أيُّ دور تلعبه قطر في الصومال؟

أيُّ دور تلعبه قطر في الصومال؟


21/03/2022

تعدّ دولة قطر من الدول العربية المؤثرة في الشأن السياسي الصومالي بصورة واضحة منذ فترة تزيد على 10 سنوات تقريباً، وهو حضور يعود إلى العام 2006، مع ظهور المحاكم الإسلامية في جنوب ووسط البلاد.

وعلى الرغم من أنّ هذا الأمر كان آنذاك منحصراً في المجال الإعلامي، إلاّ أنّه تطور تدريجياً حتى أصبح مدخلاً للانخراط بالتأثير على مجريات الأحداث السياسية، وهو ما أفضى خلال السنوات الخمس الماضية إلى رد فعل معاكس تجاه الدوحة سواء في الأوساط السياسية والشعبية.

 

اقرأ أيضاً: ما مصلحة قطر من تمويل الحرس الثوري الإيراني؟

كان الصوماليون ينظرون إلى قطر باعتبارها دولة داعمة لمصالحهم الوطنية والاستثمار في المشاريع التي تدعم بناء السلام والبنية التحتية والإنتاج على المدى الطويل، ولكن أصبحت الأمور عكس ما يتمناه، وكل ما قامت به دولة قطر منذ انتخاب محمد عبد الله فرماجو رئيساً للبلاد في 7 شباط (فبراير) 2017، التأثير سلبياً على الديمقراطية  الفتيّة في الصومال، وحذّرت تقارير دولية وإقليمية سابقاً من تأثرات هذا التوغل، إذ كانت الحصيلة في النهاية زيادة التطرف والعنف وتراجع مؤسسات الدولة الصومالية المدنية والعسكرية.

تعدّ قطر من الدول العربية المؤثرة في الشأن السياسي الصومالي منذ فترة تزيد على 10 سنوات

المسؤول السابق في جهاز الأمن والمخابرات فهد ياسين حاجي طاهر، الذي عمل إعلامياً في قطر، لعب دوراً مهماً خلال الانتخابات الرئاسية العام 2017 بدعمه فرماجو، الذي أصبح رئيساً للبلاد، من خلال الأموال التي لا تأتي عبر الجهات الرسمية والقانونية. 

يذكر أنّ انهيار الدولة الصومالية بدأ عندما دخلت البلاد في حالة من الفوضى إثر الإطاحة بالنظام العسكري للرئيس سياد بري العام 1991، ومنذ ذلك الحين والبلاد ماتزال تحتاج إلى كل يد تساعدها لاستعادة النظام.

مع العام 2012 بدا أنّ حالة البلاد تتجه نحو الاستقرار السياسي النسبي، رغم وجود عدد من التحديات الداخلية والخارجية، ولكن تغيّرت كل الأحوال بعد انتخابات الرئيس المنتهة ولايته الشرعية حالياً وفق الدستور محمد فرماجو .

اقرأ أيضاً: ما أهداف زيارة رئيسي للدوحة؟ وما قصة النفق البحري بين إيران وقطر؟

يقدّر حجم الأموال التي حصل عليها فرماجو وجماعته منذ تولّيه الحكم في شباط (فبراير) 2017، نحو 900 مليون دولار فضلاً عن 20 مليون دولار حصل عليها بداية العام الجاري بهدف دعم انتخابه مرة أخرى، كل هذه الأموال الطائلة لا أحد يعرف إلى أين تذهب!

 لكن السؤال  المحوري والأهم في ملف العلاقات الصومالية القطرية: هل تحاول قطر فعلياً إنقاذ الشعب الصومالي الذي مازال يعاني من ظروف سياسية وأمنية قاسية، فضلاً عن كارثة الجفاف، أم أنها تهدف لجعله أداة جديدة لها في القرن الأفريقي!

أجندات انتخابات 2022 

جاء وصول أموال دولة قطر إلى بعض الجهات السياسية المحسوبة عليها داخل الصومال، مختلفاً عن دعم دول الخليج العربية المرافق للدور الإنساني في الصومال وفي منطقة القرن الأفريقي عموماً، والمبني على اتفاقيات وقعت في فترات مختلفة لمساعدة الصومال على استعادة استقرارها، وانتشاله من حالة انعدام الأمن المستمرة لأكثر من 31 عاماً، بما في ذلك تقديم العون له في مكافحة الأفكار المتطرفة التي تهدم المجتمع وتنخر فيه.

وفقاً لمصادر موثوقة تبرعت الحكومة القطرية لفرماجو وفهد ياسين استعداداً لانتخابات هذا العام بأكثر من 26 مليون دولار أمريكي، وهذه الأموال فقط بهدف دعم انتخاب نواب جدد لصالح فرماجو لانتخابه مرة أخرى، وخطتهم للانتخابات الرئاسية هي إنفاق 300 ألف دولار لكل نائب لضمان هذا الفوز. 

الأمر بدأ بالمجال الإعلامي ثم تطور تدريجياً حتى أصبح مدخلاً للانخراط بالتأثير على مجريات الأحداث السياسية

يدعم ويقوي هذه التسريبات ما ذكره رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في مقابلاته الأخيرة، بأنّ هناك "صحفيين يتجسسون لصالح بلاده وأنّ بعضهم أصبحوا الآن أعضاء برلمانيين"، مؤكداً أنّ "هؤلاء الأشخاص على جدول رواتب دولة قطر وهم صحفيون وبعضهم "وطنيون"..."نحن ندفع لهم كل شهر برواتب وبعضهم لديهم مكافآت مالية"، فهل مستغرب أن يكون فهد ياسين مستشار الأمن الوطني للرئيس المنتهية ولايته، وكان باحثاً بمركز الجزيرة للدراسات، قبل أن أصبح نائباً برلمانياً، في رأس هذه القائمة؟ علماً أنّه لم يكن يقبل الظهور في الصحافة لمدة خمس سنوات.

إلى متى تواصل قطر هذا النهج، وما مصلحتها من وراء الإصرار على أن تكون اللاعب الحقيقي في الانتخابات الصومالية من خلال شخصيات متهمة بأنها تورطت في جرائم وانتهاكات!

 

اقرأ أيضاً: إيران وقطر... ما أبرز المرتكزات والمحددات للعلاقة الثنائية؟

يبدو الرهان على فرماجو خاسراً في الانتخابات الرئاسية القادمة، بسبب العداوة والكراهية التي زرعها داخل المجتمع الصومالي، وبخاصة الشريحة السياسة والمثقفة، والأكاديمية، والإعلامية.

الأصل أن تقف أي جهة خارجية في منطقة الحياد، ولا تدعم سياسة فرماجو التخريبية التي أدت إلى إساءة العلاقة بين مكونات المجتمع الصومالي مع قطر نفسها! مهما اختلفت تأثيرات الدول الأجنبية وتعارضت مع ديمقراطية الصومال الفتية، فإنّ مستقبله مرهون بمدى تجاوزه العقبات والظروف من الجفاف والظروف الأمنية الداخلية المعقدة، وإيجاد حلول جذرية لتأثيرات التدخل الأجنبي السلبية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية