هل تنجح خطط الكاظمي "الاستباقية" في منع انبعاث داعش بالعراق؟

هل تنجح خطط الكاظمي "الاستباقية" في منع انبعاث داعش بالعراق؟


05/05/2021

تتباين الاتجاهات والتقديرات بخصوص الهجمات المسلحة التي يقوم بها تنظيم داعش في العراق، والذي يعاود الظهور، بين الحين والآخر، باستهداف القوات الأمنية العراقية، وكذا قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان؛ إذ إنّه مع تصاعد العمليات الإرهابية تتجدد المخاوف من انبعاثات التنظيم المباغتة، ومحاولته "فكّ الضغط" عنه، حسبما ورد في بيان الحكومة العراقية، بعد أن تلقّى ضربات مؤثرة في عدة مناطق، يتخذ منها ملاذات آمنة.

ماذا بعد الانسحاب الأمريكيّ؟

كما أنّ ثمة أسئلة تتصل بتداعيات وتبعات انسحاب الولايات المتحدة من العراق، وتأثيرات ذلك في الوضع الأمني، ونشاط المجموعات المسلحة والإرهابية، لا سيما أنّ قيادة العمليات المشتركة في العراق، كشفت، مؤخراً، وجود تنسيق عراقي سوري لتأمين الحدود العراقية، ومنع تسلل الإرهابيين لبغداد، بالإضافة إلى تدشين غرفة أمنية مشتركة في مقرّ وزارة الدفاع العراقية، يتواجد فيها ضباط من سوريا وروسيا والعراق وإيران لتأمين وضبط الحدود.

وتتضمن الغرفة الأمنية المشتركة بوزارة الدفاع العراقية مركزاً أمنياً مهمته تنسيق وتبادل المعلومات بين بغداد ودمشق، حول المناطق التي يتواجد الإرهابيون، والممرات التي تستخدم في التهريب؛ إذ سيُحفَر خندق أمني يتضمّن كاميرات وأسلاكاً شائكة، خاصة أنّ الحدود المشتركة مع محافظة نينوى تمتدّ لقرابة 295 كيلومتراً، بينما تصل إلى 325 كيلو متراً مع محافظة الأنبار.

اقرأ أيضاً: العراق: ما سر الهجوم السياسي على الأداء الاقتصادي لحكومة الكاظمي؟

وبحسب الناطق الرسمي بلسان قيادة العمليات المشتركة العراقية، اللواء تحسين الخفاجي، فإنّ العراق يتّجه إلى "حفر خندق يمتدّ على طول الحدود مع سوريا، حيث إنّ قرار حفر المانع الأمني اتخذ من قبل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي"، وأضاف: "المانع الأمني يتضمّن كاميرات وأبراج مراقبة وأسلاكاً شائكة وخندقاً بعرض ثلاثة أمتار وبعمق ثلاثة أمتار"، لافتاً إلى "وجود تعاون بين القوات الاتحادية والبيشمركة فيما يخصّ الحدود العراقية  السورية".

تعدّ الهجمات المسلحة والدموية التي يشنّها داعش جزءاً أساسياً من "بروباغندا الولائيين"، للدفاع عن شرعية الحشد الشعبي باعتبارها قوة موازية فعلياً للمؤسسة العسكرية النظامية

وأشار الخفاجي، في تصريحاته لوكالة الأنباء العراقية، إلى أنّ "القوات الأمنية العراقية لديها تنسيق عالٍ مع قوات سوريا الديمقراطية من خلال التحالف الدولي وتبادل المعلومات"، وأردف: "المركز الأمني مهم جداً في تنسيق عمل القطاعات وتبادل المعلومات والتنسيق بين العراق وسوريا فيما يخصّ الإرهابيين وأماكن وجودهم والطرق المحتملة لتسلّلهم".

اقرأ أيضاً: الكاظمي يوبّخ طهران عشية الحوار الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن

مطلع الأسبوع، وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش العراقي وتنظيم داعش، حسبما أفاد جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، موضحاً أنّ "مسلحي عصابات داعش الإرهابية هاجموا قوات الجيش العراقي، في قرية المحمودية التابعة لناحية قراج في قضاء مخمور بمحافظة نينوى"، وهو ما تزامن مع هجوم مماثل، على نقطة تفتيش أمنية لقوات "البيشمركة"، في منطقة التون كوبري، شمال محافظة كركوك، بينما أوضحت خلية الإعلام الأمني الحكومية في العراق مقتل أربعة جنود عراقيين إثر تفجير في المنطقة ذاتها.

مواجهات بين داعش والحكومة

وفي ظلّ هذه التطورات الأمنية المتواصلة، شدّد  رئيس الوزراء العراقي على ضرورة اعتماد "خطط استباقية" لمواجهة التنظيم الإرهابي، حسبما جاء في بيان رسمي، الأحد الماضي، وتابع: "ترأس (الكاظمي) اجتماعاً أمنياً موسعاً ضمّ قيادات الأجهزة الأمنية الاتحادية والبيشمركة، بحضور وزراء الداخلية والدفاع والمالية، وجرى خلال اللقاء بحث تطورات الأحداث الأمنية التي شهدها العراق خلال الساعات الماضية، ومناقشة الخطط الأمنية لمواجهة الخروقات الأمنية والحدّ منها، وبسط الأمن والاستقرار في عموم البلاد".

كما لفت البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة العراقية إلى أنّ "الاجتماع بحث التنسيق بين مختلف القوات الأمنية الاتحادية وقوات البيشمركة، وخصوصاً في المناطق ذات المسؤولية المشتركة"، وتابع: "أصدر الكاظمي عدة توجيهات للقوات الأمنية، في مقدمتها تنشيط الجهد الاستخباري والأمني، وأيضاً تفعيل العمليات الاستباقية لمواجهة تحركات عصابات داعش الإرهابية وتجفيف منابعها وتدمير حواضنها".

اقرأ أيضاً: استراتيجية الكاظمي العربية بين أمريكا وإيران

ورغم الهالة الدعائية التي يسوق من خلالها تنظيم داعش لعملياته التي تصاعدت وتيرتها، خلال شهر رمضان، إذ إنّه يحاول تضخيم حجمها وتأثيراتها، إلا أنّ المتمعن في عدد العمليات الإرهابية يلاحظ بسهولة أنّ نوعية العمليات وعدد العناصر المشتركة فيها، وحجم الخسائر التي خلفتها بين صفوف القوات الحكومية والمدنيين المتعاونين معها، لا تختلف كثيراً عن تلك التي سجلت خلال الأشهر الماضية، بحسب الباحث العراقي المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية، منتظر القيسي.

الصحفي العراقي علي ناجي لـ"حفريات": تنظيم داعش اعتاد القيام بعملياته الإرهابية في العراق بالمناطق ذات الحساسية الطائفية، أو بالأحرى التي يتواجد فيها سنّة وشيعة

ويضيف القيسي لـ "حفريات: "ثمة صعوبة في اجتثاث بقايا التنظيم الإرهابي الذي ينتشر في المنطقة المعروفة بـ "مثلث الموت"، والتي تربط شمال شرق ديالى وجنوب كركوك وشمال صلاح الدين؛ إذ إنّها منطقة تتميز بجغرافيتها المعقدة، وقد تمكّن التنظيم من نشر شبكات واسعة من الأنفاق والمخابئ ومخازن الأسلحة والمتفجرات، فضلاً عن تشكيل بعض البؤر الإرهابية في حزام بغداد الشمالي بالخصوص".

ما علاقة إيران وتركيا؟

نهاية الشهر الماضي، تم توقيف 13 من أفراد تنظيم داعش في عدة مناطق بمحافظة نينوي، بواسطة القوات الأمنية العراقية، والتي ذكرت، في بيان رسمي، أنّه "بهدف بسط واستتباب الأمن في محافظة نينوى، تمكّنت مفارز جهاز الأمن الوطني هناك وبعد استحصال الموافقات القضائية المستندة على معلومات استخبارية من إلقاء القبض على 13 إرهابياً ينتمون لعصابات داعش الإرهابية في مناطق متفرقة من أحيائها، توزعوا بصفة مقاتلين في فرق (الفرقان، خالد ابن الوليد، مؤتة، نهاوند) المنضوية تحت ما تسمّى المعسكرات العامة، وقد جرى تدوين أقوالهم أصولياً، بعد أن اعترفوا بارتكابهم جرائم طالت المواطنين، واستهداف القوات الأمنية أثناء معارك التحرير، وتمت إحالتهم جميعاً إلى الجهات القانونية المختصة لاتخاذ الإجراءات العادلة بحقّهم".

وتقدّر الأمم المتحدة عدد أفراد وعناصر تنظيم داعش المتواجدين في تلك المنطقة الممتدة من شمال شرق ديالى وجنوب كركوك وشمال صلاح الدين بنحو عشرة آلاف عنصر مقاتل، ومعهم أكثر من أربعين ألف عنصر آخرين، يشكلون قاعدة لدعم التنظيم، من الناحية اللوجستية والاستخبارية والدعائية.

كما أنّهم "ينشطون في ظلّ مناخ من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني للمحافظات السنية"، بحسب القيسي.

اقرأ أيضاً: ماذا دار في مباحثات الكاظمي في الإمارات؟

يؤكد الباحث العراقي؛ أنّ هناك عدة أسباب تؤدي لتنامي نشاط التنظيم الإرهابي الذي يعتمد تأجيج العوامل المذهبية في المناطق المختلطة طائفياً، ومن بينها "الحملة الإيرانية المستمرّة عبر وكلائها من الفصائل الولائية لإجلاء القوات الأمريكية من العراق، بذريعة عدم الحاجة لوجودها بعد دحر تنظيم داعش، رغم دورها الحيوي في تأمين الدعم الجوي والاستخباري إلى جانب تدريب وتسليح القوات المسلحة العراقية، لا سيما مع تفاقم العجز في الموازنة العامة، وهو الأمر الذي يشلّ، بالتبعية، قدرة الحكومة العراقية على تأمين الأموال اللازمة للإنفاق على حرب غير معلومة النهاية ضدّ أشباح يسدّدون ضربات موجعة لمواقع الجيش المتقدمة".

الدور الوظيفي لداعش والحشد الشعبي

وبسؤال الباحث العراقي عن السياق الإقليمي الذي يساهم في استئناف داعش لعملياته المسلحة ومحاولة بعث دورها مجدداً، يجيب: "تضغط إيران، عبر حلفائها الشيعة، لإخراج القوات الأمريكية، وتوظف فصائل الحشد الولائية للسيطرة على مناطق حيوية على جانبي الحدود العراقية السورية، ثم تحجيم قدرة القائد العام للقوات المسلحة الذي يحاول تحريك قواته بما يخدم تحقيق الأمن الداخلي، وبدورها، تعمل تركيا على توظيف التنظيم الذي لجأ الآلاف من عناصره إلى أراضيها، لزلزلة الأرض تحت أقدام قوات التحالف الدولي، والسيطرة على مثلث الحدود العراقية السورية التركية، كما خلق الصراع الأمريكي الروسي حول مستقبل شرق سوريا منطقة فراغ خطيرة ينشط فيها أفراد وعناصر داعش، واستخدامها للتنقل بين العراق وسوريا، وتهريب عناصره بين البلدين".

اقرأ أيضاً: زيارة الكاظمي الأولى للسعودية تجدد معادلات الأمن القومي العربي

وتعد الهجمات، المسلحة والدموية، التي يشنها داعش جزءاً أساسياً من "بروباغندا الولائيين"، للدفاع عن شرعية الحشد الشعبي باعتبارها قوة موازية فعلياً للمؤسسة العسكرية النظامية، بحسب المصدر ذاته، وذلك لمواجهة نزوع فئات كبيرة من الرأي العام الشيعي باتجاه هذه "الازدواجية في القرار الأمني، واستنكار ربط قوات الحشد الشعبي بالمشروع الإيراني في المنطقة، وكذا تأجيج المشاعر الطائفية من خلال الربط بين داعش وعموم السنّة العراقيين، بصورة مدروسة وممنهجة، وهو ما يشكل بيئة مواتية بالنسبة لداعش لاستقطاب المزيد من العناصر المضطهدة لصفوفهم، لا سيما في المناطق المختلطة طائفياً؛ حيث يتعرض السكان السنّة إلى العديد من الانتهاكات التي تشمل الاغتيال والاعتقال والاختطاف، فضلاً عن فرض الإتاوات على رجال الأعمال، وحتى مرور الشحنات".

ومن جانبه، يشير الصحفي العراقي المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، علي ناجي، إلى أنّ تنظيم داعش اعتاد القيام بعملياته الإرهابية في العراق بالمناطق ذات الحساسية الطائفية، أو بالأحرى التي يتواجد فيها سنّة وشيعة، أو المعروفة بأنّها مناطق متنازع عليها بين المكوّن العربي والكردي.

الصحفي العراقي المتخصص في شؤون الإسلام السياسي علي ناجي

وتزامنت الهجمات الأخيرة للتنظيم الإرهابي مع احتدام الصراع السياسي والحزبي في العراق على خلفية الانتخابات البرلمانية، والتي سيترتب عليها تشكيل الحكومة، حسبما يلفت الصحفي العراقي في حديثه لـ "حفريات"، مؤكداً أنّ "الحالة الأمنية شهدت حالة من التراخي، وقد نجم عنها هذا التصعيد، بالتالي، تعدّ المناطق الصحراوية في العراق، تحديداً في الأنبار وتلال حمرين الواقعة بين صلاح الدين وديالي وكركوك، من المناطق الرخوة أمنياً، وتحتاج إلى جهود جمّة لتطهيرها من العناصر الإرهابية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية