هل تساعد منظومة الدفاع الإسرائيلية "حيتس 3" في ردع التمدد الإيراني؟

هل تساعد منظومة الدفاع الإسرائيلية "حيتس 3" في ردع التمدد الإيراني؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
02/08/2019

ترجمة: إسماعيل حسن


اجتازت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية "حتس 3" والمدعومة أمريكياً كافة اختبارات التجارب في ألاسكا الأمريكية، والتي سجّلت نجاحاً تكنولوجياً رادعاً للأعداء بالنسبة لإسرائيل، المشروع المشترك بين أمريكا وإسرائيل والذي استغرق تطويره عدة سنوات، يهدف إلى إنشاء نظام دفاعي جوي ناجح لمواجهة خطر الصواريخ المعادية، التي قد تطلقها إيران عبر الأراضي السورية، حيث بإمكان المنظومة الجديدة القدرة على مواجهة المخاطر من الفضاء، وإسقاطها خارج المجال الجوي للأرض.

مشروع  "حيتس 3" المشترك بين أمريكا وإسرائيل يهدف إلى إنشاء نظام دفاعي جوي ناجح لمواجهة خطر الصواريخ الإيرانية

منظومة الدفاع، التي تفتخر بها قيادة الجيش الإسرائيلي كأحد أهم وسائل الدفاع الجوي، جاءت بعد تطور كبير طرأ على منظومة "حيتس 2"، حيث إنّ الفرق يأتي في أنّ منظومة الجيل الثاني قادرة على اعتراض الصواريخ المعادية ولكنها تسقطها داخل المجال الجوي، أما منظومة الجيل الثالث، فتعمل على تدمير الصواريخ خارج المجال الجوي للكرة الأرضية.
لا شك أنّ نجاح التجارب الصاروخية المتكررة التي عكست نجاحاً علمياً وتكنولوجياً له أهمية إستراتيجية على المستوى الإقليمي، حيث إنّ إجراء التجارب من ألاسكا الأمريكية، يعكس استمرار التزام أمريكا بالمساعدة في الدفاع عن إسرائيل، مع تواصل حالة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في وقت يعطي هذا التعاون، إشارات لطهران بأنّ محاولة المس بإسرائيل بواسطة إطلاق الصواريخ، وهو سيناريو بعيد لا يبدو معقولاً في هذه الأثناء سيصطدم بنظام دفاع فعال.

اقرأ أيضاً: فلسطين تقرر وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل

منظومة الجيل الثالث تعمل على تدمير الصواريخ خارج المجال الجوي للكرة الأرضية
وفي محاولات نجاح التجارب على المنظومة والتأكد من فعاليتها واستجابتها لأي أجسام معادية، تعد هذه هي المرة الثالثة بعد أن تم إطلاق حالتين بشكل منفرد من مدى بعيد وبسرعة عالية. الأمريكيون بدورهم ساهموا بالأرض الواسعة للتجارب وبأجهزة إطلاق أشعة "إكس"، والتي لها نظام موازِ منشور في صحراء النقب، والتي زودت بها أمريكا إسرائيل خلال فترة إدارة بوش، والتي تعمل على كشف الصواريخ وتعقبها.

اقرأ أيضاً: متسلحاً بـ"الحليب والحلوى".. طفل فلسطيني يذهب لتحقيق إسرائيلي
لا يخفى على أحد، خشية إسرائيل من التمدد الإيراني والتغلغل المستمر في سوريا ولبنان، ومؤخراً شمال غربي العراق، فعلى الرغم من مواصلة سلاح الجوي الإسرائيلي قصف وتدمير أهداف ومواقع عسكرية إيرانية داخل سوريا وتبنيها للهجمات، تبقى إسرائيل مهددة في أي لحظة من تلقي ضربات إيرانية على الأرجح من داخل الأراضي السورية، في ظل تأزم الأوضاع في منطقة مضيق هرمز، ومحاولات إيران تعطيل حركة ملاحة البواخر التجارية، فالفرصة مهيأة لضربة أمريكية لإيران، يقابلها رد إيراني عنيف تجاه إسرائيل التي تبذل مجهوداً واسعاً في تطوير منظومة دفاع جوي قادرة على حماية منشأتها ومواطنيها، لذا يمكن أن نفهم الضجة الاحتفالية لجهاز الأمن في وصف نجاح التجربة، ففي كل سلسلة كهذه يتم استثمار جهد ضخم يمتد لشهور كثيرة، لقد مس ذلك السلوك الإعلامي عندما يقوم المستوى السياسي من جهة بنشر رموز عن الإنجاز طوال أيام، ثم تمنع الرقابة العسكرية من جهة أخرى نشر التفاصيل التي أصبح جزء منها معروفاً للمراسلين.

اقرأ أيضاً: هل تنجح السلطة الفلسطينية في وقف الاتفاقيات مع إسرائيل؟
وحول ما إذا كانت هذه التجارب تلعب دوراً رئيسياً بالنسبة لرئيس الحكومة نتنياهو حول دعمه في انتخابات الليكود المقبلة، فليس لها دلائل حول إن كانت دعاية انتخابية، فالتجارب الصاروخية لهذه المنظومة بدأت منذ وقت طويل، وجرى تطويرها بشكل سريع في ظل احتدام الأزمات الإقليمية، فمنظومة القبة الحديدية المنتشرة على غلاف غزة، تعتبرها إسرائيل بأنها فشلت في حماية مواطنيها، فصواريخ حماس والجهاد الإسلامي استطاعت الوصول لعمق تل أبيب رغم انتشار منظومة القبة على كافة مداخل المدن الاسرائيلية. لربما لم تحدث صواريخ غزة أضراراً كبيرة ومؤثرة نظراً لعدم دقة أهدافها وفعاليتها التدميرية، ألا أنّ الصواريخ الباليستية الإيرانية قادرة على إلحاق أضرار بالغة في إسرائيل، لذلك هي بحاجة ماسة إلى مثل هذه المنظومات الدفاعية، أسوة بمنظومة "إس 400" التي أثبتت مدى فعاليتها وتم شراؤها من قبل 13 دولة، كان آخرها تركيا التي تعتبر أول دولة في حلف الناتو تشتري المنظومة من روسيا، وقد حاولت إسرائيل بالشراكة مع أمريكا تطوير جيل مشابه لها.

التجارب الصاروخية لهذه المنظومة بدأت منذ وقت طويل
على صعيد إيران، فإنها تعتمد بشكل كبير على تصنيع الصواريخ الباليستية المحملة بالرؤوس النووية والكيميائية، وذلك لصعوبة تطوير سلاح جوي بفعل التعقيدات التكنولوجية المرتبطة بتطوير الطائرات الهجومية، بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات، نتيجة الحصار المفروض عليها، حيث تمتلك إيران أكبر ترسانة صواريخ باليستية في الشرق الأوسط منها قصير وبعيد المدى، فعلى الرغم من امتلاك إسرائيل كمية من الصواريخ الباليستية الدقيقة والقوية، إلا أنّ إيران تتفوق عليها بشكل كبير في أعداد الصواريخ .

إسرائيل تعتبر نفسها وحيدة في معركة تطهير التمدد الإيراني لذلك تخشى من تحالف من حزب الله شمالاً وحماس جنوباً

المحلل السياسي عاموس هرئيل، أبدى استغرابه من بوتين الذي يتفاخر ويتباهى بصداقته القوية مع نتنياهو، والذي لم يلتزم بتعهده بإبعاد الإيرانيين ومبعوثيهم إلى مسافة 80 كم عند الحدود السورية مع هضبة الجولان، حيث إنّ عناصر حزب الله تنشط بشكل كبير هناك. وحسب التقارير الواردة في وسائل الإعلام العربية، فقد استهدفت الهجمات الأخيرة في هضبة الجولان السورية بنية الإرهاب التي عادت المنظمة إقامتها في المنطقة. أما بالنسبة إلى ترامب ورغم محبته المعلنة لنتنياهو ووقوفه الكامل من أجل إعادة انتخابه، فإن هناك شكاً، فيما إذا كانت القيادة الإسرائيلية تستطيع الاعتماد عليه بصورة كاملة في كل ما يتعلق بالملف الإيراني.

اقرأ أيضاً: هل يكرّر يهود إثيوبيا في إسرائيل تجربة جنوب إفريقيا للتخلّص من العنصرية؟
اللافت في الأمر، أنّ نتنياهو بات يبدي تخوفه من استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم وانشغال العالم بقضية مضيق هرمز، والتي قد تفضي إلى مفاوضات قريبة لحل المشاكل العالقة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
إيران تحارب على الأصعدة كافة، وتتمدد في سوريا والعراق بهدف تشكيل محور مقاومة يهدد أمن إسرائيل. وما يثير القلق إبرام ترامب صفقة جديدة مع إيران، تهدف إلى وقف تطوير برنامجها النووي وتلزم أمريكا إسرائيل بالموافقة على ذلك، وهذا ما يجعل إسرائيل غير قادرة على توجيه مزيد من الضربات ضد التحصينات الإيرانية، وتصبح ملزمة بمخرجات الاتفاق إن حصل، وفي ذلك تواصل إيران في أعقاب الاتفاق إعادة تنظيم قواعدها العسكرية سواء في سوريا أو لبنان.

المسافة بين إيران وإسرائيل تتراوح ما بين 1500 – 2200 كيلومتر
فعلى الرغم من نجاح تلك المنظومة الدفاعية، التي أعدتها إسرائيل وأمريكا، فإنّ كلاً من الطرفين غير معنيين في فتح مواجهة عسكرية مع إيران لأسباب عدة منها، على صعيد المسافة بين إيران وإسرائيل فتتراوح ما بين 1500 – 2200 كيلومتر، وإيران تمتلك صواريخ باليستية تصل إلى 3000 كيلومتر بذلك تكون سائر المدن الإسرائيلية في مرمى صواريخ إيران، إضافة إلى القواعد الأمريكية في الخليج العربي، فهي الأخرى معرضة لهجمات إيرانية. وفي ظل ضعف سلاح إيران الجوي، تبقى الصواريخ الباليستية أهم أدوات طهران في تحقيق الضربات بعيدة المدى، والتي تشكل قوة ردع موازية، خاصة مع إدخال إسرائيل أسطول سلاحها الجوي الجديد F35 ، حيث اعترفت بتنفيذها هجمات على معاقل إيران الإرهابية شمال غرب العراق قبل 10 أيام، وهذه هي المرة الثانية التي تشن فيها إسرائيل هجمات بهذا النوع من سلاح الطائرات على مخازن للأسلحة في إحدى معسكرات إيران، فإسرائيل تعتبر نفسها وحيدة في معركة تطهير التمدد الإيراني، لذلك تخشى من تحالف إقليمي تدعمه إيران مكون من حزب الله شمالاً وحماس جنوباً، وجل هذه الحركات باتت تستخدم صواريخ مصنعة إيرانياً، فعلى الرغم من الحصار الخانق الذى تعانيه عناصر حماس والجهاد في قطاع غزة، إلا أنها حصلت على دفعات كبيرة من صواريخ " فجر5 "الإيرانية، بالإضافة إلى الصواريخ الموجهة الكورنيت، وهذا يجعل من تطوير منظومة "حيتس 3"، أمراً مهماً بالنسبة لإسرائيل التي تنتظر في أي وقت، هجوماً معادياً وعنيفاً، سواء من الجنوب أو الشمال، والذي قد يُعطى بأوامر من الحرس الثوري الإيراني.


المصدر: صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية