يأمل سكان غزة أن يفي دونالد ترامب بما وعد به خلال حملته الانتخابية بوقف حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، بعد أن عجزت إدارة الرئيس جو بايدن التي قدمت الدعم السخي لإسرائيل عن اتخاذ إجراءات حاسمة للضغط من أجل وقف الحرب، ويعول السكان على المرشح ترامب في إنقاذهم من الحرب التي غرقوا فيها، ولم يجدوا مخرجاً لها، في ظل التعنت الإسرائيلي الرافض لكل مبادرات وقف إطلاق النار.
وقد شهدت جولة انتخابات الرئاسة الأمريكية الثلاثاء الماضي صراعاً حاداً بين المرشحة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وتركزت وعود كلا المرشحين في إيقاف الحروب في العالم، وبالتحديد الحرب على غزة ولبنان، ونال ترامب تأييد المسلمين في ولاية ميشغان الذين قدموا أصواتهم لترامب، ورفضوا التصويت لهاريس بادعائهم أنّ داعمي حرب الإبادة على غزة لا تصويت لهم، وقد تعهد ترامب للناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين بإنهاء الحرب، وهو ما دفع أحد المشايخ بالخروج والدعوة إلى انتخاب ترامب.
وبعد مرور عام على الحرب في غزة، تُصعد إسرائيل من وتيرة عملياتها العسكرية بشكل عنيف وجنوني، لا سيّما في مناطق شمال قطاع غزة، حيث يعمل الجيش منذ أكثر من شهر على تنفيذ خطة تهجير السكان شمال قطاع غزة، باستخدام سلاح التجويع والقتل بكافة أنواع الأسلحة، ويهدم الجيش المنازل ويقصفها على رؤوس ساكنيها، عدا عن تدمير كافة المرافق الصحية في شمال غزة وإخراجها بشكل كامل عن العمل، إلى جانب منع إدخال الطعام والمياه والدواء للسكان المحاصرين شمال القطاع، وهذا الإجرام الذي يتواصل، بغطاء وصمت عربي ودولي، أثار غضب الغزيين الذين يبحثون عن أحد يوقف الإبادة التي يتعرضون لها.
وبعد فوز المرشح ترامب وقرب رحيل بايدن، بات حديث المواطنين والنازحين يزداد عن آمالهم بأن يجد ترامب مخرجاً للمعاناة التي يتعرضون لها، ويزداد أمل المواطنين بعد التصريحات المتكررة لترامب بوقف الحرب، واعتقاد البعض أنّ ترامب رجل اقتصادي لا يحب الحروب والصراعات وأنّه مهندس الصفقات، وبمقدوره الضغط من أجل وقف الحرب، وأمّا بايدن، فقد فشل مرات عديدة في تحقيق أيّ تقدم في ملف الأسرى ووقف الحرب.
وفي أحاديث منفصلة عبّر نازحون عن أملهم في أن يحقق الرئيس ترامب وعده بإيقاف الحرب، ويقول النازح ناهض عبدو: نأمل أن تنتهي الحرب خلال الفترة القريبة مع وصول المرشح ترامب إلى البيت الأبيض، وتحقيق وعوده بالعمل الجاد على وقف الحرب وتخفيف معاناة سكان قطاع غزة.
ويوضح عبدو في حديثه لـ (حفريات): لقد "تُركنا وحدنا منذ بداية الحرب، والجيش يواصل كل ساعة ارتكاب مجازر دامية بحق المدنيين العزّل، ولا أحد يحرك ساكناً، وإنّ القيادة الفلسطينية لم تعمل بالشكل الجاد من أجل حشد الدعم العربي والدولي للضغط على إسرائيل لوقف حرب الإبادة".
أمّا النازح سعيد عطوة فيقول: إنّ "أمريكا تُعتبر الداعم الأساسي لإسرائيل، وهي عندما تريد وقف الحرب تضغط بأساليب معينة توقف من خلالها الحرب، ولكن طوال الفترة الماضية لم يتخذ الرئيس بايدن أيّ خطوات فعلية لوقف الحرب، بل يواصل دعم الاحتلال بالسلاح، ولذلك فقدنا الأمل نحن في غزة في إمكانية تحقيق بايدن أيّ انفراجة حقيقية للسكان في غزة، ونرغب برحيله".
ولفت في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "الوضع في غزة كارثي، والفوضى والفلتان الأمني باتا يعمّان كافة أرجاء القطاع من شماله إلى جنوبه، وهذا الوضع يجعل الجميع يبحث عن طوق نجاة في ظل المخاطر التي تحيط بنا، لذلك نحن بحاجة لوقف الحرب، لإنهاء المعاناة التي لم يعهد أن تعرضنا لها من قبل على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أمّا المواطن أبو أحمد، فإنّه يختلف عن سابقيه من حيث إمكانية وقف الحرب قريباً، ويشير إلى أنّ "كافة زعماء أمريكا يدعمون إسرائيل في المقام الأول، ولا يبالون بمعاناة الفلسطينيين بشكل عام، ويرى أنّه من الممكن أن يعمل ترامب بجهود قوية على وقف الحرب، لكن بشروط تخدم إسرائيل وليس الغزيين، وقد يتم فرضها في نهاية المطاف على الغزيين المنهكين، وإجبارهم على القبول بها".
وأشار في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "السكان في قطاع غزة يبحثون عن بصيص أمل لإنهاء ما يحلّ بهم من كوارث من الحرب المدمرة، فلم يعد هناك أيّ مظهر للحياة في غزة، بعد الدمار المخيف الذي حلّ بالمنازل والبنى التحتية وغيرها من المنشآت الاقتصادية والرياضية والصحية، وقد وصلت أعداد الشهداء والمصابين إلى أرقام خطيرة.
وقالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية: إنّ الرئيس جو بايدن، وبعد عدم انصياع نتنياهو إلى أوامره بالتوجه إلى صفقة ووقف الحرب، سيتخذ خلال فترة بقائه في الحكم التي تمتد إلى شهرين ونصف الشهر قرارات لم يتخذها من قبل، للضغط من أجل تحرير الرهائن ووقف الحرب على غزة، وهذا ما ينتظره الغزيون أيضاً من حفظ بايدن ماء وجهه، وإنهاء معاناة الغزيين التي هو شريك فيها.
في سياق ذلك، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي شريف السيد: "إذا قرر ترامب وقف الحرب، وبدأ باتخاذ قرارات لتهيئة الظروف، فإنّ نتنياهو لن يتجاهل أيّ قرارات قد تتخذها الإدارة الجديدة لأسباب مهمة؛ منها أنّ إدارة يقودها شخصية مثل ترامب ستكون قوية، وستنفذ ما تتخذه من قرارات بالقوة، وهنا نتنياهو سيمهد الطريق إلى حل يتماشى مع ترامب إذا كان بنيته تقديم مقترحات حقيقية وضرورية لإنهاء الحرب على غزة".
وبيّن في حديثه لـ (حفريات) أنّ "ترامب لديه أولويات خلال فترة حكمه، وهي الحفاظ على الاقتصاد الأمريكي، واستقرار الوضع في الولايات المتحدة، ومنافستها للصين، وجزء من تحقيق هذا الاستقرار سيكون الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بالعمل على إيقاف الحروب القائمة، وبالتحديد حرب غزة ولبنان، ولكن ربما سيتخذ قرارات لاحقاً من حيث دعوة نتنياهو لإنجاز مهمته بأسرع وقت، وغيرها من القرارات التي من شأنها إنهاء الحرب".
وبسؤاله عمّا إذا كان بمقدور بايدن تحقيق اختراق فى موضوع صفقة الأسرى أو إنهاء الحرب، أجاب السيد: "بالنسبة إلى بايدن لديه الوقت والصلاحيات لاتخاذ إجراءات يمكن من خلالها تحقيق أيّ إنجاز عجز عن تحقيقه خلال الفترة الماضية، لكنّ بايدن إيديولوجيّاً يتماهي مع مصالح إسرائيل ولا يضغط عليها، ولا يرى أيّ فائدة من الضغط على إسرائيل، ويترك الخيار لها لتحديد مستقبلها، لذلك لا أعتقد أنّ بايدن سيصل إلى أيّ إنجاز حول صفقة الأسرى ووقف الحرب خلال المدة القصيرة المتبقية لوجوده في الحكم".