هل يتسبّب نهر هلمند بحرب بين طالبان وإيران؟

هل يتسبّب نهر هلمند بحرب بين طالبان وإيران؟

هل يتسبّب نهر هلمند بحرب بين طالبان وإيران؟


27/06/2023

تصاعد التوتر بين النظام الإيراني وحكومة طالبان في أفغانستان، مؤخراً، على خلفية أزمة تقاسم مياه نهر هلمند، والذي يمثل مصدر الإمداد الرئيسي لسهل سيستان، الواقع في الإقليم الحدودي سيستان وبلوشستان الإيراني. فيما اعتبر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ممارسات الحركة بشأن التعدي على حقوق إيران المائية، أو بالأحرى الحصة المتفق عليها، بناء على التسوية التي تمت بموجب اتفاق يعود لعام 1973 بمثابة "انتهاك" مباشر وصريح.

إيران تهدد وطالبان لا تعلق

ووفق حسن كاظمي قمي، ممثل رئيسي للشؤون الأفغانية، فيتعين "التحقق" الكامل من مزاعم الحركة بخصوص نقص المياه في النهر، لافتاً إلى أنّ المسؤولين في الحركة وافقوا على زيارة خبراء إيرانيين لسد كجكي. ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن كاظمي قمي، قوله: "علينا التحقق من ذلك، والآن وافقوا على أن يذهب خبراؤنا ليروا المنطقة بأنفسهم".

وشدد ممثل الرئيس الإيراني للشؤون الأفغانية، مطلع الأسبوع، على أنّ الأقمار الصناعية الإيرانية تسجل صوراً تؤكد عدم صحة مزاعم طالبان بخصوص نقص المياه والجفاف في نهر هلمند. وقال إنّ "الجانب الأفغاني يقول إنّ جزءاً من السد البالغ من العمر 60 عاماً قد تجمعت فيه رسوبات، ولهذا السبب تظهر صور الأقمار الصناعية وجود الماء. لكنّهم وافقوا على زيارتنا للمنطقة على أساس البند الخامس من معاهدة الجانبين".

ورغم شح المعلومات من الجانب الأفغاني، وندرة التعليقات على التصريحات الإيرانية، إلا أنّ مساعد وزير خارجية طالبان، شير محمد عباس ستانكزاي، نفى احتمالية السماح للخبراء الإيرانيين بزيارة المراكز والسدود المائية، مؤكداً أنّها من المناطق "الحساسة".

كمال الزغول: حرب إيران مع طالبان أمر محفوف بالخطر

وفي جلسة علنية للبرلمان الإيراني، الأحد الماضي، قال رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، إنّ طهران "لن تتنازل" عن حصتها في نهر هلمند، مهدداً بطرد اللاجئين الأفغان. كما دعا نواب في البرلمان الإيراني إلى الضغط على الحركة من خلال تخفيض التمثيل الدبلوماسي، وطرد ممثلي الحركة من السفارة الأفغانية بطهران.

في حال أرادت إيران أن تتجنب مثل هذا الصراع مستقبلاً، فقد يكون الاعتراف بحكومة طالبان مطلباً لتهدئة الأوضاع، وتجنب فتح جبهة على الحدود

وصرح قاليباف: "أطلب من السلطات الأفغانية التجاوب البنّاء مع الإرادة الإيجابية للجمهورية الإسلامية في هذا الصدد، ونظراً لوجود مخزون كاف من المياه في أفغانستان، ينبغي أن يحولوا دون حدوث مشكلة خطيرة في العلاقات بين البلدين. إنّ التنفيذ الكامل والدقيق لهذه الاتفاقية يعود بالنفع على البلدين، ويضمن المنافع المتبادلة، كما يحمي الوضع المناخي والجغرافي والشعبي لأجزاء كبيرة من غرب أفغانستان وشرق إيران. هذه مسألة حيوية، ولن تكون هناك تنازلات بشأنها".

لماذا تتفادى طهران أزمة عسكرية مع طالبان؟

مشكلة المياه، في كل دول العالم، قد تنسف "جميع الاتفاقات" التي وقعتها طالبان مع طهران. بالتالي، فإنّ السيناريو المتوقع هو "تفاقم المشكلة" إذا لم تجد كل من إيران طالبان، بطريقة أو أخرى، مقاربة عملية وسياسية للحل دون الدخول في صدام عنيف، حسبما يوضح المراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة، الدكتور كمال الزغول.

ووفق الزغول، في حديثه لـ"حفريات"، فإنّ هناك جملة أسباب عوامل تؤدي إلى هذه النتيجة الصعبة والوضع الذي يجعل الأطراف كافة على الحافة، منها "عدم اعتراف" حكومة طهران بحركة طالبان، حتى اللحظة، وعدم تسهيل إيران الحركة التجارية لـأفغانستان، وإعاقة حركة الشاحنات بالتدقيق والتأخير.

كما تعتبر أفغانستان في (ذهن الملالي) "ورقة سياسية" للغرب بسبب وقوعها في منطقة حساسة بين الصين وروسيا وإيران. ويضاف إلى ذلك أسباب أخرى تتعلق بالتغير المناخي والجفاف بما قد يقود إلى "معركة بقاء" بين البلدين.

ويلفت الزغول إلى نقطة مهمة، حسبما يوضح، تجعل الانخرط في حرب أو صراع مسلح، من الأمور المحفوفة بمخاطر جمّة، لا سيّما "وجود كم هائل من الأسلحة" لدى طالبان تركتها القوات الأمريكية قبل انسحابها المباغت، مع الأخذ في الاعتبار زيادة الاحتجاجات بمحافظة سيستان بلوشستان وبقية المناطق الجافة في إيران. وعليه، فالحكومة الإيرانية "تضغط لإيجاد طريقة مثلى للتعامل مع نقص المياه في بحيرة هامون التي تتغذى على المياه القادمة من نهر هلمند".

المراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة، كمال الزغول لـ"حفريات": مشكلة المياه، في كل دول العالم، قد تنسف جميع الاتفاقات التي وقعتها طالبان مع طهران

في المقابل، يبدو أنّ إيران لا ترغب في "تأجيج الأوضاع" مع طالبان لرغبتها في المحافظة على علاقاتها مع دول الجوار، وانفتاحها على السعودية، بالإضافة إلى أنّها تشعر أن الغرب يريد "إثارة الأزمات" على حدودها مع أفغانستان. يقول الزغول.

ويردف: "هذه المشاكل الحدودية قد تقود إلى تصعيد محلي على الحدود، بين الفينة وأخرى، بسبب حماسة بعض القادة الصغار في طالبان، خاصة مع فقدان التسلسل القيادي لدى الحركة في كابل وضعف وسائل الاتصال. وفي حال أرادت إيران أن تتجنب مثل هذا الصراع مستقبلاً، فقد يكون الاعتراف بحكومة طالبان مطلباً لتهدئة الأوضاع، وتجنب فتح جبهة على الحدود، لكنّها ستتأخر في ذلك حتى تتمكن من توقيع اتفاق نووي مع الولايات المتحدة".

أبعد من مجرد أزمة بيئية

وفي المحصلة، فإنّ معركة بقاء طالبان تتطلب "اندفاعات في المنطقة عسكرياً"، والبديل عن هذه العسكرة، حسبما يقول المراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة، هو "الاعتراف بها دبلوماسياً"، ثم مناقشة مشاكل المياه وغيرها من الملفات بعد ذلك.

ويختتم حديثه قائلاً بأنّ طالبان ستبقى "حرة أو (متلفتة) في تصرفاتها طالما لم تدخل نادي العلاقات الدولية. فلا يمكن عقد اتفاقات خارج نطاق العلاقات الدولية. فيما ستسعى إيران جاهدة لتجنب مثل هذا الصراع بإيجاد حلول بديلة للمحافظات التي تعاني الجفاف لديها. وحتى تتجنب الأخيرة مثل ذلك الصراع المحتمل ستحاول ممارسة ضغوط على طالبان من خلال وساطات الصين والسعودية من خلف الكواليس، وذلك مقابل تسهيل المساعدات لسد احتياجات الحركة. لكن ذلك لا يمنع المحاولات الغربية لتأجيج الوضع، ولا يمنع حوادث القتل على الحدود بسبب عدم وجود حدود دبلوماسية بالاعتراف بحركة طالبان، بالإضافة إلى أنّ شرط بقاء طالبان هو الوفاء بالاحتياجات الأساسية لمواطنيها مثل الماء والزراعة. والتصعيد، حتماً، سيعتمد على حجم الخسائر في الحوادث الحدودية القادمة. الخلاصة أنّ عدم الاعتراف بحركة طالبان دولياً يجعلها ورقة سياسية يمكن توظيفها بيد القوى الكبرى".

إلى ذلك، قال المساعد القانوني للرئيس الإيراني، في بيان إنّ "تحرك أفغانستان ببناء سد كمال خان وتحويل مجرى نهر هلمند إلى مستنقعات غود زره الملحية، إذا منع إيران من الحصول على حصتها المنصوص عليها في الاتفاق بين البلدين، فإنّه يعدّ انتهاكاً للمادتين (2 و5) من تلك المعاهدة. وإنّ عدم تعاون أفغانستان في بناء البنية التحتية التقنية المشتركة الضرورية يعتبر مخالفاً للالتزامات الواردة في المادة (7) من هذه المعاهدة". مؤكداً على أنّه "في العام الماضي أدى تحويل مجرى المياه نحو غود زره إلى منع التدفق الطبيعي للنهر باتجاه مستنقعات هامون وإلى أضرار بيئية".

مواضيع ذات صلة:

"طالبان" تمنع تدريس النساء "ولو ألقيت علينا قنبلة ذرية"

هل يرتبط التصعيد بين إيران وطالبان بقضية الخلافات المائية فقط؟

توحش "طالبان باكستان"... ما التداعيات الإقليمية والدولية المحتملة؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية