والدة الأسير مقداد القواسمي لـ "حفريات": ابني يواجه الموت

والدة الأسير مقداد القواسمي لـ "حفريات": ابني يواجه الموت


17/10/2021

مع انبثاق نهار اليوم الأحد، يكون قد مضى نحو (87) يوماً لم يتناول الأسير الفلسطيني، مقداد القواسمي، خلالها،  طعاماً، أو ملحاً، أو فيتامينات، ويكتفي بشرب الماء؛ وذلك رفضاً لاعتقاله الإداري دون توجيه تهمة له. وقالت والدة الأسير لـ "حفريات": ابني يواجه الموت.

 وعلى الرغم من إصدار المحكمة الإسرائيلية قراراً يقضي بتجميد اعتقاله الإداري، إلا أنه يرفض التراجع عن قرار إضرابه المفتوح عن الطعام، حتى ينال حريته بشكل كامل، ويضمن عدم إعادة اعتقاله من جديد.

اقرأ أيضاً: محللون لـ "حفريات": لهذا ظهر الأسرى مبتسمين

ونتيجة لعدم تناوله الطعام تدهورت أوضاعه الصحية، ونُقل إلى مستشفى كابلان الإسرائيلي لتلقي العلاج، ورغم خطورة وضعه الصحي، وعدم قدرته على الحديث، إلا أنّه مستمر بإضرابه عن الطعام، و قرر عدم التراجع عنه نهائياً حتى ينال مطالبه، ولو اضطر لوقف تناول الماء.

مقداد القواسمي، من مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، ويبلغ من العمر 24 عاماً، اعتقل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وتمّ احتجازه في سجن عوفر عدة أشهر، وبعد تدهور حالته الصحية نقل إلى المستشفى لتلقي العلاج، ولم يكن هذا الاعتقال الأول له، فقد اُعتقل عدة مرات، وأمضى داخل السجون الإسرائيلية قرابة أربعة أعوام، بين اعتقال إداري وأحكام، وكان الاعتقال الأول عام 2015.

الأسير القواسمي طالب جامعي متفوق، يدرس تخصص الوسائط المتعددة بجامعة الخليل، وكان من المفترض أن ينهي دراسته الجامعية قبل عامين، ويحصل على الشهادة، أسوة بباقي زملائه، لكنه لم يتمكن من ذلك نظراً لعمليات الاعتقال المتكررة التي تعرض لها، وملاحقتة بشكل متواصل.

الأسير مقداد القواسمي في وضع خطير جداً، في ظلّ استمراره بالإضراب عن الطعام، ولا توجد أية مفاوضات حقيقية من قبل الاحتلال لتلبية مطالبه

وكانت  المحكمة العليا الإسرائيلية قد أصدرت قراراً يقضي بتجميد الاعتقال الإداري بحق الأسير مقداد القواسمي، وبقائه داخل المستشفى تحت حراسة الأمن، وفكّ القيود الحديدية من يديه وقدميه، حيث كان مكبلاً بها قبل قرار التجميد، والسماح له بالتنقل داخل الغرفة. وجاء ذلك بعد أن طلبت نيابة الاحتلال هذا الأمر، مستندة للتقارير الطبية الصادرة عن الأطباء، والتي تُشير إلى وجود خطورة حقيقية على حياته.

اقرأ أيضاً: وفد من حماس إلى القاهرة لبحث ملف تبادل الأسرى... تفاصيل

وفي تعليق للأسير القواسمي على تجميد قرار الاعتقال الإداري، قال: "سأستمر بالإضراب عن الطعام، ولن أتراجع عنه نهائياً حتى أنتزع حريتي انتزاعاً، رغم أنف السجان، وأحصل على قرار إنهاء الاعتقال الإداري بشكل كامل، وأنا مستعد لدفع ثمن حريتي".

لا يقوى على الحركة والكلام

من جانبها، تقول والدة الأسير مقداد القواسمي، إيمان بدر، في حديثها لـ "حفريات": "مقداد يعاني ظروفاً صحية صعبة، وملامح وجهه تغيرت بشكل كبير، فهو لا يقوى على الحركة، ولا يستطيع الذهاب إلى دورة المياه". ولفتت إلى أنّ "قدرته على الكلام صارت ضعيفة جداً، كما أنه فقد جزءاً من ذاكرته؛ إذ إنّه لا يستطيع تذكر كافة الأحداث التي حدثت معه بالسابق، ولا يتعرف على كافة الأشخاص".

وتضيف: "الاحتلال الإسرائيلي جمّد قرار الاعتقال الإداري، لكنه لم ينهِ هذا الاعتقال حتى تتحمل العائلة المسؤولية الكاملة عن حياته نتيجة إضرابه المفتوح عن الطعام، وفي حال إنهاء الإضراب والتماثل للشفاء تتم إعادة اعتقاله من جديد، ونقله إلى السجون الإسرائيلية، وتتكرر المعاناة، وهذا ما يرفضه ويصرّ من أجله على إنهاء الاعتقال بشكل كامل، فهو يريد أن ينعم بالحرية بعيداً عن ظلم وقهر السجان الإسرائيلي".

اقرأ أيضاً: محللون لـ "حفريات": هذه دلالات تصريحات هنية حول تبادل الأسرى

وتؤكد بدر أنّ: "مقداد مصر على نيل الحرية؛ لأنّ اعتقاله كان محض افتراء، دون وجود أية تهمة، فسبب الاعتقال أنّه هنّأ ابن عمه بعد تحرره من السجون الإسرائيلية، وهذا ما أزعج الاحتلال الإسرائيلي، وجعله يطارده ويعتقله إدارياً، وهو الآن يرقد في المستشفى ووضعه الصحي يُرثى له، وقد أبلغنا الأطباء أنّه في مرحلة الخطر، وقد يتوقف قلبه في أيّة لحظة، ويجب الإفراج عنه بأسرع وقت، حتى ينهي إضرابه".

لماذا يلجأ الاحتلال للاعتقال الإداري؟

وتبين والدة الأسير القواسمي؛ أنّ الاعتقال الإداري أسلوب يتبعه الاحتلال الإسرائيلي للضغط على أبناء الشعب الفلسطيني، والتأثير عليهم، وثنيهم عن النضال الشعبي، والمطالبة بحقوقهم العادلة، لذلك قرر مقداد خوض هذا الإضراب لإيصال صرخاته وأوجاعه إلى العالم أجمع، وتسليط الأنظار على هذا النوع من الاعتقال، والذي يعدّ تجاوزاً لكافة القوانين والأعراف الدولية.

وأبدت بدر استياءها من تجاهل المستوى السياسي الفلسطيني لقضية نجلها، وسائر الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، الذين يضحّون بأنفسهم من أجل أن ينالوا حريتهم ويعيشوا بكرامة.

والدة الأسير مقداد لـ"حفريات": الوضع الصحي لابني يُرثى له، وقد أبلغنا الأطباء أنّه في مرحلة الخطر، وقد يتوقف قلبه في أيّة لحظة، ويجب الإفراج عنه

وطالبت أبناء الشعب الفلسطيني، من مختلف الفصائل والأحزاب والأطياف، والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، ومؤسسات الأسرى، "بالتحرك الجادّ والوقوف إلى جانب نجلها لتنفيذ مطالبه، وضمان عدم إعادة اعتقاله مرة أخرى فور خروجه من المستشفى".

الاحتلال يتجاهل مطالب القواسمي

ومن جهته، يقول الناطق الإعلامي باسم نادي الأسير بمدينة الخليل، أمجد النجار، في حديثه لـ "حفريات" إنّ "الأسير مقداد القواسمي في وضع خطير جداً، في ظلّ استمراره بالإضراب عن الطعام، ولا توجد أية مفاوضات حقيقية من قبل الاحتلال لتلبية مطالبه، خاصة إلغاء الاعتقال الإداري، وقرار التجميد الصادر عن المحكمة العليا لا يستند إلى أيّ مسوّغ قانوني، بل هو أشبه بأحكام  قراقوش المشهورة الدالة على الظلم والقهر".

ويضيف: "قرار تجميد الاعتقال الإداري يعدّ تحايلاً على الأسير؛ إذ إنّه لا يعني إخلاء سبيله، بل يبقى داخل المستشفى ولا يستطيع مغادرتها للذهاب إلى منزله أو أيّ مكان آخر، لكن في إمكان عائلته وأصدقائه زيارته والاطمئنان على حالته الصحية، وتلك الخطوة حتى لا تظهر السلطات الإسرائيلية بالصورة في حال تدهور حالته الصحية أو وفاته نتيجة استمراره بالإضراب.

اقرأ أيضاً: بالأمعاء الخاوية يتحدى الأسرى الفلسطينيون السجّان الإسرائيلي

ويبين النجار؛ أنّ الأسرى الإداريين يتعرضون للظلم، لعدم وجود لوائح اتهام بحقهم، ويشعرون بأنّهم سيقضون بقية حياتهم داخل السجون، لذلك يلجأ غالبيتهم إلى إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام، والاكتفاء بتناول الماء والملح، لإجبار الاحتلال على الإفراج عنهم.

الاعتقال مرة أخرى

ويلفت إلى أنّ قرار التجميد صدر سابقاً بحقّ عدد من الأسرى الذين خاضوا إضراباً عن الطعام رفضاً لاستمرار اعتقالهم إدارياً، وبعد فترة قصيرة أُعيد اعتقالهم من جديد.

وبحسب نادي الأسير الفلسطيني؛ فإنّ هناك خمسة أسرى آخرين يواصلون إضرابهم عن الطعام إلى جانب الأسير القواسمي، احتجاجاً على اعتقالهم الإداري، ويبلغ عدد الفلسطينيين المعتقلين إدارياً نحو 520 معتقلاً، وغالبيتهم أسرى سابقون أُفرج عنهم، واُعيد اعتقالهم من جديد.

ويعود أصل الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ، فترة الانتداب البريطاني في فلسطين،  عام 1945. وعام 1979 أقرّ الكنيست الإسرائيلي قانون طوارئ يتضمن الاعتقال الإداري (يطبَّق في حالة الطوارئ)، بحق الأشخاص دون توجيه تهمة معينة أو لوائح اتهام، ويكون بناء على ملفات سرّية استخباراتية، أو بسبب عدم وجود أدلة ضدّهم أو نقصها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية