واشنطن تستعد لـ"عزل" موسكو بقائمة عقوبات طويلة... أهي الحرب أم التهدئة؟

واشنطن تستعد لـ"عزل" موسكو بقائمة عقوبات طويلة... أهي الحرب أم التهدئة؟


31/01/2022

يعكف أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ الأمريكي على إعداد مشروع قانون جديد يفرض قائمة من العقوبات غير المسبوقة على روسيا في حال غزوها لأوكرانيا.

ويأتي الحديث عن مشروع القانون بعد (10) أيام من تهديد الرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من القادة الغربيين بعقوبات اقتصادية "لا مثيل لها"، و"ذات عواقب وخيمة"، وصفتها بعض وسائل الإعلام الغربية بأنّها "أم العقوبات"، في حال غزو روسيا لجارتها أوكرانيا.

اقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا: تاريخ حافل بالصراعات.. وأوروبا تدخل على خط الأزمة

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن عضوين بالحزبين قولهما: إنّ مشروع القانون سيفرض عقوبات من شأنها "سحق اقتصاد روسيا" في حال غزوها لأوكرانيا، مشيرة إلى أنّ العقوبات قد تبدأ من الأفراد وتمتدّ لكيانات القطاع المصرفي، وصولاً إلى أقسى عقوبات لم تشهدها موسكو منذ الحرب الباردة، بحسب تقارير غربية.

قد تلجأ واشنطن إلى منع روسيا من التعامل بالدولار الأمريكي

 ووفقاً لقناة "سكاي نيوز عربية"، فإنّ القائمة ستشمل نحو (14) عقوبة محتملة يناقشها قادة الغرب للردّ على روسيا، إن قامت بغزو أوكرانيا، ولعلّ أبرزها لجوء واشنطن والدول الأوروبية إلى منع مسؤولين وشخصيات روسية من دخول أراضيها، وهذا الخيار ضمن الخيارات الأكثر ترجيحاً التي يأمل الغرب من ورائها دفع النخبة الروسية للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنّ العديد من هذه العقوبات سارية بالفعل وسلوك هؤلاء لم يتغير.

 

واشنطن بصدد إعداد مشروع قانون يفرض عقوبات هي الأقسى على موسكو منذ الحرب الباردة

 

وقد تلجأ واشنطن إلى منع روسيا من التعامل بالدولار الأمريكي، حيث تستطيع فرض قيود على استخدامها للعملة الأمريكية، أو معاقبة الشركات التي تسمح لنظيرتها الروسية بذلك، ومن شأن القرار تقييد حركة المشتريات والصادرات الروسية حول العالم، كما سيؤثر بشكل كبير على مبيعاتها من النفط والغاز بالدولار.

اقرأ أيضاً: تهدد روسيا بعقوبات مدمرة وتتغاضى عن إيران... ما أسباب تناقض الموقف الأمريكي؟

 ومن ضمن ما يدور من مناقشات غربية إجراء عزل موسكو من شبكة الاتصالات المصرفية العالمية المعروفة بنظام "سويفت"، وهذا الاتجاه تحقق في تقديم أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي، الأسبوع الماضي، مسودة عقوبات جديدة ضد روسيا، تضمّنت هذا السيناريو، لكنّه أصعب خيار غربي تجاه أسواق المال الروسية والدولية؛ لأنّه سيكلف الغرب وخاصة واشنطن وبرلين ثمناً فادحاً.

 

دي ليدو: إذا ضُربت روسيا، فسوف يتم ضرب سوق الغاز الأوروبية، وهذا مستحيل

 

 واستبعد كبير محللي مركز الدراسات الدولية الإيطالي ماركو دي ليدو، في تصريح خاص لـ "حفريات"، عزل روسيا من نظام "سويفت"، قائلاً: إنّه "أمر مستبعد للغاية، وخطير جداً من حيث تأثير الارتداد العكسي"، مؤكداً صعوبة عزل روسيا من هذا النظام أيضاً؛ لأنّ موسكو وبكين "طوّرتا نظاماً بديلاً بشكل أكبر لتجنّب مثل هذا الاحتمال."

وقال دي ليدو: "العقوبات على التكنولوجيا قد تكون أكثر تأثيراً، ولكن على المدى القصير، حيث ستجد روسيا طريقة للحصول على تلك التكنولوجيا".

فرض العقوبات على التكنولوجيا قد يكون أكثر تأثيراً

 ويمكن للقوى الغربية أن تتخذ إجراءات لمنع وصول روسيا إلى أسواق الديون الدولية، وهذا قد يحرم روسيا من تمويلات لتنمية اقتصادها، وقد ترتفع تكلفة الاقتراض في البلاد، وتنخفض قيمة الروبل، بحسب شبكة "بي بي سي" عربي.

اقرأ أيضاً: روسيا تنصح إيران بإنجاح "فيينا" قبل فوات الأوان!

وقد تمتدّ العقوبات لتشمل خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم 2"، الذي تأمل واشنطن في إيقافه بشكل نهائي، رغم أنّه لم يعمل بعد، وهذا السيناريو ربما يكون واحداً من أقسى العقوبات، حيث يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على مبيعات الغاز والنفط للخارج، ويمكن للغرب أن يجعل شراء النفط من شركات الطاقة الروسية العملاقة، مثل غازبروم أو روسنفت، أمراً غير قانوني، بحسب "إذاعة صوت ألمانيا".

 

نحو (14) عقوبة محتملة قد تؤدي لعزل روسيا، وتمتد لخط الغاز "نورد ستريم 2"

 

 غير أنّ دي ليدو نبّه، في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّه "إذا ضُربت روسيا، فسوف يتمّ ضرب سوق الغاز الأوروبية"، مؤكداً أنّ "هذا مستحيل؛ لأنّ روسيا وألمانيا اتفقتا بالفعل على نورد ستريم 2"، مشيراً إلى أنّ دول الاتحاد الأوروبي "أكثر اعتدالاً تجاه روسيا، لذلك فإنّ الكتلة الغربية ليس لديها سياسة واضحة ومتجانسة، وتفتقر إلى الاتحاد تجاه روسيا"، لافتاً كذلك إلى بريطانيا التي باتت تسلك مساراً مختلفاً عن مسار الولايات المتحدة الأمريكية.

 وأوضح المحلل الإيطالي: "روسيا تجنّبت العقوبات في الماضي، وسوف تفعل مرة أخرى من خلال استكشاف مرونة التجارة العالمية. العالم لن يقف عند الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك المزيد من الاقتصادات الناشئة، والصين أهمّ دولة".

اقرأ أيضاً: أزمة أوكرانيا: روسيا تراقب بقلق وأمريكا تتأهب.. ما أبرز التطورات؟

 وعن الدول الأكثر ميلاً للقيام بوساطة لنزع فتيل الأزمة، رجح دي ليدو أن تقوم فرنسا وألمانيا بمحاولات لخفض التوتر، وإبقاء الوضع تحت السيطرة، إلّا أنّ الولايات المتحدة "في المقابل تدفع في اتجاه سيناريو الحرب العالمية الثالثة".

 أمّا في قطاع البنوك، فتتضمن العقوبات إدراج البنوك الروسية بالقائمة الأمريكية السوداء؛ ممّا يجعل من المستحيل على أيّ شخص في العالم إجراء معاملات معها، وهو سابع قرار على أجندة العقوبات، وهنا سيتعيّن على موسكو إنقاذ البنوك ومحاولة تجنب ارتفاع التضخم وانخفاض الدخل، ولهذا تأثير سلبي كبير على المستثمرين والمودعين الغربيين بتلك البنوك. إنّ زيادة محاصرة العملة الروسية أمر متوقع أيضاً، فقد سبق لواشنطن منع تحويل الروبل إلى الدولار، ممّا يعني عزل روسيا عن نظام الصرف العالمي.

تتضمن العقوبات إدراج البنوك الروسية بالقائمة الأمريكية السوداء

 كما أنّ تشديد القيود القائمة على السندات الروسية من خلال حظر المشاركة في السوق الثانوية، ضمن العقوبات المتوقعة، ومن شأن ذلك منع حصول موسكو على أيّ تمويلات لمشاريعها المستقبلية؛ ممّا يُضعف نموها الاقتصادي.

وكذلك منع تصدير سلع معيّنة إلى روسيا، مثل التكنولوجيا والبرامج أو المعدات الأمريكية، وقد يشمل أشباه الموصلات الدقيقة المستخدمة بالسيارات والهواتف الذكية، والأدوات الآلية، والإلكترونيات الاستهلاكية، وخطورته تكمن في استهداف قطاعي الدفاع والفضاء الروسيين، وقد يمتدّ إلى قطاعات اقتصادية أخرى، وبالتالي فإنّ حرمان روسيا من التكنولوجيا سيناريو قد يعيد روسيا إلى زمن الحرب الباردة؛ لأنّه أكثر العقوبات قسوة؛ إذ سيحرمها من امتلاك آخر التكنولوجيا، وقد يعيق مواكبتها للتكنولوجيا العالمية، وكذلك قد تشمل العقوبات قطاعات الصناعة والطيران والبحرية وأجهزة الروبوت والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية ووزارة الدفاع الروسية، بحسب مسؤولين أمريكيين لوكالة "رويترز" للأنباء.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية