من الجزائر إلى الرياض: الغرب يفتش عن بدائل لغاز ونفط روسيا

من الجزائر إلى الرياض: الغرب يفتش عن بدائل لغاز ونفط روسيا


01/03/2022

مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا يومه الـ6، وإعلان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها عن عقوبات اقتصادية شديدة الصرامة، ضربت سوق النفط والغاز العالمية حالة من الارتباك دفعت أسعار النفط للقفز مرة أخرى، متخطية عتبة الـ100 دولار هذه المرّة، مدفوعة بمخاوف من إقدام روسيا على قطع الإمدادات ردّاً على العقوبات.

العقوبات الأمريكية والغربية ضدّ روسيا لم تُربك فقط السوق الروسية، لكنّ آثارها امتدّت أيضاً إلى الداخل الأمريكي، حيث من المرجّح، وفقاً لقناة "سي إن بي سي" أن تدفع العقوبات الصارمة ضدّ روسيا أسعار النفط والتضخم للارتفاع، ويرى اقتصاديون أنّ الطاقة هي المحرك الرئيسي للتضخم، ولا سيّما في ضوء قرار متوقع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة.

اقرأ أيضاً: تأملات على هامش الغزو الروسي لأوكرانيا

على وقع ارتباك أسواق النفط العالمية والمخاوف من قطع الإمدادات الروسية، سعت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية مؤخراً للضغط على أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" لزيادة الإنتاج.

 إيطاليا تلجأ إلى الجزائر... وواشنطن تستعطف الرياض

في أحدث مؤشر من مؤشرات التخوف والتحوط من إقدام روسيا على قطع إمدادات النفط والغاز ردّاً على العقوبات الغربية، بدأ وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو أمس، يرافقه الرئيس التنفيذي لشركة إيني كلاوديو ديسكالزي، زيارة للجزائر لـ"تعزيز أمن الطاقة الأوروبي والإيطالي" على حدٍّ سواء، حسبما أفادت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.

العقوبات الأمريكية والغربية ضدّ روسيا لم تُربك فقط السوق الروسية، لكنّ آثارها امتدّت أيضاً إلى الداخل الأمريكي

وقال دي مايو: إنّ الحكومة الإيطالية تنفذ "التزاماً ملموساً للتفاوض وإيجاد إمدادات إضافية بسرعة" من الغاز في ضوء الأزمة في أوكرانيا، مضيفاً: "هدفنا هو حماية الشركات والعائلات الإيطالية من آثار هذه الحرب الوحشية. لقد رافقني أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة إيني، الذي أشكره، كدليل على التزامنا الملموس بالتفاوض، وإيجاد إمدادات غاز إضافية بسرعة".

اقرأ أيضاً: "غازبروم" الروسية تلقي الكرة في ملعب الصين... وتوقع أكبر صفقة غاز

وأضاف دي مايو مغازلاً الجزائر: "لقد أثبتت الجزائر دائماً أنّها مورد موثوق للغاز، ولها دور أساسي في تخفيف آثار تأثير هذه الأزمة، مؤكداً أنّ "الحكومة الإيطالية ملتزمة بزيادة إمدادات الطاقة، وخاصّة الغاز، من الشركاء الدوليين".

 

قال المدير العام لشركة "سونطراك" الجزائرية: إنّ الشركة مستعدة لدعم شركائها الأوروبيين في الأوقات الصعبة

 

ومطلع الأسبوع الجاري، قال المدير العام لشركة "سونطراك" الجزائرية توفيق حكار: إنّ "المجمع -سونطراك- سيبقى مزوّداً موثوقاً للغاز بالنسبة إلى السوق الأوروبية، وهي مستعدة لدعم شركائها الأوروبيين في الأوقات الصعبة"، مضيفاً أنّ هذا التموين الإضافي المحتمل يبقى مرتبطاً بوفرة "كميات من الفائض".

اقرأ أيضاً: مفاوضات أوكرانية روسية... هل تثمر عن تفاهمات لإنهاء الأزمة؟

وصرّح بأنّ الجزائر تساهم بـ11% من إجمالي واردات الغاز للقارة العجوز، مشيراً إلى أنّ "تموين السوق الأوروبية يتمّ عبر شبكة الأنابيب التي تتوفر على طاقة دفع تُقدّر بـ (42) مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي والغاز المميع، بفضل طاقة إنتاج تتجاوز (50) مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المميع، وأسطول مكوّن من (6) ناقلات".

 

محلل سياسي إيطالي: تلويح روسيا باستخدام "الردع النووي" رسالة سياسية أكثر من كونه تهديداً عسكرياً؛ لأنّ القوى الاستراتيجية في الحرب النووية هي على الدوام في حالة تأهب

 

ومن الجزائر إلى الرياض، حيث أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أنّ وفداً أمريكياً زار المملكة العربية السعودية للتفاوض لإقناع السعودية بضخّ أقصى طاقتها في سوق النفط الدولية، لاحتواء أيّ انعكاسات للغزو الروسي لأوكرانيا، إلّا أنّ الوفد عاد خالي الوفاض. ونقلت الصحيفة عن البيت الأبيض قوله: إنّ الزيارة التي قام بها منسّق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك، ومستشار الخارجية لشؤون الطاقة آموس هوشستين، كانت "لمناقشة نهج تعاوني للتعامل مع ضغوط السوق المحتملة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا"، إلّا أنّ المعطيات الاقتصادية والمتغيرات في العلاقة السعودية-الأمريكية أعادت الوفد إلى واشنطن دون اختراق ملموس، وفقاً لمحلّلين.

ضربة قاصمة لروسيا

يبدو أنّ العقوبات الأمريكية والغربية ضد روسيا، وآخرها طرد البنوك الروسية من نظام "سويفت"، وهو اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، غير كافية بالنسبة إلى السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، الذي دعا نوّاب الحزب الجمهوري إلى فرض عقوبات شديدة تستهدف صناعة النفط والغاز في روسيا، والتي تمثل 36% من عائدات موسكو، معتبراً أنّ مثل هذه العقوبات ستمثل "ضربة قاصمة" للاقتصاد الروسي.

اقرأ أيضاً: كيف تتأثر منطقة الشرق الأوسط بالأحداث الروسية الأوكرانية؟

وقال جراهام أمس: "إنّنا نقوم الآن بالكثير من الأشياء الجيّدة، لقد صعّدت أوروبا، ونضرب البنك المركزي لروسيا، والروبل آخذ في الانحدار...، لكن الشيء الوحيد الذي لم نفعله والذي من شأنه أن يحدث فرقاً كبيراً هو معاقبة قطاع النفط والغاز في الاقتصاد الروسي."

وأشار جراهام إلى صناعة الغاز الروسية على أنّها "بقرة حلوب" تدرّ كثيراً من العائدات على الاقتصاد الروسي، مشيراً إلى أنّ توسيع الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة سيخفض أسعار الغاز للمقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهم، وسيوجّه "ضربة قاصمة" لروسيا.

وبالفعل، فرضت الولايات المتحدة ودول مثل أستراليا واليابان وكندا ونيوزيلندا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات شديدة الصرامة استهدفت الاقتصاد الروسي وقدرته على دفع ديونه السيادية، ومن بينها تجميد البنوك والأصول الروسية التي تشكّل جزءاً من الدورة الاقتصادية الأمريكية، وعزل البنوك الروسية عن نظام سويفت وحرمان الصفوة الروسية "الأوليغاركية" من شراء "جواز السفر الذهبي"، الذي يتيح لهم الحصول على جنسية أخرى غير الروسية لتجنّب تأثير العقوبات.

ويعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا فيما يقرب من 40% من نفطها وغازها، ويتوقع صنّاع السياسة الأمريكيين تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأمريكي في حال قطع واردات الطاقة الروسية.

 

"وول ستريت جورنال": زار وفد أمريكي السعودية للتفاوض لإقناعها بضخّ أقصى طاقتها في سوق النفط الدولية، لاحتواء أيّ انعكاسات للغزو الروسي لأوكرانيا، إلّا أنّ الوفد عاد خالي الوفاض

 

على الجانب الآخر، يتعارض التوسّع في إنتاج النفط والغاز مع السياسات المصممة لمكافحة تغير المناخ؛ حيث تستمر حرائق الغابات والأعاصير في تحدّي البلاد، إلّا أنّ ذلك لم يفت جراهام الذي قال: "أؤيد اقتصاداً منخفض الكربون، وأعمل في السيارات الكهربائية، وأعمل على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لكنّنا سنستخدم الوقود الأحفوري لعقود قادمة".

اقرأ أيضاً: "الردع النووي" سلاح أشهرته روسيا... تهديد جدّي أم محاولة للضغط؟‎

حماس جراهام لفرض عقوبات على صناعة الغاز والنفط الروسية وصل إلى إعلان حرب على الوقود الأحفوري الروسي، فقد قال السيناتور الأمريكي: "إدارة بايدن أعلنت الحرب على الوقود الأحفوري الأمريكي، أريد أن أعلن الحرب على الوقود الأحفوري الروسي".

الردع النووي... رسالة سياسية أم تهديد عسكري

وفي الوقت الذي تتسارع فيه المطالبة بفرض عقوبات على النفط بين المشرّعين، على المستويين الوطني والدولي، اكتسبت المحادثات الدولية الأخيرة حول حرب نووية محتملة زخماً أيضاً، الأمر الذي استبعد حدوثه ماركو دي ليدو، كبير المحللين في مركز الدراسات الدولية في إيطاليا، في تصريح لـ"حفريات".

 

السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام دعا نواب الحزب الجمهوري إلى فرض عقوبات شديدة تستهدف صناعة النفط والغاز في روسيا

 

وأعرب دي ليدو عن اعتقاده بأنّ تلويح روسيا باستخدام "الردع النووي" قد يكون "رسالة سياسية أكثر من كونه تهديداً عسكرياً؛ لأنّ القوى الاستراتيجية في الحرب النووية هي على الدوام في حالة تأهب، وما فعله (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين هو فقط رفع مستوى التأهب".

وقد علّق السيناتور الأمريكي أيضاً على هذه الخطوة قائلاً: "لا أعتقد أنّ بوتين لديه ميول انتحارية، لا توجد طريقة لبدء حرب نووية والفوز بها"، مشيراً إلى أنّ "هذا كان تكتيكاً للضغط، حيث تشارك روسيا في محادثات سلام من جهة، وتهدّد بعمل نووي من جهة أخرى."




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية