مَن يوقف انحدار قطار لبنان نحو الانهيار؟

مَن يوقف انحدار قطار لبنان نحو الانهيار؟


17/03/2021

أرسلت إيران عدداً من الصهاريج المحمّلة بالمحروقات إلى لبنان أمس، كمساعدات في ظل أوضاع تتجه من سيّئ إلى أسوأ، ويرى مراقبون أنّ المساعدات الإيرانية لا تمحي تورّط طهران، عبر ذراعها حزب الله، في الحالة التي وصل إليها لبنان اليوم، حيث تقف الدولة على حافة الانهيار.

وأعلنت هيئة الجمارك العراقية أنّها سهلت مرور عدد من صهاريج المحروقات، كمساعدات إيرانية متجهة إلى لبنان، وقالت الهيئة في بيان أمس الإثنين: إنّ "كوادرها قامت بتسهيل مرور 10 صهاريج محمّلة بمادة البنزين قادمة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية كمساعدات إلى دولة لبنان، عبر معبر القائم الحدودي"، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم".

في غضون ذلك، سجلت الليرة اللبنانية انخفاضاً غير مسبوق في سعر الصرف أمام الدولار، حيث قارب الدولار الواحد حدود 14 ألف ليرة، وهذا يعني أنّ العملة اللبنانية فقدت نحو 90% أو أكثر من قيمتها المصرفية، ما سيؤدي إلى زيادة التضخم وارتفاع الأسعار وغياب السلع، التي باتت مادة للشجار وإشهار السلاح للحصول عليها من قبل المواطنين.

سجلت الليرة اللبنانية انخفاضاً غير مسبوق في سعر الصرف أمام الدولار وفقدت نحو 90% من قيمتها

وجاءت تلك التدهورات كنتيجة منطقية لتسلسل الأحداث، وسط حالة من الجمود السياسي غير المسبوق، لدرجة دفعت الأمنيين، سواء في وزارة الداخلية أو المؤسسة العسكرية، إلى التحذير قبل أسبوع من انهيار الأوضاع أكثر، وإلقاء اللوم على السياسيين، ولكنّ الآخرين في سكون.

وكان قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون قد انتقد في تصريحات بتاريخ  8 آذار (مارس) الجاري الوضع في البلاد، متوجهاً بسؤال إلى السياسيين: "إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، لقد حذّرنا أكثر من مرّة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره"، مشدداً على أنّ "الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، وخاصةً اقتصادياً، والجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله، وبالتالي فإنّ راتب العسكري فقد أيضاً قيمته".

اقرأ أيضاً: تجدد الاحتجاجات ومحاولات اقتحام البرلمان.. وناشطون: لبنان ليس بخير

وعقب يومين فقط، صرّح وزير الداخلية في حكومة تسيير الأعمال محمد فهمي بأنّ الوزارة فقدت نحو 90% من قدرتها على فرض الأمن، وأنّ نصف آليات الوزارة معطلة، مشيراً إلى أنه يتعاطف مع المتظاهرين ومطالبهم.

ورغم التحذيرات غير المعهودة من الأمنيين، فإنّ السكون السياسي ظلّ كما هو، كل ينتظر رؤية راية الآخر البيضاء، ويدور الخلاف بشكل رئيسي على توزيع الحقائب وطبيعة الحكومة، ففيما يتمسك رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري بتشكيل حكومة تكنوقراط، فإنّ كلاً من التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، والرئيس ميشيل عون، وحزب الله اللبناني، يتمسّكون بالتقسيمة الطائفية القديمة، رغم أنّ تلك التقسيمة تتنافى مع شروط الدول المانحة للمساعدات، وفي مقدّمتهم فرنسا.

تداولت مواقع تواصل لبنانية وثيقة أمنية تحذر من الفوضى والتخريب واستخدام السلاح

وفي مؤشر جديد على مدى جدّية الموقف وخطورته في لبنان، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان وثيقة تعود إلى أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية، تُحذّر من الفوضى والتخريب واستخدام السلاح في الشارع الذي يشهد توتراً بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد.

اقرأ أيضاً: معنى أن يكون لبنان "دولة حزب الله"

وتُنسب الوثيقة المسرّبة إلى جهاز الأمن العام اللبناني، وتذكر أنّ المعلومات التي يتمّ تداولها، بالتزامن مع التدهور الاقتصادي والمالي، تشير إلى أنّ هناك تحضيراً لتصعيد كبير في الشارع، ومن الممكن أن يتطوّر إلى حصول ظهور مسلح ضد منازل السياسيين، بحسب ما أورده "مرصد مينا".

وزير الداخلية في حكومة تسيير الأعمال: الوزارة فقدت نحو 90% من قدرتها على فرض الأمن

وأشارت الوثيقة إلى أنّ الأمور ذاهبة نحو فوضى وتخريب واستخدام السلاح في الشارع، وأعمال نهب وسرقة وتصفية حسابات، بحجّة ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي، تنفيذاً لأجندات سياسية، وأنّ التوقيت أصبح بين ليلة وضحاها.

يُذكر أنّ الاحتجاجات في لبنان مستمرة، وتقوم مجموعات من المحتجين بإحراق الإطارات يومياً لإغلاق الطرق في البلاد.

وفي السياق ذاته، أوردت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريراً عن تفاقم الأزمة في لبنان، الغارق أصلاً في أزمات متراكمة، قائلة: إنّ البلد أصبح "رهينة" ويتجه نحو الانهيار، معتبرة أنّ "رفض سماسرة النفوذ الطائفي مواجهة الأزمات يهدد بفشل الدولة"، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز".

وفي آب (أغسطس) 2020 حلت كارثة مرفأ بيروت، التي دمّرت مناطق كبيرة من العاصمة، وأودت بحياة نحو 200 شخص، إلى جانب آلاف الجرحى.

اقرأ أيضاً: اللبنانيون ينتفضون مجدداً: الطريق مقطوعة بسبب صيانة الوطن!

وأضاف تقرير "فاينانشال تايمز": بعد 7 أشهر من المشاحنات، ماتزال الدولة المفلسة دون حكومة، و"بدلاً من أن يتخذ رجال الدولة التدابير الكاملة لمواجهة هذه الحالة الطارئة، فإنّ لبنان يواجه (نسوراً سياسية) تتغذى على جثته".

"فايننشال تايمز": رغم نجاة لبنان من حروب وتحديات لكنه يقترب من أن يصبح خالياً من الدولارات

وتابع: "بعد عدة عقود من الحرب الأهلية التي عاشها لبنان بين عامي 1975 و1990، أصبح المواطنون رهائن لمجموعات طائفية من أمراء الحرب الذين يرتدون البدلات، وحزب الله المدعوم من إيران، الذي أصبح بمثابة دولة فوق الدولة، وبيده المفاتيح الرئيسية".

وأضاف التقرير: إنّ البلد يتجه إلى الانهيار بسبب "أزمات مالية ومصرفية وديون معقدة"، خاصة مع جائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت، وقد فقدت العملة المحلية ما يقرب من 90% من قيمتها.

ومع فشل الأعمال التجارية، زادت نسبة البطالة والجوع، وانتشر التسوّل والمقايضة، وتُعدّ البنوك اللبنانية مفلسة، في ظل إقراضها نحو 70 % من أصولها لدولة معسرة والبنك المركزي، بعد أن حرمت معظم المودعين من مدخراتهم.

ومع انقضاء الموعد النهائي لإعادة "رسملة" البنوك، فإنه لا توجد ميزانية، ولن تكون هناك قريباً عملة صعبة لدفع ثمن الواردات، بينما يطبع البنك المركزي على نحو متزايد أموالاً لا قيمة لها، ويغذّي التضخم المفرط، بحسب "فايننشال تايمز".

اقرأ أيضاً: لبنان المصفح بالطائفية

وتابعت "فايننشال تايمز": بالرغم من أنه لا يمكن لأحد أن يكون متأكداً من نقطة انهيار لبنان، الذي نجا من الحروب والغزوات والاحتلال والاغتيالات، فإنّ البلد اقترب من أن يصبح "خالياً" من الدولارات لدعم واردات القمح والأدوية والوقود، وهي مواد قدّرت وزارة المالية العام الماضي أنها شكّلت بالفعل 60% من متوسط ​​ميزانية الأسرة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية