من بينها الخضوع للمرشد: عوائق تصنيف إخوان تونس "جماعة إرهابية"

من بينها الخضوع للمرشد: عوائق تصنيف إخوان تونس "جماعة إرهابية"


10/12/2020

تجاذبات سياسية عديدة، وجدل متواصل، في تونس، على مستوى حقوقي وقانوني وتشريعي، بخصوص محاولات مجموعة من القوى السياسية، المدنية والديمقراطية، تصنيف جماعة الإخوان على قائمة التنظيمات الإرهابية، وذلك في ظل تنامي عمليات العنف، وتصاعد نبرة الخطاب الأصولي المتشدد، فضلاً عن تورط نسبة غير قليلة من الشباب التونسي في الالتحاق بالجماعات التكفيرية، ومن بينها تنظيم داعش، منذ العام 2011.

"النهضة" ذراع الإخوان

وإثر احتدام الخصومة بين القوى السياسية، المدنية والإسلامية، تحت وطأة حالة الاستقطاب والتعبئة؛ تعرض عدد من رموز المعارضة في تونس للتهديدات، والاستهدافات المعنوية والمادية، مثلما حدث مع القيادي اليساري، شكري بلعيد، والذي تم اغتياله، في العام 2013، بينما تتجه الاتهامات ضد حركة النهضة (فرع الإخوان في تونس)، بحسب هيئة الدفاع المكلفة بمتابعة سير التحقيقات في قضيته.

وقد كشف المحامون في قضية القيادي اليساري عن وجود صلات مباشرة لزعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، حسب وصفهم، بالاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد في السنوات الأخيرة؛ ومن بينها عمليتا اغتيال اليساري شكري بلعيد، والقومي محمد البراهمي، العام 2013؛ إذ قال المحامي التونسي، الضاوي المازني، إنّ "الغنوشي يتحمل المسؤولية الأخلاقية والجزائية عن جميع الضربات الإرهابية التي تعرضت لها تونس، منذ 2011".

دشنت كتلة "الدستوري الحر" حملة جديدة ضد حركة النهضة، في البرلمان، واستأنفت مطالباتها القديمة بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، حسبما ذكرت في بيانها

وتشير وزارة الداخلية التونسية، إلى أنّ ذروة العمليات العمليات الإرهابية في تونس، تزامنت مع الفترة التي ترأست فيها حركة النهضة، حكومتي علي العريض، وحمادي الجبالي، بين عامي 2012 و2014، وقد تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين، تجاوزت أعدادهم الـ700 شخص.

اقرأ أيضاً: فوضى البرلمان في تونس تعيد التوتر بين الرئيس سعيد وحركة النهضة

وألمحت الداخلية التونسية، إلى أنّ الحواضن الاجتماعية التي تساهم في نشر الفكر الأصولي، وكذا الترويج لأدبيات تنظيم الإخوان، المصنف على قوائم الإرهاب في عدد من البلدان العربية، تعد من بين العوامل التي ينبغي تجفيفها، خاصة، وأنّها لا تخضع لرقابة وسيطرة الدولة، كما هو الحال، مع ما يعرف بـ"المدارس القرآنية"، المسؤولة عن تقديم أنشطة تعليمية ودعوية، شرعية ودينية، إلى جانب أدوار خدمية واجتماعية متفاوتة، في مدينة الرقاب بمحافظة سيدي بوزيد.

تونس: جيوب حيوية للجهاديين

ويوضح التقرير الأمني أنّ تلك المدارس "مسؤولة عن إعداد جيل من "الجهاديين، للالتحاق بالجماعات المسلحة، المتمركزة في الجبال الغربية للبلاد، وهي عبارة عن ورشات لتفريخ الفكر التكفيري من أجل تغيير نمط عيش المجتمع".

اقرأ أيضاً: دعوات تغيير نظام الحكم تدق أبواب تونس

وشهدت تونس نشاطاً إرهابياً مكثفاً، على مدار السنوات القليلة الماضية، إذ تعددت العمليات المسلحة التي حدثت في مناطق متباينة، واستهدفت المدنيين، ورجال الأمن، ومؤسسات الدولة الوطنية، على حد سواء؛ ففي العام 2015، حدث الهجوم على متحف باردو، وتسبب في سقوط 22 قتيلاً و44 جريحاً، ثم الهجوم على فندقين بمدينة سوسة الساحلية، نجم عنه 39 قتيلاً و39 جريحاً، وكذا التفجير الانتحاري الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي، في قلب العاصمة التونسية.

الصحفي التونسي الصغير الحيدري لـ"حفريات": تصنيف "الإخوان" كتنظيم إرهابي، عملية تخضع للتوازنات السياسية في تونس؛ لأنّ هناك أطرافاً سياسية تسعى لاسترضاء "النهضة"

وفي العام الحالي، تزايدت وتيرة العمليات الإرهابية، وكذا الكشف عن خلايا ترتبط بتنظيم داعش؛ تعمل على تجنيد الشباب، ونقلهم إلى بؤر التوتر في المنطقة، لاسيما ليبيا.

وفي آذار (مارس) الماضي، تم تنفيذ هجوم انتحاري باستخدام عبوة ملغمة، وذلك ضد إحدى الدوريات الأمنية في العاصمة التونسية، مما أسفر عن مقتل العنصرين الإرهابيين، إضافة إلى مقتل ضابط، وإصابة خمسة من قوات الأمن، وأحد المدنيين، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية التونسية.

انتهازية "النهضة" ومؤامراتها

تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي، تبدو عملية تخضع للتوازنات السياسية في تونس، حسبما يشير الصحفي التونسي، الصغير الحيدري؛ لأنّ هناك أطرافاً سياسية تسعى لاسترضاء حركة النهضة، وذلك من أجل عدم استبعادها من أي ائتلاف حكومي.

الصحفي التونسي الصغير الحيدري

ويضيف الحيدري لـ"حفريات": "النهضة تشكل قوة برلمانية، إلى جانب، ائتلاف الكرامة المقرب منها، وكذلك قلب تونس، لذلك يبدو أنّ مسألة تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، هدف صعب المنال، اليوم، بسبب هذه الهيمنة السياسية التي تفرضها الأوضاع داخل الهيئات التشريعية والسياسية في تونس، لكن في اللحظة الراهنة أيضاً، وبكل تداعياتها وتبعاتها، هناك مقاومة متصاعدة ضد أجندة الإسلاميين وممثليهم، على غرار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وكذا حركة النهضة، وائتلاف الكرامة، والمتسببين في إعادة التونسيين إلى مربع الاستقطاب، بين علمانيين وإسلاميين، وهذا أمر خطير جداً؛ إذ إنّ صورة تونس أضحت على المحك في ظل هذه التجاذبات المتواصلة، من جهة، والتطاول على مدنية الدولة، من جهة أخرى، بواسطة استعادة خطاب متطرف في البرلمان".

مقاومة "الدستوري الحر"

وقبل أيام قليلة، دشنت كتلة "الدستوري الحر" حملة جديدة ضد حركة النهضة، في البرلمان، واستأنفت مطالباتها القديمة بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، حسبما ذكرت في بيانها؛ إذ طالبت الحكومة بضرورة فرض "حظر على كل هيكل جمعياتي أو حزب سياسي، داخل تونس، يثبت ارتباطه بتنظيم الإخوان، ومن ثم، اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، والقيام بالخطوات اللازمة لعرضها على الجلسة العامة بالبرلمان، للتداول والمصادقة عليها".

اقرأ أيضاً: هل تخلق احتجاجات تونس أزمة ثقة بين الرئيس والشارع؟

وفي النصف الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قامت الكتلة البرلمانية ذاتها، بتقديم مشروع قانون يستهدف تجفيف منابع التطرف والإرهاب، وتفكيك مصادر تمويله، إضافة إلى حل التنظيمات السياسية والجمعياتية، الداعمة للعنف والفكر المتطرف؛ إذ اعتبرت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، أنّ رفض تمرير اللائحة للتصويت عليها في جلسة عامة بالبرلمان، هو نتيجة "للخضوع لحكم المرشد"، حسب توصيفها.

ودانت رئيسة الحزب الدستوري الحر مواقف رئيس البرلمان التونسي، وقد صنفته بأنّه "رجل الإخوان المسلمين في تونس"، كما اعتبرت رفض مكتب المجلس تمرير اللائحة على الجلسة العامة، أمراً غير مسبوق؛ لأنّ "الفصل 141 ينص على ضرورة تعيين جلسة عامة لكل لائحة، تعرض على رئاسة مجلس النواب، على أن لا تتجاوز الآجال شهراً".

اقرأ أيضاً: حركة النهضة التونسية تُصعد من مناوراتها لإرباك العمل الحكومي

وبحسب البيان الصادر عن مكتب مجلس النواب التونسي، فقد أكد على رفض تمرير اللائحة التي تقدم بها الحزب الدستوري الحر للجلسة العامة في البرلمان، لجهة تصنيف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، موضحاً أنّ "مكتبه تداول في مشروع اللائحة التي تهدف إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة ارهابية، وقرر عدم تمريرها للجلسة العامة، وذلك بسبب مخالفتها لمقتضيات خاتمة الفقرة الأولى من الفصل 141 من النظام الداخلي للمجلس، وذلك حكم أنّ ما تتضمنه من طلب تصنيف جريمة إرهابية جديدة يدخل في مجال التشريع".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية