من يكسر الصمت حول الانتحار؟

من يكسر الصمت حول الانتحار؟


12/12/2021

يقول اللبنانيين (وهم محقين)، أن كارثتهم الاقتصادية اليوم، لاتوازيها كارثة في تاريخ لبنان دون نسيان أن للبلد تاريخ يمتد ربما الى ثمانية آلاف سنة، وحين يعددون الكوارث يبتدئون بكارثة المصارف، ومن ثم كارثة انفجار المرفأ، وربما ثمة من لاينسى أن يضيف إلى الكارثتين كارثة يمكن تسميتها بسطوة نبيه بري على برلمانهم، فيما سطوة حسن نصر الله على السلاح لاتقل بشاعة عن فايروس كورونا ومن سلالته كفايروسات.

غير أن ثمة ماهو جديد، لا على الحياة بل على المعلومات، والجديد هو ما أعلن عنه في مؤتمر “كسر الصمت حول الانتحار” الذي نظّمه البرنامج الوطني للصحة النفسية ومنظمة الصحة العالمية وجمعية “امبرايس”  بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية والمعهد العالي للأعمال.

فما هي المعلومات التي أوردها المؤتمر؟

بحسب المؤتمرين الباحثين، فإن 63٪ من طالبي الدعم النفسي الذين يسعون للحصول على خدمات الصحة العقلية في لبنان تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، مع إضافة أن الانهيار النفسي يواجه اللبنانيين من كل الأعمار ليرفع من خطر الانتحار، وبحسب ما تشير الأرقام، فإن شخصاً واحداً على الأقل يُقدم على الانتحار في لبنان كل 48 ساعة، فيما تشهد حالات الانتحار منذ عام 2016 ازدياداً مطرداً بلغت نسبته 35.5 في المئة، ووصل عدد الوفيات التي سجّلتها قوى الأمن الداخلي انتحاراً إلى 1366 حالة خلال 11 عاماً، وفي 66 في المئة من الحالات كان المنتحرون ذكوراً، علماً بأن هذه الحالات لا تشمل كل عمليات الانتحار التي لا تسجّل في هذه الخانة لدواع اجتماعية.

لنتصور الرقم (1366) خلال 11 عامًا من أصل سكان بلد لايتجاوز عددهم أربعة ملايين نسمة، ما يعني أن عددهم أقل حتمًا من عدد سكان شارع فرعي من بكين أو شانغهاي، وهو رقم لو حدث في واحدة من المدينتين لضجّ العالم بالرقم.

رئيس البرنامج الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة اللبنانية يحيل الأمر برمته إلى “الأعطاب السياسية والاقتصادية والبطالة والعنف تشكّل بيئة خصبة لظهور الاضطرابات النفسية التي تتسبّب في 90 في المئة من حالات الانتحار”.

الكلام يستدعي القول بأن البلد بات ينقسم إلى:

 منتحر، ومشروع منتحر.

ذلك أن الإقدام على الانتحار ليست مسألة يمكن استسهالها كما لو منشور على الفيس بوك، فالانتحار يعني إنهاء  الحياة بما فيها حياة الفاقة والعوز والإصغاء إلى حورات البرلمانيين اللبنانيين الذين ينقسمون إلى :

 فاسدين، أو غطاء للفاسدين، والأفضل من بينهم هو من لاطول ولا قوة له.

ويأتي من يقول لك أن ثورة اللبنانيين (وقد أجهضت) خرجت من بوابات السفارات والرشى السياسية والامبريالية، ومن ثم جاءت لتخريب البلد، كما لو أن البلد كان عامرًا وجاءته يد الخراب.

هذا  في لبنان.. لبنان “الكبّة” و “التبولة” والكثير من أبو الزلف، فما حال جارته سوريا ونصف سكّانها مرحلون إما للخيام أو المنافي؟

في سوريا لا أرقام.

لا أرقام ولا إحصائيات ولا مؤتمر للبحث في الانتحار.. في سوريا كل الصمت:

 صمت حول نسبة المنتحرين من السكان.

ونسبة العاجزين عن الانتحار والراغبين بالانتحار.

لا إحصائيات حول ضحايا السجون.

ولا إحصائيات عن ضحايا الموت النفسي الذي يعني الموت بصمت دون إحداث ضجيج.

مع كل هذا وذاك:

 في لبنان الممانعة، وفي سوريا الصمود، وقد تزاوجا.

والنتيجة:

 مازال الصمت يخيم على الإحصائيات.

عن "مرصد مينا"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية