بريت ستيفنز
منذ قيامها قبل 40 عاماً، تمتعت «جمهورية إيران الإسلامية» بحسن ظن مراقبين غربيين من أصحاب الضمائر الحية. لكن التاريخ لا يمكن أن يكون لطيفاً مع تعاطفهم. ففي 16 فبراير 1979، كتب الأستاذ بجامعة برينستون «ريتشارد فوك» في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز»، يقول: «وبعد أن خلقت نموذجاً جديداً للثورة الشعبية يقوم عموماً على أساليب غير عنيفة، فإن إيران قد تقدم نموذجاً ثمة حاجة كبيرة إليه في الحكامة الإنسانية بالنسبة لبلدان العالم الثالث»!
غير أنه بينما كانت النوايا الحسنة تتدفق في اتجاه إيران، كانت الأعمال الخبيثة تخرج منها. ففي عام 2015، أعدمت نحو ألف شخص، أي ضعف العدد المعلن عام 2010. وخارجياً، وليس في الشرق الأوسط فقط، تواصل إيران ووكلاؤها التخطيط للعنف. ففي الصيف الماضي أُحبطت محاولة إيرانية لتفجير اجتماع فصيل إيراني معارض بالقرب من باريس. وفي أكتوبر الماضي استدعت كوبنهاغن سفيرها لدى طهران بعد إحباط محاولة اغتيال إيرانية أخرى في الدنمارك. وفي يناير الماضي، حظرت ألمانيا شركة «ماهان إير» الإيرانية بسبب دورها في نقل أسلحة ومقاتلين لسوريا. كما اتهم مسؤولو الاستخبارات الألمانية إيران بالسعي لاكتساب مواد ذرية في 2016، بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ.
الأمر يتعلق ببلدان ترغب في علاقات أحسن مع إيران، وقد سعت جاهدة لتشق بنفسها مساراً مستقلاً عن إدارة ترامب. لكن سلوك طهران يكذّب الادعاء بأنها تقابل المصالحة بمصالحة، بل تقابل المصالحة بالازدراء.
إن سياسة ترامب الخارجية تتميز ببعض الفوضى، لكن الحقيقة أنه فيما عدا خطأ الإعلان عن سحب القوات الأميركية من سوريا، فإن سياسته تجاه إيران كانت صائبة عموماً. فانسحابه من الاتفاق النووي لم يدفع إيران إلى استئناف برنامجها النووي. ونبرته القوية والصارمة كانت على الأرجح وراء الانخفاض الحاد في الاستفزاز الإيراني بسفن البحرية الأميركية في الخليج. كما أن استئناف العقوبات وضع إيران تحت ضغط اقتصادي كبير.
إن الهدف الرئيسي للسياسة الغربية لا يمكن أن يكون استرضاء إيران حتى تقدّم تنازلات جزئية ومؤقتة بشأن برنامجها النووي، بل يجب أن يكون وضع حد لـ40 عاماً من الظلام الفارسي. هذا لا ينبغي أن يكون حملة عسكرية، ولكن يمكن أن يكون حملة من الضغط الاقتصادي، لوضع قادة إيران أمام اختيار أساسي بين طموحاتهم الأيديولوجية واحتياجات شعبهم. ويمكن أن يكون حملة من الضغط الدبلوماسي، لإظهار أن النظام الذي يزدري قواعد البلدان المتحضرة بشكل روتيني لا يمكن أن يكون عضواً مقبولاً في المجتمع الدولي. كما يمكن أن يكون حملة استخباراتية، لمواصلة فضح وإحباط الجهود الإيرانية الرامية لاكتساب أسلحة استراتيجية ونشرها.
والأهم من ذلك كله، ينبغي أن يكون حملة من أجل حقوق الإنسان. وهنا يفترض ألا يجد الليبراليون والتقدميون صعوبة في الانضمام إلى المحافظين في الانتصار لحقوق النساء في إيران. كما يفترض ألا يجد الليبراليون والمحافظون صعوبة في لفت الانتباه إلى محنة السجناء السياسيين في إيران، تماما مثلما تعبأ الجانبان ذات مرة لصالح السجناء السياسيين في الاتحاد السوفييتي أو الصين أو جنوب أفريقيا. والآن يمكن القيام بذلك مجدداً، فيما لا يزال هناك الكثيرون في الظلام.
عن "الاتحاد" الإماراتية