من هو "البلوي" الذي استدرج الأمريكان إلى "فخ قاتل" بأفغانستان؟.. صحيفة أمريكية تجيب

من هو "البلوي" الذي استدرج الأمريكان إلى "فخ قاتل" بأفغانستان؟.. صحيفة أمريكية تجيب


07/08/2022

مقتل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة نهاية تموز (يوليو) الماضي ساهم، على ما يبدو، في حلحلة ملابسات عدد من الألغاز حول التنظيم الإرهابي والهجمات التي شنها ضد القوات الأمريكية، فقد كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عمّا سمّته "أحلك أيام" وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، حين استدرج طبيب أردني يُدعى همام البلوي ضباطاً أمريكيين إلى "فخ مميت" في أفغانستان.

ووفقاً لمعدّ التقرير الأمريكي، جوبي واريك، فقد قتل البلوي (7) من عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بعد استدراجهم إلى "فخ مميت" في أفغانستان في يوم يُعدّ "من أحلك الأيام" في تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

كشفت "واشنطن بوست" عمّا سمّته "أحلك أيام" (سي آي إيه)، حين استدرج طبيب أردني أمريكيين لـ"فخ مميت" في أفغانستان

تعود واقعة "الفخ المميت" إلى 2009، في أحداث وصفها معدّ التقرير الأمريكي بـ"الكارثة" في شرق أفغانستان، مشيراً إلى أنّها ساعدت لاحقاً على تنشيط البحث العالمي لوكالة المخابرات عن إرهابي مراوغ يُعتقد أنّه لعب دوراً رئيسياً في مقتل ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

فورة عاطفية

أثار تأكيد وفاة الظواهري، البالغ من العمر (71) عاماً، فورة عاطفية داخل مقر الوكالة في لانغلي بولاية فيرجينيا، وكذلك مع الزملاء السابقين والأصدقاء وأفراد عائلات أولئك الذين قتلوا أو جرحوا في عام 2009، على حدّ قول الصحيفة الأمريكية، التي نقلت عن مارك بوليمروبولوس، المسؤول السابق بقسم العمليات بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية الذي خدم مع العديد من الرجال الـ5 وامرأتين من الوكالة قتلوا في كامب "تشابمان"، وهي قاعدة تابعة لسي آي إيه في ضواحي خوست قوله: "هذه لحظة شخصية بشكل لا يُصدّق".

وكانت وكالة المخابرات المركزية تنفذ من تلك القاعدة مهام سرية ضد مقاتلي القاعدة وطالبان. وبالإضافة إلى عملاء وكالة المخابرات المركزية الـ7، قتل أيضاً ضابط مخابرات أردني كبير وسائق أفغاني.

بوليمروبولوس وصف الوفيات في معسكر "تشابمان" بأنّها "المثال الأكثر وضوحاً على التكاليف المأساوية للحرب ضد الإرهاب"، وقد احتفل العديد من مسؤولي وكالة المخابرات المركزية الحاليين والسابقين بنبأ مقتل الظواهري عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تشيد بضباط وكالة المخابرات المركزية ومسؤولي الفريق الأمني الذين لقوا حتفهم في هجوم خوست، وهو الأكثر دموية ضد الوكالة منذ مقتل (8) موظفين في تفجير في السفارة الأمريكية في بيروت عام 1983.

 من هو البلوي؟

همام البلوي طبيب تعرّض لمشاكل في الأردن لنشره رسائل مؤيدة للقاعدة، وبعد استجوابه تم إقناعه بأن "يصبح مخبراً لمكافحة الإرهاب"، على حدّ قول الصحيفة الأمريكية، التي أوضحت أنّ البلوي وافق في النهاية على السفر إلى باكستان لجمع المعلومات التي قد تساعد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في البحث عن أسامة بن لادن وغيره من كبار قادة القاعدة وطالبان.

تعود واقعة "الفخ المميت" إلى 2009، في أحداث وصفها معدّ التقرير الأمريكي بـ"الكارثة" في شرق أفغانستان

وبعد اختفائه لعدة أشهر، ظهر البلوي في أواخر عام 2009 بـ"ادعاء مذهل"، حيث أقام اتصالات رفيعة المستوى داخل مجتمع مقاتلي القاعدة المختبئين في المنطقة القبلية الخارجة عن القانون على طول الحدود الأفغانية الباكستانية، وفقاً للصحيفة التي قالت "كدليل على ذلك، بدأ البلوي في تقديم أدلة على تفاعلاته ـ بما في ذلك مقاطع فيديو على الهواتف المحمولة لكبار قادة القاعدة ـ إلى مسؤوليه.

بحلول أواخر كانون الأول (ديسمبر) 2009، عبّرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن رغبتها بمقابلة البلوي، مستشعرة بحدوث اختراق محتمل في بحث الوكالة الكسول منذ فترة طويلة عن أسامة بن لادن والقادة الإرهابيين الآخرين المتورطين في هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.

مع تردد، على ما يبدو، وافق البلوي على لقاء في قاعدة خوست، غير أنّه في خطوة ضمنت استقبالاً حماسياً من الأمريكيين، ألقى بتفاصيل جديدة محيرة بشكل خاص، فقد كان الطبيب يقدّم الرعاية الطبية للظواهري، الذي كان الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، حسبما ذكرت الصحيفة.

شارك البلوي بتفاصيل غامضة عن حالة الظواهري الجسدية، بما في ذلك أمراضه المزمنة المختلفة وندوبه من أعوام التعذيب في السجون المصرية، شارك بالتفاصيل التي تطابقت مع ما تعرفه "سي آي إيه" بالفعل عن الظواهري، ويبدو أنّها تؤكد أنّ البلوي كان بالفعل على اتصال وثيق برجل القاعدة الثاني، ممّا ساهم في تحديد موعد من قبل الوكالة الأمريكية في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2009، حيث يخطط العديد من خبراء مكافحة الإرهاب التابعين للسي آي إيه الحضور.

همام البلوي

البلوي وصل بالسيارة، وبسبب الحساسية الشديدة التي أحاطت بالاجتماع، أرجأت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أيّ عمليات تفتيش جسدية للمخبر حتى وصل إلى القاعدة، وفقاً للصحيفة، التي أشارت إلى أنّ البلوي كان بالفعل، في مهمة، لكن بولاء للقاعدة وليس لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فقد خبّأ قنبلة تحت عباءته فجّرها بعد وصوله على بعد أقدام من فريق المخابرات المركزية الأمريكية.

أدى الهجوم إلى تحقيق مكثف، ودفع بالعديد من التغييرات التشغيلية، بما في ذلك تعزيز ضمانات مكافحة التجسس، على حدّ قول "واشنطن بوست"، غير أنّ مسؤولي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لم يتمكنوا من تحديد المدى الكامل لتورط الظواهري في التخطيط لهجوم 2009، لكن على الأقل أصبحت "طعماً" لعملية معقدة مكنت المفجر الانتحاري من اختراق منشأة شديدة الأمان وسرية للغاية لوكالة المخابرات المركزية، بحسب ما قال المسؤولون الحاليون والسابقون.

بعد أعوام قضاها بعيداً عن الأنظار وسط شائعات عدة عن وفاته في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الإثنين الماضي مقتل الظواهري في غارة أمريكية على منزل بوسط العاصمة الأفغانية كابول، حيث كان يختبئ مع عائلته. 

ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن الرئيس الأمريكي جو بايدن قوله في خطاب للأمّة: إنّ الظواهري قُتل في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في كابول، وهي عملية وصفها بايدن بأنّها "حققت العدالة" لعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على الولايات المتحدة.

ويأتي مقتل الظواهري بعد نحو شهر من آخر ظهور له عبر عدة مقاطع فيديو نشرها الذراع الإعلامي للتنظيم الإرهابي "السحاب ميديا" على قناته على تطبيق "تليغرام"، في نهاية حزيران (يونيو) الماضي.

ووفقاً لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، فإنّه يُنظر إلى عملية قتل الظواهري على أنّها "انتصار كبير" لإدارة بايدن، قبل أشهر من انتخابات التجديد النصفي المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بعد (11) شهراً فقط من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في آب (أغسطس) 2021، بعد حرب استمرت عقدين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية