الأردنيون يعقدون آمالا كبيرة على قمة مكة

الأردنيون يعقدون آمالا كبيرة على قمة مكة


11/06/2018

توجهت أنظار الأردنيين إلى مكة مساء الأحد بحثا عن مخرج يمكن أن تقدمه قمة استثنائية يحضرها قادة السعودية والإمارات والكويت لبحث دعم الأردن في مواجهة أزمة اقتصادية طاحنة. ويعول الأردنيون كثيرا على هذه القمة باعتبارها مسارا محتملا بعيدا عن تداعيات مثلت خطرا على استقرار البلاد.

وأجرى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالات مع نظيره الأردني الملك عبدالله الثاني، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأعلن لاحقا عن انعقاد قمة مكة. وحتى مثول الجريدة للطباعة، لم تكن القمة قد عقدت بعد.

ويلتزم العاهل الأردني بخطاب محدد لتهدئة الشارع، يعتمد على واقعية في تقييم أبعاد الأزمة. ولا تقتصر مسببات الأزمة الاقتصادية في الأردن على سوء الإدارة الحكومية عبر الوزارات المتعاقبة فحسب، لكنها ترتبط أيضا بموقعه الجغرافي الذي فرض عليه تحمل تبعات أزمات كبيرة لبلدان مجاورة، كسوريا والعراق، وخصوصا التوقف شبه النهائي للدعم العراقي، وانتهاء فترة كانت السوق العراقية فيها متنفسا للحجم الأكبر من التجارة الأردنية.
ولا تأخذ الأزمة في الأردن طابعا وقتيا، لكن المشكلات الاقتصادية في هذا البلد لطالما كانت متراكمة بشكل بنيوي. ويقول محللون اقتصاديون إن خضوع عمان لإملاءات صندوق النقد الدولي كان سيأتي عاجلا أم آجلا.
وأضافوا “ما طرحته حكومة هاني الملقي المستقيلة هو من باب الحلول المؤجلة وليس شيئا جديدا”. وقدم الملقي استقالة الحكومة أواخر شهر مايو الماضي، إثر احتجاجات واسعة النطاق على مشروع قانون ضريبة الدخل، استمرت قرابة أسبوعين.

ويأمل المسؤولون بأن توافق قمة السعودية على حزمة كبيرة تضاهي تمويلا سابقا بقيمة خمسة مليارات دولار خصصته دول الخليج للأردن في ديسمبر 2011 لاحتواء احتجاجات انتشرت في أرجاء المنطقة. وارتبطت الأموال بمشروعات تنمية ساهمت في تحفيز اقتصاد البلاد المعتمد على المساعدات.

وقال مسؤول، طالبا عدم ذكر اسمه، إن وديعة لتعزيز الاحتياطيات، القائمة البالغة 11.5 مليار دولار والآخذة في التراجع، سيكون لها تأثير كبير في تخفيف الضغوط على الميزانية التي تعاني عجزا وتخص نفقاتها في الأساس لتغطية رواتب العاملين بالقطاع العام.

والسعودية والإمارات والكويت أكثر دول المنطقة دراية بالظروف الجيوسياسية والمحلية المعقدة التي يمر بها الأردن. فالبلد، الذي يعاني من تعقيدات ديموغرافية وتوازنات قبلية حساسة، أصبح غير قادر على تحمل أكثر من 650 ألف لاجئ سوري على أراضيه، وهو ما يمثل ضغطا موازيا على الميزانية العامة للدولة.
وأدى تشدد الأردن في ما يعرف بـ”صفقة القرن” لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي إلى خلق ضغط كبير تمارسه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لانتزاع تنازلات أردنية تتعلق بوضع القدس وشروط الحل النهائي لأي دولة فلسطينية محتملة.
كما لا يزال الأردن، منذ اندلاع ثورات ما يعرف بـ”الربيع العربي”، هدفا شبه معلن لكل من تنظيم الإخوان المسلمين وإيران. ولعبت جماعات قريبة من الجانبين مؤخرا دورا كبيرا في استهداف الأسرة الهاشمية الحاكمة في الأردن، عبر تشويه دورها على الصعيدين المحلي والإقليمي.
وتراجعت التحويلات القادمة من الأردنيين العاملين في دول الخليج بشكل حاد منذ عام 2014 بسبب تراجع أسعار النفط وتقليص الميزانيات وزيادة الرسوم وسياسات توطين الوظائف التي تنتهجها السعودية ودول خليجية أخرى. وانعكس هذا التراجع سلبا على القدرة الشرائية لمختلف شرائح المجتمع الأردني.
وكشفت مصادر عربية أن الدول الخليجية الثلاث المجتمعة في مكة المكرمة ستربط مساعدتها للأردن بالشفافية. وأوضحت أن ذلك يعني رقابة على طريقة صرف هذه المساعدات في خدمة مشاريع مجدية توفر فرص عمل للأردنيين. وقالت إن الرسالة الخليجية إلى الأردن واضحة كل الوضوح وفحواها أن أيّام تقديم المساعدات من دون حساب ولت إلى غير رجعة.
وذكرت أن الدول الثلاث ما كانت لتعمل على إنقاذ الأردن ومنع سقوطه إلا لشعورها بأن المستفيد الأول من أي فراغ في المملكة الهاشمية سيكون إيران والإخوان المسلمين المدعومين من قطر وتركيا.

وتساءلت مصادر عربية أخرى عن الخطوات التي يمكن أن يقدم عليها الأردن بعد اكتشافه أن الدول المستعدة الوحيدة لدعمه هي السعودية والإمارات والكويت. وتوقعت أن ينعكس ذلك على مستقبل العلاقات بين الأردن وقطر التي استغلت الأزمة الاقتصادية في الأردن للتحريض عليه، كاشفة عمق علاقتها بالإخوان المسلمين.
وكان الأردن اكتفى بخفض مستوى العلاقات مع قطر في مثل هذه الأيام من العام الماضي عندما اتخذت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قرارا بمقاطعة الدوحة.
والاستقرار في الأردن مسألة حساسة بالنسبة لأمن دول الخليج. ويقول حسن المومني، الخبير في النزاعات الدولية، “لا أعتقد أن فقدان سيطرة الأردن على زمام الأمور داخليا وعدم استقراره يخدم أي طرف”.
لكن على ما يبدو فإن تنظيم الإخوان المسلمين، الذي لعب دورا حاسما في إطالة أمد الاحتجاجات الشعبية، التي قادها قطاع عريض من الشباب، ينتظر فرصة سانحة لتكرار تجربة “الربيع العربي” في عمان.
وفي بدايات الأزمة، قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إن “الأردن يدفع ثمن مواقفه من القضية الفلسطينية”.
لكن مصادر قالت إن الولايات المتحدة شعرت بالقلق إزاء الاحتجاجات، التي استمرت وتيرتها التصاعدية رغم إعلان رئيس الحكومة الجديد عمر الرزاز سحب مشروع قانون ضريبة الدخل المثير للجدل.
وقال عامر السبايلة، الخبير والمحلل السياسي الأردني، “لا أعتقد أن صفقة القرن وموقف الأردن منها ومن القضية الفلسطينية لهما علاقة بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد بشكل مباشر أو غير مباشر”.
وأضاف “ما يجري فعليا ناتج عن حالة العزلة السياسية التي يعيشها الأردن؛ لعدم قدرته على بناء تحالفات استراتيجية على أكثر من مستوى”.
وهذه المرة تبدو الدول الخليجية أكثر إصرارا على مساعدة الأردن عبر تقديم النصيحة والاستشارات الاقتصادية أيضا.
والأردن من الملكيات المحورية في المنطقة. وأدت الثورات، التي تحول أغلبها إلى نزاعات داخلية في المنطقة، ووقعت في بلدان تحكمها أنظمة جمهورية بالأساس، إلى عدم تأثر أنظمة الحكم الملكية بحالة عدم الإستقرار وموجة الإرهاب التي ضربت المنطقة كأحد توابع الحراك الإقليمي الواسع.
لكن إدارة ترامب غيرت، على عكس الإدارات السابقة، من رؤيتها الثابتة تجاه الأردن، الذي لم يعد يمثل بالنسبة إليها دورا إقليميا مهما.
ويقول السبايلة “ثمة عدم قدرة لدى الأردن على إحياء الجغرافيا، والمتمثل في تفعيل الواقع الجغرافي، والمتعلق بالعلاقة مع سوريا والعراق”.
وأضاف “السبب الآخر يكمن في التحول في الموقف الأميركي بالتعاطي مع الأردن باعتباره لم يعد حجر أساس في المنطقة؛ لأن السعودية أهم من الناحية البراغماتية السياسية”.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية