هل حانت فرصة أردوغان لتوظيف حزب الإصلاح الإخواني في اليمن؟

أردوغان

هل حانت فرصة أردوغان لتوظيف حزب الإصلاح الإخواني في اليمن؟


10/03/2020

يبدو أن ثمة تقديراً تركياً وقطرياً مشتركاً بأنّ حالة "عدم الحسم" التي يعيشها الملف اليمني تُغري الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على العمل على تحقيق مكاسب إستراتيجية في اليمن، تتمثّل في محاولة ترسيخ موطئ قدم تركية في هذا البلد العربي، وذلك عبر تقديم مزيد من الدعم التركي-القطري لحزب "الإصلاح" اليمني لتوفير بيئة نفوذ مواتية من شأنها أن تضم اليمن إلى نقاط الانطلاق التركية في المنطقة العربية، جنباً إلى جنب التواجد العسكري التركي في الصومال وقطر، وهو مشروع يراهن عليه الرئيس أردوغان لتعويض خسارته جزيرة "سواكن" في السودان، وتعويض شُح المكاسب التركية في سوريا في ظل التضييق الروسي-الإيراني على أنقرة في محافظة إدلب، والإعاقات الإستراتيجية المتشعبة التي تجدها الجماعات المسلحة التي أرسلها أردوغان إلى ليبيا.

اقرأ أيضاً: معارضون لأردوغان: النظام التركي قطع الحبال الصوتية للمجتمع

 


وقد يكون من الوارد أنّ فرصة أردوغان في استثمار ورقة حزب "الإصلاح" اليمني، المرتبط بجماعة "الإخوان المسلمين" تبدو أكثر إلحاحاً؛ في إطار دعم قطري لهذا المسار، بهدف محاولة انتهاز ظرفية غياب الحلول الجزئية أو الشاملة للأزمات المتعددة التي يمر بها اليمن، وفي ظل العقبات التي يواجهها المبعوث الأممي في اليمن، مارتن غريفيث، في حلّ الملفات الإنسانية وتوزيع المساعدات والأغذية الأممية، وإيجاد مداخل عملية وواقعية ومرنة ومتدرجة لتفكيك الملفات العالقة التي أقرّها اتفاق استوكهولم، ولم يُصرّ حتى الآن إلى تنفيذها وجمع أطراف الصراع على مبادئ توافقية أولية لتسويتها على أرض الواقع.
تحالف أردوغان مع "الإصلاح" الإخواني
التنسيق التركي-القطري مع حزب "الإصلاح" الإخواني اليمني امتد على مدى سنوات ومنذ مجيء أردوغان إلى الحكم في تركيا، ودعمه مع قطر لمشروع "الإسلام السياسي"، لكنه اشتدّ مع الإستراتيجية التي ينتهجها الرئيس أردوغان، والقائمة على تحويل الاهتمام الدبلوماسي والعسكري التركي- في ظل تنامي التحديات الداخلية التركية- نحو مناطق النزاع وبؤر التوتر والأزمات في المنطقة العربية، وعلى رأسها سوريا واليمن وليبيا وغيرها.

 

عدد المنازل التي اشتراها اليمنيون في تركيا زاد خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2019؛ بمعدل 536 بالمئة

ولم يتوقف دعم أردوغان لحزب "الإصلاح" اليمني على البعد السياسي والتحالف العقائدي الأيديولوجي فقط، بل تعداه إلى الدعم بالتدريب والسلاح والمال، والسعي لتوظيف التناقضات المعقدة في الساحة اليمنية، ومن ذلك توظيف "الإصلاح" لمجموعات من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" واحتضانها، أو غض الطرف عنها؛ خدمةً لأجندة المحور التركي-القطري-الإخواني في توجهاته لإضعاف الإستراتيجية السعودية في اليمن، واستنزاف جهود الرياض الرامية إلى تقوية الجبهة المناوئة للحوثيين.

 


وقد لاحظ مراقبون أنّ ملف النفط والغاز كان يقف كهدف رئيسي لحرب الجماعات المسلحة التابعة لحزب "الإصلاح" الإخواني اليمني ضد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة، كما أنّ الدعم التركي للحزب، الذي تسيطر ميليشياته على محافظة مأرب، يصبّ في صالح سياسة الابتزاز التي يتبعها أردوغان ضد المملكة العربية السعودية، ويبدو التلويح بتهديد مصالح المملكة الأمنية والإستراتيجية عبر البوابة اليمنية عنصراً أساسياً في مشروع زيادة الحضور التركي في اليمن، والسعي المستميت لإقامة قاعدة عسكرية تركية، والتأسيس لبنية نفوذ تركية مطلة على باب المندب وممراته المائية الحيوية. ولا يظهر أن هذه الأهداف منفصلة عن الإستراتيجية التركية نحو القرن الأفريقي. وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" قد نشرت في الثامن والعشرين من كانون الثاني (يناير) 2020 تحليلاً كتبته لورا بيتل من إسطنبول أشارت فيه إلى أنّ "رغبة تركيا في مد نفوذ أكبر لها في دول الجوار ليس أمراً جديداً. لكن سعيها الجريء نحو تحقيق ذلك هو ما أثار غضب الزعماء الأوروبيين والعرب على حد سواء. وكما قال دبلوماسي أوروبي "يبدو أنّ تركيا تزداد عدوانية أكثر فأكثر، ويبدو أنّ القضايا أضحت تتراكم"، وفقاً للصحيفة.
"تركيا حاولت استعادة نفوذها العثماني ففشلت"
وبحسب المقال، فإنّ أنقرة كانت تأمل أن تساعد تدخلاتها في استعادة نفوذها في أجزاء من الإمبراطورية العثمانية السابقة، لكنّ المقامرة "فشلت"، كما تقول الكاتبة، إذ جاءت روسيا لإنقاذ نظام دمشق (وفشل مشروع الإخوان في سوريا)، وأطيح في مصر بالرئيس الإخواني السابق محمد مرسي.

 

اقرأ أيضاً: محلل سياسي يكشف خطة أردوغان لإخضاع أوروبا
وتلفت "فايننشال تايمز" النظر إلى أنّ محللين سياسيين يرون أنّ نهجاً جديداً يعتمد على العمل العسكري المباشر ظهر في السياسة الخارجية لتركيا بعد أن أدى الانقلاب الفاشل ضد أردوغان في 2016 إلى إضعاف نفوذ الجيش وتمكين الرئيس التركي من تعزيز قبضته على السلطة.

 


وتختم الكاتبة لورا بيتل مقالها في "فايننشال تايمز" بتعليق نقلته عن إيلك تويغور، المحلل بمعهد إلكانو الملكي في مدريد يقول فيه إنّ "تركيا تنوع شركاءها في الأمن والدفاع ولكن ليس في الاقتصاد، لذا، إذا أضرت تركيا بعلاقتها مع الغرب (والعالم العربي أيضاً) بسبب مصالحها الأمنية أو تحركاتها من جانب واحد، فإنها تخاطر أيضاً بأن تصبح ضعيفة اقتصادياً". وفي سبيل التخفيف من وطأة التحديات التركية الاقتصادية، اتجهت حكومة أردوغان إلى الملفات الخارجية، ومن الخطوات الجزئية في هذا الإطار أنها فتحت المجال لآلاف عناصر ومناصري "الإخوان المسلمين" في مصر وسوريا واليمن والأردن وغيرها بالإقامة والاستثمار في تركيا. وفي هذا الصدد نشرت وكالة أنباء الأناضول التركية تقريراً في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 أفاد بأنّ عدد المنازل التي اشتراها اليمنيون في تركيا زاد خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2019؛ بمعدل 536 بالمئة مقارنة مع الفترة ذاتها من 2015، وفقاً لوكالة "الأناضول".
 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية