وزير الريّ المصري الأسبق لـ "حفريات": كارثة إذا أجبرتنا إثيوبيا على شراء المياه

وزير الريّ المصري الأسبق لـ "حفريات": كارثة إذا أجبرتنا إثيوبيا على شراء المياه


13/07/2020

أجرى الحوار: حامد فتحي

تشغل قضية مفاوضات سدّ النهضة الشعب المصري، في ظلّ عدم إحراز تقدم في جولات المفاوضات المتعدّدة، وآخرها أمس الأحد، إذ دخل وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا،  اليوم العاشر من جولة المفاوضات الجديدة لحل الخلافات العالقة بشأن سد النهضة الإثيوبي.

تتمحور الخلافات حول قواعد ملء السد والتشغيل، والآلية القانونية لفضّ النزاعات التي تنشأ عن تشغيل السدّ، وعن ذلك تتفرع عدة نقاط فرعية، هي كيفية إدارة عملية الملء بشكل سنوي

وقالت وسائل إعلام مصرية، إنّ خبراء الدول الثلاث يواصلون بحث سبل حل القضايا العالقة بشقيها الفني والقانوني، والتي تشمل المعالجات التى يمكن اتباعها أثناء فترات الجفاف الممتد، وطريقة إعادة الملء لبحيرة السد.

وتدور المفاوضات بين اللجان الفنية والقانونية من مصر والسودان وإثيوبيا، برعاية رئاسة هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، برئاسة جنوب أفريقيا، ومشاركة مراقبين من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وجنوب أفريقيا، وممثلين عن مكتب الاتحاد الأفريقي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، والخبراء القانونيين من مكتب الاتحاد.

وجاءت هذه الجولات بعد الوساطة الأفريقية، في 26 حزيران (يونيو)، بمشاركة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء السودان، عبد الله حمدوك، ونظيره الأثيوبي آبي أحمد.

وكان اجتماع مجلس الأمن حول الأزمة قد حثّ الدول الثلاث على استئناف المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، بحضور المراقبين الدوليين المنخرطين في الملف.

وللوقوف على حقيقة هذا الملف الشائك، ومتابعة مستجدات المفاوضات، والنقاط العالقة بين الأطراف الثلاثة، كان لـ "حفريات" لقاء مع الأستاذ الدكتور محمود أبو زيد، وزير الموارد المائية والريّ المصري الأسبق، ورئيس المجلس العربي للمياه، الذي توقع أن تحدث مشكلة كبيرة إذا ساومت إثيوبيا مصر على حصتها المائية بإجبارها على شراء المياه.

 هنا نصّ الحوار:

حدّثنا عن تصريحات رئيس الوزراء الأثيوبي الأخيرة عن ملء السدّ هذا الشهر، رغم الاتفاق السابق على عدم اتخاذ إجراءات أحادية قبل التوصل لاتفاق؟

حديث أبي أحمد لا يعني الشروع في الملء دون اتفاق، وربما يكون للاستهلاك المحلي أو للضغط على المفاوضين للتسريع بحلّ النقاط العالقة، وعلينا أنّ ننتظر نتائج هذه الجولة التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، ويراقبها مشاركون دوليون.

توقع أبو زيد أن تحدث مشكلة كبيرة إذا ساومت إثيوبيا مصر على حصتها المائية بإجبارها على شراء المياه

ما هي نقاط الخلاف الجوهرية بين الدول الثلاث؟

تتمحور الخلافات حول قواعد الملء والتشغيل، والآلية القانونية لفضّ النزاعات التي تنشأ عن تشغيل السدّ، وعن ذلك تتفرع عدة نقاط فرعية، هي: كيفية إدارة عملية الملء بشكل سنوي، وتريد مصر والسودان ربط الملء بحجم الفيضان الناتج عن سقوط الأمطار على هضاب الحبشة في الصيف؛ فإذا كان الفيضان عالياً لن تحدث مشكلة في تخزين جزء كبير من المياه، مع الحفاظ على حصَّتي مصر والسودان، علماً بأنّ متوسط تصريف النيل الأزرق من المياه نحو دولتَي المصب 50 مليار متر مكعب سنوياً، بشكل تقريبي، أمّا إذا كان الفيضان منخفضاً فيجب تقليل التخزين والسماح بعبور حصص عادلة لمصر والسودان، وهي نقطة لم يٌتفق عليها.

محمود أبو زيد: الموقف السوداني الآن إيجابي جداً، وينسّق بشكل تامّ مع مصر، للوصول لاتفاق شامل يعالج الآثار السلبية المحتملة للسدّ على البيئة وحصة المياه

النقطة الخلافية الجوهرية هي الاتفاق على آلية الملء في أعوام الجفاف أو الجفاف الممتد، التي تصل إلى 6 أو 7 أعوام. يرتبط بذلك موضوع تشغيل توربينات توليد الكهرباء، والتي يرتبط تشغيلها بعملية تصريف المياه من بحيرة السدّ، ومن المفترض أن تُوقف إثيوبيا عمل التوربينات تحت مستوى التخزين الميت (التخزين الواقع أسفل فتحات تصريف المياه في السدّ) مع بدء الملء، ولم تصل الدول الثلاث إلى آلية تشغيل مرنة تراعي هذه التقلبات، والتي سبق أن نصّ عليها اتفاق إعلان المبادئ عام 2015.

لماذا ترفض إثيوبيا توقيع اتفاقية قانونية ملزمة تتضمن آلية قانونية لحلّ الخلافات؟

يرى الإثيوبيون أنّ النيل الأزرق، بل والنيل الشرقي، ملكاً خالصاً لهم، يحقّ لهم التصرف فيهما بحرية، دون مراعاة للاتفاقيات التاريخية والحقوق التاريخية لدولتي المصبّ، وهو ما يُقلقنا في مصر، ويُقلق الأشقاء في السودان.، وإلى جانب ذلك لا يريدون إلزام أنفسهم بأيّة التزامات أو قوانين دولية، ليكون لهم حقّ التصرف الكامل في إدارة وتشغيل السدّ، وتصريف مياه النيل الأزرق.

هل توليد الكهرباء هو الهدف الحقيقي من سدّ النهضة؟

هذا ما تصرّح به إثيوبيا، وما نصّ عليه اتفاق المبادئ عام 2015، الذي وقّعته الدول الثلاث، لكنّ سلوك إثيوبيا وتعنّتها ضدّ أيّ اتفاق قانوني يجعلنا نشكّك في أن يكون الهدف هو الكهرباء فقط، ربما ترغب في استغلال المياه لأغراض أخرى لم تكشف عنها بعد.

سلوك إثيوبيا وتعنّتها ضدّ أيّ اتفاق قانوني يشكّك في أن يكون الهدف من سد النهضةهو توليد الكهرباء فقط

هناك شكوك حول جدوى السدّ الاقتصادية، ما رأيكم؟

إثيوبيا أعلنت أنّ الكهرباء التي يولّدها السدّ ستكون للتصدير إلى الدول الأفريقية، مثل تنزانيا وأوغندا وكينيا والسودان، وكانت تخطط لتصديرها إلى مصر، لكن لم يعد لدينا نقص في الكهرباء حتى نستورد.

للمفارقة؛ إثيوبيا تتبنى خطاب فقر الشعب الإثيوبي، وعدم حصول الأغلبية على الكهرباء، ورغم ذلك لم تفكر في معالجة هذا النقص بتوزيع كهرباء السدّ في الداخل إلّا مؤخراً. ويبقى أمام إثيوبيا مشكلة عدم وجود خطوط ربط كهربائي مع الدول الأفريقية، أو في الداخل الإثيوبي، ومؤخراً فقط أسندت إلى شركات صينية إنشاء خطوط ربط لإيصال كهرباء السدّ بالشبكة الداخلية، والدول الأفريقية.

هناك تخوّفات على حصة مصر من المياه؛ هل تستطيع إثيوبيا قطع المياه عن مصر؟

لا تقدر إثيوبيا على فعل ذلك، لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بطبيعة النيل الأزرق ذاته؛ إذ عليها أن تصرّف نسبة من مياه بحيرة السدّ قبل موسم الفيضان كلّ عام، كي تستقبل الفيضان الجديد، إلى جانب أنّها ستُصرّف المياه بشكل دوري كي تولّد الكهرباء. الخلاف يدور حول آلية التصريف وفق حجم الفيضان السنوي، وحجم المياه المطلوب تصريفها.

كيف تقرؤون تحولات الموقف السوداني؟

الموقف السوداني الآن إيجابي جداً، وينسّق بشكل تامّ مع مصر، للوصول لاتفاق شامل يعالج الآثار السلبية المحتملة للسدّ على البيئة وحصة المياه وغير ذلك، على عكس موقف السودان في عهد النظام السابق، الذي عادى مصر ووقف إلى جانب إثيوبيا.

هناك مخاوف من مساومة إثيوبيا لمصر على حصتها المائية بإجبارها على شراء المياه؛ ما تعليقكم؟

الحمد لله، إلى الآن لم يُثر الجانب الإثيوبي أيّ شيء من ذلك، ولو حدث هذا فستكون مشكلة كبرى، ولها عواقب خطيرة.

هل تتفاءلون بشأن جولة المفاوضات الحالية رغم التعنت الإثيوبي؟

لم تنتهِ المفاوضات بعد، وهناك وساطة دولية تجتمع مع كلّ دولة على حدة للتقريب بين وجهات النظر، وعرض مقترحات وسط، ونأمل في الوصول لاتفاق قريباً.

لو أخفقت هذه الجولة من المفاوضات؛ ما هي خطوات القاهرة المُقبلة؟

أظنّ أنّ مصر ستلجأ إلى مجلس الأمن، وتطلب عقد اجتماع عاجل تحت البند السابع، الذي يتعلّق بفضّ المنازعات التي تهدّد السلم والأمن الدوليَّين، والذي تصدر عنه قرارات ملزمة وعقوبات في حال مخالفتها.

الصفحة الرئيسية