هل يتحمل حزب الدعوة الإسلامية مسؤولية خراب الدولة العراقية؟

العراق

هل يتحمل حزب الدعوة الإسلامية مسؤولية خراب الدولة العراقية؟


01/11/2018

ما إن كلّف الرئيس العراقي برهم صالح، السياسي المستقل عادل عبدالمهدي، بتشكيل الحكومة الجديدة، حتى انتهى حلم حزب الدعوة الإسلامية، بولاية خامسة لحكم العراق.

وصوّت مجلس النواب العراقي، الخميس الماضي، على حكومة عبدالمهدي، بعد تكليف رئيس الجمهورية، في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) الحالي.

اقرأ أيضاً: حزب الدعوة والانتخابات العراقية

بدوره، سلّم رئيس الوزراء، المنتهية ولايته، القيادي في حزب الدعوة حيدر العِبادي، صباح الخميس الماضي، مقاليد السلطة لخلفه عادل عبدالمهدي، في أجواء وصفها الأخير بـ "الديمقراطية".

وحكم حزب الدعوة الإسلامية العراق، لأربع ولايات متوالية، ابتداءً من حكومة إبراهيم الجعفري الانتقالية (2005-2006)، مروراً بحكومتي نوري المالكي (2006-2014)، وانتهاءً بحكومة حيدر العبادي (2014-2018).

قيادة حزب الدعوة بجميع محاورها الحزبية

العبادي .. أفضل الدعاة في السلطة

اختلف العراقيون حيال دور العبادي؛ حيث أشاد البعض بقيادتهِ للبلاد في ظروفٍ وصفت بـ "المزرية"، فيما انتقده آخرون لتمسّكه بهوية حزبه.

باحثون يؤكدون أفضلية العبادي على غيره من الدعاة في السلطة وينتقدون انقسام الحزب وضياع الولاية الخامسة لحكم العراق

ويقول رشيد الخيون، وهو باحث ومؤرخ عراقي، لـ "حفريات" إنّ "العبادي لم ينطق طيلة الأربعة أعوام الماضية، بكلمة طائفية وعقائدية، كسلفه الهائج، ولم يتظاهر كالآخرين دينياً، ولم ينشىء عصابة من الأصهار، والإخوان وأولادهم، والأعوان، ولم يؤسس ميليشيات".

كنّ الخيون، مع ذلك، انتقد رئيس الوزراء السابق؛ لأنّه "أضاع فرصة الإصلاح، ولم يستطع الخروج من شرنقة الحزب، ولم يخرج معلناً استقالته ضدّ ما صُنع بالمتظاهرين"، لافتاً إلى أنّه "لم يتخذ موقفاً من الاغتيالات، ولم يجرؤ على كفّ يد الفاسدين، ولم يقدر على تقييد هيمنة الجوار العابث، ولا كبح جماحه، مع أنه حاول، لكنه كان أضعف".

اقرأ أيضاً: عطش البصرة والصراع على السلطة يخنقان العراق

أما إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية، فقد ودّع العبادي قائلاً: إنّه "يستحق الشكر والعرفان؛ لأنّ سلوكه كان مدنياً في العمل الحكومي، كما أنّه كان هادئاً في التعاطي مع الأزمات السياسية المزرية، وابتعد عن المهاترات والخطابات الرنانة، الأمر الذي جعل خصومه في حرج".

العبادي وعبدالمهدي في احتفالية تسليم السلطة

الدعوة خلال تجربتي الجعفري والمالكي

خلال تجربتي إبراهيم الجعفري ونوري المالكي؛ رسّخ حزب الدعوة حضوره في السلطة، على مدارِ عقدٍ كامل؛ حيث يرجّح مراقبون سلبيات التجربتين على إيجابياتهما.

ويستذكر أحمد الموسوي، وهو صحفي وناشط مدني، العام الذي حكم به الجعفري البلاد، قائلاً: "كان الجعفري رجل تنظير أكثر من كونه رجل دولة، وإدارة البلاد تحتاج إلى أن تكون كفة الأفعال هي الراجحة على كفة الكلام"، مشيراً إلى "عجز الجعفري عن تخفيف الآثار التي تسببت بالاقتتال الطائفي الذي شهدته البلاد في عهده".

انتقادات لاذعة لتجربة الدعوة الإسلامية في الحكومات السابقة وتحميلها مسؤولية تسليم ثلث البلاد لداعش وتفشي أزمة المحاور

وعن تجربة حكم نوري المالكي؛ يؤكّد الموسوي لـ "حفريات"؛ أنّه "لو قدّر أن يكون غير المالكي على رأس الحكومتين السابقتين، لعلّنا كنا سنعيش عراقاً غير الذي عشناه أمس".

من جهته، يحمّل الأكاديمي علاء هاشم "مسؤولية ضياع العراق الذي احتل داعش ثلث أراضيه للمالكي"، مبيناً أنّ "زعيم حزب الدعوة الإسلامية أضاع هيبة الدولة بسيادة المجاميع المتطرفة، حينما كان رئيساً للوزراء".

وتابع هاشم، عبر "حفريات" إنّ "مسألة خراب الدولة العراقية، أضحت لصيقة بقوى الإسلام السياسي الحاكمة، منذ العام 2003 ولغاية الآن، وفي مقدمتهم الدعاة".

انقسام الدعاة أضاع الولاية الخامسة

يؤشر باحثون سياسيون إلى وجود انقسامات داخلية أضعفت سلطة حزب الدعوة، لصالح محاور "عائلية - مناطقية" عمقها دعاة قياديون، مؤكدين وضوح تلك الانقسامات إبان المشهد الانتخابي الأخير.

رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي

ويقول رحمن الجبوري، وهو باحث في الشأن السياسي مقيم في أمريكا، لـ "حفريات" إنّ "حزب الدعوة يعاني من محاور حزبية، قائمة على أساس مناطقي وعائلي، عمقت الخلاف الحزبي منذ أيام المعارضة"، مبيناً أنّ "هيمنة الحزب على رئاسة الوزراء على مدار تلك الأعوام، يعود إلى طفولية القوى السياسية الشيعية وقتها، التي ابتلعها الدعاة بدهائهم".

ويعزو الجبوري تشظّي الدعاة حزبياً إلى "غياب القيادة الفكرية والرمزية الدينية، نتيجة تركيبة الحزب المبنية على أساس الشورى"، لافتاً إلى أنّ "نظام الشورى جعلهم يتخندقون خلف محاور معروفة لدى الباحثين بالشأن السياسي العراقي، وأهمها محاور الجعفري والمالكي والأديب".

اقرأ أيضاً: أقليات العراق تشكو تغييبها عن تشكيل الحكومة

وفي السياق ذاته؛ يتفق كامل الزيادي مع ما ذهب إليه الجبوري، مؤكداً لـ "حفريات" أنّ "تخندقات حزب الدعوة الداخلية بانت للعيان في الفترة الأخيرة، لاسيما نزول الحزب بقائمتين انتخابيتين، إحداهما برئاسة حيدر العبادي، والثانية برئاسة نوري المالكي"، مبيناً أنّ "تلك التخندقات انتهت بضياع الحزب لرئاسة الوزراء". 

محاولات رأب الصدع

وسبق لمجلس شورى الدعوة الإسلامية أن عقد جلسة مركزية، في الـ 22 من أيلول (سبتمبر) الماضي، شدّد على ضرورة رأب الصدع بين جناحي المالكي والعبادي، فيما طالب بأهمية دمج "ائتلافي النصر ودولة القانون" في كتلة نيابية واحدة، تمثل الحزب.

حكم حزب الدعوة الإسلامية العراق لأربع ولايات متوالية ابتداءً من حكومة الجعفري وانتهاءً بحكومة حيدر العبادي

ومن المرجَّح أن يعقد حزب الدعوة مؤتمره العام، خلال الشهرين المقبلين، بحسب القيادي فيه علي الأديب، الذي ردّ على أنباء "موت الحزب سريرياً"، قائلاً إنّ "المؤتمر سيعمل على إعادة القوى المنشقة عن الحزب إلى صفوفه"، مؤكداً "وجود جملة مقترحات بهذا الصدد".

في المقابل، قدم أمين عام الحزب نوري المالكي، في 21 الجاري اقتراحات لإعادة بناء الحزب عبر استقطاب الأعضاء المنقطعين والاستعداد للانتخابات العامة في العام 2022.

واقترح المالكي، بحسب بيان له، "التحضير لمؤتمر الحزب القادم؛ بمضامين ورؤى ودراسات رصينة"، مؤكداً على "تعديل النظام الداخلي؛ بما ينسجم ونظرية الدعوة، وتحولات الواقع، وقانون الأحزاب في العراق".

اقرأ أيضاً: حزب الدعوة: من دعاوى المثالية إلى مهاوي التبعية والطائفية

كما دعا رئيس ائتلاف دولة القانون إلى "مأسسة حزب الدعوة، وإعادة بناء هيكله التنظيمي؛ بما ينسجم ومتطلبات الواقع، وسياقات عمل المؤسسات الحزبية العالمية المتطورة".

اجتماع شورى الحزب الأخير في أيلول بحضور المالكي والعبادي


صحوة إصلاحية متأخرة

من جانبه، يصف سلام الحسيني، وهو كاتب وصحفي عراقي، تلك الاقتراحات بـ "المتأخرة"، متسائلاً: "أين كانت قيادات الدعوة من الإصلاح الحزبي، طيلة انشغالها في السلطة منذ تلك السنين الماضية؟".

دعا رئيس ائتلاف دولة القانون إلى "مأسسة حزب الدعوة، وإعادة بناء هيكله التنظيمي؛ بما ينسجم ومتطلبات الواقع

ويضيف لـ "حفريات" بأنّ "قطار الإصلاح تعدّى نوري المالكي وباقي قيادات الدعوة، حينما كانوا في سبات السلطة"، مشيراً إلى أنّ "الرأي العام العراقي بات مقتنعاً بالخطاب المدني الذي يناهض القوى الإسلامية الموجودة حالياً".

ويدعو الحسيني قوى الإسلام السياسي إلى تبني الخطابات والشعارات المدنية، كما فعلت شقيقاتها قبل أعوام قليلة، ويؤكد أنّ "تيار الحكيم والتيار الصدري وقوى إسلامية أخرى، تتبنى النهج المدني في سلوكياتها السياسية، فلماذا لا يغادر الدعاة فكرة الدعوة الإسلامية التي أصبحت من الماضي؟".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية