تقدم أنقرة وموسكو رسمياً عملية «فرع الزيتون» ضد جيب عفرين الكردي على أنها تدبير قسري ناجم عن التحركات الاستفزازية التي تقوم بها واشنطن، على رغم أن المفاوضة حول هذا السيناريو تعود إلى تمّوز (يوليو) 2017. وفي وقت يبدو أن الاتهامات ضد الولايات المتحدة تتناسب مع منطق الدول الضامنة لعملية السلام في سورية، إلا أنها، على ما يبدو، ترمي إلى إخفاء صيغة «المقايضة» في العلاقات الروسية- التركية.
من الخارج، تبدو الأمور بسيطة: أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عملية ضد الجيب الكردي بعد تصريحات قوات التحالف الدولي، على رأسه الولايات المتحدة، ضد «داعش». ومفاد التصريحات هذه أن واشنطن ستعد قوات لحماية الحدود السورية مع تركيا والعراق نواته من «قوات سورية الديموقراطية»، وهو تحالف عربي-كردي. روسيا لم تعارض دخول الأتراك لأن خطط الأكراد المدعومين من أميركا تتعارض مع الهدف المعلن بالحفاظ على وحدة أراضي سورية. وتحركات تركيا الأحادية خطر كبير: انتقال عدد كبير من قوات المعارضة السورية إلى جبهة عفرين، مع العلم أنها لن تكون قادرة على العودة إلى مواقعها السابقة بسرعة، في حال بدأت فجأة قوات الأسد بالتحرك نحو الحدود التركية عبر محافظة إدلب.
في المقابل، لا يسع روسيا أن تحل مشكلة أكبر، منطقة خفض التصعيد، من دون مساعدة تركيا. وتقدم القوات الموالية للحكومة السورية في إدلب والمحافظات المجاورة، يؤدي إلى توحيد صفوف الجماعات المتمردة وتشكيل ائتلاف جديد من المتطرفين والمعتدلين، وإلى أزمة إنسانية جديدة ونزوح مئات الآلاف من المناطق المكتظة بالسكان. والأهم من ذلك، فإن هذه العملية من شأنها أن تؤدي إلى إضعاف جيش الأسد الذي خارت قواه، وتفاقم التورط الروسي في النزاع. وفي سبيل الحؤول دون ذلك، لا مناص من الاتفاق مع أنقرة وتقديم بعض التنازلات لها تصب كذلك في مصلحة دمشق>
أنطون مارداسوف - نقلاً عن صحيفة "الحياة"