هكذا يستغل أردوغان أموال الشعب الليبي لإنقاذ اقتصاده المترنّح

هكذا يستغل أردوغان أموال الشعب الليبي لإنقاذ اقتصاده المترنّح


22/09/2020

 يعاني الاقتصاد التركي، خاصة في الأشهر القليلة الماضية، من انهيار غير مسبوق، على خلفية تورط الرئيس أردوغان، في عدة أزمات خارجية، أهمها صراعه في ليبيا، وأزمة شرق المتوسط، التي تهدّده بمزيد من الانهيار.

اقرأ أيضاً: الإمارات.. جهود حثيثة لإحلال السلام في ليبيا

ولأنّ انتظار الرئيس التركي قد طال أمده، مما سيأتيه من ثروات ليبيا لتعوّض خساراته الفادحة في سوريا، جاءت التظاهرات الشعبية في طرابلس، خلال الشهر الماضي، لتضفي مزيداً من الارتباك على المشهد السياسي، وتجبر السلطان التركي على إعادة ترتيب أوراقه من جديد.

ليبيا... الفريسة الأهم

 قبل أيام، كشف رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي، مرتضى قرنفل، أنّ شركات الغاز والنفط في بلاده تلقت دعوة من مسؤولين ليبيين لزيادة أنشطتها الاستثمارية هناك، وكشف أيضاً خططاً لرفع حجم الصادرات التركية إلى ليبيا إلى 10 مليارات دولار، كما أوضح أنّ الجانبَين، التركي والليبي، يخططان لتوقيع مذكرة تفاهم حول هذا الموضوع في المستقبل، وذلك لضمان تأسيس أواصر علاقات متينة، على الصعيدين، التجاري والاستثماري، بين البلدين.

 وبحسب الباحث والكاتب الصحفي المختص بالشأن التركي الليبي، محمد حسن عامر؛ فإنّ هذا التصريح وما يتضمنه من استفادات اقتصادية تعود على تركيا، على حساب ثروات الشعب الليبي، الذي يعاني من تردي الوضع الاقتصادي بشكل غير مسبوق، يعيدنا بالأساس إلى أهداف التدخل أو الاحتلال التركي في ليبيا، وهو ذو أهداف سياسية، لكنّ الأهداف الاقتصادية طاغية منذ البداية.

أعلن وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز؛ أنّ بلاده تعتزم بدأ أعمال التنقيب عن النفط في الحدود البحرية التي أقرتّها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تمّت بين السرّاج وأردوغان

يتابع عامر، في حديثه لـ "حفريات": أنّ "تركيا باختصار نظرت إلى ليبيا كما لو كانت فريسة ثمينة تريد اقتناصها، ولو لاحظنا؛ فإنه خلال الفترات الأخيرة تخرج من وقت للثاني تصريحات بأنّ الشركات الليبية العاملة في مجال النفط والغاز، وحتى الأخرى العاملة في مجالات إعادة الإعمار، تريد أن يكون لها نصيب اقتصاديّ من الغنيمة الليبية، خاصة أنّ الاقتصاد التركي يعاني فقراً في الثروات النفطية والغازية، كما هو معروف".
اقرأ أيضاً: مساعٍ أوروبية جديدة لوقف تدفق الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا

ويتابع عامر: "لقد رأى أردوغان في وجود حكومة فايز السراج، التي ارتمت في أحضان تركيا خلال الفترة الماضية، فرصة مواتية لتحقيق هذه الأهداف، فتمّ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية إلى جانب تفاهمات ستجرى في مجال الطاقة، كما تسعى شركات الإعمار التركية إلى تعزيز تواجدها في ليبيا، وأن يكون لها نصيب أكبر في عمليات إعادة الإعمار المرتقبة، في حال التوصّل إلى حلّ سياسي دائم.

اقرأ أيضاً: طبيعة الدور الإيراني في ليبيا ودلالته؟

 وقال رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي، مرتضى قرنفل إنّ القيمة الإجمالية للمشاريع التي أنجزها قطاع البناء التركي في الخارج، تبلغ 428 مليار دولار، بلغت حصة ليبيا منها 29 مليار دولار، رغم وجود مشاريع غير المكتملة لأسباب أمنية".

 تحت غطاء الإعمار

الأهداف الاقتصادية غير المعلنة من قبل تركيا، باتت اليوم معلومة للجميع، وصار الجانب التركي يتكالب عليها علناً دون خجل، خاصة بعد أن بات الانهيار الاقتصادي وشيك الحدوث، وهو ما أدركته تركيا منذ البداية، حين أعلنت تدشين مشروعها لإعادة الإعمار الليبي، الذي تتخذ منه غطاء لنهب الموارد النفطية الهائلة في ليبيا، كما أنّ حكومة الوفاق كانت، وما تزال، على أتمّ استعداد لتقديم كلّ القرابين للمحتل التركي، الذي يمدّها بالميليشيات والسلاح، وهو ما يؤكده الكاتب الصحفي بجريدة "الشروق" المصرية، والمختص بالشأن الليبي، جرجس فكري، الذي يرى أنّ تركيا، التي كانت تستعرض بالأمس قوتها في ليبيا، باتت اليوم لا تتوارى عن إعلان أنّ ثروات ليبيا تكفي لسداد ديونها وإخراجها من المأزق الاقتصادي، الذي تعاني منه منذ عام 2018.

يضيف فكري، في تصريح لـ "حفريات": "في الوقت الذي كانت مباحثات السلام تجري بين الفرقاء السياسيين، لم تتوانَ تركيا عن إرسال الميليشيات إلى ليبيا، ودفع ملايين الدولارات شهرياً، مقابل ما يقومون به من جرائم في حقّ الشعب الليبي، وعلى جبهة أخرى كانت تصارع اليونان وفرنسا في المتوسط؛ لذلك فهي تستميت في الدفاع عن أهدافها الاقتصادية التي باتت المهدد الأكبر لزوال حكم حزب العدالة والتنمية في تركيا، فليبيا هي الأمل الأخير لأردوغان وحزبه، بعد أن أفرغا ما في جعبتهما في الحرب على سوريا، ثمّ اشتبكا مع أكراد العراق، وها هي الأصابع التركية تتوغل في الشأن اليمني، لكنّ خسارة الثروات الليبية بالنسبة إلى تركيا هي آخر معاول هدم العثمانيين الجدد".

الكاتب جرجس فكري لـ"حفريات": في الوقت الذي كانت مباحثات السلام تجري بين الفرقاء السياسيين، لم تتوانَ تركيا عن إرسال الميليشيات إلى ليبيا، ودفع ملايين الدولارات شهرياً

جدير بالذكر؛ أنّ حجم الصادرات التركية إلى ليبيا خلال الأشهر الثمانية الماضية من هذا العام، بلغ مليار دولار، كما أكّد قرنفل أن الفترة المقبلة، سوف تشهد انتعاشاً ملحوظاً في تلك الصادرات؛ إذ أنّه من الممكن رفع حجم الصادرات التركية إلى ليبيا لتبلغ 10 مليارات دولار، لا سّيما أنّ أنقرة ترى في ليبيا، التي تستعد لتنفيذ استثمارات مهمة في مجال النقل الجوي والسكك الحديدية وبناء الطرق، بوابة مهمة نحو أفريقيا.

ليبيا بين التنقيب والتخريب

في أيار (مايو) الماضي، أعلن وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز؛ أنّ بلاده تعتزم بدأ أعمال التنقيب عن النفط في الحدود البحرية التي أقرتّها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تمّت بين رئيس حكومة الوفاق، فايز السرّاج، والرئيس التركي، كانت هذه الاتفاقية بداية الأزمة التي تكشّفت فيها النوايا الحقيقية للأتراك، ولم يعد بالإمكان أن يصمت العالم أكثر، إذ اعتبرَت هذه الأزمة فتيل الحرب بين دول المتوسط، التي اتخذت فيها تركيا موقفاً معادياً ضدّ كافة القوى الإقليمية.

اقرأ أيضاً: تنحي السراج يربك مشروع أردوغان في ليبيا

بعد تقدم ميليشيات الوفاق منتصف العام الجاري، وخلال اجتماع بين أردوغان ورئيس المصرف المركزي الليبي، صديق الكبير، أوردت صحيفة "ليبيا ريفيو"، أنّ الكبير قام بتحويل عمليات إدارة الاحتياطيات المالية، وأنشأ مجموعة من الودائع لمدة 4 أعوام، على الأقل، دون أيّة عوائد، تسمى "الودائع الصفرية ".

وتبلغ قيمة الودائع، بحسب تقرير الصحيفة، 8 مليارات دولار، مودعة بالكامل في البنك المركزي التركي، وستبقى هذه الودائع، وفق الاتفاقية الموقعة بين السراج وأردوغان، في البنوك التركية دون أيّة فوائد، أو تكاليف، كلّ هذا من أجل استقرار الليرة التركية، ودعم الاقتصاد المنهار.

 كما أفاد التقرير؛ بأنّ هناك تعليمات لتوجيه جميع الاعتمادات المالية إلى البنوك التركية، وتحويل الأموال والودائع الليبية التي كانت موجودة في البنوك الأوروبية، إلى البنوك التركية، وأنّه تمّ تنفيذ عدة عمليات في هذا الإطار مؤخراً، ومنذ بداية العام الجاري.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية