حمّل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المتمرّدين الحوثيين مسؤولية التعثّر في تنفيذ بنود اتفاق السويد الذي يتضمّن إقرار هدنة في الحديدة بغرب اليمن وإعادة انتشار القوات هناك، لا سيما في موانئها الثلاثة.
واعتبر مراقبون أنّ هذا الموقف الأميركي الواضح مما يجري في اليمن، تضمّن رسالة قوية لإيران الداعمة للمتمرّدين الحوثيين، وعكس الهدف الرئيسي من جولة بومبيو الواسعة في المنطقة، وهو إعادة تجميع أكبر عدد ممكن من دولها في مواجهة السياسات الإيرانية، بغض النظر عن بعض الخلافات الجزئية والقضايا الثانوية داخل مجموعة الدول التي تسعى واشنطن للعمل معها وهي تعلم محدودية وسائلها وإمكانياتها لحلّ تلك القضايا في مدى زمني قصير.
وأكّد متابعون للشأن الخليجي أن ذلك ينطبق على أزمة قطر الناجمة عن مقاطعة كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين لها بسبب دعمها لجماعات متطرفة، حيث اكتفى بومبيو خلال زيارته للدوحة بتوصيف فاتر للأزمة قائلاً إنها طالت، وإنّ بلاده ترغب في إنهائها، ما اعتُبر مجرّد مجاملة شكلية لقطر التي لطالما أملت في موقف أمريكي ضاغط على الدول الأربع لإنهاء الأزمة، لكن ذلك بدا بوضوح أنّه غير متاح لإدارة الرئيس دونالد ترامب التي اصطدمت بإصرار تلك الدول على تنفيذ الدوحة للشروط التي تتلخّص إجمالاً في التراجع عن السياسات المهدّدة للاستقرار، والتخلي عن دعم الماعات المتطرفة.
وقال مراقبون إنّ ما ينطبق على كلام بومبيو بشأن الأزمة القطرية، ينطبق على كلامه بشأن قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده قبل أكثر من ثلاثة أشهر، حيث أكّد وجوب محاسبة المذنبين، وهو أيضا تحصيل حاصل إذ إنّ القيادة السعودية ملتزمة بالأمر نفسه وقد ظلّت تؤكّد عليه باستمرار، وقد شرعت سلطات المملكة بما في ذلك جهازها القضائي في اتخاذ الإجراءات اللاّزمة ضدّ المشتبه بتورّطهم في الجريمة.
وأكد بومبيو، الإثنين، أن العاهل السعودي وولي العهد أكدا له مجدداً التزامهما بمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي.
وقال للصحافيين بعد زيارته للرياض إنّ "ولي العهد والملك سلمان اللذين تحدثت معهما بهذا الشأن، يقرّان بضرورة المحاسبة وقد أشارا إلى العملية الجارية وكرّرا التزامهما بشأن هذه المسألة".
وأضاف "توقعاتنا واضحة للغاية وهي التزام مستمر بمواصلة ملاحقة كل هؤلاء المرتبطين بمقتل الصحافي السعودي"، متوقّعا أن "السعوديين لم يتخلوا عن هذا الهدف منذ المرة الأولى التي أجرينا فيها محادثات بهذا الشأن".
وزار بومبيو السعودية في إطار جولة بالشرق الأوسط كان يفترض أن تشمل دول الخليج الست، لكنه اضطر إلى اختصارها وعدم التوجه إلى الكويت كما كان مقررا، لاضطراره إلى حضور جنازة عائلية في بلده، وفق ما أعلنه متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية.
والتقى بومبيو، صباح الإثنين، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، ثم التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وفي العاصمة العمانية مسقط التي وصلها في اليوم نفسه، التقى وزير الخارجية الأميركي السلطان قابوس بن سعيد حيث "جرى خلال المقابلة استعراض أوجه التعاون القائم بين السلطنة والولايات المتحدة في مختلف المجالات.. إضافة إلى بحث التطورات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العمانية الرسمية بشأن اللقاء.
وتحتفظ عمان بعلاقات استثنائية مع إيران قياسا بعلاقات الأخيرة مع معظم دول الخليج التي تتراوح بين التوتر والفتور، وقد لا يكون ضمن أجندة واشنطن ضمّ مسقط للجبهة المضادة لإيران، لكنّها قد تستبقي على دورها المعهود في نقل الرسائل، وربما الإنذارات لطهران.
وفي العاصمة القطرية الدوحة التي زارها بومبيو الأحد حيث التقى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قال الوزير الأمريكي في مؤتمر صحفي مع نظيره القطري الشيخ محمد عبدالرحمن آل ثاني إنّه ركز "على أهمّية الوحدة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي"، مضيفا "الرئيس ترامب وأنا نعتقد أنّ الخلاف دام وقتا طويلا جدا".
وأضاف "نحن جميعا أقوى عندما نعمل سويا، حين نواجه تحدّيات مشتركة في المنطقة وحول العالم بدءا بإيران. وبالنسبة إلى واشنطن، فإنّ إنهاء هذه الأزمة أمر حيوي لنجاح خطتها تشكيل تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة إيران، يضم إضافة إلى دول الخليج مصر والأردن، ومع ذلك ترى واشنطن إمكانية القفز على الأزمة والمضي في العمل دون حلّها اعتمادا على مبدأ الفصل بين القضايا وتجزئتها.
وفهمت إيران الرسائل الموجّهة إليها من قبل الولايات المتحدة، وبدت في تعليقها على جولة بومبيو مدركة لكُنْه الحراك الأميركي، وقلقة بشأن ما يمكن أن ينتج عنه. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إنّ زيارة وزير الخارجية الأميركي لدول المنطقة، ليست حسنة النية.
وفي مؤتمر صحافي، عقد الإثنين بمقر الخارجية الإيرانية في طهران، تابع قاسمي مجيبا على سؤال بخصوص جولة الوزير الأميركي "إنهم يريدون التوتر والفوضى في المنطقة"، معتبرا أن بومبيو يعمل من خلال جولته على "نشر العداء لإيران".
عن "العرب" اللندنية