ميليشيات الحوثي تستكمل مخططات إفساد قطاع التعليم في اليمن... ماذا فعلت؟

ميليشيات الحوثي تستكمل مخططات إفساد قطاع التعليم في اليمن... ماذا فعلت؟


11/01/2021

شرعت الميليشيات الحوثية في عملية ممنهجة لتدمير التعليم الجامعي في اليمن، منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) 2014، وكان أول قرار اتخذته بعد الانقلاب إغلاق 13 جامعة خاصة و4 كليات، وتعطيل أكثر من 50 برنامجاً دراسياً، وعمدت إلى تضييق الخناق على الجامعات الأهلية تحت ذرائع مختلفة، ثم تمادت في تخريب بعض الجامعات التي تعرضت بعض مرافقها للهدم، كما حدث في "الجامعة اللبنانية".

 

الجماعة الحوثية أقرّت مناهج دراسية جديدة ذات صبغة طائفية على طلاب الجامعة وفرضتها بشكل إجباري

 

واعتمدت ميليشيات الحوثي الإرهابية، من أجل إحكام السيطرة على منظومة ومؤسسات التعليم الجامعي، العديد من الوسائل أبرزها تعيين رؤساء جامعات وعمداء كليات من الموالين لها، وفصل أساتذة جامعيين من الجامعات الواقعة في مناطق سيطرتها كجامعة صنعاء، إضافة إلى تخصيص مقاعد دراسية لعناصر الميليشيات الذين يقاتلون في الجبهات، وفق ما أوردت صحيفة "العرب" اللندنية.

ودشنت الميليشيات الإرهابية مع دخول العام 2021 مرحلة جديدة من الجرائم والممارسات القمعية بحق طلبة ومنتسبي الجامعات الحكومية والأهلية، وذلك في سياق استهدافها المنظم لقطاع التعليم العالي في العاصمة صنعاء وبقية المدن والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وصعّدت الجماعة منذ الأول من كانون الثاني (يناير) الجاري من حجم انتهاكاتها بحق مؤسسات التعليم العالي، فقد أفادت مصادر أكاديمية بصنعاء بأنّ التعسفات التي ارتكبتها الجماعة بحق منتسبي هذا القطاع مؤخراً شملت الاقتحام والقمع والتنكيل ومنع حفلات التخرج، ومواصلة ملشنة بعض الجامعات وتحويلها من منصات تعليمية إلى أخرى تروّج لأنشطة الجماعة الإرهابية والطائفية.

 

ميليشيات الحوثي الإرهابية عينت رؤساء جامعات وعمداء كليات من الموالين لها، وفصلت أساتذة جامعيين وخصّصت مقاعد لعناصرها

 

وتحدثت مصادر نقلت عنها صحيفة "الشرق الأوسط" عن أنّ ممارسات وجرائم الميليشيات خلال الأيام القليلة الماضية رافقها أيضاً افتتاح الجماعة معرضاً لصور قتلاها في جامعة إب (170 كم جنوب صنعاء)، بالتزامن مع افتتاح معرض مماثل في جامعة الحديدة، وقد ضمّ مئات الصور لصرعى قالت الجماعة إنهم طلبة جامعيون أرسلتهم في السابق للقتال بجبهاتها المختلفة.

ويأتي ذلك في ظل استياء واسع في أوساط الطلبة والأكاديميين في جامعتي إب والحديدة، فقد أبدى الكثير منهم، بحسب المصادر، تحسرهم وامتعاضهم من الحال التي وصلت إليها الجامعات الواقعة تحت قبضة الميليشيات.

 

الميليشيات الحوثية أقدمت خلال الأيام الماضية على إغلاق كليات في محافظة الجوف وتحويلها إلى ثكنة عسكرية

 

وعلى هامش فعاليات تمجيد "ثقافة الموت"، نفذت قيادات من الجماعة تم تعيينها في إدارة الجامعتين وتحت لافتة "ملتقى الطالب الجامعي" زيارات ميدانية لمقابر صرعى الميليشيات، في مسعى منها لتحويل مؤسسات التعليم العالي إلى أوكار لزراعة الأفكار الطائفية والإرهابية.

وأدى تفاخر الميليشيات بالقتلى الذين ادعت أنهم جامعيون إلى استهجان نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، فقد سخر الكثير منهم ممّا وصفوه بـ"وقاحة" الجماعة في عرض المصير المأساوي الذي ينتظر الطلبة وأسرهم والتفاخر به في الوقت نفسه.

وعلّق بعض الناشطين بالقول: "إنّ استهتار جماعة الحوثي تجاوز كلّ حد، بدفع طلبة المدارس والجامعات إلى ميادين الموت في معركتها الطائفية التخريبية، والانتهاء بهم إلى المقابر بدلاً من ميادين العمل والتنمية والبناء، كما هو مفترض في جماعة تدّعي أنها سلطة".

 

الحوثيون منعوا حفلات التخرج، وواصلوا ملشنة بعض الجامعات وتحويلها من منصات تعليمية إلى أخرى تروّج لأنشطة الجماعة الإرهابية والطائفية

 

ومنذ أيام افتتحت الجماعة عشرات المعارض لصور صرعاها في مختلف مديريات إب والحديدة، وقدّرت التقارير أنّ عدد قتلى الميليشيات وصل في محافظة إب فقط إلى أكثر من 3500 صريع ونحو 8 آلاف جريح.

وعلى صعيد مواصلة الميليشيات المضي على خطى التنظيمات الإرهابية وفرضها مع دخول العام الجديد المزيد من الإجراءات القمعية بحق المدنيين بمناطق سيطرتها خصوصاً طلبة الجامعات، أفادت مصادر طلابية بصنعاء بأنّ الجماعة منعت قبل أيام عشرات الطلبة والطالبات في كلية التجارة بجامعة صنعاء (كبرى الجامعات اليمنية) من إقامة حفل تخرجهم، بحجة منع الاختلاط. في وقت أصدرت فيه الجماعة تعميمات لجامعات أهلية في صنعاء تحضها على فرض قيود مشددة على الطلبة بما يتوافق مع نهجها الإرهابي المتطرف.

كما ألغت الجماعة حفل التخرج في اللحظات الأخيرة، الذي كان مقرراً إقامته صبيحة أول من أمس في قاعة مؤسسة اليتيم التنموية بحي النهضة شمال صنعاء العاصمة.

وطبقاً للمصادر، لم تكتفِ الجماعة بإلغاء حفل التخرج، بل عمدت إلى احتجاز عدد من الطلبة، وباشرت بطرد الأهالي وأولياء الأمور الذين حضروا إلى القاعة لمشاركة أبنائهم فرحة تخرجهم.

وعلى المنوال ذاته، وجّهت الجماعة، حليفة إيران في اليمن، تعميمات جديدة لجامعات: (المستقبل واللبنانية وتونتك) الأهلية في العاصمة صنعاء، تحضها على فرض المزيد من القيود على الطلبة، وفق مصادر أكاديمية.

 

ميليشيات الحوثي تفتتح معارض لصور قتلاها من الطلبة الجامعيين في جامعتي إب والحديدة

 

وبحسب المصادر، فقد جدّدت الجماعة منع الطالبات في الجامعات الأهلية المستهدفة من ارتداء الملابس الضيقة والعباءات المفتوحة والملابس القصيرة، كما أجبرتهن على تغطية الشعر بالكامل.

ويقول مراقبون حقوقيون: إنّ "مثل تلك الممارسات هي من نهج الجماعات الإرهابية والمتطرفة أمثال؛ القاعدة وداعش وأنصار الشريعة".

وسبق أن فرضت الميليشيات طيلة الفترات الماضية المزيد من الإجراءات والقيود المشددة بحق طلبة الجامعات اليمنية الأهلية والحكومية في مناطق سيطرتها، والتي كان آخرها إصدارها أوامر تقضي بمنع الاختلاط في مرحلة التعليم الجامعي، والحض على فصل الطالبات عن الطلاب، وتحديد بوابات لدخول الذكور وأخرى للإناث، وتحديد مواصفات خاصة للملابس المحتشمة.

ولم يتوقف الأمر عند التضييق على الطلبة والهيئات التدريسية في الجامعات، بل أقدمت الميليشيات الحوثية خلال الأيام الماضية على إغلاق كلية التربية والعلوم الإنسانية في محافظة الجوف وتحويلها إلى ثكنة عسكرية.

وفي السياق، دانت لجنة الحقوق والإعلام بالمحافظة "قيام الحوثيين بتحويل الكلية إلى مكان لتنفيذ أنشطة عنصرية بعد إغلاقها أمام الطلاب وجعلها ثكنة عسكرية"، معتبرة ذلك تحدياً سافراً للأعراف والمواثيق الدولية والقيم الإنسانية.

كما دعت اللجنة، وفق ما أوردت صحيفة "المشهد اليمني"، كافة المنظمات المحلية والدولية إلى استنكار مثل هذه الجرائم، والضغط على الميليشيات لإخراجها من الكلية، وإعادة كافة محتوياتها، وتحييد مؤسسات التعليم عن الصراع.

 

مراقبون حقوقيون يؤكدون أنّ ممارسات الحوثيين في الجامعات شبيهة بنهج الجماعات الإرهابية أمثال؛ القاعدة وداعش وأنصار الشريعة

 

هذا، وقامت الميليشيات المدعومة من إيران بتغيير أسماء القاعات في جامعة عمران إلى أسماء قادتها الذين قتلوا خلال المعارك مع الجيش اليمني، وغيرت أسماء 4 قاعات دراسية في الجامعة إلى أسماء 4 من قتلاها، هم: صالح الصماد ومحمد الزعرور وعبد المجيد غولة ومجد الدين القطاع.

أمّا في العاصمة صنعاء، فقد كشفت مصادر تعليمية أنّ الميليشيات أطلقت مجموعة من المحاضرات الطائفية في عدد من كليات جامعة صنعاء الحكومية والجامعات غير الحكومية والمدارس، وذلك لإغراء الطلاب والشباب وتجنيدهم في صفوفها، وفق "مرصد مينا".

كما دشّن الحوثيون، يوم الأربعاء الماضي، أولى محاضراتهم في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الحملة التي أطلقوا عليها "يوم الشهيد"، في محاولة لإغراء واختطاف الطلاب بغية تعويض خسائرهم البشرية التي فقدوها على جبهات القتال.

وفي السياق ذاته، طالب وزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب "حسين حازب"، أثناء حضوره الفعالية الطائفية، طلاب الجامعة بضرورة الالتحاق بميليشياته والقتال في صفوفها، معترفاً بوجود خسائر في صفوفها.

هذا، وتسبب إيقاف الانقلابيين لصرف رواتب الأكاديميين اليمنيين في تدهور الوضع المادي للكثيرين منهم، ما اضطرهم إلى العمل في مهن أخرى لا تناسب درجاتهم العلمية.

 

الميليشيات المدعومة من إيران قامت بتغيير أسماء القاعات في جامعة عمران إلى أسماء قادتها الذين قتلوا خلال المعارك

 

وفي الإطار، ذكر طلبة في جامعة صنعاء لمواقع محلية أنّ الجماعة الحوثية أقرّت مطلع العام الماضي مناهج دراسية جديدة ذات صبغة طائفية على طلاب الجامعة، وعملت بمختلف الوسائل والطرق لفرضها بشكل إجباري.

وأضافوا: إنّ من المواد المفروضة مادة أطلقت عليها "الإعلام الحربي"، وأخرى تحت اسم "تاريخ اليمن المعاصر"، إضافة إلى مقرّر آخر تحت اسم "الصراع العربي   الإسرائيلي"، ومادة تحت عنوان "التربية الوطنية". وأكدت المصادر أنّ غالبية مواضيع المقررات الحوثية الجديدة تمّ استقاؤها وإعدادها بصبغة طائفية من ملازم مؤسس الجماعة حسين الحوثي، الذي بدوره كان قد استقدمها من إيران.

وقد قامت الجماعة منذ اقتحامها جامعة صنعاء بإقصاء نحو 300 أكاديمي وعضو هيئة تدريس ومساعدين وموظفين من أعمالهم في الجامعة، وقامت بإحلال عناصر موالين لها في وظائفهم، رغم أنّ الكثيرين منهم لا يمتّون إلى التعليم الجامعي والأكاديمي بأيّ صلة، وفق ما تقوله مصادر أكاديمية يمنية.

ومنذ انقلابها على الشرعية في اليمن، تُمعن ميليشيا الحوثي في استهداف الهوية اليمنية، وانتزاع المجتمع اليمني من امتداده العربي، لصالح توطين الثقافة والفكر الإيراني وتطبيق نظام ولاية الفقيه، في إطار المخطط الإيراني التخريبي في المنطقة ووهم استعادة الإمبراطورية الفارسية.

ويتضح الغزو الثقافي الفارسي المُمنهج لليمن في مساعي نظام الفقيه وأداته المتمثلة في ميليشيا الحوثي لبسط هيمنتها على القطاع التعليمي، عبر استحداث أقسام للغة الفارسية في الجامعات وإلغاء أقسام أخرى لتدريس اللغة العربية، والعبث بالمناهج التعليمية وصبغها بالأفكار الطائفية، فضلاً عن إطلاق أسماء إيرانية على المؤسسات التعليمية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية