نتنياهو يريد السيطرة الأمنية على غزة وأمريكا ترفض "إعادة احتلال" القطاع.. أين نقاط الخلاف؟

من سيحكم غزة بعد الحرب؟

نتنياهو يريد السيطرة الأمنية على غزة وأمريكا ترفض "إعادة احتلال" القطاع.. أين نقاط الخلاف؟


08/11/2023

تدخل الحرب الوحشية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شهرها الثاني، بمجازر كبيرة وبخسائر مأساوية في أرواح الأطفال والنساء، في حين تزايد الحديث دولياً حول مَن سيسيطر على غزة بعد انتهاء القتال، ومن سيحكمها.

وتباينت المواقف الدولية حول الموضوع، ففي وقت يزعم فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّه لن يحتل غزة، لكنّه سيتولى "المسؤولية الأمنية الشاملة لفترة غير محددة" عقب هزيمة حماس، تخرج الولايات المتحدة لتؤكد أنّها تعارض إعادة احتلال الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة في مرحلة ما بعد الصراع، وفق وكالة (رويترز) للأنباء، فيما تنتظر السلطة الفلسطينية حتى تلعب دوراً كبيراً في القطاع عقب القضاء على حماس.

وأعلن نتنياهو نية إسرائيل تولي "المسؤولية الأمنية الشاملة لفترة غير محددة" على قطاع غزة عقب هزيمة حماس، في خطوة قد تعني العودة إلى خيار احتلال القطاع، ولكن بصيغة لا تُلزم إسرائيل بأيّ مسؤولية تجاه غزة، كما يضبطها القانون الدولي.

وقال نتنياهو في مقابلة تلفزيونية بثتها أول من أمس شبكة (إيه بي سي نيوز) الأمريكية: "أعتقد أنّ إسرائيل ستتحمل لفترة غير محددة المسؤولية الأمنية الشاملة، لأننا رأينا ما يحدث عندما لا نضطلع بذلك؛ عندما لا نتحمل تلك المسؤولية الأمنية يندلع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا أن نتخيله"، في تلميح إلى الهجوم الكبير الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

ولن يجد نتنياهو أيّ ضغط دولي لمنعه من اللجوء إلى صيغة ملتبسة تقوم على الاحتلال العسكري، وفي الوقت نفسه دون تحمّل إسرائيل أيّ مسؤولية أو التزام تجاه الفلسطينيين، مثلما ينص على ذلك القانون الدولي، وخاصة ما تعلق بإعادة بناء المستشفيات وتوفير الأدوية والمواد الغذائية والوقود، وفق صحيفة (الشرق الأوسط).

دخلت الحرب الدموية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شهرها الثاني

ويمكن البحث عن فهم هذه الصيغة الملتبسة في تصريح سابق أدلى به وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي قال في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي: إنّ الحرب ضد غزة تتكون من (3) مراحل؛ تنتهي بـ "إنشاء نظام أمني جديد في قطاع غزة، وإزالة مسؤولية إسرائيل عن الحياة اليومية فيه، وخلق واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل والمنطقة المحيطة بقطاع غزة".

وحول الموضوع قال الخبير في القانون الدولي حسن أحمد عمر في تصريح لصحيفة (العرب) اللندنية: إنّ نتنياهو يحاول التملص من أيّ قوانين دولية فيما يتعلق بتعامله الحالي مع قطاع غزة، ويدرك أنّ دولة الاحتلال تعاني وضعاً غير قانوني مع صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1960 المعروف باسم "إعلان تصفية الاستعمار" بجميع صوره.

نتنياهو يزعم أنّه لن يحتل غزة، لكنّه سيتولى "المسؤولية الأمنية الشاملة لفترة غير محددة"، والولايات المتحدة تؤكد أنّها تعارض إعادة احتلال القطاع

وأضاف أنّ "إسرائيل تبحث عن صيغة تمكنها من تصفية حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية التي تقاومها"، لافتاً إلى أنّ قرار التقسيم الرئيسي في حال اعتماده والأخذ به يشير إلى أنّ منطقة غلاف غزة التي اقتحمتها حركة حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي هي أراضٍ تابعة لقطاع غزة، إذ أنّ قرار التقسيم يمتد من (120) كيلومتراً جنوب رفح، وتحديداً من منطقة وادي غزة، إلى أشدود، وبذلك تكون كل هذه المناطق تابعة للقطاع واحتلتها إسرائيل.

وذكر أنّ نتنياهو ليست له ولاية قانونية على قطاع غزة أو غلافها، بل إنّه وفقاً للقانون الدولي فإنّ حماس وغيرها من الفصائل تعمل على تحرير أراضيها، مشيراً إلى أنّ الحديث عن مستقبل إدارة إسرائيل لقطاع غزة أمر سابق لأوانه، ويستهدف الهروب إلى الأمام، لتجاوز ما يتعرض له الجيش الإسرائيلي من خسائر ميدانية.

أمريكيّاً، قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي في تصريحات لشبكة (سي إن إن) أمس: إنّ إعادة احتلال القوات الإسرائيلية لغزة ليست بالأمر الجيد، وليست في صالح إسرائيل وشعبها.

عمر: نتنياهو ليست له ولاية قانونية على قطاع غزة أو غلافها، بل إنّه وفقاً للقانون الدولي فإنّ حماس وغيرها من الفصائل تعمل على تحرير أراضيها.

وأوضح أنّ جانباً كبيراً من محادثات بلينكن في المنطقة ركّز على وضع غزة بعد الصراع، وشكل الحكم، وكثير من الأسئلة التي يتم طرحها مع الشركاء الإقليميين والإسرائيليين.

وقال في تصريح نقلته (رويترز): إنّ الولايات المتحدة ستعارض إعادة احتلال الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة في مرحلة ما بعد الصراع.

وذكر المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي أنّ إسرائيل والولايات المتحدة صديقتان، ولكن ليس عليهما الاتفاق على كلّ قضية.

واعترف منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض بأنّ القضاء على حماس أمر صعب. وقال: "نتفق بالتأكيد أنّ حماس ليست مجرد منظمة، وإنّما هناك إيديولوجيا وراء هذا التنظيم، ومن الصعب القضاء على الإيديولوجيا".

 وأضاف: "من المهم أن نتذكر أنّنا ما زلنا نؤمن بحلّ الدولتين، ويدعم الرئيس بايدن هذا الحل بوصفه رؤية قابلة للحياة، ووعد بالسعي لقيام دولة يهودية ديمقراطية ودولة فلسطينية حرة ومستقلة. وعلى الرغم من أنّنا في خضم صراع، فإنّ الرئيس لم ييأس من ذلك، ونواصل التحدث مع شركائنا في جميع أنحاء المنطقة للعودة إلى المسار الصحيح لحلّ الدولتين".

جون كيربي: إعادة احتلال القوات الإسرائيلية لغزة ليست بالأمر الجيد، وليست في صالح إسرائيل وشعبها

وفي السياق، قالت المديرة السابقة للتحليل بوكالة الاستخبارات المركزية بيث سانر: إنّ السبب وراء تصريحات نتنياهو حول تولي إسرائيل المسؤولية الأمنية في قطاع غزة، هو لعلمه بأنّه لا توجد في الواقع خيارات أخرى، ولا يوجد بديل حقيقي.

وأشارت سانر في تصريحات لشبكة (سي إن إن) أمس إلى أنّ السلطة الفلسطينية لا تستطيع فرض السيطرة على قطاع غزة، ولا تفكر مصر في القيام بهذه المسؤولية، أو المشاركة في قوة متعددة الجنسيات.

كيربي: الولايات المتحدة ستعارض إعادة احتلال الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة في مرحلة ما بعد الصراع.

من جهته، قال الكاتب أنشل بفيفر في مقاله بصحيفة (التايمز) البريطانية: إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي في مأزق، مؤكداً أنّه مع تراجع معدلات شعبيته في استطلاعات الرأي منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ومع معركته من أجل البقاء السياسي، فإنّه يحتاج إلى بقاء ائتلافه اليميني المتطرف معه. فإذا ذكر إمكانية نقل السيطرة على قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية، فإنّه يعرّض للخطر الأغلبية التي ما تزال حكومته تتمتع بها في البرلمان، لذلك لن يفعل ذلك.

ومن ناحية أخرى، إذا بدا أنّه يقبل ببعض خطط حلفائه اليمينيين المتطرفين لإقامة وجود إسرائيلي دائم في غزة، فسوف يثير غضب إدارة بايدن، التي تزود إسرائيل بدعم عسكري ودبلوماسي بالغ الأهمية، لذا فهو لا يقول أيّ شيء عن استراتيجية إسرائيل للخروج من غزة، ولا شيء يؤكد أنّ لديه خطة أصلاً.

ويرى بفيفر أنّ نتنياهو الوحيد الآن الذي يأمل في أن تتمكن إسرائيل من تحقيق نصر عسكري سريع ضد حماس، وهو ما من شأنه أن يحيي آفاقه السياسية الضعيفة، وأيّ شيء على المدى الطويل هو غامض.

سانر: السبب وراء تصريحات نتنياهو حول تولي إسرائيل المسؤولية الأمنية في قطاع غزة، هو لعلمه بأنّه لا توجد في الواقع خيارات أخرى، ولا يوجد بديل حقيقي.

ولفت الكاتب إلى أنّ نهج نتنياهو أربك جنرالات إسرائيل، فهم بحاجة إلى فكرة ما عن أهداف حكومتهم طويلة المدى، حتى يتمكنوا من التخطيط للمراحل التالية من الحرب وفقاً لذلك، لأنّهم لم يتلقوا أيّ توجيه.

وأشار بفيفر إلى أنّه رغم أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال لبلينكن إنّه يود "إعادة

توحيد" الضفة الغربية وقطاع غزة، إلّا أنّ رئيس الوزراء محمد اشتية أوضح أنّ السلطة الفلسطينية لن تعود إلى غزة "على متن الدبابات الإسرائيلية".

يُذكر أنّ أحد الاقتراحات التي وضعتها الولايات المتحدة، هو تولي السلطة الفلسطينية، التي تدير الضفة الغربية، المسؤولية في غزة، بينما اقترح آخرون أن يتولى تحالف من الدول العربية  زمام الأمور في القطاع.

لن يجد نتنياهو ضغوطاً دولية تمنعه من اللجوء لصيغة ملتبسة تقوم على الاحتلال العسكري، دون تحمل أيّ التزام تجاه الفلسطينيين

ويرى تقرير نشرته صحيفة (يدعوت أحرنوت) أنّ بسط سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع أمر ‏معقد، فهي بالكاد تسيطر على الأوضاع في الضفة الغربية، كما أنّها قد لا تقبل هذه المهمة، وقد لا ‏تنجح فيها، أمّا البديل الآخر، فهو بتولي سلطة مدنية من داخل غزة، بمشاركة السلطة الفلسطينية، وبدعم ‏خارجي واسع النطاق، وتبدو فكرة غير واضحة، وقد تواجه الفشل أمام قواعد حماس المتينة في ‏القطاع.

واعتبر زعيم حزب (إسرائيل بيتنا) اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان أنّ "المطالبة بعودة (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن والسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وهْمٌ، بل وهم خطير (…)، ويمكن رؤية مثال ملموس على ذلك في الضفة الغربية ضمن المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، فلولا الدعم الإسرائيلي، لما تمكن أبومازن وحكومته من البقاء ولو للحظة واحدة".

‏هذا، ولم تبقَ أوروبا بمعزل عن الموضوع، فقد بحثت عدة دول أوروبية خيار تدويل إدارة القطاع بعد الحرب، مقترحة تشكيل تحالف دولي يدير غزة بالتعاون مع الأمم المتحدة.

ليبرمان: المطالبة بعودة عباس والسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وهْمٌ، فلولا الدعم الإسرائيلي، لما تمكن أبو مازن وحكومته من البقاء ولو للحظة واحدة في الضفة.

واقترحت الدول، وفق وثيقة أعدّتها ألمانيا، ووزعتها على عدد من الدول الأوروبية، تولي تحالف دولي تأمين غزة بعد الحرب.

كما أشارت الوثيقة، التي نشرتها شبكة (العربية)، إلى أنّ هذا التحالف سيتولى أيضاً تفكيك أنظمة الأنفاق وتهريب الأسلحة إلى غزة، كذلك نصت على تجفيف منابع دعم حركة حماس ماليا وسياسياً.

إلى ذلك، حذّرت تلك الوثيقة من تداعيات القصف العشوائي، واقترحت عمليات جراحية دقيقة في غزة، وشككت في قدرة إسرائيل على القضاء على حماس بالوسائل العسكرية.

مواضيع ذات صلة:

ما سيناريوهات الحكم في غزة ما بعد الحرب؟

هل تستطيع السلطة الفلسطينية أن تحكم غزة؟

هكذا ترد إيران على حرب غزة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية