
شدد الكاتب والمحلل التركي محمد أوجاكتان في مقال له في صحيفة قرار إلى أن تركيا تمر بفترة مؤلمة ومفجعة لدرجة أنه من المستحيل ألا يتم تدمير حياة الناس فيها. وقال إن هناك لحظات يقول فيها الناس "أتمنى ألا أضطر إلى العيش في مثل هذه الأوقات المحرجة"، وأضاف: نحن نعيش في مثل هذه الفترة.
أشار الكاتب إلى أنه ربما لا يهتم أولئك الذين يديرون البلاد كثيرًا، لكن هناك فقر مدقع في البلاد لدرجة أنه إذا لم يشعر أولئك الذين شهدوا هذا البؤس بالحاجة إلى التشكيك في إنسانيتهم في ضمائرهم، فيجب التخلي عن هذه الإنسانية..
عبّر الكاتب أوجاكتان عن غضبه لما آلت إليه الأحوال في البلاد، وقال إنه لا يمكنه تحمل المواقف المفجعة التي تمر بها الأسر الفقيرة.
قال أوجاكتان إن هذه هي الحالة المدمرة للبلد.. وتساءل: من يدري أي نوع من الدراما تعيشه ملايين العائلات التي لا نعرفها ولا نشهدها..
وأضاف مستدركاً: لكن من المحزن أن حكومتنا الدينية، تواصل تأميل الناس بحكايات تراثية لا تغني ولا تسمن، وإن من الحكمة ألا تكون علاجًا، لمن لا حول لهم ولا قوة، ولكن للحصول على أصوات إضافية.
تساءل الكاتب عن الدور الذي تقوم به رئاسة الشؤون الدينية "ديانت" في تركيا، وقال: أليس لدى ديانت ما تقوله عن المعاناة والفقر والفساد وانعدام القانون في البلاد؟
قال أوجاكتان إنه يجب على ديانت أن تعيش في "عالم آخر" مع الحكومة التي يبدو أنها تفضل غض الطرف عن كل هذا الانحلال الأخلاقي والفساد.
وقال بسخرية: ديانت لديها عمل أكثر أهمية بكثير، فبدلاً من غرس الدين والأخلاق، تحاول توضيح أن الأخلاق ليست بهذه الأهمية من خلال إصدار فتاوى جديدة كل يوم. على سبيل المثال، مواطن يسأل المجلس الأعلى للشؤون الدينية للشؤون الدينية: "هل يجوز تأجير الذهب كالقلائد والأساور لبسه في الأعراس لفترة ثم إعادته؟"
والفتوى كما يلي: "يجوز تأجير الحلي (الحلي كالقلائد والأساور الذهبية) لاستعمالها في المناسبات كالأعراس، بشرط إعادتها بغير مبادلة، ولكنه ليس أخلاقياً ليُظهر نفسه ثريًا ".
أكد أوجاكتان أنه على الرغم من أن ديانت تقول إن الإجراء الذي تم اتخاذه بهذه الفتوى ليس "أخلاقيًا"، إلا أنها تشجع الناس علنًا على النفاق بقولها إنه "جائز". قد يكون سؤال المواطن غير ضروري، بل جاهل، والشيء المؤلم هنا هو أن ديانت تستهزئ بمفهوم "الأخلاق".
كما أكد على أنه مع ذلك، فإن ما هو أساسي في كل مرحلة من مراحل حياتنا هو الأخلاق التي تشكل جوهر الإسلام، لأننا نعلم أن الإسلام قد أعطى الأخلاق قوة وأساسًا روحيًا. فضيلة أن تكون إنسانًا هي أن تكون أخلاقيًا. في واقع الأمر، من أهم رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
تأسف أوجاكتان أنه لسوء الحظ، في تركيا اليوم، أصبحت "الأخلاق" مفهومًا فارغًا حيث ليس لها فوائد مالية أو سياسية للحكومة ومديرية الشؤون الدينية. في غضون ذلك، تجدر الإشارة إلى أن فتاوى بعض العلماء بجواز الكذب لمنع انتصار العدو (المعارضة) في الساحة السياسية، تعمق الانحلال الأخلاقي.
ختم الكاتب مقاله بالقول إنه علينا أن نقول فقط إن هناك حاجة ماسة لثورة عقلية قائمة على الأخلاق في هذا البلد وفي جميع أنحاء العالم الإسلامي. واستشهد بمقولة للعالم التركي علي بردك أوغلو، "إذا كان العالم الإسلامي سيستعيد ما فقده في القرن الحادي والعشرين، فإن أول شيء سيكسبه بالتأكيد هو القيم الأخلاقية الإسلامية".
عن "أحوال" تركية