هزمت السرطان وحصلت على الماجستير في الـ80 ... قصة أمل مصرية جديدة

هزمت السرطان وحصلت على الماجستير في الـ80 ... قصة أمل مصرية جديدة

هزمت السرطان وحصلت على الماجستير في الـ80 ... قصة أمل مصرية جديدة


22/02/2023

آمال اسم على مُسمّى، وإذا كان لكلّ إنسان من اسمه نصيب، فربما تنطبق المقولة تماماً على امرأة مصرية تشبثت بالأمل إلى أبعد حد، ونجحت بعد أعوام طويلة لم تكن أبداً خالية من الصعاب والألم في تحقيق حلمها، ليس بالانتصار على مرض السرطان مرتين فحسب؛ بل  بالقدرة على تحقيق حلم آخر ظل يراودها أعواماً طويلة، بالحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه.

بعمر الـ (80) عاماً، لم يكن السن عائقاً كبيراً أمام السيدة آمال إسماعيل، ابنة محافظة المنصورة، شمال القاهرة، للحصول على درجة الماجستير بتقدير ممتاز من كلية الآداب بجامعة المنصورة، حاصدة عشرات الإشادات والفخر من أساتذتها وعائلتها، وجميع من يعرف قصتها.

انتصار مستحق على "السرطان"

آمال، التي حصلت على الشهادة الإعدادية بعمر الـ (38) عاماً، ثم تعطلت مسيرتها التعليمية بسبب مرض السرطان، لم تكن رحلتها سهلة أبداً، لأنّها خاضت صراعاً طويلاً مع مرض السرطان، استمر أعواماً نجحت في نهايتها بهزيمته، وقد كانت في عمر الـ (68)، لكنّها بعد انتهاء معركتها مع المرض قررت ألّا تتوقف أبداً عن تحقيق الحلم القديم للالتحاق بالجامعة واستكمال الدراسات العليا ما بعد التعليم الجامعي.

تصف آمال رحلتها مع السرطان بأنّها كانت مريرة وصعبة، لكنّها نجحت، بعون الله، في تجاوزها والانتصار على المرض، وتقول في تصريح لـ "العربية": "إنّها خاضت صراعاً طويلاً ومريراً من أجل مواصلة تعليمها، فقد توقفت في طفولتها عند الحصول على الشهادة الابتدائية، وتزوجت بعد ذلك وانشغلت بتربية أبنائها، ثم أصيبت بمرض السرطان وكان عمرها (38) عاماً".

لم يكن السن عائقاً كبيراً أمام السيدة آمال إسماعيل

قبل إصابة آمال بالسرطان بعام قررت استكمال تعليمها والحصول على الشهادة الإعدادية لكنّ المرض منعها، غير أنّها لم تستسلم، وواصلت العلاج على مدار أعوام طويلة، نجحت خلالها في هزيمة المرض مرتين.

رحلة تعليمية شاقة

كانت رحلة العلاج صعبة، ورحلة التعليم أيضاً، لكنّ إرادة آمال لم تسمح لها بالخضوع لقيود المرض والعمر، لذلك التحقت بالمدرسة الثانوية وهي بعمر الـ (70) عاماً، ونجحت بالحصول على الشهادة الثانوية ومنها إلى كلية الآداب بالجامعة، ثم الدراسات العليا.

آمال إسماعيل: عندما بلغتُ السبعين التحقت بالمدرسة الثانوية، وخلال الدراسة واجهت الكثير من الصعوبات، منها نظرات الآخرين المستهجنة

وعن رحلتها للحصول على الشهادة الجامعية، تقول آمال: "عندما بلغت من العمر (70) عاماً التحقت بالمدرسة الثانوية، وخلال الدراسة واجهت الكثير من الصعوبات، منها نظرات الآخرين المستهجنة، لكنّني استجمعت إرادتي وتحديت الظروف الصحية بسبب أمراض الشيخوخة، وصممت على الحصول على الثانوية وسط تشجيع من أحفادي الذين أعتبرهم الداعم الرئيسي".

وتكمل المسنّة المصرية فتقول: إنّها التحقت بعد ذلك بكلية الآداب وحصلت على شهادة الليسانس، ثم تفتحت شهيتها لاستكمال طموحاتها العلمية فقررت الاستعداد لرسالة الماجستير بقسم الاجتماع بكلية الآداب، ونجحت بالفعل بمناقشة رسالتها بعد رحلة استغرقت (3) أعوام مليئة بالصعوبات، مشيرة إلى أنّها خلال رحلة الماجستير تعرضت لأزمات صحية كثيرة، منها كسر في الحوض وانسداد في الأمعاء، بحسب حديثها لـ "العربية".

المرض لم يكن العائق الوحيد

لم يكن مرض آمال العائق الوحيد أمام طموحها الدراسي، فقد اضطرت لترك التعليم وهي في الـ (12) من عمرها، كانت حينها في الصف الثاني الإعدادي، من أجل التفرغ للزواج، وقد انصاعت في ذلك لرغبة أهلها، لكنّ حلم استكمال الدراسة ظل حاضراً لم يغب عن خاطرها أبداً.

وفي الـ (38) عندما شعرت آمال أنّها أدت رسالتها وتزوج أبناؤها الـ (4) بعد حصولهم على شهادات جامعية، التحقت بالتعليم مرة أخرى، لكنّ المرض لم يمنحها هذه الفرصة، وقد كانت إصابتها بمرض السرطان، ومن ثم وفاة زوجها الذي لطالما ساندها في رحلة العلاج، حجر عثرة لم تستطع تجاوزها بسهولة.

تصف آمال رحلتها مع السرطان بأنّها كانت مريرة وصعبة، لكنّها نجحت في تجاوزها والانتصار على المرض

ثم عادت بعمر الـ (70)، ونجحت في الحصول على الشهادة الثانوية، والتحقت بكلية الآداب التي تصفها بأنّها "حلم العمر"، وحصلت على الشهادة الجامعية ومنها إلى الدراسات العليا.

وعن ذاك الحلم تقول آمال لموقع "القاهرة 24": إنّها "منذ صغرها وهي عاشقة لكليّة الآداب التي تخرج فيها طه حسين وغيره من الأدباء والمفكرين، مشيرة إلى أنّها تحب قسم علم الاجتماع الذي التحقت به؛ وذلك لكونه يدرس جميع مناحي الحياة الاجتماعية المحيطة بالإنسان.

وعن معاملة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لها في الجامعة، قالت السيدة آمال: "جميع الطلبة والطالبات كانوا يحبونني ويشجعونني على استكمال تعليمي، وأعضاء هيئة التدريس كانوا يعتبرونني مثل والدتهم".

أخيراً حصلت آمال على الماجستير

أخيراً، وبعد أعوام، وحلم استمر طويلاً، وافقت هيئة التدريس بجامعة المنصورة على منح الباحثة المصرية آمال إسماعيل درجة الماجستير بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأسبوع الماضي، بعد مناقشة استمرت أكثر من (3) ساعات.

بعمر الـ (70) نجحت في الحصول على الشهادة الثانوية، والتحقت بكلية الآداب التي تصفها بأنّها "حلم العمر"

وقد جاءت رسالة الماجستير الخاصة بآمال معبّرة عن رحلتها إلى حد كبير، وحملت عنوان: "أسلوب الحياة الاجتماعية والثقافية للفئات العمرية المتقدمة"، وخلال الرسالة قدّمت آمال مناقشات وحوارات مع (20) شخصية بعدة قرى بمحافظة الدقهلية، لمناقشة محاور الرسالة بشكل يلمس أنماط الحياة الاجتماعية لتحقيق أعلى استفادة وتقديم محتوى علمي مميز.

جاءت رسالة الماجستير الخاصة بآمال معبرة عن رحلتها إلى حدٍّ كبير، وقد حملت عنوان: "أسلوب الحياة الاجتماعية والثقافية للفئات العمرية المتقدمة"

إلى ذلك، تشير المرأة المصرية إلى أنّ حفيدتها ساعدتها في رسالتها للماجستير، واختارت معها موضوع الرسالة، وأكدت أنّها بعد حصولها على درجة الماجستير ستبدأ من اليوم في التحضير من أجل الحصول على الدكتوراه في الآداب، لتكمل ما كانت تبتغيه من طموحات تعليمية، مؤكدة أنّ الحاجة للعلم لا تتوقف، والتجارب أثبتت أنّه بدونه تتوقف الحياة.

وتؤكد آمال على رسالة الأمل الدائم، وعدم التخلي عن الطموحات والأحلام مهما كانت العقبات والعوائق، والاستعانة بالصبر والإصرار لبلوغ الهدف، كما تؤكد على أهمية التعليم للجميع، وتنصح من لديه الفرصة في الحصول على مستوى تعليمي أفضل ألّا يضيّعها؛ لأنّ تقدمّ الإنسان وقيمته الحقيقية فيما يملكه من علم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية