تتكرر منذ فترة مطالبات المعارضة التركية بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة قبل موعدها الأصلي، بحسب المدد الدستورية في 2023 القادم، بدأت تلك المطالبات من رئيس حزب السعادة المعارض تيمل قره ملا أوغلو في مؤتمر الحزب بمدينة سطان غازي نهاية عام 2019 بالبدء في نقاش إجراء انتخابات مبكرة، وعلى دربه سار النائب في حزب الخير لطفي توركان، ولا يتوقف حزب الشعب الجمهوري عبر أذرعه الإعلامية أو من خلال مطالبات نوابه في تصريحات صحفية مباشرة من المطالبة بهذا الطلب، من جهة أخرى يقف حزب الحركة القومية بقيادة دولت بهجلي سداً منيعاً أمام هذه المطالبة، وعلى خطه يقف بحرص حزب العدالة والتنمية الحاكم، وفق ما أورده "ترك برس".
وقد شهدت تركيا في الفترة الأخيرة تأسيس 3 أحزاب جديدة انشقّ قادتها عن أحزابهم الرئيسة، آخرهما حزبا المستقبل والديمقراطية والتقدم، بعد انشقاق أحمد داود أوغلو وعلي باباجان عن حزب العدالة والتنمية، فيما سبقتهم ميرال أكشنار بتأسيس حزب الخير بعد انشقاقها عن حزب الحركة القومية.
زيادة حدة خطاب المعارضة، ودخول حلفاء سابقين على الخط، يطرح تساؤلات حول قدرة أردوغان على تجاوز تحدي الانتخابات المقبلة
وزيادة حدة خطاب المعارضة خلال العام الماضي، ودخول حلفاء سابقين للرئيس على الخط المعارض طرح، بحسب الباحث التركي "عثمان أوغلو"، عدة إشارات استفهام حول مدى قدرة أردوغان على تجاوز تحدي الانتخابات المقبلة، لافتاً إلى أنّ وجود أحمد داود أوغلو وعلي باباجان في صف المعارضة، خلق أصعب واقع يواجهه الرئيس منذ عام 2002، خاصة أنّ أوغلو يُعتبر عرّاب السياسة التركية الخارجية، التي تبنت نظرية "صفر مشكلات"، وباباجان عرّاب النهضة الاقتصادية التركية، وفق ما أورد مرصد مينا.
وكان أوغلو قد لفت إلى أنّ الأشهر القليلة الماضية، وتبدلات السياسة الحكومية وتقلباتها، كشفت عن حالة تخبط سياسة داخل المنظومة الحاكمة، ووجود محاولات لتصويب الخطاب الحكومي، موضحاً: "إقالة ألبيرق وقبله مراد أويسال محافظ البنك المركزي وتصاعد الخطابات العاطفية للرئيس، كلّ تلك الأمور توحي بشعور النظام بالقلق من قدرته على تجاوز الاستحقاق الدستوري القادم، ما دفعه إلى محاولة إحداث تغيير على المستوى الداخلي والتخفيف من التوتر على المستوى الخارجي".
أوغلو: تبدلات السياسة الحكومية وتقلباتها كشفت عن حالة تخبط سياسية داخل المنظومة الحاكمة
في السياق ذاته، اعتبر المحلل السياسي المهتم بالشأن التركي، تورستن ليشت، في تصريحات صحفية، أنّ الرئيس التركي كان يراهن على الخطاب الشعبوي وتغذيته من خلال سياسات خارجية عدوانية تجاه من يراهم أعداءً تاريخيين للأتراك، كاليونان وقبرص وإرمينيا والأكراد، وترسيخ صورة القائد القومي، إلا أنّ بعض التحولات في مواقفه مؤخراً، وخاصة تجاه جيرانه الأوروبيين، عكست قناعة بدأت تتشكل لديه بأنّ الطريق إلى ولاية جديدة لا يأتي إلا من سياسة ما داخل الحدود وليس خارجها.
ليشت: أردوغان لا يملك فرصاً كبيرة للفوز بمنصب الرئيس، مع حالة الفقر المستشرية والتراجع الاقتصادي
وأضاف ليشت: "حتى سياسات الاعتقال وتصفية المعارضة والناشطين لم تُجد نفعاً، فالمعارضة ما تزال موجودة وبقوة، وصوتها ما يزال مسموعاً على مستوى العالم"، معتبراً أنّ اتجاه أردوغان نحو استنساخ التجربة الإيرانية خلال 6 أعوام من الوجود في كرسي الرئاسة في تركيا كان خاطئاً، وأنّ إقصاءه لحلفائه داخل الحزب انعكس سلباً عليه وعلى شعبية الحزب.
في ظل الظروف الراهنة، أوضح "ليشت" أنّ الرئيس لا يملك فرصاً كبيرة للفوز بمنصب الرئيس، مع حالة الفقر المستشرية والتراجع الاقتصادي، مشيراً إلى أنه مطالب بمراجعة شاملة لكل سياسته في الحكم، داخلياً وخارجياً، ومع حلفائه السابقين، الذين يبدو أنهم باتوا أكثر قوة.
يُذكر أنّ استطلاعاً للرأي أجراه مركز أوراسيا لأبحاث الرأي العام، أظهر أنّ 48.6% من الأتراك لن يصوتوا لصالح أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة.