3 أكاذيب.. نائب مرشد الإخوان يناور والتاريخ يفضحه

3 أكاذيب.. نائب مرشد الإخوان يناور والتاريخ يفضحه


31/07/2022

طارق أبو السعد

وكأن الجماعة تنسى تاريخها وسجلها الممتد من كسر التعهدات والانسلاخ من القواعد، إذ تخرج بين الحين والآخر بأكاذيب متكررة لخداع الناس.

وبعد غياب عن الإعلام دام قرابة 6 أشهر، عاد نائب مرشد الإخوان والقائم بأعماله إبراهيم منير، المقيم في لندن، إلى الواجهة الإعلامية عبر تصريحات تعج بالأكاذيب والمغالطات.

ونشرت صباح أمس وكالة رويترز نص تصريحات القائم بأعمال مرشد الإخوان الإرهابية، والتي دارت حول دور الجماعة في المستقبل.

وأكد منير أن دور الجماعة لن يتجاوز دورها العمل الخيري والدعوي، دون الدخول في صراع على السلطة مع أي أحد، سواء التنافس والصراع على الحكم، أو مع الأحزاب في التنافس الانتخابي البرلماني.

وتابع أن العنف ليس من فكر الجماعة طوال تاريخها، وأقر منير بأن الجماعة عانت انقسامات داخلية حول كيفية التعامل مع الأزمة.

ويشير منير إلى أزمة تعصف بجماعة الإخوان مع انقسامها إلى جبهتين رئيسيتين واحدة بقيادته وأخرى بقيادة الأمين العام السابق في التنظيم محمود حسين.

وترفض جبهة حسين الاعتراف بشرعية منير وقراراته، بعد أن أصدرت من مجلس شورى الجماعة قرارا بإقالته من المنصب.

كما أوضح منير أن اختيار مرشد جديد للإخوان سيتم "عندما يستقر الوضع"، ثم عرج على الحوار الوطني الدائر بين ممثلي الأحزاب والحكومة المصرية، مدعياً أن هذا الحوار لن يكون مفيداً ولا أهمية له، في ظل غياب الإخوان عنه، وعدم دعوتهم للمشاركة فيه. 

دلالة التوقيت

ويشير توقيت التصريح وتزامنه مع فعاليات الحوار الوطني، إلى بدء تنفيذ الإخوان بنود المصالحة التي يتحدثون عنها، على أنفسهم، ومن جانب واحد دون انتظار موافقة الدولة المصرية.

وتشمل هذه البنود، الابتعاد عن المنافسة السياسية بأي شكل سواء في الانتخابات الرئاسية أو الانتخابات البرلمانية أو حتى المحليات والانكفاء على العمل الخيري والدعوي والثقافي، على أمل أن تسمح الدولة لهم ببعض الامتيازات للمسجونين، أوتخفيف العقوبات أو الحصول على عفو رئاسي لبعض القيادات الوسطى.

لكن هذه المناورة الإخوانية الفاشلة لا يمكن فهمها إلا في إطار تاريخ الجماعة وما روجت له من أكاذيب في الفترات المختلفة، وتنصلها المستمر من العهود والاتفاقات والقواعد.

سيل الأكاذيب

وتحمل تصريحات منير العديد من أكاذيب الإخوان التي روجتها على مدار تاريخها، أولها أكذوبة أنها جماعة سلمية، وأن العنف خارج فكرها، والحقيقة أن العنف قرين الجماعة وقرين أفكار مؤسسها حسن البنا.

فالبنا قال عن جماعته "نحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو هيئة لا تستجيب لدعوتنا.. وسنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق". كما قال أيضا "إننا نعلن في وضوح وصراحة أن كل مسلم لا يؤمن بهذا المنهج ولا يعمل لتحقيقه لا حظ له في الإسلام".

مؤسس الإخوان الإرهابية قال في رسالة المؤتمر الخامس للجماعة: "سيستخدم الإخوان القوة حين لا يجدي غيرها"، ثم يؤكدها بقوله "وعندما يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء ينذرون أولاً".

وهناك أيضا إشارات أخرى للعنف مدسوسة في فكر البنا، فهل يمكن للجماعة أن تتخلى عن فكر مؤسسها؟ الإجابة بالتأكيد لا، فهي لا يمكنها ذلك وإلا أصبحت جماعة أخرى، وهذه الحقيقة أكدها سعيد حوى في كتابه "في آفاق التعاليم"، عندما قال "لن تستطيع الحركة الإسلامية ولا في طور من أطوارها سواءٌ قبل الدولة أو بعدها أو في السياسة الداخلية أو في السياسة الخارجية للدولة الإسلامية أو في التربية أو في التكوين أو في الاستراتيجية والحركة أن تستغني عن فكر الأستاذ (البنا)".

وتابع "ولئن كان (البنا) بمجموع ما حباه الله -عز وجل- هو المرشح الوحيد لأن يطرح نظريات العمل الإسلامي، فالدعوة التي أقامها تركيبٌ ذو نِسب معينة، فمتى اختلفت هذه النِّسب حدث الفساد!!".

وتعني هذه الكلمات أن أنصار الإخوان لا يرون الجماعة بدون فكر البنا، والأخير شجع ومهد ونظر للعنف كأداة رئيسية من أدوات الجماعة، وبالتالي فإن تصريحات منير أكذوبة لا أساس لها.

التطبيق سيد الأدلة 

وبخلاف الفكر، فإن أنشطة الإخوان تاريخيا تعج باستخدام العنف، إذ قامت في حقب مختلفة بممارسة العنف في شتى صوره من اللفظي إلى الاعتداء باليد أو العصي، وبالرصاص الحي، والتفجيرات، والقنابل الحارقة أوالخارقة والمميتة.

كل تلك الممارسات تمت في كل العصور وفي عهود كل مرشدي الجماعة ومثبتة باعترافاتهم والأدلة الدامغة ولا مجال لإنكارها، لكن منير لا يريد أن يعترف بذلك.

بل يروج منير كذبا إلى أن الإخوان جماعة بريئة وطاهرة، وأنها لم تمارس عنفاً ولم تطلق رصاصاً، ولم تحاول تقسيم البلاد بمعسكر "رابعة" المسلح، وأنها لم تهاجم الحرس الجمهوري بمتظاهريها، ولم تهاجم المنشآت العسكرية ولم تحرض على الضباط والجنود، ولم تقتل أو تحاول اغتيال شخصيات عامة بالوطن، وفق مراقبين.

وفي أعقاب مظاهرات حاشدة بمصر في 30 يونيو/حزيران 2013 نظمت الجماعة اعتصاما مسلحا في ميدان رابعة العدوية شرق القاهرة، كما سيرت منه مظاهرات إلى مقرات عسكرية وهاجمت منشآت للقوات المسلحة. 

الكذبة الثانية

وزعم "منير" أن الجماعة لا تزال تمتلك شعبية مؤثرة، وهو أمر يكذبه الواقع؛ فحجم الرفض الشعبي للإخوان يعد أمرا غير مسبوق في تاريخ الجماعة، والتي تعرضت من قبل للعديد من الصعاب مع الحكومات المختلفة وكان الشعب هو ركيزتها الدائمة للعودة.

أما اليوم، فخلاف الإخوان مع الشعب، والجماهير لن تنسى اتهام الإخوان لها بأنهم "عبيد البيادة"، وأنهم "شعب يعبد جلاده وأنهم يكرهون الحرية"، لهذا يحاول منير أن يدعي أن للجماعة أنصارها ومؤيديها، على خلاف الواقع.

وفي الواقع، لا يصدق الإخوان وعلى رأسهم قادتهم أن الشعب هو من أسقط شرعيتهم وأسقط شعبيتهم وطردهم من الحكم منذ تسع سنوات، وهو الرافض لوجودهم اليوم.

الكذبة الثالثة

لكن الرسالة الواضحة في التصريحات هي ترويج الإخوان إلى أنها تصبو فقط إلى وقف الملاحقات الأمنية، وتخفيف المتابعة لقياداتهم التربوية والتنظيمية، وتوقف الحملات الدعائية ضدهم، وعدم تذكير الناس بجرائمهم وباعترافاتهم وبخطابهم من على منصة رابعة، على أمل أن ينسى المصريون والعرب ما اقترفته الجماعة.

وفي سبيل ذلك، تعرض الجماعة التوقف تكتيكياً عن المنافسة الحزبية والسياسية وعدم التدخل في الانتخابات لا بالترشح أو التوجيه، وكلها أمل أن يعتبرها المجتمع المصري معارضة سياسية لها ما لها وعليها ما عليها، ثم بعد فترة كافية تعود الجماعة إلى سيرتها الأولى من ممارسة العنف أو التحريض عليه، والتكفير. 

واتبعت الجماعة هذه الاستراتيجية دائما، ونجحت مع البنا في بدايته، إذ أعلن الأخير في أول لائحة للإخوان أن الجمعية مهتمة بناء المساجد، وأنها لا تعمل بالسياسة، ثم بعد أن اشتد ساعده وقوي تنظيمه، أعلن أن أساس عمل جمعيته هو السياسة، والعمل على انتزاع أدوات الحكم من الحكومات التي لا تطبق شرع الله.

وعندما أراد الإخوان البدء من جديد في مرحلة التأسيس الثاني بسبعينيات القرن العشرين عقدوا مصالحة مع الدولة المصرية، مدعين أنهم دعاة لا قضاة، وأن مهمتهم هي التربية على القيم والأخلاق، وبعد أن اشتد ساعدهم تبين أن كل وعودهم كاذبة، وأن السلمية قناع خداع يخفي الإرهاب والعنف.

انتصار داخلي؟

لكن هناك قراءة أخرى للمشهد، إذ يفسر البعض التناول الإعلامي لتصريحات منير على أنه إعلان انتصار لجبهة لندن بقادة إبراهيم منير، وبداية مرحلة جديدة في الإخوان، فخروج نائب المرشد للإعلام العالمي والإشارة الخفيفة إلى الانشقاق الواقع بين صفوف الجماعة، تعني أن الأمور قد استتبت له.

وتحدث منير عن مستقبل الجماعة باعتباره الممثل الوحيد والشرعي عنها.

ويعيش الإخوان حالة انشطار غير مسبوقة بين قيادات قديمة حسمت موقفها لصالح منير القائم بأعمال مرشد الجماعة، مقابل تصعيد جبهة الأمين العام السابق محمود حسين المواجهة، بإعلان عزل القائم بأعمال المرشد عبر مجلس شورى مطعون في شرعية قراراته.

فيما يطالب قسم ثالث من الإخوان وبينهم الشباب بالإطاحة بقيادات الجبهتين.

عن "العين" الإخبارية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية