موجة من الغضب بعد رثاء "شاعر المقاومة" لجندي إسرائيلي.. ما التفاصيل؟

موجة من الغضب بعد رثاء شاعر المقاومة لجندي إسرائيلي

موجة من الغضب بعد رثاء "شاعر المقاومة" لجندي إسرائيلي.. ما التفاصيل؟


22/01/2024

وسط غابة كثيفة من أشجار الزيتون، بقرية المغار الجليلية الفلسطينية، وُلد الشاعر (سليمان دغش) عام 1952، وكان أصغر الأولاد الذكور في أسرة فلسطينية كثيرة الأولاد، وقف الشاعر سليمان دغش أمام المحكمة الإسرائيلية لأول مرّة، وهو في سن (8) أعوام، بتهمة تمزيق وحرق العلم الإسرائيلي، ولصغر سنّه لم يحكم عليه القاضي (إلياس كتيلة)، وهو عربي من الناصرة، بالسجن الفعلي، وحكم عليه بدفع غرامة (25) ليرة إسرائيلية، وهو مبلغ مبالغ فيه في ذلك الوقت، بعدها بأعوام رفض قانون التجنيد الإجباري الذي فرضته إسرائيل قسراً على الشباب العرب الدروز عام 1956، وأمضى (4) أعوام في السجون العسكرية الإسرائيلية "سجن الصرفند"، و"سجن عتليت"، كما كان أحد أبرز شعراء المقاومة، وشارك في العديد من المهرجانات الدولية، وأبرزها معرض القاهرة الدولي للكتاب، ومهرجان جرش في الأردن، ولأعوام طويلة كان يُعتبر أحد الرموز الوطنية لفلسطينيّي الداخل. أسّس الحزب التقدمي الاشتراكي عام 1989، وانتُخب رئيساً له، وشارك في تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يضم معظم الأحزاب والحركات الوطنية لفلسطينيّي الداخل.

رثاء الشاعر لحفيده يسقط عنه التكريم الأدبي 

في عام 2017 تمّ تكريم سليمان دغش من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ومنحه جائزة "كتاب الأرض المحتلة 1984"، وفي 7 كانون الثاني (يناير) 2024  نشر الشاعرمقطع فيديو على صفحته الشخصية، يقوم فيه بالمشاركة في تأبين حفيده، الذي خدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ملفوفاً بالعلم الإسرائيلي، الذي قام الشاعر بحرقه من قبل.

أثار هذا المقطع الغضب، وأعلن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب على إثره سحب الجائزة من الشاعر الفلسطيني، وقال الاتحاد في بيانه: إنّ سبب سحب الجائزة هو فقدان الشرط الأساسي لاستحقاقها، وهو الإيمان بالقضية الفلسطينية، والتجرد لها والدفاع عنها، واحترام تضحيات الشعب الفلسطيني. واستنكر الاتحاد ما أقدم عليه دغش برثاء الجندي الإسرائيلي، "غاضّاً النظر عن كل ممارسات هذا الجندي وزملائه، والجيش الذي ينتمي إليه، وتسببه بقتل أطفال فلسطين ونسائها ورجالها، وما مارسه ويمارسه من تنكيل وتجويع وجرائم حرب وإبادة جماعية". وقال الاتحاد: إنّ "هذه الجريمة خنجر في خاصرة الأمة"، مشدداً على موقفه المبدئي الداعم للقضية الفلسطينية، وإيمانه بوجود المئات من المبدعين الفلسطينيين غير دغش ممّن يستحقون هذه الجائزة.

🎞

وأضاف البيان: إنّه في الوقت الذي ينبغي أن يقف فيه المبدعون العرب في الصفوف الأمامية لـ "المقاومة وجيش الوعي"، تأتي هذه الجريمة "خنجراً في خاصرة الأمة، وإهداراً لدماء الشهداء الأبرار وتضحياتهم بأرواحهم؛ من أجل إبقاء القضية حيّة ساطعة وإعلاء الحق الفلسطيني على كل سرديات الزيف وتجريف الذاكرة". وتابع أنّه "التزاماً بالضمير الثقافي العربي الحي" قرّر الاتحاد سحب الجائزة من دغش.

وزارة الثقافة الفلسطينية تستنكر

وكان وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف قد كرّم الشاعر سليمان دغش في عام 2019 بمناسبة حصوله على المرتبة الأولى لجائزة (بالمي العالمية للشعر) في إيطاليا. وقال حينذاك: "نلتقي لنحتفي بالشاعر الفلسطيني ابن بلدة المغار الجليلية سليمان دغش، الذي راكم إنجازاً على إنجازات المبدعين الفلسطينيين، من خلال استحقاقه للمركز الأول لجائزة (بالمي) العالمية للشعر والقصة، بنسختها للعام 2019 في إيطاليا، بين أكثر من (1047) عملاً ونصاً أدبياً بين الشعر والقصة على مستوى إيطاليا، وبعض دول العالم بلغاتها المتعددة".

وبعد نشر هذا الفيديو أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية استنكارها التام لمشاركة دغش في تأبين أحد جنود الاحتلال من عائلته، من الذين شاركوا وتسببوا في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها في غزة. وقالت الوزارة الفلسطينية في بيانها: "أيّ تقدير تمّ منحه لدغش من طرفها هو لاغٍ، وتدعو كافة المؤسسات العربية والدولية لسحب أيّ تقدير أو تكريم منحته للشاعر دغش، خاصّة جائزة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب التي منحت له عام 2017".

وقد رثى دغش حفيده قائلاً: "كيف لنا أن نصدق أنك رحلت عنا، ولم نتمكن من وداعك وتقبيل جبينك العالي قبل أن تفارقنا. كيف لي أن أستوعب، وأنت حفيدي الأول، أن أحمل نعشك الطاهر، وأن توارى الثرى قبلي؟ ألم يكن من العدالة أن أكون أنا مكانك وأنت مكاني؟ أتمنى أن تكون دماء سفيان الطاهرة هي آخر الدماء التي تسقط في أيّ حرب، هذه الحرب أو غيرها، وأتمنى أن يحلّ السلام العادل والشامل في منطقتنا". 
مواضيع ذات صلة:

كاتب أردني يفتح النار على الإخوان: ركبوا موجة المقاومة.. وهذا ما طلبه منهم

نظرة إلى فسيفساء الحركات الفلسطينية: لماذا صارت المقاومة خياراً شعبياً؟

مخاتلة اللغة السياسية "وحدة جبهات المقاومة ضد إسرائيل نموذجاً"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية