تحتل الخرافة مكانة كبيرة في نفوس الناس عبر العصور، وتتركز بشكل كبير في إطار ديني يصبغ الخرافة بصبغة مقدسة، لتتوارث بين الناس وتصير حقائق في أنظارهم، والخرافات تتواجد في كل الثقافات والمعتقدات والأديان على حد سواء.
لكن تبقى الخرافات الباقية التي دحضها العلم مثار سخرية في العصر الحديث، وهو ما يدفعنا لاستعراض بعض المرويات التي ترد في الموروث الشيعي، والتي رصدت "حفريات" عشراً منها:
أولاً- أكل البطيخ
"عَنِ الرِّضَا قَالَ الْبِطِّيخُ عَلَى الرِّيقِ يُورِثُ الْفَالِجَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ"(الكافي6/361). حديث أورده الكليني في كتابه الكافي، وهو المصدر الأهم من بين أربعة مصادر في الفقه الشيعي، والفالج في اللغة هو مرض الشق، والمعروف بالشلل النصفي، وهو أحد الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي نتيجة عوامل وراثية، أو أورام عصبية أو في المخ، أو السكتات الدماغية المفاجأة، ويمكن أن يحدث عن طريق الصدمات العصبية الشديدة.
هناك اعتقاد في الموروث الشيعي بأنّ أكل البطيخ على الريق يسبّب الفالج وهو مرض الشق المعروف بالشلل النصفي
بيد أنّ ثمرة البطيخ تعتبر واحدة من أغنى مصادر الفيتامينات ومضادات الأكسدة خاصة في فصل الصيف، حيث إنّ 90% من تكوين الثمرة هو الماء، 10% من السكر، وهذا المزيج الطبيعي بين الماء والسكر يحتوي عدة فيتامينات مهمة للجسم (Ag,C)، ويعزز قدرة المناعة والقولون والمستقيم، ويمنح الجسم احتياجاته من الماء اللازم للحفاظ على درجات حرارته الداخلية. كما تعد جزيئات النبات المضادة للأكسدة إحدى طرق الوقاية من السرطان.
ثانياً- أكل الفجل يزيد العقل
رويّ عن أبي الحسن أنه قال «كلوا السداب فإنه يزيد في العقل» (الكافي6/367) (والسداب هو الفيجن). المعروف حالياً باسم (نبات الفجل)، وهو نبات عشبي معمر يتراوح طوله بين 50-100 سم. له ساق متخشب وأفرع تحمل أوراقاً كثة ذات لون أخضر يميل إلى الازرقاق، يعتقد الشيعة أنه يزيد من معدلات الذكاء، وفي مقولة أخرى للحديث "كلوا السداب لتخرج عقولكم من السرداب".
للفجل، بلا ريب، فوائد كثيرة لا صلة لها بالعقل، فقد أثبت الطب أنّ لهذا النبات تأثيراً مباشراً في علاج أمراض الدم، والجهاز الهضمي بشكل فعال، وكذلك يعمل على طرد الديدان من الأمعاء الدقيقة، وعلاج عدة أمراض في الجهاز الهضمي، حيث يدخل النبات كمادة فعاّلة في العديد من العقارات المستحدثة.
ثالثاً- استعمال السواك
"وَيُكْرَهُ السِّوَاكُ فِى الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ يُورِثُ وَبَاءَ الْأَسْنَانِ" (من لا يحضره الفقيه1/53). ومن المعروف أنّ السواك في عقائد المسلمين، سنة متواترة عن النبي محمد، صلي الله عليه وسلم، ولكن في فقه الشيعة يعتقدون أن استخدامه في موضع معين يورّث مرض الأسنان، وهو بالفعل ما بدّدته الأدلة الطبية الحديثة.
ونشرت مجلة natural living ideas)) دراسة تذكر فيها عدة فوائد طبية تتحقق باستخدام المسواك، مثل مكافحة التسوس والقضاء على بكتيريا الفم المتسببة في أمراض الدم، وإعادة بناء طبقة مينا الأسنان، والمسواك هو نبتة طبيعية مأخوذة من خشب شجر الآراك وهي شجرة دائمة الخضرة وتوجد بكثرة في أرض الحجاز.
رابعا- لزوم الحمام يورث السل
عن أبي الحسن الرضا قال « وَإِيَّاكَ أَنْ تُدْمِنَهُ فَإِنَّ إِدْمَانَهُ يُورِثُ السِّلَّ» (الكافي6/497). وعلى الرغم من الفوائد المعروفة علمياً من دخول الحمام، سواء للاغتسال أو الطهارة، فإن حبس عملية الإخراج يضر بالأمعاء والجهاز الهضمي بشكل عام، ولا ترتبط بأي شكل مع مرض السل أو الدرن الذي تتسبب به عدوى فطرية تنتقل إلى الرئة عن طريق استنشاق رذاذ شخص مصاب بالعدوى، وتنتقل إلى الرئة مباشرة، متسببة في هلاك الشخص بعد فترة معينة من المرض، وفي القرن الحادي والعشرين أصبح المرض تحت السيطرة من قبل خبراء اللقاحات، الذين صمموا لقاحاً للأطفال في سن مبكرة للوقاية من الدرن.
خامساً- الشبع يولد البرص
"عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ الْأَكْلُ عَلَى الشِّبَعِ يُورِثُ الْبَرَصَ" (الكافي6/269). لا شكّ في أنّ الإفراط في الطعام هو أصل كل داء، وهو ما أثبته الأطباء منذ العصور الوسطى، إلّا أنّ تلك الأضرار لا علاقة لها بمرض البرص، الذي يُصنف من قبل منظمة الصحة العالمية كأحد الأمراض الوراثية، والذي يحدث نتيجة لعدم وجود ما يكفي من صبغة الميلانين التي تحمي الجسم من أضرار الأشعة فوق البنفسجية، الصادرة الشمس، لهذا فمصابو البرص لا يتعرضون للشمس نتيجة الحساسية المفرطة والتقرحات التي تصيب الجلد والعين نتيجة هذا المرض.
سادساً- الطائر الخارج من المنخر
عن أبي عبد الله قال "من عطس ثم وضع يده على قصبة أنفه ثم قال: الحمد لله رب العالمين الحمد لله حمداً كثيراً كما هو أهله وصلى الله على محمد النبي الأمي وآله وسلم: خرج من منخره الأيسر طائر أصغر من الجراد وأكبر من الذباب حتى يسير تحت العرش يستغفر الله له إلى يوم القيامة" (الكافي 2/481). عملية العطس تحدث لكل البشر كعملية بيولوجية بحتة ناتجة عن تهيج الأنف من وجود جراثيم يحاول الجسم طردها، وهو ما يحدث في عملية العطس التي تدفع بما يقارب ألف جرثومة في العطسة الواحدة، وهذا ينتج من أسباب شتى كالتعرض لأشعة الشمس القوية، أو روائح نفاذة تؤثر على جيوب الأنفية، أو التعرض لحبوب اللقاح في فصل الربيع.
اقرأ أيضاً: الباطنية في الإسلام وصِلاتها بين الشيعة والسنّة
إلّا أنّ تغطية الفم أثناء عملية العطس أمر مهم، حيث تنتقل العدوى الجرثومية عن طريق رذاذ الأنف عبر الهواء، إلى أشخاص آخرين، وربما يتهاون البعض في هذا الأمر، لكن طبقاً لدراسات عديدة بالدوريات العلمية، يمكن أن يتسبب العطس بالإصابة بما يزيد عن 100 عددوى جرثومية، وينتقل في الهواء لمسافة 8 أمتار، وهي الطريقة المثلى للإصابة بالأمراض.
سابعاً- أكل التراب شفاء من كل داء
عن أبي الحسن قال "كُلُّ طِينٍ حَرَامٌ مِثْلُ الْمَيْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ إلا طِينَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ لَكِنْ لا يُكْثَرُ مِنْهُ وَفِيهِ أَمَانٌ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ" (الكافي3/378). استفاض بعض أئمة الشيعة في ذكر فوائد أكل طين تربة الحسين، وعلى رأسهم صاحب البحار الذي ذكر ثلاثاً وثمانين رواية تتضمن فضل تربة الحسين وآدابها وأحكامها، وأنّ هذه التربة هي مصدر الشفاء من كل داء، فيحج إليها المرضى، والمكلومون للإاستشفاء مما أصابهم، دون إعمال العقل فيما يفعلون.
ثامناً- الأكل من فخار مصر يورث الدياثة
عَنْ أَبِى الْحَسَنِ الرِّضَا قَالَ "سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَذَكَرَ مِصْرَ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلّى الله عليه وسلم لَا تَأْكُلُوا فِى فَخَّارِهَا وَ لَا تَغْسِلُوا رُؤُوسَكُمْ بِطِينِهَا فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْغَيْرَةِ وَيُورِثُ الدِّيَاثَةَ" (الكافي6/386 و501).
نقم الشيعة على مصر، فنجدها حاضرة في كتبهم بأبشع الأوصاف:"بئس البلاد مصر، ومائها، وفخارها، وطعامها" وبنيت تلك الأسطورة كما في روايات أخرى، من أخبار بني اسرائيل الذين حُكم عليهم بالذل والتيه أربعين عاماً، فنظر الشيعة إلى مصر نظرة احتقار وامتنعوا عن ماء نيلها الذي ذكر في كتبهم بأنّه يميت القلوب، وطعامها يزهق الأرواح.
تاسعاً- أكل الجبن عند أول كل شهر يقضي الحوائج
"روي أنّ من يعتد أكل الجبن رأس الشهر أوشك أن لا تُردّ له حاجة" (مفاتيح الجنان366).
ومن الروايات الأخرى في شأن الجبن ما رواه الكليني عن الصادق قال: "إنّ الجبن والجوز إذا اجتمعا كانا دواء، وإذا افترقا كانا داءً". (الكافي للكليني ج6 ص340).
أمّا إذا أُكل الجبن بلا جوز فإنّه محرم لدى الشيعة، ومنها ما رواه أيضاً أنّ رجلاً سأل الصادق عن الجبن فقال: "داءٌ لا دواء له. فلمّا كان بالعَشِيِّ دخل الرجل على أبي عبد الله فنظر إلى الجبن على الخوان! فقال: جُعلت فداك؛ سألتك بالغداة عن الجبن فقلت لي: إنه هو الداء الذي لا دواء له، والساعة أراه على الخوان؟ فقال: هو ضارٌ بالغداة، نافع بالعشيِّ، ويزيد في ماء الظهر". (المصدر نفسه).
عاشراً- ما يعمل على النسيان
"وليدمن أكل الزبيب على الريق، وليجتنب ما يورث النسيان، وهو أكل التفاح الحامض والكزبرة الخضراء، والجبن، والبول في الماء الواقف، والمشي بين امرأتين، وإلقاء القملة الحية على الأرض، والنظر إلى المصلوب والمرور بين القطار على الجمل" (من كتاب الكافي ملحق بمفاتيح الجنان ص802).
نقم الشيعة على مصر فنجدها حاضرة في كتبهم بأبشع الأوصاف: "بئس البلاد مصر، ومائها، وفخارها، وطعامها"
قال الكليني "عن أبي الحسن قال: أكل التفاح والكزبرة يورث النسيان" (الكافي6/366).
وعلى الرغم من وصول الأدلة العلمية إلى حقائق بشأن الفوائد الصحية التي تعود على جسم الإنسان من أكل النباتات مثل؛ التفاح والخضراوات، إلّا أنّ لدى بعض أعلام الفقه الشيعي نظرة مغايرة على قناعة راسخة بأنّ تلك النباتات تورث النسيان!