ملفات ملتهبة على طاولة الرئيس الصومالي الجديد

ملفات ملتهبة على طاولة الرئيس الصومالي الجديد


18/05/2022

بعد طول مخاض وترقب، انتخب حسن شيخ محمود رئيساً جديداً للصومال، بعد انتخابات اقتصر فيها حق التصويت فقط على نواب البلاد.

وفاز الرئيس السابق محمود على الرئيس الحالي محمد عبدالله فارماجو الذي تولّى منصب الرئاسة عام 2017.

واقتصرت المشاركة في التصويت على 328 نائباً - مع حجب واحد منهم صوته - بسبب مخاوف أمنية من إجراء انتخابات واسعة، وفق ما أفاد موقع "بي بي سي عربي".

وحصل الرئيس المنتخب على 214 صوتاً، مقابل حصول خصمه على 110 أصوات. ووردت تقارير عن إلغاء ثلاث بطاقات اقتراع.

واستعاد بذلك منصب الرئاسة الذي تولّاه بين عامي 2012 و2017، قبل أن يهزم حينها أمام فارماجو. وسيستمر حسن شيخ محمود في منصبه أربع سنوات.

ووُلِد محمود، البالغ من العمر 66 عاماً، في منطقة هيران بوسط الصومال وهو حاصل على درجة الماجستير في التعليم التقني من جامعة بركات الله الهندية. وشارك في تأسيس جامعة سيماد في مقديشو.

الرئيس المنتهية ولايته، والمرشح الرئاسي، محمد عبد الله فرماجو

وأقسم محمود اليمين الدستورية، بعد وقت قصير على إعلان النتائج النهائية، واحتفل مناصروه في العاصمة وأطلقوا النار في الهواء.

وأدلى مئات النواب بأصواتهم في مرآب طائرة محصّن داخل العاصمة مقديشو.

وسمع أصوات انفجارات قريبة خلال عملية التصويت، لكن الشرطة أفادت بعدم وقوع خسائر.

أعرب صوماليون عن أمل متردد في انفراجة سريعة في البلاد، وقالت حليمة نور وهي أم لأربعة أطفال: "حسن شيخ ليس جيداً لكنه أخف الضررين. نأمل أن يكون الصومال أفضل"

وسيكون على الرئيس الجديد التصدي لأثر الجفاف المستمر، مع إعلان الأمم المتحدة عن خطر مجاعة يهدد 3.5 مليون صومالي.

لكن المهمة البارزة التي سيواجهها، بحسب مراقبين دوليين، هي انتزاع السيطرة على جزء كبير من الصومال من يد "حركة الشباب". ولا تزال الجماعة الإسلامية المتشددة والمرتبطة بتنظيم القاعدة، تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد، وتشنّ هجمات متكررة في مقديشو وأماكن أخرى.

عملية اختيار الرئيس الجديد قامت على المحاصصة العشائرية. وفي ظلّ هذه العملية لعب المال السياسي الأجنبي الدور الأكبر في تحديد هوية رئيس الدولة.

39 مرشحاً

وصل عدد المرشحين الذين استوفوا أوراقهم للانتخابات الرئاسية 39 مرشحاً، وشرع البرلمان في الاستماع إلى خطاباتهم منذ الأربعاء الماضي، تمهيداً لانتخابات يوم الأحد.

ومن بين 39 مرشحاً، رجحت خمسة أسماء هي الأوفر حظاً، وهم؛ الرئيس المنتهية ولايته، محمد عبد الله فرماجو، والرئيسَين السابقَين؛ شريف شيخ أحمد، وحسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء السابق، حسن علي خيري، ورئيس ولاية بونتلاند، سعيد عبد الله دني.

المال السياسي هو المفتاح الأهم

ويقول الباحث الصومالي، عبد قني خليف: "هناك العديد من العوامل التي حددت الفائز، وعلى رأسها المال".

وحذر في تصريح لـ "حفريات"، من أنّ "السياسة الصومالية هي مجرد لعبة بلا قواعد وحكام، وعلمتنا توقّع كلّ شيء".

وبناءً على طلب الحكومة والبرلمان تولى الاتحاد الأفريقي مسؤولية تأمين المقرات والمؤسسات المهمة في العاصمة، مقديشو، لضمان عدم تعطيل العملية الانتخابية، على يد موالين لأحد المرشحين، خصوصاً الرئيس المنتهية ولايته، فرماجو، والذي حاول أنصاره تعطيل انتخاب رئاسة البرلمان قبل عدة أيام.

آليات الفوز

وكون الانتخابات غير مباشرة، وتندرج تحت نظام الانتخاب العشائري (4.5)، فلا تأثير للشعب الصومالي عليها، وتحكمها عوامل أخرى، هي: المال المطلوب لشراء أصوات أعضاء البرلمان بغرفتيه، والعلاقة مع رؤساء الولايات الذين كان لهم الدور الأساسي في إيصال المرشحين للبرلمان، والعلاقات العشائرية، حيث تتبادل عشيرتا الدارود وهوية منصب الرئاسة، فيما يشبه العرف السياسي.

وعن المال السياسي، يقول المستشار السياسي السابق لرئيس ولاية بونتلاند، عبد الفتاح محمد: "ظهر جلياً أنّ المال السياسي هو المفتاح الأهم في الانتخابات الرئاسية، وهناك تقليد من زمن طويل أن أعضاء البرلمان في الصومال يتلقون مالاً من المرشحين. والمرشح الذي لا يقدر على إرضاء النواب مالياً لن يفوز، مثلما حدث في الانتخابات السابقة، حين خسر المرشح شريف شيخ أحمد أمام فرماجو".

المستشار السياسي السابق لرئيس ولاية بونتلاند، عبد الفتاح محمد لـ"حفريات": ظهر جلياً أنّ المال السياسي هو المفتاح الأهم في الانتخابات الرئاسية الصومالية الأخيرة

وفضلاً عن ذلك لعبت الولاءات السياسية دوراً مشابهاً لذلك؛ ففي الانتخابات قبل الأخيرة كان لرؤساء الولايات الدور الأكبر في تشكيل البرلمان بغرفتيه، بالاتفاق مع القائم بأعمال رئيس الوزراء، محمد حسين روبلي، عن طريق إعطاء مهام تشكيل اللجان الانتخابية، والمندوبين الذين يصوتون لاختيار شاغل كلّ مقعد في مجلس الشعب، وعدة إجراءات أخرى جعلت موافقة الولاية شرطاً للترشح، وإن كان ذلك بطرق غير مباشرة.

وأضاف عبد الفتاح محمد لـ "حفريات": "يمكن القول إنّ نسبة 80 - 90% من أعضاء البرلمان تم تعيينهم من قبل رؤساء الولايات".

التحدي الأكبر أمام الرئيس الجديد انتزاع السيطرة من يد "حركة الشباب"

وانقسمت ولايات دولة الصومال الفيدرالية الخمس إلى فريقين؛ الأول موالٍ للمرشح الرئاسي والرئيس المنتهية ولايته، فرماجو، وهي ولايات هرشبيلي وجنوب الغرب وغلمدغ. ومعارضون لفرماجو، وهما ولايتان بونتلاند وجوبالاند، وإلى جانبهم إقليم بنادر الذي تتبعه العاصمة مقديشو، ويتمتع بوضع خاص.

وعلاوةً على ذلك، هناك نواب صوماليلاند، وهو الإقليم السادس بحسب مقديشو، ودولة مستقلة معلنة من طرف واحد بحسب حكومة صوماليلاند، ويُنتخب هؤلاء من بين المنحدرين من الإقليم في العاصمة مقديشو، ومن المرجح ألا يكون هؤلاء قد صوتوا لصالح فرماجو.

ويرى المحلل السياسي عبد قني خليف؛ أنّ "التجارب السياسية علمتنا أنّه بمجرد انتخاب أعضاء البرلمان فهم يتمتعون بحرية الحركة، لدعم من كان سبباً في نجاحهم في المقام الأول، أو اختيار حلفاء جدد، وهو الأمر الذي شهدناه عام 2016".

ومن جانبه أكّد الصحفي والمحلل السياسي الصومالي، بشير مالم، على وجود نسبة من الاستقلالية في البرلمان "رغم أنّها ضعيفة".

وبسبب وجود عدد كبير من المرشحين، رجح المحلل السياسي، بشير مالم، الذهاب إلى جولة ثانية، بين أعلى مرشحين نيلاً لأصوات النواب، وهو ما لم يتحقق.

الرئيس السابق، والمرشح الرئاسي، شريف شيخ أحمد

وبدأ العمل بمبدأ المحاصصة العشائرية الانتخابي في البلاد في مؤتمر المصالحة الصومالية بمنطقة عرتا في جيبوتي، عام 2000، والذي أسس لاستعادة الصومال مؤسساته الدستورية، لتمثيله في المحافل الدولية والإقليمية. وينصّ النظام المعروف بقاعدة (4.5) على منح الكتل العشائرية الكبيرة، المهيمنة على البلاد، وهي: در، ودارود، وهوية ،ودغل، ومرفلي، حصة واحدة لكلّ منها، والنصف المتبقي لبقية الأقليات غير المنتمية للتجمعات الكبرى، وتطبق هذه التقسيمة على أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 275 نائباً، وتحصل كلّ كتلة من الأربع على حصة 61 عضواً، ويتبقى 31 عضواً للأقليات القبلية.

ويواجه الرئيس الصومالي المنتخب، والناشط السابق من أجل السلام، مهمة صعبة في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة والتي تعاني من أسوأ جفاف منذ 40 عاما وتشهد صراعاً لا ينتهي على ما يبدو منذ عام 1991.

وأعرب صوماليون لوكالة الصحافة الفرنسية عن أمل متردد في انفراجة سريعة في البلاد، وقالت حليمة نور وهي أم لأربعة أطفال في مقديشو: "حسن شيخ ليس جيداً لكنه أخف الضررين. نأمل أن يكون الصومال أفضل".

بشير مالم: استقلالية البرلمان ضعيفة

وقال الطالب محمد إسماعيل: "نأمل هذه المرة أن يتحسن حسن شيخ محمود ويصبح زعيماً أفضل. نأمل أن يسود السلام الصومال رغم أن هذا قد يستغرق وقتاً".

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون في مصر والسودان والصومال.. تقدير موقف

لماذا لم تكتمل الانتخابات الأكثر غرابةً في تاريخ الصومال؟

أيُّ دور تلعبه قطر في الصومال؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية