زياد الأشقر
ألقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأربعاء خطابه الرئيسي الأول عالمياً منذ انتخابه عام 2021، عندما خاطب الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة حضورياً في نيويورك.
وركز رئيسي على التنديد بـ"المعايير المزدوجة" التي تمارس ضد إيران مهاجماً الإنسحاب الأمريكي الآحادي عام 2018 من الإتفاق النووي لعام 2015. لكن ما لم يذكره رئيسي في خطابه كان الاحتجاجات الجارية في إيران منذ أسبوع، والتي تشكل المرحلة الأكثر اضطراباً في إيران خلال السنوات الأخيرة.
وكانت الشرارة لإندلاع هذه التظاهرات، وفاة الفتاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً بعدما اعتقلتها "شرطة الأخلاق" بتهمة انتهاكها قانون الحجاب في إيران، الذي يتطلب من النساء تغطية رؤوسهن. وتقول عائلة أميني أنها تعرضت للضرب وعانت من جرح بليغ في الرأس خلال وجودها في الحجز. وينفي المسؤولون ووسائل الإعلام الإيرانية هذه الرواية، ويزعمون أن أميني تعرضت لأزمة قلبية تسببت لها بغيبوبة.
وكان رد فعل الجمهور سريعاً وواسعاً. وعمدت نساء كثيرات إلى قص شعرهن أو خلع الحجاب الإلزامي وإلقائه في بعض الحالات في النار. وسارع المحتجون إلى الدعوة إلى إسقاط النظام ووضع حد للجمهورية الإسلامية. وقالت منظمات حقوق الإنسان التي تابعت الاحتجاجات الجارية أن عشرات القتلى سقطوا حتى الآن. وردت الحكومة الإيرانية على الاضطرابات بتقييد الوصول إلى الإنترنت ومنصات وسائل التواصل الإجتماعي، لكن مع ذلك، انتشرت تسجيلات مصورة عن التظاهرات.
الاضطرابات مألوفة في إيران
وكتبت المحررة في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية بليزي مالي أن الاضطرابات أمر مألوف في إيران. وخلال السنوات الماضية، اندلعت احتجاجات كنتيجة لاعدمم العدالة الاقتصادية وارتفاع التضخم أو شح المياه. كما أن الاستياء الشعبي يتفجر في إيران عادة عقب الإنتخابات الرئاسية.
وفي 2009، تحدى المتظاهرون نتائج الانتخابات الرئاسية التي أعلن فيها فوز محمود أحمدي نجاد وسط اتهامات بالتزوير وعدم النزاهة، من قبل ما بات يعرف بالحركة الخضراء. وقوبلت الاحتجاجات السابقة بالقمع العنيف من الحكومة. وتحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية في 2020 بالتفصيل عن وفاة أكثر من 300 رجل وامرأة وطفل على أيدي قوات الأمن الإيرانية في أسبوع واحد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. لكن وكالة رويترز أفادت بمقتل 1500 شخص عامذاك.
وهناك رأي سائد في أوساط مراقبين للشؤون الإيرانية يفيد بأن الجولة الأخيرة من الاحتجاجات الأسبوع الماضي، ربما تكون ذات أهمية أكبر من أي شيء حدث مؤخراً.
4 ميزات لهذه الاحتجاجات
وكتب مساعد أستاذ الدراسات الاجتماعية والدولية في كلية بوسطن علي قاضيفار في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن "الموجة الحالية من الاحتجاجات تتسم بشجاعة الاحتجاجات السابقة... لكنها تتجاوزها بطرق معينة". وعدد أربعة عوامل تميز هذه الإحتجاجات وهي إن النساء هن اللواتي يقدن هذه الاحتجاجات، وإن إيرانيين بارزين يعبرون عن آرائهم في مختلف أنحاء البلاد، كما أن الكثير من الإيرانيين الذين لم يشاركوا فعلياً في التظاهرات أعربوا عن تضامنهم مع النساء ومع طالبات الجامعات، فضلاً عن أن التظاهرات كانت عابرة للانقسامات العرقية.
الحد الأقصى للقمع
وفي الوقت الذي يسود شعور في أوساط المراقبين للشؤون الإيرانية، بأن هذه الجولة من الاحتجاجات مختلفة عن سابقاتها في هذا القرن، فإن ثمة خوفاً من أن السلطات لم تظهر الحد الأقصى للقمع العنيف، الذي اعتادت ممارسته ضد المحتجين.
وخلص الكاتب إلى ان هذه التظاهرات تأتي في وقت محوري بالنسبة إلى إيران، مع ورود تقارير تفيد بأن مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي مريض (على رغم أن مصادر قريبة من المرشد نفت هذه التقارير، فضلاً عن ظهور خامنئي في مناسبتين عامتين). والخطط الإيرانية لخلافته ليست واضحة، وكذلك بالنسبة إلى المفاوضات لإحياء الإتفاق النووي، الذي سيكون له تأثير كبير على مسار البلاد.
عن موقع "24"