مَن صاحب المصلحة في اغتيال رئيس الوزراء العراقي الجديد؟

مَن صاحب المصلحة في اغتيال رئيس الوزراء العراقي الجديد؟


18/06/2020

أثار تصريح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، تلقّيه تقارير استخبارية عن وجود محاولة لاغتياله قبيل زيارته مدينة الموصل (465 كم شمال العاصمة بغداد)، دهشة عراقيين كثيرين، خصوصاً أنّه أول رئيس حكومة عراقية، بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، يكشف عن تعرّضه لمحاولة اغتيال.

رئيس الوزراء الكاظمي يكشف عن محاولة لاغتياله قبل زيارته مدينة الموصل.. ويهاجم كتلاً سياسية بدلاً من الإرهاب

مراقبون وأمنيون رجّحوا تعرّض رئيس الحكومة العراقية الجديدة لأكثر من تهديد مستقبلاً، لخلفية صراعهِ السياسي مع الكتل ذات الثقل الميلشياوي في البلاد، كما أنّ خلايا الجماعات "الإرهابية" ما تزال عاملة، وتهدّد أكثر من مرة مرافق حكومية معينة في هذه المدينة أو تلك. 

وكان الكاظمي قد كشف، الخميس الماضي، تلقيه معلومات أمنية عن احتمالية تعرضه لمحاولة اغتيال، قبل زيارته مدينة الموصل بيومين؛ حيث زار المدينة المحررة من داعش، في تموز (يوليو) 2017، بعد مرور 6 أعوام على ذكرى احتلالها من التنظيم الإرهابي، في العاشر من حزيران (يونيو) عام 2014.

وخاطب الكاظمي الكتل السياسية قائلاً: "شرف لي التهديد، وأقول للأطراف السياسية؛ (أنا لست خائفاً)"، تصريح أثار أسئلة كثيرة لدى العراقيين، حيال الجهة المتهمة.
قيس الخزعلي من أبرز الشخصيات الولائية الإيرانية داخل العراق مهاجمة لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي

صراعات الكاظمي السياسية
ما إن منح مجلس النواب العراقي حكومة مصطفى الكاظمي الثقة الكاملة، في 6 أيار (مايو) 2020، حتى جوبهت بمعارضة إعلامية شديدة من لدن قادة الفصائل العسكرية الموالية لإيران داخل العراق، وبعض قادة سياسيين لم يوافقوا على تمرير الكاظمي، أبرزهم رئيس ائتلاف دولة القانون "نوري المالكي"، وتبدي الفصائل خشيتها من الكاظمي لجهة ميوله السياسي للولايات المتحدة الأمريكية، بيد أنّه أرسل رسائل تطمينية لأغلب القوى الشيعية؛ حيث حظي بدعم كثيرين منها، لا سيما ائتلاف النصر "بزعامة حيدر العبادي"، وتيار الحكمة "بزعامة عمار الحكيم"، ومنظمة بدر "بزعامة هادي العامري"، بينما ذهبت كتل سياسية، مثل "كتلة نوري المالكي"، وأخرى ذات أجنحة عسكرية، مثل: عصائب أهل الحق "بزعامة قيس الخزعلي"، و "كتائب حزب الله"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"حركة النجباء"، إلى التشكيك بالحكومة الجديدة، وأنّها مدعومة أمريكياً، وتحاول النيل من الاستحقاقات الشيعية من النظام الجديد ومناكفة طهران "بالتواطؤ" مع واشنطن، بحسب تصريحات متشددين بالفصائل. 

وعلى الجانب الآخر من الكتل السياسية؛ يحظى رئيس الوزراء العراقي الجديد بدعم معظم الكتل السنية والكردية، وباقي الأقليات العراقية مثل "الشبك والتركمان والمسيحيين".

 

زيارة الموصل والتهديد بالاغتيال
في العاشر من الشهر الحالي، اتجه وفد حكومي، برئاسة الكاظمي، صوب مدينة الموصل، للاطلاع على أوضاع المدينة في الذكرى السادسة لاحتلالها من قبل تنظيم داعش الإرهابي، في زيارة تخللتها مخاطر عدة أبرزها تصريح رئيس الوفد بتعرضه للتهديد بـ "التصفية والاغتيال" في حال الذهاب إلى المدينة المحررة.

خبراء أمنيون: إخضاع القائد العام للقوات المسلحة الحشد الشعبي لإمرته أبرز مخاوف الجماعات المسلحة داخل الحشد

تصريح أثار لغطاً كبيراً حيال الجهة التي تريد محاولة اغتيال القائد العام للقوات المسلحة العراقية، بالتزامن مع حملة اتهامات تطاله بالعمالة للأمريكيين، واتهامات سابقة بمشاركة الكاظمي، حين كان رئيساً لجهاز المخابرات العراقي، بمقتل قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، والنائب السابق لرئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، مطلع كانون الثاني (يناير) من العام الجاري، بغارة أمريكية استهدفتهما في مطار بغداد الدولي.

وعن ذلك يقول الخبير الأمني كرار اللامي، لـ "حفريات" إنّ "محاولة اغتيال الكاظمي، ستعود بالنفع السياسي على أغلب القوى المتهمة بالخروج عن القانون، والرافضة لتوليه منصب رئيس الحكومة"، مبيناً أنّ "تهديد الأخير بحصر السلاح بيد الدولة وإخضاع مختلف فصائل الحشد الشعبي لإمرة القائد العام للقوات المسلحة، أمر يثير استقلالية الحركة لتلك الفصائل".

الكاظمي يتوسط الوفد الحكومي في شوارع مدينة الموصل التي زارها في العاشر من حزيران الجاري

من يسيطر على الموصل أمنياً

بعد تحرير محافظة نينوى (مركزها مدينة الموصل)، من الجماعات الإرهابية، خضعت المحافظة لسيطرة عدة أجهزة أمنية، بما فيها فصائل تابعة للحشد الشعبي، وبالتحديد الفصائل الولائية للمحور الإيراني، في مركز المدينة، يسيطر جهاز مكافحة الإرهاب، وعلى أطرافها تسيطر فصائل الحشد، وهذه السيطرة تمتدّ إلى الحدود مع سوريا.

اقرأ أيضاً: تويتر يحيّد قيس الخزعلي... ما الأسباب؟

وعن فاعلية الحشد في تلك المناطق، يوضح المحلل السياسي لطيف السامرائي، أنّ "تواجد الحشد الشعبي أو بقاءه في المناطق المحررة من داعش، لا داعي له، في ظلّ تواجد قوى عسكرية عراقية أخرى غير مؤدلجة دينياً"، لافتاً إلى أنّ "قوى الحشد تعمل على خلق بنية اقتصادية لها عبر تواجدها في محافظة نينوى".

ويضيف لـ "حفريات" أنّ "هذه الفصائل تحاول استثمار مواد البناء، كالحديد وغيره، من مواد البنية التحتية الأخرى، لصالحها مالياً، وهي موزعة بحسب منطقة النفوذ لكلّ فصيل"، مبيناً: "لهذه الفصائل أجهزة استخبارية ترصد تحركات أية جهة، أو شخصية، داخل المحافظة".
ولا يستبعد السامرائي تلقي الكاظمي تهديداً من قبل تلك الجهات المهيمنة على المدينة المحررة. 

 

 

الكاظمي يهاجم كتلاً سياسية

وفي طور كشفه وجود محاولة لاغتياله، هاجم رئيس الوزراء العراقي كتلاً سياسية، لم يسمّها، بعدم خشيته من أيّة محاولة اغتيال قادمة، تصريح يشي بالجهات التي تحاول تهديده.

كتائب حزب الله في العراق تستهدف قواعد وسفارة واشنطن في بغداد.. والحادث لم يسفر عن خسائر بشرية

وعن ذلك، يقول لطيف الجابري: إنّ "الكاظمي يعي خطورة المهمة الملقاة على عاتقه، ويعرف من هي الجهات التي لا تريد لحكومته المضي بتنفيذ خطتها في معالجة القطاعات الصحية والاقتصادية والأمنية، لهذا هو أشار ضمنياً إلى أنّ التصفية ممكن أن تكون من قبل خصوم سياسيين، لا جماعات إرهابية على شاكلة داعش".

ويؤكد الأكاديمي العراقي، لـ "حفريات"؛ أنّ "الحكومة الجديدة ستكون في مواجهة دائمة مع الجهات المتصارعة معها إزاء قوة الدولة من دعمها"، مبيناً أنّ "سيادة النظام على الجميع، قد لا تروق لبعض الكتل، لأنّ ذلك سيعرضها للمحاسبة والخضوع، وهذه الكتل لا تريد ذلك، لأنّه يؤثر في مواطن نفوذها الاقتصادية أولاً، وفي الهيمنة الميلشياوية لها على الناس والنظام ثانياً".

وتابع الجابري قوله: "الشعب العراقي، اليوم، فقد ثقته بالدولة برمتها، وإذا أراد رئيس الحكومة الجديدة، إعادة هذه الثقة فعليه إعادة هيبة الدولة في عيون العراقيين".

عناصر من ميليشيا كتائب حزب الله في العراق

استهداف القواعد الأمريكية في بغداد

وفي سياق منفصل، استهدفت كتائب حزب الله في العراق، خلال الأسبوع الماضي، قواعد عسكرية أمريكية في بغداد، ومحيط السفارة في المنطقة الرئاسية الخضراء وسط العاصمة.

ففي مدينة التاجي، شمال بغداد، تعرضت قاعدة عسكرية أمريكية، السبت الماضي، لهجوم صاروخي لم يسفر عن خسائر بشرية، بينما عاودت الكتائب، الإثنين الماضي، قصف السفارة الأمريكية وسط المنطقة الخضراء، بصواريخ عدة، لم تسفر عن أيّة خسائر تذكر.

اقرأ أيضاً: إغلاق مقار العصائب في العراق.. هل الخزعلي خائف أم مفلس؟

بيان للكتائب قال إنّ "الولايات المتحدة لم تبادر بإجراء ما يسمى "الحوار الإستراتيجي" (الذي جرى الخميس)، إلا بعد إدراكها أنّ وجودها لم يعد مرحباً به في العراق، لا سيما بعد قرار مجلس النواب الذي ألزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد".
وأردفت الكتائب: "أمريكا معروفة بنقضها للمعاهدات والمواثيق، وهي ليست أهلاً للثقة مطلقاً؛ لذا فإنّ عليها أن تدرك جيداً أنّها إذا حاولت الالتفاف على قرار البرلمان العراقي، فإنّ ذلك سيكلّفها الكثير".

هذا وتجري الحكومتان العراقية والأمريكية، منذ الخميس الماضي، حواراً إستراتيجياً، بخصوص تقليص عدد القوات الأمريكية في البلاد خلال الأشهر المقبلة، على أن تنهي واشنطن وجودها العسكري في العراق لاحقاً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية