقليديين أنفسهم؛ حيث كتب محمد الغزالي "جدد حياتك" العام 1956 الذي يقول في مقدمته: "لقد قرأت كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" للعلامة ديل كارنيجي الذي عرّبه الأستاذ عبد المنعم الزيادي، فعزمت فور انتهائي منه أن أردّ الكتاب إلى أصوله الإسلامية.. لا لأن الكاتب الذكي نقل شيئاً عن ديننا، بل لأن الخلاصات التي أثبتها بعد استقراء جيد لأقوال الفلاسفة والمربين وأحوال الخاصة والعامة تتفق من وجوه لا حصر لها مع الآيات الثابتة في قرآننا والأحاديث المأثورة عن نبينا"!
حتى شيخ ابن باز وابن عثيمين، عبدالرحمن السعدي (المتوفى العام 1956) مؤلف التفسير الشهير "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" لم يستطع في آخر حياته أن يقاوم سحر كارنيجي فوضع قبيل رحيله بسنوات كتاب "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة"، بعد أن قرأ كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" خلال رحلة علاجه في مستشفى الجامعة الأمريكية بيروت العام 1952!
بالتأكيد ليس من الإنصاف حساب مثل هؤلاء العلماء على الدعاة الجدد، ولكن الاستعراض السابق يظهر إلى أي مدى تمكّنت هذه الأفكار من التسلل تدريجياً إلى الدعوة الإسلامية وحرفها عن مسارها، ممهدة لاحقاً لتلك الطبقة المخملية الجديدة التي أثْرت باسم الدعوة إلى الله، وإن بعد سنوات طويلة.

ابن عقيل يتحدث عن عبدالرحمن السعدي وديل كارنيجي

 

 

عمر عبد الكافي.. صعود الدعاة الجدد

بمجرد تخرجه من الجامعة العام 1972 في العلوم الزراعية واظب عمر عبدالكافي على إلقاء الدروس الدينية التي صنعت شهرته، ورغم حصوله على درجة الدكتوراه في تخصصه الأصلي، تفرّغ منذ العام 1994 للدعوة بعد أن عزّز معارفه الدينية بالحصول على درجة الليسانس في الدراسات العربيّة والإسلامية والماجستير في الفقه المقـارن، ليبدأ معه ظهور جيل جديد من الوعاظ الإسلاميين سيعرف باسم الدعاة الجدد.

قبيل رحيله وضع السعدي كتاب "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة" متأثراً بكتاب "دع القلق وابدأ الحياة"

ومما زاد من شهرة الرجل اضطراره لمغادرة بلده مصر العام 1998 بعدما ضاق به نظام حسني مبارك، وهو ذات العام الذي توفي فيه أستاذه محمد متولي الشعراوي الذي صحبه ربع قرن، وقبلها بعامين رحل الشيخ محمد الغزالي، وبذلك غدت الظروف مواتية لظهور نجم جديد في سماء الدعوة بعد خلوّ الساحة من وجوه كاريزمية، ليقيم في دولة الإمارات ويبرز عبر فضائية الشارقة مع الإعلامي محمد خالد من خلال برنامج الوعد الحق (2005) و"صفوة الصفوة"، ثم "هذا ديننا" التي حولها إلى كتب لاقت رواجاً كبيراً، لتتوالى بعد ذلك برامجه المرئية والمسموعة، ويتنقل بين العديد من الدول العربية والأوروبية لنشر الدعوة الإسلامية، ثم عاد إلى مصر العام 2011 بعد أن سبقته سمعته عبر الفضائيات ومواقع التواصل وقناة يوتيوب التي لعبت الدور الأبرز في إظهار هذا الجيل الجديد من الدعاة.

عبدالله يرث وعبدالله لا يرث!
رغم ما حققه عمر عبد الكافي من شهرة في مجال الدعوة، لكنه لم يستطع أن يقاوم هاجس الخشية من الخروج من المشهد بعد ظهور مجموعة  من "المنافسين" في الصنعة خاصة عمرو خالد ومجايليه، فأخذت تظهر عليه تأثيرات أساليب الدعوة الجديدة، بعد أن بدأ مسيرته بشرح صحيح البخاري، والسيرة النبوية، حتى لو اضطره ذلك إلى سوق أخبار وقصص عجيبة أبعد ما تكون عن المنطق بل والصحة، لعلّ أشهرها قصة العبادلة الثلاثة المعروفة باسم "عبدالله يرث وعبدالله لا يرث" التي حقق من خلالها شعبية منقطعة النظير، وهي ذاتها قصة أبناء نزار بن معد الجد الثامن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي رواها عبدالكافي نفسه ثم قام بتحويرها زيادة في التشويق بعد أن مزجها بحكاية خيالية من تراث بادية الشام ذهبت مثلاً (محمد يرث ومحمد لا يرث)، فضلاً عن أنّ القصة الأصلية ليس مقطوعاً بصحتها وأثر الصنعة فيها واضح، وأول من أوردها ابن جرير الطبري في تاريخه، واشتهرت عندما رواها الشيخ الشعراوي في أحد دروسه.

عمر عبدالكافي: قصة العبادلة الثلاثة

 

 

عمر عبدالكافي: قصة أبناء نزار

 

 

الشيخ الشعراوي : قصة أبناء نزار بن معد الأربعة

 

 

يغلب على الدعاة الجدد في كثير من الأحيان نهج عدم نسبة ما يوردونه إلى مصدر، لذلك لا تكاد "القصص المحرفة" التي يوردها عبدالكافي في دروسه بهدف كسب مستمعيه تقف عند حد، كقصة الحجاج والمحكوم بالإعدام الذي طلب حساء ساخناً ولحم رأس مشوياً، وجدياً مشوياً على نار هادئة! إذ وردت بصيغة مختلفة تماماً في كتاب "الفرج بعد الشدة للتنوخي" وكان بطلها زياد بن أبيه لا الحجاج.

مع رحيل الشعراوي والغزالي غدت الظروف مواتية للدعاة الجدد بعد خلوّ الساحة من وجوه كاريزمية

ويبلغ الاستخفاف بعقول متابعيه مداه عندما يستحضر الشيخ أحداثاً شهيرة حصلت مع عدة شخصيات في أزمان مختلفة ليصبّها في قصة واحدة مزعومة (كما في قصة أبي جعفر المنصور والجارية المحبة للطين)؛ إذ ينسب قصة معاوية مع زوجته ميسون الكلبية التي جاءت من البادية وتبرمت من حياة القصور في أبياتها المشهورة، إلى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور وجاريته، والأعجب أنه يُدخل القاضي أبا يوسف، تلميذ أبي حنيفة، في الحكاية الذي كان قاضي القضاة زمن هارون الرشيد ولم يدرك عهد المنصور قاضياً، وتكتمل فصول السخرية عندما يستدعي قصة المعتمد بن عباد، آخر ملوك بني العباد في الأندلس وجاريته التي تزوجها وصنع لها بركة من المسك والعنبر وأنواع الطيب لتخوض بها بقدميها بعد أن رأت قرويات يفعلن ذلك في الطين!
عمر عبدالكافي: قصة أبي جعفر المنصور والجارية المحبة للطين

 

 

عمر عبدالكافي: قصة الحجاج والمحكوم بالإعدام

 

 

استنساخ جويل أوستين

يعد القس الأمريكي جويل أوستين الذي انطلق واعظاً في الكنيسة التي أسّسها والده ظاهرة عالمية بامتياز؛ إذ يوصف بأنه من أكثر دعاة المسيحية تأثيراً في الوقت الحاضر، إن لم يكن أكثرهم فعلاً، وذلك بكاريزميته الطاغية معتمداً على طلته الجذابة ووجهه الوسيم الأقرب إلى نجوم السينما، وهو يرتدي أغلى البدلات دون ياقة رجال الدين، ويلقي محاضراته المدفوعة في قاعات فارهة يؤمها عشرات الآلاف، مستخدماً لغة مختلفة بعيداً عن كلمات الوعيد أو الإكثار من الاقتباس من الكتاب المقدس؛ إذ يلجأ إلى حكايات قريبة من حياة جمهوره بأسلوب غاية في التشويق، ولا يعتمد أوستين على محاضراته فحسب، فبالإضافة إلى الملايين من متابعيه على وسائل التواصل وقناته على يوتيوب، فإنّ له العديد من المؤلفات الناجحة، حتى أنّ كتابه الثاني "اجعل من نفسك أفضل: 7 مفاتيح لتحسين حياتك كل يوم" الذي أصدره العام 2007 تصدر قائمة النيويورك تايمز لأفضل الكتب مبيعاً وتم بيع 4 ملايين نسخة منه في طبعته الأولى.

يغلب على الدعاة الجدد في كثير من الأحيان نهج عدم نسبة ما يوردونه إلى مصدر

جلبت شهرة أوستين التي حقق من ورائها ثروة طائلة نقمة المدرسة التقليدية في التبشير، حتى أنّ عالم اللاهوت الإصلاحي مايكل هورتن شن عليه في العام 2007  هجوماً لاذعاً حد وصفه طريقة أوستين في التعليم بأنها ضرب من "الهرطقة".
لم يكن من المستغرب –كما فعل كارنيجي من قبل- أن يصل تأثير أوستين خارج حدود بلده فأخذ العديدون بتقليد خطاه ومحاولة استنساخه بقالب إسلامي، ولعل أبرز هؤلاء عربياً عمرو خالد، ويمكن ملاحظة ذلك إن على صعيد المظهر أو حتى المضمون الذي يتم تقديمه، أو حتى الكتب التي ألّفها.
كما هو الحال مع عبدالكافي، بدأت شهرة عمرو خالد بإلقاء الدروس في نادي الصيد في حي الدقي في القاهرة، لينتقل بعدها إلى مسجد الحصري بالعجوزة ثم إلى مسجد المغفرة في الحي ذاته حتى ضاق المسجد بمريدي الداعية الشاب الذي قدم صورة مغايرة بلحيته الحليقة وارتداء البدلة مما صنع له شعبية جارفة عند جيل الشباب الذي كان توّاقاً إلى الهداية دون التخلي عن مزايا الحداثة الذي طالما كان محور الدعوة التقليدية، فانتقل منه إلى مسجد الحصري في مدينة 6 أكتوبر، بعد أن سبقته شهرته، وبدأ آلاف الشباب يتوافدون لحضور دروسه قادمين من أماكن بعيدة.

أخذت شعبية عمرو خالد بالتراجع في ظل المنافسة الشديدة في مجاله إضافة إلى الزلات التي وقع فيها

أما نجوميته في الوطن العربي فقد انطلقت عبر تسجيلاته الصوتية، ثم وفّر له انتشار الفضائيات فرصة ذهبية للانتشار وكانت البداية من خلال قناة اقرأ الفضائية وتحديداً مع برنامج "ونلقى الأحبة" (2001-2002) وتناول فيه حياة الصحابة وأبرز مواقفهم وحكاياتهم، وجانباً من سيرتهم بأسلوب جديد وظّف فيه تقنيات التنمية البشرية إلى أبعد مدى بالتركيز على أسلوب العرض أكثر من المضمون نفسه، كما يؤكد باتريك هايني في كتابه "إسلام السوق".
توالت برامج خالد الناجحة: "إسلامنا" الذي أذاعه التلفزيون المصري العام 2002، "على خطى الحبيب" (2005)، "باسمك نحيا" (2006)، ثم "دعوة للتعايش"، و"الجنة في بيوتنا" (رمضان 2007)، قصص القرآن بجزأيه (2008، 2009)..
وخلال هذه الفترة التي مُنع فيها من إلقاء دروسه عبر المنابر المصرية،  نجح عمرو خالد في استقطاب الشباب العربي في مجال التنمية من خلال برامجه ومحاضراته التي طاف بها في كثير من الدول العربية والأجنبية، وكانت له مجموعة من الحملات التوعوية الناجحة كمشروع "صناع الحياة" و"حماة المستقبل" لتوعية الشباب بخطر المخدرات وبدأه بالشراكة مع شرطة دبي ومنظمة الأمم المتحدة، إضافة إلى مشروع دعوة للتعايش.

لم يتوقف تأثير مدرسة التنمية البشرية على الدعاة الجدد بمصر بل شمل بعض رموز المدرسة السلفية السعودية

لكن أخذت شعبية عمرو خالد بالتراجع في ظل المنافسة الشديدة في مجاله، إضافة إلى الزلات التي وقع فيها، خاصة بعد ثورة يناير 2011، فأخذ يحاول تغيير خطه حتى أخذ يقترب أكثر وأكثر من نمط أوستين في برامجه الأخيرة، كما في  حلقة "الرضا بالقضاء" (2011)، العنوان الذي حملته حلقة للداعية الشاب مصطفى حسني العام 2011، وهو الأمر الذي طالما يؤكد عليه أوستين في كلماته كما في مقابلته الشهيرة مع أوبرا وينفري العام 2012، حيث يبدو التأثر بأسلوبه واضحاً إلى أبعد مدى.
عمرو خالد: الرضا بالقضاء

 

 

مصطفى حسني: الرضا بالقضاء

 

 

أطمن لحكمة ربنا - مصطفى حسني – فكر (2016)

 

 

مقابلة أوستين مع أوبرا وينفري

( انقر هنا للمشاهدة  )

العدوى تنتقل إلى السلفية الجديدة

لم يتوقف تأثير مدرسة التنمية البشرية على الدعاة الجدد في مصر؛ بل شمل مجموعة من رموز المدرسة التقليدية السلفية في المملكة العربية السعودية لعل  أبرزهم؛ عائض القرني، ومحمد العريفي.
فبعد قرابة نصف قرن من ظهور كتاب السعدي "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة"، وتحديداً في العام 2002 أصدر عائض القرني كتـابه الأشهر "لا تحزن" الذي بيع منه ملايين النسخ ويعد طبعة "مؤسلمة" جديدة من "دع القلق وابدأ الحياة"، وحتى مواطنه محمد العريفي في كتابه الأول الذي عزّز شهرته أيضاً "استمتع بحياتك" وظهر العام 2006 لم يتحرّج من أن يذكر صراحة تأثره الكبير بما كتبه كارنيجي في مؤلفه "فن التعامل مع الناس"، ولكنه لم يتورع عن ترويج معلومة غير دقيقة عن انتحار الرجل، وكأنه يسعى إلى إعطاء كتابه استقلالية عن المؤلف الأصلي كما فعل غيره؛ إذ يقول "ثم اكتشفت أن كارنيجي مات منتحراً فأيقنت أن كتابه على حسنه وروعته.. لم ينفعه.. فبحثت في تاريخنا فرأيت أن في سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ومواقف المتميزين من رجال أمتنا ما يغنينا.. فبدأت من ذلك الحين أؤلف هذا الكتاب في فن التعامل مع الناس..".

يعزو مراقبون بروز تيار الدعاة الجدد إلى تأثّره بالطبقات البرجوازية المتدينة الجديدة التي ظهرت خلال العقدين الأخيرين

لم يتوقف تأثر العريفي بالمدرسة الجديدة عند حدود مؤلفاته، بل حتى في أسلوب الدعوة الذي انتهجه الذي حاول فيه مجاراة هذه الصرعة الجديدة، ولكن النجاح لم يكن حليفه دائماً، فأخذ يلجأ إلى جذب مستمعيه بأي طريقة أسوة بعمر عبد الكافي، بالبحث عن عجائب الأخبار كقصص مسيلمة الكذاب، أو قصص غريبة حتى لو اضطره ذلك إلى الإساءة، ففي مقطع شهير له يقحم في أحد محاضراته قصة لم يذكر مصدرها يسخر فيها بلهجة استعلائية من رجل باكستاني قال إنه تعرض للإغماء خلال طوافه حول الكعبة، ويقال إن الحكاية كلها مجرد نكتة قديمة لم تثبت صحتها.

العريفي: الباكستاني وحور العين

 

 

العريفي: ثلاث قصص مضحكة لمسيلمة الكذاب

 

 

ويبدو أنّ الشيخ العريفي تجاوز الحدود بثقته المفرطة بقدراته، محاولاً تحقيق إنجاز غير مسبوق معولاً على فرضيات معينة كاعتقاده أنّ كلام الله يؤثر في غير المسلمين بمجرد سماعه وطبق نظريته على شاب فرنسي أمام جمهور حاشد، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن الشيخ؛ إذ قال الشاب بعد سؤاله إن كان تأثر بالنص القرآني أم بالنص الآخر الذي تلاه كالقرآن، إن القرآن لم يؤثر فيه كما كان يأمل العريفي من مغامرته هذه!

مواطن فرنسي يحرج الشيخ محمد العريفي

 

 

إسلام السوق

يرى مراقبون أنّ تيار الدعاة الجدد برز مدفوعاً بالطبقات البرجوازية المتدينة الجديدة التي ظهرت في العالم الإسلامي خلال العقدين الأخيرين، وأنّ الإسلاميين الجدد لا يتكلمون أبداً عن العدالة الاجتماعية وإعادة التوزيع.. "فمطالبهم تتلخص في أن يصبحوا أغنياء ليكونوا إسلاميين جيدين".

هذا ما يؤكده هايني في كتابه "إسلام السوق"، متخذاً من عمرو خالد والأندونيسي عبدالله جمنستيار نموذجاً على الدعاة الجدد، أنّهما "يحسنان التعامل مع الإعلام الجماهيري، ويتقنان فن الإقناع عبر إثارة الإعجاب، وعبر تطوير تدين وجداني جداً مليء بدموع جمهورهما الذي يغلب عليه العنصر الأنثوي، بحيث تبدو العلاقة مع الداعية مبنية على الإعجاب بشكل واضح".

هايني: الدعوة الجديدة تتماشى مع الثقافة الاستهلاكية حيث يبتعد الدعاة عن اللغة الفصحى ويستخدمون لغة سهلة

ويتابع هايني أنّ الدعاة الجدد استفادوا من أساليب المبشرين الإنجيليين الأمريكيين وتقنيات العرض الحواري "التوك شو" وذلك مستخدمين "مظهراً عصرياً للداعية ومقاربة تسويقية تماماً للدعوة؛ الدعوة البروتستانتية التي يعرفانها جيداً على أي حال؛ عمرو خالد من خلال متابعته للمحطات المسيحية الأمريكية.. أما الأخ "جيم" فأحد مستشاريه المقربين ليس سوى "عبدالرحمن أوسنبي" وهو واعظ سابق في الكنيسة المشيخية كان قد تمكن في أقل من سنتين من مضاعفة عدد المنتمين لكنيسته، في مدينة هيوستن الأمريكية، بفضل استخدامه لتقنيات التسويق قبل أن يعتنق الإسلام عام 1997"..

ويخلص هايني إلى أنّ هذا الإسلام الجديد يسهم في تشكيل طبقات اجتماعية وأنماط حياة معينة، مندمجة في العولمة، وتتمتع باستقلالية نسبية تجاه الدولة الوطنية، "ويمكن أن نلاحظ أنه، وفي سياق ميله إلى تهميش مسألة الدولة والسياسة والهوس بالهوية، يشكل الإسلام بالمشاريع دليلاً على فشل الإسلام السياسي".

اقرأ أيضاً: أسلمة القضايا العربية.. بين الدعاة الجدد وإسلام الأفندية

يصف هايني ظاهرة الدعاة الجدد بقوله: "ظاهرة دعوة عصرية تبتعد عن السياسة، لطبقات لا يوجد لديها أي مشاكل اقتصادية ولكنها تريد أن تعطي كثافة أكبر للأخلاق، ليس الأخلاق بمعنى القيم الكبرى، إنما بشكل أبسط من ذلك مثل نشر المحبة والتسامح، وهي نتيجة للعولمة التي شجعت ظهور أنماط جديدة للأسلمة، إسلام ينبثق عن نزع السياسة عن الرموز الرئيسية في مسار إعادة الأسلمة أو لخيبة الأمل الناتجة عن ثقافة نضالية تسلطية تنفك عن الجماعية التي ميزت الإسلام السياسي".

اقرأ أيضاً: هل وصلت رحلة الدعاة الجدد محطتها الأخيرة؟
ويؤكد هايني أنّ هذه الدعوة الجديدة تتماشى مع الثقافة الاستهلاكية، حيث يبتعد هؤلاء الدعاة عن اللغة الفصحى ويستخدمون لغة سهلة، يحضرون حفلات عامة يلتقطون خلالها الصور مع المعجبات، فضلاً عن حفلات التوقيع وهو ما جعلهم أقرب إلى نجوم السينما.
ويتهم هايني الدعوة الجديدة بأنها تمت صياغتها بالتركيز على أهمية المساعي الدنيوية للنجاح، وهي لا تتضمن أساساً تطبيقاً للواجبات الدينية للإسلام الواردة في القرآن، ولكن قائمة على المرونة والاحترافية الفردية في عالم يتميز بالتغير المستمر، وذلك بالتركيز على العاطفة والتأمل والسعي لتحقيق السعادة الفردية "القيم التي تسود خطاباً يعمل غالباً كعلاج وجداني يتناول مسائل الإيمان بمقاربات هادئة إلى جانب التركيز على تحقيق الأهداف، عبادة الطموح وتثمين النجاح والارتقاء الاجتماعي، ونداءات الفاعلية هي التي تشكل المكونات الأساسية لوعظ دنيوي جداً بالمعنى المزدوج للكلمة، يمر غالباً عبر الصالونات النخبوية.. إضافة إلى فنادق الخمس نجوم حيث ينشِّطون ملتقيات للتحفيز وأمسيات رمضانية ودروساً دينية ومؤتمرات"..  "ماذا يقول هؤلاء الدعاة لأتباعهم في النهاية؟ إنّ المال ليس نقيصة، وإنّ الثروة يمكنها أن تكون فاضلة شريطة أن يكون صاحبها سخياً ويدعو الناس إلى مائدة إفطار في رمضان".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية