هل أساء ولاء حماس لإيران وتركيا للقضية الفلسطينية؟

هل أساء ولاء حماس لإيران وتركيا للقضية الفلسطينية؟


15/01/2020

أثار موقف حركة حماس تجاه تصفية قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، تساؤلات حول ارتباط الحركة مع كل من تركيا وإيران، وانعكاسات هذا الارتباط على القضية الفلسطينية؛ فقد أصدرت حماس بياناً يدين الولايات المتحدة، وأقامت بيت عزاء في قطاع غزة، شاركت فيه حركة الجهاد الإسلامي، وتم خلاله رفع الأعلام الإيرانية إلى جانب العلم الفلسطيني، فيما قام وفد من الحركة برئاسة إسماعيل هنية بتقديم واجب العزاء للقيادة الإيرانية في طهران.

وإذا كانت حماس تنطلق في علاقاتها مع كل من إيران وتركيا من مرجعية ارتباطاتها والتزامها مع تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، وعلاقات التنظيم الوثيقة مع القيادة التركية؛ لأسباب مرتبطة بالمشروع التركي الذي يقوده أردوغان "العثمانية الجديدة"، ومناكفة بعض الدول العربية؛ فإنّ إيران ترتبط هي الأخرى بعلاقات مع الإخوان المسلمين، وتستند في علاقاتها مع حماس لمرجعية أنّ تلك العلاقة تنفي عن طهران التهم التي توجه لمشروعها المذهبي، وإذا كان الدعم التركي لحماس يقتصر على مساعدات مالية وإغاثية، فإنّ إيران تُقدّم السلاح والأموال لحماس.

تنطلق حماس في علاقاتها مع كل من إيران وتركيا من مرجعية ارتباطاتها والتزامها مع تنظيم جماعة الإخوان المسلمين

إنّ القاسم المشترك بين تركيا وإيران في دعم حماس؛ هو التعاطي مع حماس بوصفها ورقة لطهران وأنقرة، يمكن أن تُعزّز أوضاعهما في "مناورات" العلاقات مع أمريكا وإسرائيل، وهو ما ثبت في محطات عديدة، بدلالة العلاقة الوثيقة بين القيادة التركية مع إسرائيل، والمُعبّر عنها بحجم التبادل التجاري، الذي يصل إلى 10 مليارات دولار، في حين لم يشارك حزب الله اللبناني في أي من حروب حماس مع إسرائيل، لا بل إنّ كافة حروبه مع الأخيرة كانت مرتبطة بخدمة المشروع الإيراني.

ورغم ضعف النظام العربي الرسمي، وانعكاسات ذلك على القضية الفلسطينية، وتراجعها بوصفها قضية العرب والمسلمين الأولى، خاصة منذ احتلال العراق، والربيع العربي لاحقاً، وما نتج عنه من "تعويم" قضية اللاجئين، إلا أنّ الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، والذي بدأ منذ الانقلاب الذي نفذته حماس في قطاع غزة عام 2007، وإفشالها كافة جهود ومبادرات المصالحة؛ لأسباب مرتبطة بارتهان قرارها لطهران وأنقرة، يشكل أبرز المفاصل والعقبات التي تواجه القضية الفلسطينية، والتي أصبحت قضيتين بعد انقلاب حماس؛ واحدة يقصد بها الضفة الغربية، وأخرى يقصد بها قطاع غزة، وهو ما شكّل فرصة لإسرائيل، لتقديم حلول تستند لهذا الانقسام، وفي مقدمتها أنّ الدولة الفلسطينية مركزها قطاع غزة، ويلحق بها ما سيتبقى من أراضي الضفة الغربية، الأمر الذي قوبل بإشارات إيجابية من حماس، تؤكد أنّ جوهر استراتيجية الحركة الحالية يقوم على ملء المقعد الفلسطيني في أية مفاوضات قادمة، بديلاً عن السلطة الفلسطينية في رام الله، وهو ما عبّرت عنه التسريبات الخاصة بالمفاوضات السرية بين حماس وإسرائيل، والتي عُقدت في عواصم أوروبية عديدة، وصلت إلى قبول حماس التنازل عن أسلحتها، مقابل الوصول إلى السلطة، وامتناعها عن الرد على اغتيال أحد قادة الجهاد الإسلامي في غزة "بهاء أبو العطا" في أواخر العام الماضي، ما دفع قيادات إسرائيلية للإشادة بموقف حماس.


وتُطرح تساؤلات اليوم على نطاق واسع، عمّا إذا كانت حماس ستشن هجمات صاروخية على إسرائيل، انتقاماً لمقتل سليماني، خاصة بعد تسريبات حول وعود باستئناف الدعم المالي الإيراني لحماس بعد موقفها من مقتل سليماني، الذي تقدّم على موقف حزب الله اللبناني.

استمرار العلاقة الوثيقة بين حماس وكل من طهران وأنقرة سيدفع الحركة لأن تبقى رهينة لإيران وتركيا بتقديم المزيد من التنازلات

إنّ استمرار العلاقة الوثيقة بين حماس وكل من طهران وأنقرة، سيدفع الحركة لأن تبقى رهينة لإيران وتركيا، بتقديم المزيد من التنازلات، أو التصعيد مع إسرائيل، بما يخدم ذات الجهات، وبنتائج معروفة؛ عنوانها المزيد من التدمير والحصار لأهالي قطاع غزة، الذين تشير إحصائيات "أممية" إلى أنّهم "الأكثر معاناة بين كل شعوب الأرض".

ويبدو أنّ على حماس أن تتذكر اليوم مصير اللاجئين السوريين الذين تم استقبالهم في تركيا بوصفهم مهاجرين لجأوا إلى أنصار، وما يتعرضون له داخل تركيا، بما في ذلك توجهات الحكومة التركية لإعادتهم إلى مخيمات سيتم إنشاؤها في الشمال السوري، وأنّ حزب الله لم يطلق طلقة على إسرائيل حينما كانت تتعرض غزة وحماس لهجمات إسرائيلية، بما فيها تلك التي استخدمت فيها إسرائيل أسلحة محرمة دولياً، خلال الأعوام الماضية.

اقرأ أيضاً: هل ستكون حماس جزءاً من الردّ الإيراني على مقتل سليماني؟

على حماس إدراك حقيقة أنّ المشروعين؛ الإيراني والتركي في المنطقة إلى أفول، بدلالة رفض المشروع الإيراني في إيران والعراق وسوريا ولبنان، والنكسات التي يواجهها المشروع التركي داخل تركيا وفي سوريا، وخسارته للسودان، بالإضافة إلى أزمته في ليبيا واحتمالات تنازله عن وقوفه إلى جانب حكومة فايز السراج، بوصفها ورقة يفاوض بها الأوروبيين على غاز البحر الأبيض المتوسط.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية