هل ينهي التوقيع على "الاتفاق الإطاري" الأزمة السياسية في السودان؟

هل ينهي التوقيع على "الاتفاق الإطاري" الأزمة السياسية في السودان؟

هل ينهي التوقيع على "الاتفاق الإطاري" الأزمة السياسية في السودان؟


05/12/2022

بعد أكثر من عامين على استمرار الانسداد السياسي، وقّع الفرقاء في السودان اليوم الإثنين اتفاقاً سياسياً بين المكوّنين المدني والعسكري، وسط حضور دولي وإقليمي كبير لأطراف أسهمت في التوصل إلى هذا الاتفاق لإنهاء الأزمة السياسية في السودان وإعادته إلى الحكم المدني، في خطوة قد تقود إلى إنهاء الأزمة الراهنة.

مراسم التوقيع تمّت في القصر الرئاسي في الخرطوم، بين قادة الجيش وتحالف "الحرية والتغيير"، أكبر كتلة معارضة في البلاد، وشاركت فيها أحزاب سياسية أخرى اتخذت موقفاً داعماً لعملية الانتقال المدني الديمقراطي في البلاد.

وتضم منصة الاحتفال بالتوقيع رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي" وبقية المكوّن العسكري في مجلس السيادة، بجانب قادة الأحزاب في تحالف "الحرية والتغيير".

وتشارك في مراسم التوقيع أيضاً "الآلية الثلاثية" الدولية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيقاد"، بجانب "الآلية الرباعية" التي تضم السعودية والولايات المتحدة والإمارات وبريطانيا، بالإضافة إلى ممثلين عن دول الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الخرطوم.

تهيئة أجواء المرحلة الجديدة

في غضون ذلك، أطلقت السلطات سراح قيادات في "لجنة تصفية نظام البشير" ومعتقلين سياسيين آخرين عشية التوقيع على "الاتفاق الإطاري"، وذلك لتهيئة الأجواء للمرحلة السياسية المقبلة.

مراسم التوقيع تمّت في القصر الرئاسي في الخرطوم

ومن أبرز المعتقلين الذين أطلق سراحهم مقرر اللجنة والقيادي في تحالف "الحرية والتغيير" وجدي صالح، وعضوا اللجنة عبد الله سليمان، وأحمد مضوي.

ويُعدّ الإفراج عن المعتقلين أحد الشروط التي طرحت لتهيئة الأجواء قبل توقيع الاتفاق الإطاري، لكنّ حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يُعدّ وجدي صالح أحد قياداته قال إنّه يرفض هذا الاتفاق، ولن يكون جزءاً من مراسم توقيعه، بحسب ما نشره موقع "سودان تربيون".

تفاصيل الاتفاق

الاتفاق يتكون من المبادئ العامة التي تشمل ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة وآليات العدالة الانتقالية ووضع حد للإفلات من العقاب، وأيضاً التأكيد على جيش مهني واحد وملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة، وإقامة سلطة مدنية بالكامل دون مشاركة القوات النظامية.

وجاء في نص الاتفاق أنّ الفترة الانتقالية تحدد بعامين منذ لحظة تعيين رئيس وزراء، بالإضافة إلى أنّ تعيين مدير جهاز المخابرات من صلاحية رئيس الوزراء، وتنظيم انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية المحددة بعامين، وأنّ اختيار رئيس وزراء انتقالي من قِبل قوى الثورة الموقِّعة على الاتفاق الإطاري.

وأكد نص الاتفاق أن يكون هناك جيش وطني موحد مهني، والالتزام بمبدأ تجريم الانقلابات العسكرية، مع إطلاق عملية شاملة لكشف الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، وأن يكون رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء من المدنيين، وأن يكون هناك مجلس للأمن والدفاع، وستكون مدة الاتفاق (24) شهراً، وتبدأ الفترة منذ توقيع الاتفاق.

وقّع الفرقاء في السودان اتفاقاً سياسياً بين المكوّنين المدني والعسكري لإنهاء الأزمة السياسية في السودان وإعادته إلى الحكم المدني

 

ويتضمن الاتفاق الإطاري مجلساً عدلياً مؤقتاً مكوّناً من (11) عضواً من الكفاءات الوطنية القانونية، يتم اختياره بوساطة الأطراف الموقعة على الإعلان السياسي، يقوم باختيار رئيس القضاء ونوابه والنائب العام ومساعديه ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، ويُعتبر محلولاً بانتهاء مهمته.

وحدد الاتفاق أيضاً مهام القوات المسلحة، من خلال الالتزام بالنظام الدستوري، واحترام سيادة القانون والحكومة المدنية الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وسيادة البلاد وحماية حدودها أمام أيّ عدوان خارجي، على ألّا تمارس القوات المسلحة مهام الأمن الداخلي، واحترام إرادة الشعب السوداني في حكومة مدنية تعددية ديمقراطية والعمل تحت إمرتها.

ويقرر الاتفاق الإطاري إلغاء الوثيقة الدستورية للعام 2019 تعديل 2020، ومراجعة المراسيم والقرارات والأوامر الصادرة في أو بعد 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021.

الأطراف الداعمة والأطراف الرافضة

والقوى الموقعة على الإعلان السياسي هي قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية والحزب الاتحادي الديمقراطي ـ الأصل والمؤتمر الشعبي، وفي وقت لاحق، أصدر مجلس السيادة السوداني بياناً أكد فيه أنّ توقيع الاتفاق سيتم في الموعد المذكور.

الاتفاق يتكون من المبادئ العامة التي تشمل ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة

من جانبه، اعتبر الحزب الشيوعي أنّ "الاتفاق الإطاري عبارة عن مواصلة لمؤامرات القوى المعادية الداخلية والخارجية لقطع الطريق على الثورة، وإنتاج النظام المباد (نظام البشير) في نسخة جديدة للحفاظ على مصالح الرأسمالية الطفيلية وحلفائها في الخارج".

 وأدان الحزب بشدة ما سمّاه "التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي السوداني، التي تهدف في الأساس لتصفية الثورة، بالاتفاق مع قوى داخلية معادية للثورة"، وأكد في بيان أمس أنّ "قوى الثورة الرافضة للانقلاب ومشروعات التسوية تواصل معركتها من أجل إسقاط الطغمة الانقلابية، وهزيمة كل المؤامرات في طريق استكمال أهداف وشعارات ثورة كانون الأول (ديسمبر)".

التوقيع تم وسط حضور دولي وإقليمي كبير لأطراف أسهمت في التوصل إلى هذا الاتفاق

 

ودعا الحزب إلى الخروج في مواكب مليونية اليوم، التي دعت لها "لجان المقاومة الشعبية"، رفضاً لمشروعات التسوية، و"مواصلة للتصعيد الجماهيري لهزيمة هذه المؤامرات".

وأعلن الحزب "الاتحادي الديمقراطي ـ الأصل"، بزعامة محمد عثمان الميرغني، مقاطعته العملية السياسية الجارية حالياً في البلاد، وطالب الجيش "بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع"، كما أصدر قراراً من مكتبه العام بتجميد عضوية نجله، محمد الحسن، من الحزب لـ"خروجه عن خط الحزب وتعدد خروقاته التنظيمية"، والذي كان قد أعلن أنّه سيوقع على "الاتفاق الإطاري"، الذي يؤسّس لحكم مدني في البلاد.

أكثر من عامين على الأزمة السياسية

وفي موازاة الاضطرابات السياسية والأمنية، تعمقت الأزمة الاقتصادية في السودان، أحد أفقر بلدان العالم، بعد أن علقت الدول الغربية المساعدات المالية التي تدفقت على هذا البلد عقب إطاحة البشير وتشكيل السلطات الانتقالية واشترطت عودة الحكم المدني لاستئنافها.

على إثر ذلك أصبح ثلث السودانيين البالغ عددهم (45) مليوناً يعانون من الجوع، وهو رقم يزيد بنسبة 50% عن العام الماضي، بحسب برنامج الغذاء العالمي، فضلاً عن تضخم يزيد عن 100%، ونقص في المواد الغذائية.

اعتبر "الشيوعي السوداني" أنّ الاتفاق الإطاري عبارة عن مواصلة لمؤامرات القوى المعادية الداخلية والخارجية لقطع الطريق على الثورة

ووفق البرنامج، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 130%، ممّا جعل العائلات تخصص "أكثر من ثلثي دخلها للغذاء".

وإضافة إلى قلق السودانيين الأول، وهو تدهور قوتهم الشرائية، يخشى كثيرون، بعد (3) أعوام على ثورة العام 2019، من عودة الدكتاتورية القائمة على التحالف بين الإسلاميين والعسكريين، حسب "فرانس برس".

وكان البرهان قد قرّر في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2020 حلّ مجلسي السيادة والوزراء، وإقالة رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وتجميد العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد لجنة إزالة التمكين ومكافحة الفساد، التي كانت معنية بتفكيك نظام البشير، في خطوة وصفها بأنّها تصحيحية لمسار الثورة، بينما اعتبرتها القوى السياسية وفاعلون في المشهد السوداني أنّها تُمثل انقلاباً على الحكومة المدنية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية