هل انطلقت الدرونز الإسرائيلية على الضاحية من لبنان؟

لبنان

هل انطلقت الدرونز الإسرائيلية على الضاحية من لبنان؟


27/08/2019

في تعليقه على سقوط طائرتي استطلاع إسرائيليتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله"، قال العميد المتقاعد ناجي ملاعب، إنّ نوع هذه الطائرات يدلّ على أنّها لا تستطيع التحليق لمسافات بعيدة، ورجّح بالتالي أن تكون قد أُطلقت من بعض الزوارق القريبة من الشاطئ اللبناني وتم التحكم بها من هناك. واعتبر الخبير العسكري ورئيس تحرير مجلة "الأمن والدفاع العربي"، أنّ إمكانية أن يكون هذا الاعتداء على لبنان بداية شرارة لمواجهة جديدة بين "حزب الله" اللبناني وإسرائيل واردة، لكنه اعتبر، في حديث لإذاعة "مونت كارلو الدولية" أنّ الساحة اللبنانية بعيدة الآن عن مواجهة مع إسرائيل؛ لأن الإيرانيين لا ينوون ذلك حالياً.

اقرأ أيضاً: هكذا يمكن قراءة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل
أما مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات في بيروت، العميد الركن هشام جابر، فقال في حديث مع صحيفة "النهار" اللبنانية: إنّ "الطائرتين اللتين سقطتا في الضاحية الجنوبية لبيروت هما من النوع الصغير، يراوح حجمهما بين متر ومترين ونصف المتر، ويمكن تحميلهما كمية قليلة جداً من المتفجرات"، لافتاً النظر إلى أنّ "هذه الأنواع من السهل اكتشافها، وهي لا تحتاج إلى رادارات حديثة، ويمكن رؤيتها بالعين المجرّدة، كما أنّ إسقطاها لا يحتاج الى عملية معقّدة، ويمكن أن تسقط بسهولة وبأي سلاح عادي".

 سقوط طائرتي استطلاع إسرائيليتين في الضاحية الجنوبية لبيروت
ويقول الدكتور جابر إنّ هناك أنواعاً عديدة من الدرونز، منها يُستعمل للاستطلاع، ومنها أنواع انتحارية، بحيث تحمل كمية من المتفجرات ويتم تسييرها نحو هدف معيّن، تفجّر نفسها فيه، كما أنّ هناك أنواعاً من الدرونز تحمل صوايخ دقيقة، إضافة إلى أنواع تعمل إلكترونياً لقطع الاتصال والتشويش عليها".
من البحر مقابل الأوزاعي؟
ويستبعد جابر أن تكون طائرتا الضاحية قد أُطلقتا من شمال فلسطين، مرجّحاً أن تكونا أُطلقتا من البحر مقابل الأوزاعي، من بارجة حربية أو من زورق حربيّ إسرائيلي بمسافة تراوح ما بين 3 إلى 5 كلم، بالتالي من المؤكد أنّهما أُطلقتا من المياه الإقليمية اللبنانية"، وفق رأيه.

خبير عسكري: الساحة اللبنانية بعيدة الآن عن مواجهة مع إسرائيل لأن الإيرانيين لا ينوون ذلك حالياً

ويشرح: "تقنياً، الطائرة الاولى التي سقطت في الضاحية لا علاقة لها بالثانية. فالأولى معدّة للتصوير وجمع المعلومات، وتحديد الهدف، أما الثانية فهي انتحارية، وتحمل متفجّرات، ويبدو أنّ هدفها مركز العلاقات الإعلامية في "حزب الله"، وهي ربما أخطأت هدفها بنحو 30 متراً، وهذه الأخطاء شائعة بالنسبة إلى مستعملي الدرونز، فدائماً يكون لديها هامش خطأ بين 10 و30 متراً من هدفها".
ولا ينفي جابر إمكانية أن يكون الحزب قد أسقط إحدى الطائرتين؛ لأنّ إسقاطها سهل، مستبعداً في الوقت عينه، أن يكون قد سيطر عليها إلكترونياً، كما أُشيع؛ لأنّ الاختراق الإلكتروني معقد نوعاً ما ويحتاج وقتاً أطول".
وعن نفي "الحزب" عملية السقوط، يلفت إلى أنّه "ربما بالفعل لم يسقطهما، وفي حال أسقط أحدهما، فليس لديه المصلحة أن يعلن ما لديه من إمكانات، وخصوصاً على صعيد الدفاع الجوّي، كما أنّ إسرائيل مهتمة جداً بمحاولة معرفة قدرات الحزب على هذا الصعيد بالذات، كما لا يمكن استبعاد نظرية أن تكون هكذا عمليات لجسّ النبض حول قدرات حزب الله".
لا ينفي جابر إمكانية أن يكون الحزب قد أسقط إحدى الطائرتين لأنّ إسقاطها سهل

ما هي "الدرون"؟
ومع تطوّر التكنولوجيا وانتشار التقنيّات الإلكترونيّة بين الحكومات والميليشيات على حدّ سواء، دخلت الحروب الكلاسيكيّة وغير الكلاسيكيّة عصراً جديداً مع استخدام الطائرات بدون طيّار أو "درونز". ففي حين كانت تلك الأخيرة محصورة بالجيوش في بدايات اختراعها، عرفت في السنوات الأخيرة انتشاراً واسعاً بين مختلف الميليشيات المقاتلة على الأرض. ساعد في ذلك، تقلّص حجمها وانخفاض كلفتها وسهولة قيادتها، وفق صحيفة "النهار" اللبنانية.

اقرأ أيضاً: انفجارات تهزّ معقل حزب الله.. ما حقيقتها؟
وتقسم الدرونز إلى مركبات جوّيّة مسلّحة (يوكايف) وأخرى غير مسلّحة (يوايف) فيما يقتصر تصنيع الأولى على أكثر الدول المتقدّمة تكنولوجيّاً. وتطوّرت أهداف استخدام هذه التقنية من المراقبة وجمع المعلومات أوّلاً (بدأت في حرب فيتنام) ثمّ إلى تنفيذ عمليّات اغتيال أو استهداف عسكريّ لاحقاً. ويسيّر الجنود هذه الدرونز من خلال الأقمار الاصطناعيّة.

يرجح خبير عسكري أنّ طائرتي الضاحية أُطلقتا من البحر مقابل الأوزاعي من بارجة حربية أو من زورق حربيّ إسرائيلي

وبالعودة إلى الاستخدام العسكري، يشير موقع "درون وور" البريطاني إلى أنّ هذا النوع من الطائرات قادر على التحليق لعدّة ساعات، كما فعلت طائرة "زافير" البريطانيّة عام 2010 حين حلّقت لمدّة 82 ساعة متواصلة كاسرة الرقم القياسيّ حينها. ويدير شخص عمليّة التسيير عن بعد فيما يقوم آخر بتحليل وتركيز الكاميرات والمجسّات الإلكترونيّة. وفي الوقت نفسه، يتواصل شخص ثالث مع الجنود على أرض المعركة الذين طلبوا مساعدة تلك الطائرات. واستُخدِمت الدرونز المسلّحة لأوّل مرّة، تتابع صحيفة "النهار"، في حرب البلقان قبل أن تبدأ بالانتشار سريعاً في أفغانستان والعراق واليمن، والحرب غير المعلنة لوكالة الاستخبارات المركزيّة "سي آي أيه" في باكستان. ويُعتبر اغتيال القادة الإرهابيّين من أهمّ أهداف تلك العمليّات.
ستستطيع هذه الطائرات التحليق لأسابيع وربّما لأشهر

مستقبل الدرونز
وتكتب الباحثة في شؤون الدفاع، بيرينيس بايكر، ضمن موقع "آرمي تكنولوجي" أنّ مستقبل الدرونز يقسّم إلى ثلاث خانات: التحليق على ارتفاعات عليا والقتال في الحروب والتجسّس بواسطة الطائرات المصغّرة الحجم. وستستطيع هذه الطائرات التحليق لأسابيع وربّما لأشهر. أمّا الدرونز التي ستحلّق على ارتفاعات عالية قد تصل إلى أكثر من ستّة كيلومترات فستكون قادرة على إعطاء صورة بقطر 3000 كيلومتر وأكثر. كما تكتب أيضاً عن كون المصنّعين يستوحون من الطبيعة تصميمهم لطائرات التجسّس الصغيرة التي أصبح بعضها بحجم كفّ اليد وأصغر، على شكل عصافير وحشرات مثلاً، فيما تتمتّع بمرونة كبرى لجمع المعلومات.

بيرينيس بايكر: مستقبل الدرونز يقسّم إلى 3 خانات: التحليق على ارتفاعات عليا والقتال بالحروب والتجسّس بواسطة الطائرات المصغّرة الحجم

وتُعَدُّ الولايات المتّحدة هي الدولة الأولى في العالم في مجال هذه الصناعة تليها الصين، لكن يفصلها جيل كامل عن التكنولوجيا التي تملكها واشنطن.
وتنقل "النهار" عن مدير "برنامج الأمن القوميّ والتكنولوجي" في مؤسّسة الرأي "ذا ناشونال إنترست" الأمريكيّة، بول شارّي، بأنّ أكثر من 90 دولة تملك الدرونز إضافة إلى منظّمات أخرى.  وأشارت إلى أنّ دخول الدرونز إلى عالم الحروب يُعتبر عاملاً مساعداً للدول في تفادي خسارة الأرواح في صفوف جنودها. لكن مع ذلك، هو يؤشّر إلى إضافة المزيد من عناصر التعقيد إلى تلك الحروب، بما قد يلغي منافع حماية الجنود بسبب تصاعد التوتّر إلى نزاع شامل.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية