هل يتجمد الجيش الروسي في أوحال باخموت؟

هل يتجمد الجيش الروسي في أوحال باخموت؟

هل يتجمد الجيش الروسي في أوحال باخموت؟


20/12/2022

اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بكبار جنرالات الجيش الروسي، قبل زيارته الهامّة إلى بيلاروسيا؛ للاجتماع بنظيره البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو، في ظل مخاوف أوكرانية من شن هجوم متجدد انطلاقاً من حدود بيلاروسيا، وهو الأمر الذي شكك فيه البيت الأبيض، بحسب موقع (the War Zone ) للشؤون العسكرية.

بوتين التقى بوزير الدفاع الجنرال سيرجي شويغو، ورئيس الأركان العامة، الجنرال فاليري جيراسيموف، والقائد العام للقوات الروسيّة في أوكرانيا، الجنرال سيرجي سوروفكين، في مقر القوات المشتركة في 16 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.

استراتيجيات الضغط العسكري

من المتوقع أن يضغط بوتين، في اجتماعه بالرئيس البيلاروسي، تجاه تحقيق المزيد من التكامل العسكري بين البلدين، وكذا ممارسة الضغط على كييف، وإن كان من غير المحتمل أن تتمكن روسيا، أو روسيا وبيلاروسيا معاً، من شن عملية ناجحة ضدّ أوكرانيا، حيث استهلكت روسيا قدراً هائلاً من القوى العاملة والذخيرة والمركبات والإمدادات، في حربها المتواصلة منذ عشرة أشهر، كما تواجه روسيا مشكلة كبيرة في السيطرة على الأراضي التي احتلتها في الشرق والجنوب، حيث خسرت مساحات شاسعة منها في الأشهر الأخيرة.

الاحتمال الآخر هو ممارسة نوع من الضغط العسكري من بيلاروسيا، انطلاقاً من الجزء الغربي من حدودها مع أوكرانيا؛ عبر عملية عسكرية محدودة، تظل محفوفة بالمخاطر؛ بسبب التضاريس الصعبة، مع افتقاد عنصر المفاجأة، حيث ستكون مثل هذه العملية تحت أعين أجهزة المراقبة التابعة لحلف شمال الأطلسي. وهذا من شأنه أن يجعل مهمة أوكرانيا في التصدي لمثل هذا الإجراء أسهل بكثير، ومن المحتمل أيضاً أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا.

اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بكبار جنرالات الجيش الروسي، قبل زيارته الهامّة إلى بيلاروسيا

قد يكون الهدف من تلك العملية المحتملة، سحب القوات الأوكرانية تجاه الحدود البيلاروسية، ما يخفف من وجودها في الخطوط الأمامية. وبشكل أكثر تحديداً، يمكن للتهديد القادم من بيلاروسيا أن يقلص عدد القوات التي يمكن أن تجمعها أوكرانيا؛ من أجل كسر الخطوط الدفاعية الجديدة لروسيا التي في الدونباس وجنوب أوكرانيا وشبه جزيرة القرم؛ ذلك أنّ إعادة توزيع القوات الأوكرانية على جبهات القتال، قد يؤدي إلى إعاقة قدرات الأخيرة على استعادة المزيد من الأراضي، وخاصّة شبه جزيرة القرم.

تحول تكتيكي

من جهة أخرى، أشار آخر تحديث استخباراتي صادر عن وزارة الدفاع البريطانيّة، إلى وجود تحول طفيف في تكتيكات الهجمات الروسيّة ضدّ البنية التحتية الأوكرانية. ففي حين تمّ إطلاق العديد من الموجات الصاروخية السابقة عبر طائرات إيرانية بدون طيار من قواعد في شبه جزيرة القرم، فإنّ تلك الطائرات المستخدمة في هجمات 16 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، انطلقت بشكل أساسي من قواعد في منطقة كراسنودار، التي تقع في جنوب روسيا.

من المتوقع أن يضغط بوتين، في اجتماعه بالرئيس البيلاروسي، تجاه تحقيق المزيد من التكامل العسكري بين البلدين

أرجع مراقبون هذا التغيير إلى المخاوف التي فجرتها الهجمات الأوكرانية الأخيرة على القوات الروسية في شبه جزيرة القرم، فضلاً عن كون كراسنودار أقرب بكثير إلى المكان الذي تستقبل فيه روسيا الطائرات بدون طيار من إيران. ومع ذلك، وبالنظر إلى الهجمات طويلة المدى التي شنتها أوكرانيا مؤخراً على قواعد القاذفات الروسية، فإنّ منطقة كراسنودار تبدو أيضاً في متناول اليد.

جبهة باخموت المشتعلة

وعلى الصعيد الميداني، اندلع قتال عنيف بالقرب من بلدتي باخموت وأفدييفكا، وسط تقارير عن قصف روسي عنيف، على طول خط المواجهة في منطقة دونيتسك.

بافلو كيريلينكو، حاكم المنطقة قال إنّ "خط الجبهة بأكمله يتعرض للقصف". مضيفاً أنّ خمسة مدنيين قتلوا وأصيب اثنان. وبحسب الغارديان البريطانية، لا يزال هناك مدنيون في البلدات والقرى المحيطة بمدينة باخموت، التي تتعرض حالياً للهجوم من اتجاهين، على الرغم من ظروف البرد القارص ونقص الإمدادات.

وتعد باخموت، تلك المدينة الشرقية المحاصرة، هي الجبهة الأكثر عنفاً في الحرب، في الوقت الحالي. وعلى بُعد خمسة أميال من باخموت، بعيداً عن الخطوط الأمامية، يظل صوت الصواريخ الثقيلة والمدفعية ثابتاً، في منطقة متجمدة، حيث تغطي جميع الطرق طبقة زجاجية من الجليد.

أرجع مراقبون هذا التغيير إلى المخاوف التي فجرتها الهجمات الأوكرانية الأخيرة على القوات الروسية في شبه جزيرة القرم

قضى الجنود الروس على خط المواجهة هذا، ما يقرب من ستة أشهر؛ في محاولة اختراق فاشلة؛ للوصول إلى مدن: سلوفيانسك وكراماتورسك، وكونستانتينوفكا، ولا يبدو أنّ المهمة سوف تكلل بالنجاح، حيث يجب على المقاتلين أن يشقوا طريقهم عبر الحقول والغابات الكثيفة، في شرق أوكرانيا، والاحتماء بخنادق موحلة ومتجمدة.

وبينما تختبئ الدبابات بين الأشجار، يتدفق تيار مستمر من المدرعات والسيارات التي تحمل الجنود، ذهاباً وإياباً، عبر الممرات الضيقة، في حين تنتظر سيارات الإسعاف والأطقم الطبية المرتعشة، بحسب تعبير الجارديان، بجوار الخنادق لإجلاء الجرحى.

على بُعد خمسة أميال من باخموت، بعيداً عن الخطوط الأمامية، يظل صوت الصواريخ الثقيلة والمدفعية ثابتاً، في منطقة متجمدة

تحولت باخموت إلى هدف مركزي لكلا الجانبين، حيث قام الروس والأوكرانيون بنقل القوات من مقاطعة خيرسون وأماكن أخرى؛ لتعزيز جهودهم. ويستخدم الروس مقاتلين من شركة فاغنر العسكرية الخاصّة، كقوات هجومية، كما يستخدمون جنوداً تم حشدهم حديثاً؛ للدفاع عن المواقع.

وبحسب مراسل الغارديان على جبهة القتال في باخموت، أراد بعض الجنود الروس الاستسلام، لكنّ آخرين منعوا ذلك، عبر إطلاق مكثف للنيران. ولفت المراسل إلى أنّ المعدات التي يستخدمها الجنود الروس، تبدو بدائية للغاية. يقول أحد الجنود الأوكرانيين: "رأينا خوذات معدنية من النوع الذي قد تراه في الحرب العالمية الثانية، عندما انتشلنا الجثث، لم يكن لديهم هواتف ولا أوراق".

يبدو الإصرار الروسي على احتلال باخموت محيراً لدى البعض، لكنّ ذلك ربما يعود إلى كونها أبرز نقاط تقاطع خطوط السكك الحديدية، لكن يظل التقدم لما وراء المدينة شديد الصعوبة، بسبب وعورة التضاريس، في ظل شتاء شديد القسوة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية