هل يحرك مسلسل "فاتن أمل حربي" جمود القوانين والأعراف المجتمعية؟

هل يحرك مسلسل "فاتن أمل حربي" جمود القوانين والأعراف المجتمعية؟


07/04/2022

أعاد مسلسل "فاتن أمل حربي" إلى دائرة الضوء الجدل حول القيود والأعراف المتحجرة التي تكبّل المرأة العربية؛ حيث طرح العمل الدرامي الرمضاني قضية امرأة مطلقة سرق زوجها منزلها، وتركها وبناتها في الشارع وحدهنّ، في بيئة اجتماعية تُحمّل المرأة الجزء الأكبر من الطلاق، وتعتبر المطلقة موصومة، وبيئة قانونية تخيّر الأم بين حرمانين مؤلمين: حضانة أولادها، أو مواصلة حياتها مع رجل آخر.

 وتدور أحداث المسلسل من خلال إطار درامي اجتماعي، حول مشكلة "فاتن" مع زوجها، وهي تعمل في الشهر العقاري، وتجسّد شخصيتها الفنانة نيللي كريم، وتتوالى المشاكل الزوجية بينهما حتى تقرر إنهاء زواجها بعد (10) أعوام، ظنّاً منها أنّها بذلك تنتهي من المشاكل بينهما، ولكنّها تصطدم بالواقع، لتجد نفسها أمام مشكلة أكبر، وهي حضانة الأولاد، والتي يقرر القانون حرمانها من ابنتيها حال تزوجها من شخص آخر، وتتصاعد الأحداث بشكل تشويقي.

 ويسلط المسلسل الضوء على شخصية الرجل الشرقي النمطي الذي يسعى لفرض رأيه بالقوة على زوجته وأطفاله، ولا سيّما البنات، إلى جانب غيرته الجنونية، خلطة من الخصال الحادة التي يستحيل التعايش معها في غياب تام لأدنى مستوى من التفاهم. وبدأت الحلقة الأولى بوجود خلاف بين شريف سلامة، الذي يجسد دور "سيف" زوج "فاتن"، ونيللي كريم التي تجسد دور "فاتن"، بسبب غيرته الشديدة ورغبته في فرض آرائه على زوجته، في محاولة منه لإجبارها على ارتداء الحجاب، أو أن تمتنع من التعامل مع أيّ رجل في العمل، وانتهى الخلاف بينهما بإلقائه الشاكوش على المرآة وكسرها.

 

أعاد مسلسل "فاتن أمل حربي" إلى دائرة الضوء الجدل حول القيود والأعراف المتحجرة التي تكبل المرأة العربية

 

 المسلسل من تأليف الكاتب إبراهيم عيسى، وتُعتبر هذه تجربته الدرامية الأولى، وإخراج ماندو العدل، ومن بطولة نيللي كريم، شريف سلامة، هالة صدقي، فادية عبد الغني، خالد سرحان، محمد ثروت، وعدد من الفنانين الآخرين.

  قضايا متنوعة

رأت الناقدة الفنية أمنية عادل حسن، في تصريحات لـ"حفريات"، أنّ المسلسل يطرح قضايا متنوعة "تماشياً مع توجه الدولة المصرية الحالي، الذي يولي اهتماماً بالمرأة المتزوجة والمعيلة والمطلقة."

 ومن بين تلك القضايا "الولاية التعليمية"، وحق الزوجة في التصرف في مصروف البيت، والطلاق، واستغلال الزوج القانون لإنهاك المرأة، والفكر السائد لدى الرجال بأنّ "الزوجة هي ملكية خاصة حتى بعد الطلاق"، على حدّ قول الناقدة المصرية.

اقرأ أيضاً: بعد "لعبة نيوتن" يخطف الأنظار في "العائدون".. ماذا تعرف عن محمد فراج؟

وقد تفاعل مع تلك القضايا المختلفة التي أثارها المسلسل، المجلس القومي المصري للمرأة، حيث أصدر بياناً أمس بشأن حق الولاية التعليمية للأطفال للأم المطلقة، بعد الإشكاليات التي عرضها مسلسل "فاتن أمل حربي"، واستند إلى أمرين؛ أحدهما يتعلق بقانون الطفل، والآخر يتعلق بالقرار الصادر من وزير التربية والتعليم.

الناقدة الفنية أمنية عادل حسن: كاتب السيناريو إبراهيم عيسى يفتقر لأسس الكتابة للدراما

وأكد المجلس أنّ المادة (54) من قانون الطفل رقم (12) لعام 1996، المعدّلة بالقانون (126) لعام 2008 تضمنت أنّ التعليم حق لجميع الأطفال بمدارس الدولة بالمجان، وتكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى يرفع أيّ من ذوي الشأن الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضياً للأمور الوقتية ليصدر قراره بأمر على عريضة.

 اختلالات بالسيناريو

رغم أنّه في المقام الأول دراما اجتماعية، بدا المسلسل كأنّه عُزل عن سياقه الاجتماعي، على حدّ وصف الناقدة المصرية التي عزت ذلك إلى "مشكلة" في السيناريو.

 وأشارت إلى أنّ مسلسل "فاتن أمل حربي" من المفترض أنّه دراما "اجتماعية من الدرجة الأولى، لكن لم يظهر المجتمع حتى في خلفية العمل، وكأنّ فاتن حالة فردية."

اقرأ أيضاً: "ميريت الثقافية": قراءة جديدة لمشروع مصطفى ناصف

 وقالت أمنية: "إنّ كاتب السيناريو إبراهيم عيسى يفتقر لأسس الكتابة للدراما، حيث لا يوجد تأسيس للشخصيات والأحداث"، إلا أنّها استطردت: "لا ننكر أنّ هناك بعض المشاهد والمواقف الصعبة، وتمّ أداؤها دراميّاً بشكل جيد من نيللي كريم وشريف سلامة، بالإضافة إلى اختيار المخرج حلولاً درامية ذكية، مثل الاكتفاء بالإيحاء بالضرب، في حلقة أمس."

 

الناقدة أمنية عادل حسن: المسلسل يطرح قضايا متنوعة تماشياً مع توجه الدولة المصرية الحالي الذي يولي اهتماماً بالمرأة

 

 وإلى جانب عوار النص، أشارت الناقدة الفنية إلى أنّ مشكلة جديدة في المسلسل، وهي الأجواء "الثمانينية" التي غلبت عليه، قائلة: "تحسّي أنّه قديم، يعني ثمانيناتي، سواء في الطرح أو النقاش".

 وشرحت الناقدة الفنية أنّ العمل يناقش بشكل عام كلّ ما تتعرض له المرأة على اختلاف حالتها الاجتماعية، إلا أنّ ذلك "جاء بطرح فيه قدر من المباشرة، وغلب عليه الطابع الخطابي، وهو ما يتجلى في حديث بعض الشخصيات، حتى أنّ هناك بعض الجمل الحوارية نشعر أنّ تلك الشخصيات لا يمكن أن تقولها إلا لكونها مكتوبة في سيناريو إبراهيم عيسى".

 ولفتت إلى أنّ عيسى "حاول تقديم توافق بين الموقف الديني والوضعي والقانون البشري، ليكتسب الأمر قبولاً اجتماعياً، خاصة أنّ الزواج والقانون في مصر قائم على الشريعة الإسلامية، إلا أنّه من الواضح أنّ هناك عدم فهم كامل للشرع من قبل بعض الأزواج، وكذلك تعسفات القانون التي تسبب في كثير من الأحيان مشاكل بالتبعية."

اقرأ أيضاً: هكذا ظهر السيسي والإخوان في الحلقة الأولى من "الاختيار 3"

 وتابعت أمنية: "الفكرة أنّ المسلسل من تأليف إبراهيم عيسى الصحفي المشهور، وله روايات ومشاركات سيناريوهات للسينما زي مولانا والضيف وغيرها. واللافت في كتاباته هو غلبة طرح الفكرة بشكلها المباشر أكثر من تقديم تناول درامي لها، لذلك لم يتضح في المسلسل تاريخ للشخصيات أو بناء وتمهيد واضح لها، فضلاً عن المواقف الدرامية التي تتعرض لها الشخصيات الرئيسية على وجه التحديد، ففاتن في مواقف واقعية فعلاً، لكن لا تقدّم بصورة درامية."

 

الناقدة: يُفترض أنّ المسلسل دراما اجتماعية، لكن لم يظهر المجتمع حتى في خلفية العمل، وكأنّ فاتن حالة فردية

 

 وأوضحت أنّ "عيسى كاتب مثقف، عنده معارك مع المجتمع، وفكر نقدر نقول عنه تنويري، لكنّ السينما والدراما والفنون بشكل عام تقوم على مقومات وأسس مهمة، من ضمنها السيناريو. هو لديه القدرة على تقديم فكرة ومعالجة مهمة، لكنّ كتابة السيناريو تستدعي كاتب سيناريو، حتى لا يكون العمل مجرّد مقال مطوّل."

هدف المسلسل

على الجانب الآخر، يهدف مسلسل "فاتن أمل حربي" إلى التعريف بوجود خدمات مثل مجمع الخدمات المتكاملة وخط الفتاوى، وغيرها من الأمور التي قد لا يعرفها الكثير من المصريين، على حدّ قول الناقدة المصرية.

 وأشارت أمنية إلى قضية "ولاية المجتمع على المرأة"، التي عكسها مشهد رفض الفندق إقامة امرأة بمفردها، مضيفة: "المقصود هنا ليست الفنادق (5) نجوم أو حتى (4)".

 وأكدت الناقدة أنّه ليس هناك قانون في مصر يمنع المرأة من النزول بمفردها في فندق أو بانسيون، معتبرة أنّ ذلك جزء ممّا أطلقت عليه "ولاية المجتمع على المرأة"، على اعتبار أنّ تلك المرأة أو الفتاة قد تكون "هاربة" من أهلها، أو ربّما شيء من هذا القبيل.

 ونبّهت إلى أنّ المسلسل "يطرح كلّ المشاكل والقضايا الخاصة بالمرأة، كلها مرة واحدة بشكل مكثف، لذلك طغت عليه حالة من الكآبة العامة والمباشرة، حتى أنّ ذلك أثر على الاختيارات البصرية للإخراج مثل الإضاءة ومشهد البيت القاتم، وغلب الظلام على جميع المشاهد في انعكاس لحالة الظلامية الفكرية والمجتمعية."



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية