هل ستواصل إسرائيل هجماتها على مواقع إيران وحزب الله؟

هل ستواصل إسرائيل هجماتها على مواقع إيران وحزب الله؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
11/09/2019

ترجمة: إسماعيل حسن


في الوقت الذي تشهد فيه الحدود الإسرائيلية اللبنانية حالة من الترقّب الحذر، بعد ضربات عسكرية متبادلة بين الجانبين، استغرقت بضع ساعات، ساد خلالها التوتر الحادّ، يُبقي الجيش الإسرائيلي قواته في حالة تأهّب قصوى، خشيةً واستعداداً لأيّ سيناريو قادم ينفَّذ من قبل ميليشيا حزب الله في الشمال؛ فبعد سلسلة من الهجمات الصاروخية القاسية التي وجهها الجيش الإسرائيلي على مواقع عسكرية تتبع للحرس الثوري الإيراني، ومواليه حزب الله اللبناني، داخل الأراضي السورية قبل عدة أيام؛ عمّ الغضب أرجاء الضاحية الجنوبية، التي تعدّ معقل تنظيم حزب الله المدعوم إيرانياً، وذلك في أعقاب مقتل عناصر من حزب الله داخل أحد المواقع الإيرانية في سوريا، بالتزامن مع إرسال الجيش الإسرائيلي طائرتَيْن مسيَّرتَيْن دخلتا الأجواء اللبنانية في مهمة أمنية، ولكنّ الحزب سرعان ما كشف إحدى الطائرات وتمّ إسقاطها، بينما انفجرت طائرة أخرى على مقربة من المكتب الإعلامي التابع له في عمق الضاحية الجنوبية.


حرب الطائرات المسيَّرة، ودخولها الأجواء اللبنانية، كانت بداية إشعال فتيل الغضب بالنسبة إلى حزب الله، الذي يرى في مثل هذا النوع من السلاح تهديداً عسكرياً خطيراً له؛ كونه يتلقى بين الفينة والأخرى مساعدات عسكرية إيرانية، يستقبلها برّاً، عبر الأراضي السورية، وهذا ما يجعل من إمكانية كشف عمليات الإمداد واستهدافها أمراً في غاية السهولة بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي.

لا يمكن تجاهل ما يمتلكه حزب الله من ترسانة صواريخ دقيقة بإمكانها ضرب العمق الإسرائيلي وإحداث أضرار كبيرة

بالعودة إلى الاستهداف الأخير الذي طال موقعاً إيرانياً داخل سوريا، وأدّى إلى مقتل قادة وضباط في الحرس الثوري الإيراني، ومسؤولين عن برنامج حزب الله الصاروخي؛ كان ذلك بمثابة التصعيد الأعنف منذ أعوام، خاصّة مع تبنّي إسرائيل، للمرة الأولى، استهدافها للموقع، وما أعقبه، وبشكل لافت وغريب، من خروج أمين عام الحزب، حسن نصر الله، بعدد من الخطابات المتلفزة، متوعداً، وبلهجة الواثق من نفسه، بتوجيه ضربة ضدّ إسرائيل؛ ردّاً على الاختراق والضربات التي أعلن الجيش مسؤوليته عنها؛ التهديد الذي وعد به نصر الله، أُخِذ على محمَل الجدّ بالنسبة إلى الدّاخل الإسرائيلي؛ فقد تمّ إخلاء عدد كبير من المواقع العسكرية شمال إسرائيل، منذ اللحظة الأولى، إضافة إلى إخلاء سكان المناطق المحاذية للحدود وإعطاء تعليمات للسكان على بعد 4 كيلو مترات للبقاء بالقرب من الملاجئ، خشية إطلاق صواريخ على المدن الإسرائيلية القريبة من الحدود.

اقرأ أيضاً: هل انطلقت الدرونز الإسرائيلية على الضاحية من لبنان؟
اللافت للانتباه؛ أنّ ما فعله حزب الله من ضرب لآلية عسكرية داخل أحد المواقع العسكرية المحاذية للجنوب، يعدّ هو الردّ الأول من نوعه في أعقاب انتهاء حرب تموز (يوليو)  2006، ضربات عديدة وقاسية شنّها سلاح الطيران الإسرائيلي مسبقاً ضدّ معاقل إيران وحزب الله في سوريا، لم يخرج في أعقابها أيّ تهديد أو تصريح من حسن نصر الله، لكن هذه المرة، وبعد أن نفد صبره وباتت الضربات تشكّل فجوات كبيرة داخل جيشه، يريد كسر الخطوط الحمراء وحاجز الصمت مع إسرائيل، وهذا ما قاله في خطابه المتلفز بعد العملية العسكرية التي نفّذها عناصره على شمال إسرائيل.

حرب الطائرات المسيَّرة ودخولها الأجواء اللبنانية كانت بداية إشعال فتيل الغضب بالنسبة إلى حزب الله
بالنسبة إلى الأمين العام، وعد ونفّذ، رغم أنّ العملية، على حدّ وصف القيادة العسكرية الإسرائيلية، لم توقع خسائر بشرية أو مادية، لكنّه نجح في تثبيت قواعد الاشتباك، وهذا ما قاله خبراء إسرائيليون في أعقاب موجة التصعيد؛ إنّ نقص الإصابات بالجنود الإسرائيليين ليس مصدر خيبة لحسن نصر الله، الذي يدرك أنّه لو تسبّب بسقوط قتلى إسرائيليين؛ فإنّ الأخيرة ستردّ بقوة، متابعين قولهم: نصر الله أشرف على عملية استوفت المعايير التي وضعها لنفسه ولشعبه، لكنّه نجح، رغم عدم وقوع إصابات في الجانب الإسرائيلي، ولا شكّ في أنّ حسن نصر الله راضٍ عمّا حققه تماماً، على غرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لكنّ السؤال هنا: "هل ستعود إسرائيل لضرب مواقع وعناصر حزب الله مجدداً؟ سؤال أجاب عنه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عقب التوتر الذي ساد الحدود، والذي قال إنّ حكومته مصمّمة على الاستمرار في هجماتها، لمنع وصول أيّة أسلحة متطورة إلى حزب الله، مبيناً أنّ الحادث انتهى، وهو مجرد فاصل صغير ضمن هذه الحملة العسكرية الواسعة، التي يرى الناس فيها فقط طرف حبلها، مشيراً إلى أنّ الجيش يعمل باستمرار لمنع وصول أسلحة دقيقة ومتطورة إلى الحزب، وكذلك ضدّ التموضع الإيراني في دول الجوار، لكنّ هذا الإصرار الواضح والمعلَن من قبل رئيس الوزراء، والقائم على نواياه مواصلة الضربات، قد يؤدي إلى قرع طبول الحرب المفتوحة بين الجانبَيْن، خاصّة أنّ حزب الله منزعج كثيراً من الضربات الإسرائيلية على معاقله. 


الوقائع المتتالية خلال الأيام الماضية، كانت تشير إلى قرب اندلاع مواجهات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، التابع مباشرة لنظام إيران؛ وذلك بهدف جرّ لبنان إلى حرب وفوضى مع الجيش الإسرائيلي، تنفيذاً للمصالح والغايات الإيرانية، بعد تأزم اقتصادها ودخولها مرحلة مصيرية، داخل أسوارها وخارجها، وهذا ما جعل حزب الله مصرّاً على الردّ الحاسم في أعقاب الهجمات التي جاءت مؤخراً، لا سيما الضغط الإيراني على العناصر المسلحة في قطاع غزة؛ من خلال  البقاء على استعداد لضرب المدن الإسرائيلية حال تفجرت الأوضاع في الشمال.

نتنياهو عن حسن نصرالله: إنّ الشخص الذي يعيش في سرداب ببيروت، يعلم لماذا يعيش داخل السرداب

إنّ إمكانية فتح مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وحزب الله باتت أقرب إلى الحدوث، بالتزامن مع إعلان نتنياهو عدم وقوع قتلى وإصابات في العملية التي نفذتها عناصر حزب الله، لكن في الساعات اللاحقة للعملية، حرص نصر الله على التكتّم وعدم الإفصاح عن النتائج، فيما إن كانت حققت أهدافها أم لا، منتظراً الرواية الإسرائيلية وبعد أن ضلّل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الجبهة الداخلية؛ بإخفائه للحقيقة عقب استهداف حزب الله للمدرعة، معلناً أنّه لا توجد إصابات نتيجة الضربة، وأنّ العملية فشلت، خرج المكتب الإعلامي التابع لحزب الله، بنشر مقطع فيديو مصوَّر يظهر من خلاله استهداف عناصره، بصاروخ كورنيت موجّه، جيباً عسكرياً من نوع وولف، كان يسير على إحدى الطرق داخل مستوطنة أفيفيم، المحاذية للحدود اللبنانية.


يبدو أنّ نشر الفيديو، وما أعقبه من خطاب للأمين العام، والذي كذّب فيه رواية نتنياهو، الذي ضلّل شعبه وقيادته بفشل عملية حزب الله، وقد أحرجه ذلك، فسارع إلى التهديد، قائلاً: إنّ "الشخص الذي يعيش في سرداب ببيروت، يعلم لماذا يعيش داخل السرداب، ونحن عملنا جاهدين للحفاظ على سلامة مواطنينا وجيشنا بعد الاستهداف، ولكن سنواصل هجماتنا، برّاً وبحراً وجوّاً، ضدّ منظومة الصواريخ الدقيقة التي تدخل إلى لبنان عبر سوريا"، لكنّ نتنياهو يواجه انتقادات لاذعة من الداخل الإسرائيلي، وهو ما يجعل فرصة نجاحه في  الانتخابات المقبلة أمراً مستحيلاً، وهو ما صرّحت به رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، حنان ملتسر، التي قالت إنّ نتنياهو يستغلّ جيشه في دعايته الانتخابية، واصفاً ذلك بالمخالف للقانون المعمول به في الانتخابات، ونتيجة لذلك؛ قد يتجه نتنياهو للاحتكاك أكثر من خلال تسيير طائرات وضرب لعناصر حزب الله في سوريا؛ كي يجرّهم إلى حرب مفتوحة يمتصّ من خلالها غضب المواطنين الإسرائيليين، ويحفظ بدوره من خلالها ماء وجهه، ولكن إن وقعت الحرب، فستكون دائرة الردّ بالنسبة إلى حزب الله أوسع، فلا يمكن تجاهل ما يمتلكه حزب الله من ترسانة صواريخ دقيقة، بإمكانها ضرب العمق الإسرائيلي وإحداث أضرار كبيرة، قد لا يتمكّن الجيش من استيعابها، وما يؤخّر ذلك عدم وجود نوايا لنصر الله، في الوقت الحالي، بالدخول في مواجهة مع إسرائيل، نظراً إلى حالة التشتت التي يواجهها جيشه، الذي ينتشر في دول عربية، منها سوريا والعراق، ولكن إن فرضت عليه فسيدخل، وبقوة، وستسانده جبهات موالية أخرى.    

المصدر:  صحيفة "معاريف"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية